التطورات السياسية في حياة نوري السعيد

سعد سوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6196 - 2019 / 4 / 9 - 13:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

من اعداد . د. سعد سوسه سلمان
ادركت الحركة الوطنية والقومية في العراق ان الطرق السلمية لنيل الاستقلال لا تجدي نفعاً فمعظم المطالب والاجتماعات والمضابط التي قدمتها الى الحكومة الحلفاء قد اهملت.
لذا قررت الحركة الوطنية والقومية استخدام القوة واعلان ثورة لإجبار كل من بريطانيا وفرنسا على الرضوخ الى مطالبها، فقد اتخذت جمعية العهد العراقي في سوريا قراراً بذهاب افراد الجالية العراقية الى منطقة ( دير الزور) ليؤلفوا حكومتهم هناك ويباشروا في تنظيم انفسهم لتحرير وطنهم.
فنظم العراقيون وفي مقدمتهم الضباط انفسهم في مجموعات قتالية لمهاجمة الاراضي العراقية وكثرت اجتماعاتهم في اواخر مايس 1920 . وفي الموصل كان اعضاء جمعية العهد يواصلون اجتماعاتهم السرية اثناء تحركات الثوار العراقيين في دير الزور ويحرضون الناس على المناداة بالثورة ويعلقونها على الجدران مذيلة بتوقيع (المؤتمر العراقي) .
اندلعت ثورة العشرين في حزيران 1920 ولسنا بصدد تناول ثورة العشرين تفصيلياً، لكن يمكن القول على الرغم من اخفاق الثورة عسكرياً في اواخر تشرين الثاني من العام نفسه فقد جعلت بريطانيا تشعر شعوراً واضحاً بمدى انتشار الحركة الوطنية للقومية، وتغلغل الفكرة الاستقلالية في اواسط الجماهير لذا عمدت الى تخفيف من حدة اساليبها الاستعمارية فتخلت عن سياسة الحكم العسكري المباشر على العراق وشرعت في اقامة حكومة من اهل البلاد تحت اشرافها .
فقد اثارت ثورة العشرين اهتمام الراي العام العربي والعالمي واعلنت بعض الشعوب الراضخة تحت يد الاستعمار تضامنها مع النضال البطولي الذي خاضه الشعب العراقي وواجهت الحكومة البريطانية معارضة داخلية عنيفة الإبادة الجماعية التي شنتها ضد الشعب العراقي. والخسائر المادية والعسكرية التي مني بها البريطانيين في العراق وهذا ما اعترفت به جريدة التايمز اللندنية (times) عندما كتبت: "انه يجب ان يوضع حد لهذه الحماقة ويجب على الحكومة تغيير سياستها في الشرق الاوسط" .
في 23 اب 1921 توج فيصل (وهو فيصل بن الشريف حسين علي الهاشمي ولد في الطائف عام 1885، درس اللغة التركية واجادها قراءة وكتابة، اشترك في قيادة الثورة العربية الكبرى عام 1916 حرر سوريا واصبح ملكاً عليها عام 1918، خلع عام 1920 بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا، أصبح اول ملك على العراق في تاريخ العراق المعاصر عام 1921 ) وجرى احتفال في ساحة السراي في بغداد من صباح يوم الثلاثاء وقد حضره العديد من الاعيان والوجوه وقد وعد الملك فيصل الاول الشعب العراقي بإجراء انتخابات المجلس التأسيسي الذي سيضع الدستور ويصادق على المعاهدة .
توجه نوري السعيد الى أوروبا بعد انهيار الحكومة الهاشمية في سوريا ثم عاد الى بغداد في اوائل عام 1921، فعين رئيساً لأركان الجيش العراقي برتبة عقيد (12 شباط 1921) فمديراً للأمن العام 1922 ثم عاد رئيساً لأركان الجيش في الاول من تموز عام 1922، وتولى على ذلك وكالة وزارة الدفاع في الوزارة السعدية الاولى في 20 تشرين الثاني 1922 واصبح وزيراً اصيلاً للدفاع في 25 تشرين الأول 1923. فضلاً عن ذلك احتفظ بوزارة الدفاع في وزارة جعفر العسكري في 22 تشرين الثاني 1923 الى 29 آيار 1924.
في الواقع يعود النشاط الحزبي، والسياسي لنوري السعيد إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى مستفيداً من تجربته السياسية في مشاركاته عندما كان يدرس في اسطنبول ومشاركته في تجمعات عربية داخل الاستانة ، وعلاقاته الواسعة مع الكثير من العرب والعراقيين في نضالهم الدؤوب والدفاع عن حقوق العرب القومية ودفاعهم لنيل استقلال العرب ضد سياسة التتريك إلى اتبعها العثمانيون والشعارات التي نادت بها الشبان المثقفين التي ولدت عداء للقوميات الأخرى، وكانت اسهامات نوري السعيد ومشاركته مع العراقيين والعرب في الحركة العربية الحديثة لمحاولة إلى مطالبة بحقوق العرب كونت له إمكانية ثقافية استفاد منها لمقارعة الاستعمار البريطاني في العراق ودول عربية أخرى على ضوء اتفاقية سايكس بيكو السيئة الصيت وعمل مع شخصيات عريقة عند تأسيس حكومة دمشق عام 1918 برئاسة الأمير فيصل المدعوم من بريطانيا وأصبح بمثابة مدير أمن للحكومة ونشط من خلالها، إلا أن هذه الحكومة انتهت بعد أن أخذت فرنسا حصتها بفتح الوطن العربي والتي دامت هذه الحكومة لمدة سنتين وعلى أثرها خرج غالبية مؤسسي الحكومة إلى درعا وكانت معركة ميسلون في 24 تموز 1920 في دمشق والمعروفة بتضحية السوريين في دفاعهم عن دمشق وغلبة الفرنسين على العرب ووضعت المستعمرين في قلق مستمر، وبعد أن حل الانتداب على العراق من خلال عصبة الأمم ، وأعلنت عن تأسيس الدولة العراقية بعد ثورة العشرين التي دامت ستة أشهر أعطت للبريطانيين أن العراق لا يحكمه إلا أهله فأصبح الأمير فيصل ملك على العراق وجاءت معه الشخصيات في حكومة دمشق، وكان للملك صلة قوية مع نوري السعيد الذي برزت شخصيته آنذاك .
فما كان للملك ثقة عالية بنوري السعيد الذي أعهد له بمناصب عديدة بشكل متعاقب في تثبيت السياسة العراقية فكان نوري السعيد يطبق سياسة الملك فيصل الأول ( خذ وطالب) واسهم في نشاطاته في بناء النظام الملكي في العراق وما حدث من إجراءات في بناء مؤسسات الدولة الأساسية كوضع قانون الدولة وتشكيل مؤسساته وحدث مع السلطات البريطانية وآلت الأمور إلى عقد مؤتمر سمي بمؤتمر القاهرة في 12 آذار 1921 برعاية وزير المستعمرات البريطانية ونستن تشرشل ومثل العراق في هذا المؤتمر العديد من الشخصيات العراقية من بينها جعفر العسكري وزير الدفاع ، ووزير المالية وآخرون، وأقر أمور عديدة منها:
1-علاقة الدولة العراقية الجديدة ببريطانية من حيث النفقات.
2-شخصية من سيتولى عرش هذه الدولة .
3-القوات الدفاعية للدولة الجديدة التي تتطلع بمسؤوليات أكبر بخصوص الدفاع عن نفسها.
4-وضع المناطق الكردية وطبيعة علاقاتها بالعراق.
وقد اتخذ في هذا المؤتمر قرار تنصيب الأمير فيصل على عرش العراق لامتيازات عديدة من بينها ضياع عرشه في دمشق وكونه من الأشراف والذي يكون موضع قبول العراقيين .
وبدأت ولاءات نوري السعيد تتبلور وتتطور مستثمراً علاقاته الحميمة مع الملك لتنفيذ مطالب البريطانيين وكذلك ضغط الرأي العام والمعارضة التي نشطت بعد تأسيس المجلس النيابي والصحف العراقية التي كانت ترافق هذه التطورات في الوقت نفسه كان البريطانيون يدعمون بعض تلك الصحف التي تضمنت توجهات بعض الساسة التي بذلت ولائهم للبريطانيين وكانت محاولة الأخيرين لتمرير معاهدة 1926 وتنصيبهم لرئاسة الوزارة عبد المحسن السعدون ومن بعده جعفر العسكري وتمرير القوانين التي سنت للدولة العراقية لأن هذه المعاهدة تضمت بند فيها يعطي للعراق الاستقلال بعد أربع سنوات بعد سنها وزادت التقارب مع الجانب البريطاني في محاولة لأنهاء الانتداب بمفاوضات طويلة وسلسلة من الاغراءات المالية والسياسية وصولاً إلى بناء سياسة جديدة التي أدت إلى تقديم جعفر العسكري استقالته التي وضعت من الملك واتهم بمعاونته إلى بريطانيا .
الأمر الذي دعى الجانب البريطاني إلى التعويل على نوري السعيد في تمرير معاهدة عام 1930 التي أدخلت العراق في عصبة الأمم ومنحه استقلال شكلياً ومن هنا بدأت المعارضة القوية في العراق ضد البريطانيين والمروجين إلى سياستهم ( إن العراق يسعى إلى أن يكون صديقاً مخلصاً لبريطانيا صادقاً في ولائه لها وفيا تجعل معروفها، وأن الأجدر بالحكومة البريطانية أن لا تتخلى عن المساعدات التي امدتها له) .
بدء الصراع بين البريطانيين والعراقيين على أشده وظهرت المعارضة العراقية بأطرافها التي كان يقودها ياسين الهاشمي رئيس حزب الإخاء الوطني في محاولة لتحقيق بنود المعاهدة الجديدة وتجنيب العراق من بنود المعاهدات السابقة. وكان لحزب العهد موقف من هذه المعاهدة تارة مع الشعب العراقي وتارة مع البريطانيين، وصوت المجلس النيابي على هذه المعاهدة واعتبر نوري السعيد وأقطاب آخرين من هذه المعاهدة نصراً للعراق على عكس وزير الداخلية ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني استقالا من مناصبهما واغلاق بعض الصحف التي كانت تنشر صفحات المعاهدات لسن المعاهدة والتي كانت بتوجيه من الساسة البريطانيين .
وكان لنوري السعيد مواقف في القضايا السياسية غير المعاهدة من بينها تنفيذ سياسة الملك فيصل ودعم القضايا العربية من بينها دعمه للثورة السورية والدفاع عنها في المحافل الدولية، ودعمه لثورة عبد الكريم خطابي وانتصاره للقضية الفلسطينية عند زيارة الفرد موند إلى العراق .
حدثت لقاءات كثيرة بين الوفد السوري الذي زار العراق برئاسة عبد الرحمن الشهبندر الذي سلم رسائل من الوطنيين السوريين إلى الحكومة العراقية .
وبهذا كان لنوري السعيد جولات عديدة مع قضايا العرب واستقلالهم من المستعمرين .
في عام 1924 انتخب نوري السعيد نائباً عن بغداد في المجلس التأسيسي الذي تم افتتاحه عام 1924 ثم انتخب نائب عنها في مجلس النواب الذي تم افتتاحة في 16 تموز في 1925، لكنه استقال بمنصب وكالة القيادة العامة ورقي الى رتبة زعيم (العميد) وتولى وزارة الدفاع علاوة على وكالة القيادة العامة في 19 مايو 1926 . في 23 اذار 1930 شكل نوري السعيد وزارته الاولى .
تجدر الاشارة الى هنا ان الملك فيصل كشف عن رغبة في اسناد رئاسة الوزراء الى نوري السعيد في اعقاب استقالة عبد المحسن السعدون في 20 كانون الثاني 1929 بسبب فشل المفاوضات العراقية البريطانية في التوصل الى تعديل الاتفاقين العسكرية والمالية واتجاه التفكير الى تأليف وزارة جديدة تعقب وزارة السعدون التي مضى على استقالتها ثلاثة اشهر دون ان تخلفها وزارة اخرى تتولى المسؤولية .
يمكن القول ان بريطانيا كانت تريد ان تتخلص او ان تشتري الاشخاص الذين شهدوا وعاصروا تطور العلاقات بين بريطانيا والشريف حسين، بعدما نقضت وعدها بتأسيس دولة عربية منفصلة، وبقدر ما يتعلق الامر بنوري السعيد شخصياً فقد كانت علاقته بالملك فيصل جيدة جداً إبان تشكيل وزارته عام 1930، وبعدها بدأ نوري السعيد يتصرف كمركز قوة، وهذا مما كان يمقته الملك فيصل الذي كان يريد ان يكون هو صاحب السلطة العليا، والوزارة يجب ان تكون تابعة له لا للبريطانيين ولا لأي محور اخر.
كان السعدون يميل الى ترشيح توفيق السويدي احد اقطاب حزب التقدم الى رئاسة الوزراء، في حين كان الملك فيصل يرغب في اسناد الوزارة الى نوري السعيد وقد لجأ فيصل الى المناورة تستهدف عرقلة ترشيح السويدي ومحاولة صرفه عن تأليفها لتسنح الفرصة الى نوري السعيد .
لم تلق هذه السياسة بطبيعة الحال ارتياحاً لدى دار الاعتماد البريطاني لما تنطوي عليه من غموض تسبب لها المتاعب. بقدر ما تلقى سياسة السعدون التي كانت تقوم على الصراحة من ارتياح ومن هنا وقعت دار الاعتماد ثقته به ومنحته دعماً كان يثير قلق الملك فيصل ويدفعه الى التشبث بشتى الوسائل لإضعاف مركز السعدون .
كان نوري في هذا الصراع يقف الى جانب الملك بل انه كان احد الادوات المهمة التي يستعين بها فيصل في صراعه مع المحسن وقد أتيح للمك فيصل فرصة استغلها لإضعاف مركز السعدون لدى دار الاعتماد البريطاني وذلك عندما انتهج السعدون بعد يأسه من سياسة التعاون مع بريطانيا سياسة جديدة تميل الى التجاوب مع الاهداف الوطنية التي تدعو اليها الاحزاب المعارضة ومضى يسير في المفاوضات التي اوصلته الى طريق مسدود مع الحكومة البريطانية وبالتالي دعته في 13 تشرين الثاني 1929 للانتحار بعد أن يأس من التسويف والمماطلة .
كان لحزب التقدم ( وهو الحزب الذي شكله عبد المحسن السعدون على انها وزارته الثانية التي شكلت في 26 حزيران 1925 والتي نالت رضا (الميس بيل) واعتقدت ان هذه الوزارة ستكون وزارة قوية واثر ذلك كان السعدون يبذل جهوده لتأليف حزب سياسي اطلق عليه حزب التقدم وسيكون اعضاؤه الرئيسيين من النواب والوزراء وقد صرح الحزب بضرورة تعاون العراق مع بريطانيا ما دامت الحدود الشمالية والشرقية غير مؤمنة وما دام العراق غير قادر على حماية حدوده بدون مساعدة بريطانيا ) راي ازاء قضية تأليف الوزارة الجديدة، وقد انتهى بنتيجة تتناسب مع ذلك الوضع ، إذ وجهت الانظار الى اختيار نوري السعيد لتأليف الوزارة الجديدة، وفي ضوء ذلك عقد حزب التقدم اجتماعاً في 20 اذار 1930 قرر فيه:-
انه اذا وجد حزب التقدم ان مناهج الوزارة الجديدة مما يتفق ومبادئ الحزب فهو يؤيد وإلا فهو حر في عمله ولقد خطب في الاجتماع لكل من ناجي السويدي والشيخ احمد الداود ومعروف جياروك وعبد المجيد علاوي واجتمع الجميع بعد ان ابلغه رئيس الحزب يكلف نوري السعيد بتأليف الوزارة الجديدة .
وان الوزارة الجديدة يجب ان تكون تفرغية صرفة فالحزب يكون حراً في مواقفه ازاءها وقرروا بالإجماع تكليف ناجي السويدي كونه رئيس الحزب لكي يتداول مع الملك فيصل ونوري السعيد في الامر .
ضمت وزارة نوري السعيد اربعة من اعضاء حزب التقدم وهم جعفر العسكري، وجميل الراوي وجمال بابان فضلاً عن نوري السعيد ، بالمقابل عقد حزب التقدم اجتماعاً في وزارة الدفاع في 26 اذار 1930 دعا اعضاء الحزب الى مساندة الوزارة السعدية الاولى في حالة التزامها بمبادئ حزب التقدم وسعيها في تحقيق الاهداف العراقية، وعلى الرغم من الملاحظات السلبية المأخوذة على رئيسها نوري السعيد .
ومن الجدير بالذكر صرح نوري السعيد الى جريدة تايمس اللندنية بان "حزب التقدم قد انشق عن نفسه على اثر وفاة زعيمه عبد المحسن السعدون لذلك شك كثيراً أن باستطاعة اي شخص ان يقود الحزب وقد تجلى هذا الاتفاق في عهد وزارة ناجي السويدي التي كانت مؤلفة من كافة أعضاء الوزارة السعيدية الرابعة ما عدا عبد المحسن السعدون" .
بعد توليه نوري السعيد مسؤولية رئاسة الوزراء سعى إلى التفاهم مع الإدارة البريطانية لضمان عقد معاهدة جديدة معها، وبالفعل بدأت المفاوضات بين الوفدين العراقي والبريطاني في 3 نيسان 1930 ببغداد وكان محور المفاوضات تدور حول نقطتين رئيسين هما:
1-أن تبقى المحادثات سرية وعدم نشر أي شيء عن المفاوضات في الصحف.
2-أن تكون نافذة ومعقولة عند قبول العراق عضواً في عصبة الأمم عام 1932، ولمدة خمسة وعشرين سنة إلا إذا اتفق الطرفان على تعديها. وقد كتب جريدة العراق عن تلك المفاوضات مقالاً تحت عنوان: ( قيمة ) المعاهدة الجديدة من الجهة السياسية أو ضمت فيها بأن هذه المعاهدة تؤسس للعلاقات العراقية على قاعدة الحلف السياسي والمصالح المتبادلة قد عقدت المفاوضات في بغداد مع دار الاعتماد البريطاني برئاسة المندوب السامي السير فرنسيس همفريز عن الجانب البريطاني بينما مثل الجانب العراقي الملك فيصل ونوري السعيد وعدداً من الوزراء .
واجهت المعاهدة العراقية – البريطانية 30 حزيران لعام 1930 التي عقدها نوري السعيد رئيس الوزراء معارضة عنيفة من قبل حزب التقدم وأعضائه، فقد وصفها توفيق السويدي "بأن المعاهدة وملاحقها بشكل الحاضر لا تضمن رغائب البلاد إذ جاءت صادمة لكل الجهود التي صرفت في سبيل تحقيق وطأة المعاهدات والاتفاقيات السابقة، لا أعتقد أن البلاد تقبلها لثقل وطائها لذلك أرفضها". أما عبد العزيز القصاب فقال عنها أنها لم تحقق رغبات الشعب العراقي الذي ضحى بالغالي والنفيس في سبيل تحقيقها فإني أرفضها لأنها أتت مثقلة لأهل البلاد وصادمة آمالها
تجدر الإشارة هنا أن جريدة العراق كان لها موقف من المعاهدة العراقية – البريطانية لعام 1930. وقد ألقت بظلالها على البلاد من تعثر في حياتها السياسية على المعارضة الوطنية التي هي على العكس كانت القلب النابض والإحساس الصادق المعبر عن رأي وطموح أبناء الشعب العراقي. بضرورة التحرر من قيود السيطرة الأجنبية على مقدرات العراق السياسية وغيرها بعد إجراء انتخابات استطاعت حكومة نوري السعيد أن تحصل على الأكثرية في المجلس في الجلسة السابعة المنعقدة في 16 تشرين الثاني 1930 وعرضت عليه المعاهدة في جلسة دامت أربع ساعات أسفرت عن قبولها بأكثرية 69 صوتاً ضد 13 صوتاً وتغيب خمسة من النواب .
لذا يمكن القول أن المعاهدة البريطانية العراقية كانت الخطوة الأولى موفقة حظت بالعراق إلى الاستقلال التام مع الاحتفاظ ببعض المصالح الوطنية. وهذا من جهة نظر الملك فيصل ورئيس الوزراء نوري السعيد .
إن رؤساء الوزارات الذين تولوا الحكم في العراق كانوا يعدون أنفسهم زعماء سياسيين أكثر من كونهم رؤساء وزارات عادين ، أي من هؤلاء الف حزباً سياسياً لم يؤلف الحزب على أن الحزب يحمل رسالة سياسية عقائدية يحاول أن يجمع الناس حولها كما هو مفهوم الحزبية في الأنظمة الديمقراطية، بل أن كل واحد من زعماء العراق ألف حزباً بعد تأليفه الوزارة من نواب المجلس ليسندوا وزارته وهو في الحكم بحيث أن تلك الأحزاب كان ينتهي وجودها بخروج زعيم ذلك الحزب من الحكم وهذا الكلام ينطبق على حزب التقدم الذي ألفه عبد المحسن السعدون وهو رئيس الوزراء وبعد ظهور نتيجة الانتخابات وانتهى وجوده بعد انتحار السعدون في 13 تشرين الثاني عام 1929.
كذلك حزب الشعب برئاسة ياسين الهاشمي الذي جمع حوله الأكثرية من النواب وهو رئيس وزراء في سنتي 1924-1925 وانتهى وجوده بالاحتلال الهاشمي خارج الحكم.
أما حزب العهد الذي ألفه نوري السعيد ليسنده في التصديق على المعاهدة 1930 أيضاً انتهى وجوده بعد قبول العراق دخول العراق عصبة الأمم في 3 تشرين الأول 1932 فأراد الملك فيصل أن يبدأ صفحة جديدة من مرحلة الاستقلال الشكلي .
ففي المرحلة ما بين انتهاء اجراء الانتخابات واجتماع المجلس النيابي في موعده الاعتيادي، تبلورت فكرة تأليف حزب لدى نوري السعيد، خاصة بعد فوزه الساحق بأكثرية البرلمانية فأوعز إلى أنصاره بتوجيهه ومنهم جعفر العسكري بتأليف الحزب اسمه حزب العهد العراقي نسبة إلى حزب العهد الذي كونته العناصر المعارضة من العرب في عهد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى . وإن هذا الحزب يمثل باسمه ولقبه الرمز الأعلى لأكبر حزب التأثر العربي واستوعب هذا الحزب قسماً كبيراً من أعضاء حزب التقدم السابق الذين اعتادوا موالاة الشخص الحاكم للحفاظ على مراكزهم داخل المجلس النيابي فأجيز حزب العهد 14 تشرين الأول 1930.
كان صدق نوري السعيد في تكوين حزب العهد مساعدته في التأثير والإسناد كما ذكرنا سابقاً لتوقيع المعاهدة عام 1930 كبداية لرفع الانتداب عن العراق والسعي لإدخاله إلى عصبة الأمم.
وكانت هيئة الحزب تتألف من: إبراهيم الواعظ ، عبد الرزاق الرويشدي ، عبد الرزاق منير ، عبد العزيز السنوي، وصادق البصام ونجيب الراوي وعبد الرزاق الحصان، داود السعود، عبد الهادي الجبلي، وصلاح الدين بابان .

#سعد_سوسه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات