أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فارس إيغو - المفارقة العالمية العولمية















المزيد.....

المفارقة العالمية العولمية


فارس إيغو

الحوار المتمدن-العدد: 6177 - 2019 / 3 / 19 - 12:29
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


العالم اليوم، ينحو بشكل متزايد نحو تعدد الأقطاب، ما يعني، توزع القوة والثروة ما بين العديد من الفاعلين على الساحة العالمية؛ ننتظر من مثل هكذا توجه للعالم، أن يعطينا (أو أن يدفع) نحو نظاماً عالمياً جديدا قائماً على التعددية القطبية، أي تنتصر الرؤية التي ينادي بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ توليه الرئاسة (1).
لكن التطور الذي نشهده منذ سنوات للنظام العالمي، لا يشي بأننا ذاهبون نحو الأمنية التي يدعو اليها الرئيس الفرنسي. إن تعدد الأقطاب على الساحة العالمية لم يولد نظام عالمي جديد قائم على التعددية القطبية، على شكل حكومة عالمية تضم العشرين الكبار (2)، تجتمع دورياً لإدارة شؤون العالم، وأهمها الشأن الأمني، والشأن المالي والاقتصادي. إن تعدد الأقطاب في العالم، أدى الى تراجع للنظام العالمي المتعدد القطبية التي بدأت البواكير الأولى له في التسعينيات، وتسارعت مع الازمة المالية العالمية عام 2008. فالنظام العالمي الثنائي القطبية الذي ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سقط مع انهيار حائط برلين وبداية إنهيار المعسكر الاشتراكي عام 1989. وبدت للوهلة الأولى، أن عالماً جديداً يتشكل في الأفق قوامه التعاون والتشارك وبناء منظومة عالمية جديدة تقوم على التعددية القطبية، تعقب عملية إصلاح كبيرة لمجلس الأمن، وإلغاء حق النقض الذي تملكه الدول الخمسة الكبار؛ لكن هذه الآمال تبددت مع الانهيار السريع للاتحاد السوفييتي عام 1991، ومجيئ سلطة ضعيفة حكمت روسيا مدة عشرة أعوام، أدت الى السيادة الأحادية، بلا مُنازع، للولايات المتحدة الامريكية على العالم. أدت الأحادية القطبية الامريكية، الى تحول الولايات المتحدة الى ما سماها وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين بـ "القوة الفائقة أو الفائضة"، وبالتالي الى زيادة الغطرسة في السياسات الخارجية، مما دفع الإدارة الامريكية في عهد الرئيس جورج بوش الابن الى إتخاذ القرار في غزو العراق عام 2003 والذي فتح الشرق الأوسط الى مزيد من الازمات والحروب، وأدى الى تغيير المعادلات الاستراتيجية في الشرق الأوسط لغير صالح العرب، وزيادة تدخل القوى الإقليمية (إيران، تركيا، إسرائيل) في شؤون العالم العربي، مما ساهم، من بين عدة أسباب أخرى، في مزيد من التوترات والحروب الاهلية في العديد من البلاد العربية.
فشل التدخل العسكري في العراق وأفغانستان، وحدوث الازمة المالية العالمية عام 2007 ـ 2008، كانت من الأسباب التي أدت الى تراجع القوة الامريكية، ودفعت الإدارة الامريكية في عهد الرئيس باراك أوباما، الى إتخاذ قرار الانسحاب التدريجي من الشرق الأوسط، واعتبار الأولوية الاستراتيجية الأولى للولايات المتحدة هي آسيا، وخصوصاً الصراع الاقتصادي مع الصين. ويمكن القول بأن قرار أوباما، الذي فاجئ حلفاء أمريكا الأوروبيين، أي رفضه ضرب النظام السوري في الازمة التي اندلعت في آب ـ أيلول عام 2013، كان صفعة كبيرة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وبداية ما سُمي بعقيدة أوباما الجديدة، أي فقدان الاهتمام الاستراتيجي بالشرق الأوسط، والكلفة العالية للتدخلات العسكرية الامريكية (3).
اعتبارا من عام 2008، يمكن القول إن العالم دخل في فترة نهاية الأحادية الامريكية، وعودة خجولة للتشاور في شؤون العالم الكبرى مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي، والصين وروسيا التي بدأت باستعادة قوتها وهيبتها الداخلية والعالمية.
لكن، بالرغم من تراجع الهيمنة الأحادية الامريكية على العالم، وبروز قوى متعددة، الى أن النظام العالمي اليوم ينحو الى شكل من الصراع في إطار مثلث من القوى الكبرى، أي الولايات المتحدة الامريكية والصين وروسيا، وتراجع نفوذ وتأثير أوروبا، التي يمثلها الاتحاد الأوروبي الذي يعاني اليوم أكبر أزمة وجودية منذ بداية تأسيسه.
عام 2016، كان العام الذي تجسدت فيه سياسياً، الحركات الشعبوية في الغرب المناهضة للسياسات التي تقودها الرأسمالية المالية المعولمة، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وجهات نافذة في الادارة الامريكية؛ في 22 حزيران صوّت الشعب البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي (أي البريكسيت)، ثم في تشرين الثاني جرى انتخاب دونالد ترامب ذو التطلعات الشعبوية رئيسا في الولايات المتحدة الامريكية. إن من كان الفاعل الرئيسي في الدفع نحو العولمة الاقتصادية (اقتصاد السوق المفتوح على التنافس العالمي)، أي الدولة العظمى، أصبح يعاني من آثار هذا النظام عليه، ويحاول كبحه والتخفيف من وطأته على اقتصاده، ويريد التملص من كل القيود التي تشكلها عليه الإتفاقيات الدولية التي كانت تشكل البُنى الأولية للنظام القطبي التعددي الذي إندفع وراؤه بشكل أساسي الاتحاد الأوروبي، وتحاول إدارة ترامب التملص منه لصالح الإتفاقيات الثنائية التي تتفاوض فيها في كل مرة لكي تحصل على حصة أكبر من المكاسب، وهو ما دفع الى بداية تخلخل العلاقات الأميركية الأوروبية.
ثم في أيار عام 2018 تشكلت حكومة إيطالية برئاسة الفقيه القانوني جوزيبي كانتي من تحالف الشعبويين من اليسار (حزب الخمسة نجوم بزعامة لويجي دي مايو) واليمين (حزب الرابطة الإيطالية بزعامة ماتيو سيلفيني)، المناهضين لسياسات الاتحاد الأوروبي الساعية لتعميق العولمة الاقتصادية وغير الاقتصادية وفرضها على الدول المنتسبة للاتحاد.
طبعاً، البعض في أوروبا، وخصوصاً في أوساط المتنفذين في السياسات في الاتحاد الأوروبي، يحاولون المبالغة كثيراً في بروز الفاعل السياسي الجديد، أي بروز التيارات الشعبوية في الغرب، وانتخاب ترامب على رأس القوة العالمية الأولى في العالم، لكن هذا العامل لا يمكنه أن يشرح كل شيئ (4). على العكس، يحاول هؤلاء بتركيزهم على العامل "الشعبوي" إخفاء عوامل أخرى أكثر خطورة وأكثر أهمية، وهي تتعلق بالمشاكل الخطيرة التي يفرزها نظام المنافسة المفتوحة عالمياً والمؤيد بظهور التكنولوجيات الجديدة في الاعلام والمعلوماتية؛ أي بلغة ماركسية لينينية، دخول النظام الرأسمالي أعلى مراحل قوته وتطوره، وتحوله العولمي في ظل تشكل أوليغارشية عالمية تريد فرض إيديولوجية لتوحيد العالم في إطار السوق، أي تحويل كل شيئ الى سلعة، بمعني آخر، تمدد اقتصاد السلعة من مجال الحاجات المادية الى فضاء الحاجات الروحية والثقافية، وهو تطور خطير يهدف الى تدمير كل الثقافات المحلية في عجرها وبجرها، وتفكيك كل الفضاءات السياسية الوطنية وفتح العالم على أفق مجهول.
وفي إنتظار قيام مجتمع دولي قائم على القطبية المتعددة، والتعاون في حل مشكلات العالم قبل تحولها الى حروب ومآسي مُدمرة والإبتعاد عن أسلوب الإملاءات وفرض الوقائع على الأرض، وردود الأفعال التي تزيد المآسي، وتزايد الاحتجاجات الشعبية في الغرب ضد سياسات العولمة الجارية التي تريد تحويل العالم الى سوق كبرى، في إنتظار ذلك، على العرب الإنخراط أكثر وأكثر في مشاكل العالم وذلك بالتفريق والتمييز بين الكونية / والعولمة، فالعولمة كما تمارس اليوم من قبل النخب الليبرالية المتنفذة هي تشويه للكونية والعالمية، وإنخراطنا في الكونية والعالمية لا يعني إنخراطنا في العولمة في صورها المشوهة؛ وعلى والمسلمين التخلص مما يسمى "إقتصاد الخلاص"، القائم على ثنائية الحلال والحرام، والمرور الى القانون الوضعي البشري، دون خوف على تقاليدنا، بل بالتخلص من محافظتنا التي هي وضعية مؤذية ومكبلة، ومعيقة ومقاومة لدخولنا بقوة في عصر الحداثة.
(1) الرئيس إيمانويل ماكرون يريد أن يلعب دوراً ما في اللعبة العالمية الجارية اليوم، ولكن ليس لديه الوسائل العسكرية الكافية للعب هذا الدور، فقد أدت الحكومات المتعاقبة على السلطة في فرنسا في التخفيض المستمر للنفقات العسكرية. ولذلك، فهو يستند على الاتحاد الأوروبي لكي يقوم بهذا الدور، وهنا يبزغ منافسين عديدين له، سواء على نفس المستوى الأيديولوجي كألمانيا ميركل، أو خصوم ايديولوجيون له في الاتحاد كحكومات هنغاريا وبولونيا، وأخيراً الحكومة الإيطالية الجديدة؛ وهي حكومات تتبع سياسات مغايرة لإيديولوجيات العولمة الهادفة الى خلق سوق عالمية، وفتح الحدود أمام تنقل الرساميل والبضائع والبشر، وتغييرات عميقة في المجتمعات تحت شعار التنوع، وتغييرات مجتمعية تصيب البنية الانتروبولوجية للمجتمعات كزواج المثليين وتشريع المخدرات والسياسات السماحية تجاه انتشار الأفلام الإباحية على الشبكة النتية.
(2) تضم مجموعة العشرين 20 عضوا (19 دولة والاتحاد الأوروبي): الولايات المتحدة الامريكية، الهند، الصين، اليابان، إندونيسيا، كوريا الجنوبية، البرازيل، الأرجنتين، المكسيك، أستراليا، كندا، الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، المملكة المتحدة، روسيا، جنوب إفريقيا، تركيا، المملكة العربية السعودية.
مجموعة العشرين في الأرقام: تمثل الدول الأعضاء فيها 85 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وثلثي سكان العالم، و75 ٪ من التجارة العالمية، و80 ٪ من الاستثمارات العالمية، و92 ٪ من الإنفاق العالمي على البحث والتطوير.
(3) بالطبع، لا يمكن فهم التغييرات الاستراتيجية الامريكية الجديدة، إلا في التغيرات التي طرأت على الوضع العام لمصادر الطاقة في العالم:
استخراج الغاز الصخري.
إنخفاض الاهتمام العالمي بالبترول على حساب الغاز، الذي يعتبر أنه سيكون المصدر الأول للطاقة في العالم في العقد القادم.
تعدد وتنوع المنتجين في العالم.
(4) يؤكد النائب السابق والمفكر الفرنسي هنري غينو في كتابه الأخير أن "الشعبوية القومية" الصاعدة في أوروبا هي من أعراض أزمة الحضارة العميقة، المرتبطة بإرادة النخب الغربية المتنفذة لفرض عالم جديد معولم بصورة قسرية.



#فارس_إيغو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المحيط الى الخليج: رياح منعشة تهب علينا من جبال الاطلس
- هل تصبح العلمانية ضحية التحديث والعلمنة؟
- عصر الاستهلاك االكبير
- كيف أخفقت النهضة العربية
- هل فعلاً مجتمعاتنا العربية غير جاهزة للديموقراطية؟
- لماذا انهزم الربيع العربي
- بين النوايا الخضراء المشبوهة والسترات الصفراء المحرومة
- كيف الخروج من هوّة التأخر؟
- العرب والإخفاق الحضاري المزمن
- العرب والحداثة والتحديث
- اللقاء الصدمة مع الحضارة الاوروبية الصاعدة
- الظرفية التاريخية المعاصرة في العالم العربي وأهمية العامل ال ...
- ثقافة الماينبغيات والخطاب العربي الغارق في المثل الأفلاطونية
- لماذا ينجح الواعظ الديني حيث يفشل المثقف الحديث
- لينين والعمل العلمي الذي أسسه ماركس
- ظاهرة الالحاد في العالم العربي بين التضخيم والتهويل
- اليسار الاوروبي وتحديات العولمة
- هل العلمانية إلحادية ؟
- المجتمع المدني في سورية بين المفهوم الإحيائي والمفهوم السياس ...
- الديمقراطية و التنمية


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فارس إيغو - المفارقة العالمية العولمية