أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فارس إيغو - عصر الاستهلاك االكبير














المزيد.....

عصر الاستهلاك االكبير


فارس إيغو

الحوار المتمدن-العدد: 6134 - 2019 / 2 / 3 - 14:28
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


هناك ارتباط بين تسليع العالم وعصر الاستهلإك المفرط أو المنفلت، ولكي يتحول الاستهلإك لإدمان، والمستهلك لمدمن ـ بمعنى أن الاشباع والارتياح لا يتحقق إلا بالزيادة التدريجية في الكم لجرعة الاستهلاك ـ يلزم تحقق عمليتين منفصلتين هما:
1) الحملات الاعلانية الكبرى، أو الضخ الإعلامي باستعمال كل الوسائل المتاحة، حتى يصل الانسان الى حالة العوز المرضي للاستهلاك؛
2) ليدخل الانسان في حالة الإدمان الاستهلاكي، كان لا بد من محاولة تسليع كل القيم التقليدية، وفي حال لا يمكن ذلك، إخضاعها للتفكيك، لماذا؟ لأنه طالما كان هناك حياة داخلية غنية وممتلئة (روحانيات، أخلاقيات، تقاليد)، فإنه لن يكون الإنسان مستعداً للدخول في حمى الإستهلاك في المعابد الجديدة المشيدة لآلهة السلعة والتسلع، فكلما تآكلت هذه القيم والتراثات، كلما زادت حُمى الإستهلاك تعويضاً عن الخواء المعنوي والروحي والفكري.
وهكذا حدث اللقاء الكبير بين الرأسمالي (وهو كان تقليدياً الى اليمين من الحلبة السياسية) وتيار اليسار التقدمي الفوضوي والإباحي في زمن التنافس الرأسمالي المحموم والتسابق الهيستيري على الأسواق؛ أو بلغة أخرى، التقت أخيراً الليبرالية الاقتصادية والليبرالية الثقافية بعد افتراق دام طويلاً، فالأحزاب اليمينية في المجتمعات الديموقراطية الحديثة كانت تدافع عن الاقتصاد الليبرالي الحر وتكبح أو تعطل أو تترك لليسار التكفل بالتغييرات الليبرالية الثقافية مثل: تشريع الإجهاض، الزواج للمثليين، الإباحية الجنسية ومسابح العراة، الموت الرحيم إلخ إلخ.
والنقلة النوعية التي حدثت منذ ثورة أيار الطلابية 1968 في الغرب، التي استطاع النظام الرأسمالي تصريفها نحو مزيد من تسليع المجتمعات وذلك بالإنتقال من التسليع المادي نحو تسليع كل شيئ، القيم والعادات والاعياد الدينية والرموز، الى درجة التسليع المطلق ومنطق السوق المطلقة، أو منطق السوق الكونية السلعية، التي وصفها طيب تيزني بأنها النظام الذي يسعى "الى إبتلاع الأشياء والناس، من أجل تمثلهم وهضمهم، ومن ثم تقيؤهم سلعاً" (حوار مع المفكر السوري طيب تيزني أجرته ندى الأزهري، الحياة، 29 أيار 2000).
وهنا يحدث التنافر ما بين منطق "النقل" (نقل المعارف والتجارب المفيدة) بين الأجيال للتراثات والخبرات السابقة، والذي هو بالجوهر مقدود بإحترام التقاليد النافعة للبشرية، ومنطق التدمير المستمر والتجديد والإبتكار الدائم للرأسمالية والذي أشار له عالم الاقتصاد والعلوم السياسية الأمريكي من أصل نمساوي جوزيف شومبيتر (1883 ـ 1950) صاحب نظرية الفوضى الخلاقة في الاقتصاد، وخصوصاً في عصرها الإستهلاكي المحموم والمعولم، والذي يعتمد على إيقاظ الرغبات والمتع اللعبية.
وهو ما أشار إليه كارل ماركس، المحلل الجينيالوجي الكبير للرأسمالية ـ والذي ما زال تحليله الرصين للرأسمالية في عصره مفيداً ـ حيث يعبر صاحب الرأسمال عن أن الرأسمالية في الواقع، هي الثورة الدائمة في إطار النزعة الفيتيشية (أي التقديس الاعمى، تصنيم السلعة) للسلعة وهو ما يؤدي الى تشيؤ كل العلاقات الاجتماعية.
في الخمسينيات من القرن الفارط، كان الفيلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر يردد عبارته الشهيرة التي أصبحت محفورة في تاريخ الفكر والفلسفة: "الماركسية هي الأفق الذي لا يمكن تجاوزه في عصرنا".
وفي محاكاة ساخرة لعبارة صاحب "الوجود والعدم"، يمكننا القول: إن السوق (كمكثف للمال والاستهلاك ومنطق "السوقية") هو الأفق الذي علينا تجاوزه لإنقاذ حرية الإنسان ووجوده في عصر التشبيح الاقتصادي للعولمة المنتصرة " سوقياً ".
إن الدرس الذي يمكن استخلاصه من الأزمة المالية الأخيرة عام 2008، هو ضرورة طرح إشكالية الخروج التدريجي، أو فك الارتباط المتدرج عن نسق النظام الرأسمالي الذي أصبح خطراً على حرية الإنسان ووجوده، وهو الأمر الذي يتجلى عينياً بمبادرات على المستوى المحلي للتعاضد الاجتماعي ومعارضة كل أشكال القسر للوقوع في شرك المجتمع الاستهلاكي ومعابده " السوقية " التي يحتفل فيها بالأطعمة السيئة، وباستهلإك بضائع لا يحتاج لها الناس، وإنما هي للإستهلاك من أجل الإستهلاك.



#فارس_إيغو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف أخفقت النهضة العربية
- هل فعلاً مجتمعاتنا العربية غير جاهزة للديموقراطية؟
- لماذا انهزم الربيع العربي
- بين النوايا الخضراء المشبوهة والسترات الصفراء المحرومة
- كيف الخروج من هوّة التأخر؟
- العرب والإخفاق الحضاري المزمن
- العرب والحداثة والتحديث
- اللقاء الصدمة مع الحضارة الاوروبية الصاعدة
- الظرفية التاريخية المعاصرة في العالم العربي وأهمية العامل ال ...
- ثقافة الماينبغيات والخطاب العربي الغارق في المثل الأفلاطونية
- لماذا ينجح الواعظ الديني حيث يفشل المثقف الحديث
- لينين والعمل العلمي الذي أسسه ماركس
- ظاهرة الالحاد في العالم العربي بين التضخيم والتهويل
- اليسار الاوروبي وتحديات العولمة
- هل العلمانية إلحادية ؟
- المجتمع المدني في سورية بين المفهوم الإحيائي والمفهوم السياس ...
- الديمقراطية و التنمية
- المجتمع المدني في سورية و جدلية الشكل والمضمون


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فارس إيغو - عصر الاستهلاك االكبير