|
أزمة غزة الكارثية مركبة وجوهرها سياسي
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 6175 - 2019 / 3 / 17 - 11:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعيداً عن الإستثمار والإستخدام والشيطنة لما يجري في قطاع غزة من حراك شعبي يرفع شعاراً مطلبياً،ألا وهو "بدنا نعيش"،فنحن على ثقة بان الجماهير التي تقود هذا الحراك،هي نفس الجماهير المناضلة والمضحية والمقدمة للشهداء والجرحى في مسيرات العودة والإرباك الليلي والمسير البحري وغيرها،والبعض يرى بأن هذه المظاهرات والإحتجاجات السلمية الشعبية حول قضايا مطلبية لها اجندات سياسية،وهي تريد حرف البوصلة عن إتجاهها ومسارها،وهذه الشعارات رفعتها سلطتي رام الله وغزة في وجه المتظاهرين في اكثر من قضية مطلبية وسياسية تظاهرت الجماهير من اجلها ومارست القمع والتنكيل والإهانات والضرب والإعتقال وتشويه السمعة الوطنية والأخلاقية بحق المتظاهرين،نحن ندرك بأن الوضع الكارثي في قطاع غزة،ليس نتاج فقط حكم حماس الذي يرزح تحت حصار ظالم منذ عام 2007،والأخطاء التي ارتكبتها حماس في علاقتها وحكمها للشعب هناك ،بل نرى بأن جذر المشكلة والوضع الكارثي في جوهره يحمل المعنى والمضامين السياسية ،فالإحتلال يضاف لهما الإنقسام المكرس والمشرعن والحصار المشاركة فيه عدة اطراف محلية وعربية واقليمية ودولية على شعبنا هناك،مسؤولة عن هذه المشكلة،والتي بقيام حماس بسلسلة من الإجراءات والتشريعات فاقمت من ازمة الوضع الإقتصادي والمعيشي للسكان،والذي هو بالأساس صعب وقاسٍ،فوجدنا غلاء وارتفاع أسعار،وابتكار اساليب جديدة في الجباية،وفرض ضرائب،دفعت بالسكان الذين يعيشون وطأة ظروف اقتصادية صعبة منذ فرض الحصار في عام 2007،وما تلا ذلك من ثلاثة حروب شنت على شعب محاصر في اعوام 2008 -2009 و 2012 و2014 إلى التحرك الشعبي السلمي للإحتجاج على ما وصلت اليه الأمور ،فالمواطن تحمل انقطاع الكهرباء والماء وعدم وجود بنى تحتية وخدماتية وتدني الخدمات الصحية والطبية وفقدان الأدوية وغيرها،وبقي المواطن صامداً ومضحياً،رافضاً بان تقايض حقوقه الوطنية والسياسية بمشاريع اقتصادية وتسهيلات تقدم للسكان،ولتشتد معاناة هذا المواطن وتزداد صعوبة من بعد سلسلة الإجراءات العقابية المالية والإدارية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية بحق شعبنا وأهلنا في القطاع،تحت شعار اعادة قطاع غزة لحضن الشرعية الفلسطينية ورفعت شعارات ،إما التمكين الكامل وتسليم السلطة من "الباب للمحراب"،او لتتحمل حكومة حماس كل شيء،وجميعنا سمعنا شعار " يا بتشيلو يا بنشيل". البعض في تبريره لقمع الجماهير والتنكيل بها وسحلها واعتقالها ونشر المظاهر المسلحة في الشوارع والطرقات،يجد ذلك ضرورياً من اجل حماية الأملاك العامة والممتلكات من التخريب،وبأن هذا الحراك مسيس ويحمل أجندات سياسية ويريد أن يحرف البوصلة عن اتجاهها،ونحن نقول هنا بان حق المواطنين في التجمع والتظاهر والمسيرات الشعبية السلمية والتعبير عن رأيها وحماية حقوقها الشخصية والجمعية،يجب ان تكون مصانة ومكفولة،وأية تجاوزات او خروقات لتلك القواعد والأسس بالإعتداء على الممتلكات العامة،يستدعي تطبيق سلطة القانون،وليس القمع والتنكيل بوحشة وخلق الحجج والذرائع،والشعب الذي صبر وصمد وتحدى وضحى وما زال يضحي ويدفع الثمن من دمه،لن يقبل بحرف البوصلة او السير في طريق مشاريع سياسية من شأنها مقايضة حقوقه الوطنية بمشاريع وتحسين للأوضاع الإقتصادية،ولذلك لا يجوز استخدام شعار دعوة الجماهير الى اطاعة الأوامر الإلهية دون ربط ذلك بالآية الكريمة من سورة البلد" ألم نجعل له عينين ولسان وشفتين" وكذلك قولة تعالى في صورة البقرة " وعلم آدم الأسماء كلها.والمقصود هنا انه على سلطة حماس ان لا توظف الدين لخدمة اجنداتها ومصالحها،وهي عليها أن تعترف بانها أخطات بحق الشعب والجماهير،التي وقفت معها وساندتها وحمت حكمها ودافعت عنها،في كل المحطات،وعليها أيضاً ان تحاسب كل من اعتدى على جموع المحتجين بطريقة وحشية ،فنحن نتفهم التخوف بان هناك اطراف محلية واسرائيلية وعربية واقليمية ودولية،تريد ان تركب الموجة وتسيس وتستخدم هذا الحراك،بعض هذه الأطراف تريد ان يتعمق النزاع والشقاق والإنقسام الداخلي ولتصل الأمور الى حد الإحتراب الداخلي،والبعض الآخر يريد ان يوظف ذلك لخدمة مشروعه السياسي،وربما تتقاطع مصالح اكثر من طرف وجهة،بأن المطلوب في النهاية الوصول الى تمكين حماس من السلطة شريطة تسليم سلاح المقاومة . الحراك الشعبي والذي يرفع شعارات مطلبية "بدنا نعيش" غير مرتبط باجندة سياسية ،ولا يحوز شيطنة هذا الحراك وقمعه والتنكيل به،بل لا بد من العمل على الإستجابة الى المطالب المرفوعة،عبر الحوار والتفاوض وبمشاركة القوى السياسية والمجتمعية في القطاع،بدل كيل الإتهامات لها والتحريض عليها،ويجب ان توضع المصالح العليا للوطن فوق المصالح الفئوية والخاصة ،وحماس ليست احرص من غيرها على القضايا الوطنية ومصلحة الوطن والمواطن. شعبنا وقضيتنا تمران في أخطر مراحلهما،فمن الواضح بأن أمريكا ومعها دولة الاحتلال وقوى عربية وإقليمية تنضج صفقة القرن،لتعلن عنها بعد الانتخابات الإسرائيلية،والضغوط الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية الغربية تتكثف على الأطراف العربية من اجل تطويعها ومساهمتها في صفقة القرن،حيث مهمتها بالأساس مواصلة الضغط على القيادة الفلسطينية للإستجابة لها ،وتمويل الشق الاقتصادي منها،وحجم المبالغ المالية المرصودة لبعض الأطراف العربية في ظل ما تعيشه من ظروف وأوضاع اقتصادية صعبة،قد تُغريها بالموافقة عليها،والحالة الفلسطينية المشتبكة والمتصارعة داخلياً والمنقسمة والمتشظية على ذاتها ،هي الأخرى قد تمكن من تطبيق حل إقليمي يفرض على الشعب الفلسطيني. في ظل هذه المخاطر وفي ظل ما يصرح به نتنياهو علناً وجوهراً بان هناك 22 دولة عربية ولا حاجة لدولة فلسطينية جديدة،وبأن حق تقرير المصير فقط لليهود،وبان إسرائيل وطن قومي لليهود،دون أي اعتبار لحقوق شعبنا ومطالبه،وكذلك تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بنزع صفة الاحتلال عن الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان،فهذا يعني أن أمريكا مصممة على المضي قدماً في عدوانها على شعبنا الفلسطيني،والهدف تصفية قضيته وتفكيك مشروعه الوطني. ومن هنا فإنني أدعو حركة حماس وقيادتها الى ان تراجع سياساتها ومواقفها من الحراك الشعبي،بالإستجابة الى نبض الشارع وهموم الناس وقضاياه المطلبية،بعيداً عن لغة التخوين والشيطنة ،والمشاريع السياسية المشبوهة،ولكن عليها وعلى جميع القوى والفصائل الحية في قطاع غزة،ان تبقى حذرة تجاه أية اجندات أو ركوب موجة الحراك الشعبي والسلمي من أي جهة تريد توظيفه سياسياً خدمة لأجنداتها ومصالحها.
القدس المحتلة – فلسطين 17/3/2019 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب - الداعشي- الأبيض
-
ما جرى في الأقصى -بروفا- لمواجهات اوسع
-
نحو تشكيل مجلس للإصلاح والسلم الأهلي في محافظة القدس
-
هدم المقدسيون لبيوتهم بأيديهم قمة الإذلال
-
الأوضاع مرشحة للتصعيد والإنفجار فلسطينياً وإقليمياً
-
أقفال وسلاسل باب الرحمة ...هبة جديدة وإنتصار جديد ومعركة غير
...
-
أقفال وسلاسل باب الرحمة ...هل ستقود الى هبة جديدة ..؟؟
-
هل إكتمل - تتويج- نتنياهو زعيماً للناتو العربي في وارسو ...؟
...
-
العدوان على المقابر المقدسية والحجر المقدسي يبلغ ذروته
-
قمتي وارسو واستانه
-
القطار الهوائي ....حلقة من حلقات التهويد
-
نصر الله وخارطة معالم الطريق
-
الهدف :- تصفية الوكالة في القدس وإلغاء المنهاج الفلسطيني
-
بين تسليم عقل ...ولجنة التحقيق في عقار اديب جوده
-
صفقة وارسو ستتقدم على صفقة القرن
-
الإنهيار المجتمعي والوطني يقودنا نحو الكارثة
-
ما الذي عنته الغارة الإسرائيلية الأخيرة على دمشق ...؟؟؟
-
نتخابات مبكرة في إسرائيل ....ونتنياهو سيتصدر
-
موسم الحجيج العربي الى دمشق
-
قرارات نتنياهو ......وعربدة المستوطنين
المزيد.....
-
رجل يخاطر بحياته لإنقاذ مراهق علق داخل سيارة مشتعلة.. شاهد م
...
-
تقرير: إسرائيل تعترض مسار طائرة يشتبه بأنها تحمل أسلحة لحزب
...
-
مظاهرة حاشدة في عمان تطالب بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل ق
...
-
مصادر: فقدان الاتصال مع الزعيم المحتمل لحزب الله هاشم صفي ال
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
السفير السوري في موسكو يتحدث عن اللقاء المحتمل بين الأسد وأ
...
-
سفير إيران في لبنان: إسرائيل أدخلت أجهزة البيجر بعملية تجسس
...
-
خبير أوروبي يدعو لإرسال ستولتنبرغ للقتال في أوكرانيا
-
حماس بعد عام من طوفان الأقصى
-
غارديان: انتصارات إسرائيل التكتيكية قد يثبت أنها خسائر إسترا
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|