أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ريم شطيح - السلطة السياسية بين الشعب والدين














المزيد.....

السلطة السياسية بين الشعب والدين


ريم شطيح

الحوار المتمدن-العدد: 6170 - 2019 / 3 / 12 - 01:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بينما تصدح الكثير من المنابر بأصوات رجال الدين وهم يهيّجون الشعب على التفرقة والطائفية ويحضّونهم على الكراهية؛ تقف الأنظمة السياسية من هذه الممارسات الواضحة موقفَ الحيادي تماماً وكأنها لا ترى ولا تعرف، وتغضّ النظر عن كل هذا التجييش العنصري والطائفي والدفع نحو القتل والتمييز العنصري طالما أنّ هذه الأصوات لا تهيّج الشعب "عليها" وعلى ممارسات السلطة وما يحدث في السجون والاعتقالات العشوائية والتجاوزات من الشرطة والأمن وأجهزة المخابرات.

فكما أنّ على الكاتب الذي يكتب في النقد السياسي أن ينطلق في كتاباته من موقع نقدي للواقع الإجتماعي الذي يعيش فيه وإلاّ لن يكون كاتباً حقيقياً؛ أيضاً عليه عند نقد السلطة الدينية أن يوجّه السهم لمركز القوة وهو السلطة السياسية.
الكاتب الذي ينتقد ممارسات رجال الدين فقط من دون انتقاد السلطة السياسية "الحامية لهم" بمعرفة وقرار منها؛ ليس فقط لا يُقدّم شيئاً على الصعيد الفكري أو الثقافي أو الإنساني، بل يبدو متواطئاً مع الجهاز الحاكم تماماً كمثقف السلطة الذي يجتهد بكتابة تقارير وبيانات في حق المواطنين ويمتدح الحاكم بألف قصيدة ومقال.

السلطة السياسية في أي بلد هي المصدر التشريعي الأول كقوة، وليست قاصرة على تحجيم السلطة الدينية متى أرادَتْ بل متواطئة معها، وحين يكون التغيير لصالحها تقوم به ولو بالقوة، ولنا في السعودية وغيرها مثال حين أرادوا التغيير، وكيف توجَّه الإعلام للترويج لخدمة هذا التغيير بإظهار ذات الأسماء والشخصيات الدينية التي كانت تدعو بتحريم سلوك ما، هم نفسهم يفتون أن لا يوجد مانع شرعي له.

القوة ما تزال في أيدي السلطة السياسية في معظم البلدان العربية، ولو أرادَتْ لأنهَتْ هذه الأصوليات عن بكرة أبيها، ولأوقفَتْها على الأقل من بث السم الطائفي في الخطَب وعبر المحطات التلفزيونية، لكنها تتركها غولاً سيأتيك في حلمك وفي مقالات المنتفِعين وفي نقاش المثقفين المُدَّعين وحتى في أحاديث النساء لو فكّرتَ يوماً أن تسأل عن البديل، وقد حُفِر هذا في عقلك الباطن وفي العقل الجمعي العربي ككل.

لضمان بقائها في السلطة؛ تحمي الحكومات العربية هذه الأصوليات التي تُرهِب حياتك، تارةً بإسم الله وتارةً بإسم الوطن وتارةً بإسم الحفاظ على الوطن وعلى أمنك وسلامتك، وتدعم الأحزاب والتيارات العنصرية، بينما تحاصر وتهمّش الأحزاب والمشاريع الوطنية الإنسانية، بل وتحارب كل صوت حر باتهامه بالخيانة وهو حال الديكتاتوريات عبر التاريخ، وتُنصّب وتعوّم التافهين والمتسلّقين زعماءً على المواطنين في كل منطقة وقرية ومدينة، ليكون التصنيف بين وطني يعمل لصالح السلطة وخائن يعترض ويدعو للتغيير، حتى في العقل الجمعي الشعبي تكون المقاربات على هذا النحو في أي سلوك مختلف يرونه وهو ما تمّ ترسيخه من قِبَل الأنظمة ورجال الدين مَن يقرّرون ويعطون ليس فقط صك الغفران بل صك الوطنية والشرف والحياة.

تستطيع الحكومات العربية (لو أرادَتْ) أقلّها فصل الدين وتدخله عن الدستور والقوانين والتعليم وغيره، تستطيع إنهاء هذه المهازل والرعب، تستطيع التغيير وفرض المواطنة التي ننشدها والعلمانية والقوانين المدنية و و و .. ولكنها لا تريد، ولهذا سيبقى الصراع قائماً في بلداننا وفتيل الحرب جاهز في أي لحظة للاشتعال والفوضى.
هذه حقيقة على الجميع إدراكها ومن ثمّ الإنطلاق منها اتجاه طرح التغيير والمشاريع الفكرية التنويرية ليكون الصوت موجَّهاً للحكومات والسطات السياسية أولاً لترسيخ ثقافة المواطَنة والمساواة والعلمانية ومسؤوليتها عن فصل كل ما هو ديني عن السياسة والقوانين والدساتير والمؤسسات والتعليم.
ريم شطيح - كاتبة وباحثة سورية، أستاذة جامعية لعلم النفس/أميركا
-----------------------------------------



#ريم_شطيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا حدود جغرافية للكلمة وحربنا حرب المعرفة
- الأحزاب ودورها في الصراع
- لا استقرار ولا سلام مع القمع والاستبداد
- ابتعد قليلاً عن الرجل الغاضب؛ أما الصامت فابتعد عنه إلى الأب ...
- الإبداع والنجاح وليد شخصي
- عمل المرأة والحصانة الاقتصادية
- اليوم العالمي للفتاة
- الإنسان قربان الانسان، والعقل مُنقِذه الوحيد
- المحبة يُظهرها العطاء النقي والتشارُكية
- يوم الأرض الفلسطيني ومفهوم الأرض اليوم بعد الحروب
- المرأة السورية بين الحرب واليوم العالمي للقضاء على العنف ضد ...
- الجيل الجديد بين الأهل والمجتمع الأبوي والأنظمة الرأسمالية
- طقس الدّم
- الإستقلالية والمشروع الثقافي
- - المرأة والتطرف الديني في العالم العربي.
- الحُب
- التعددية والهوية السورية والنظام العِلماني
- التواضُع والغُرور
- الإنسان بين الله والحاكم
- الإنسان في الحروب وثقافة الحياة


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ريم شطيح - السلطة السياسية بين الشعب والدين