أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - الفتوى بغير علم















المزيد.....

الفتوى بغير علم


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 6143 - 2019 / 2 / 12 - 01:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اكتب في هذا الموضوع من أجل إيضاحه بسبب ما يحدث اليوم من مسائل تعرض على المحاكم، افتى بها بعض رجال الدين وفيها مخالفة للقانون نتيجة عدم اطلاعهم على القوانين النافذة من جهة، وظنا منهم أن عدم إفتائهم بها سيحط من قدرهم ومكانتهم العلمية في المجتمع.
-
لقد تسببت بعض الفتاوى المعروضة على المحاكم في الكثير من المشاكل، لأن القاضي يحكم مستندا الى نصوص قانونية مدونة أقسمَ على الالتزام بها، وعدم مخالفتها، ولا يقضي بغيرها إلا إذا تعلق الأمر بالحٍل والحُرمة وفي هذه الحالات يطلب من العلماء من يراه أهلا للاستشارة فيستعين به كخبير، وللقاضي أن يأخذ برأيه أو لا يأخذ به.
-
ولا أقصد من تناولي هذا الموضوع الانتقاص من شخصية رجل يسعى الى الخير وإصلاح ذات البين ، وتقديم النصح والمشورة لمن يحتاجها، بل للتعريف بما يجري اليوم أمام المحاكم من مسائل توجب علينا جميعا التعاون من أجل إلا تضيع حقوق الناس نتيجة خطأ في رأي أو في فتوى ما كان يجب أن تكون.
-
قال الله تعالى: { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} (النحل: 116).
-
وصحّ عن ابن مسعود وابن عباس: (من أفتى الناس في كل ما يسألونه فهو مجنون).
-
لا شك أن الفتيا بغير علم من الكبائر وأعظم الذنوب، لأنّ خطر الفتوى بغير علم لا يقتصر على صاحبه، بل يتعداه إلى المجتمع فيؤثر فيه
-
والمفتي بغير علم إذا أخطأ يكون إثمه على من أفتاه، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه.
-
لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح يتحرجون من الفتوى، ويتهربون منها مع كثرة علمهم وحرصهم على تعليم الناس، وحب الخير لهم، وذلك لخطورة الفتوى؛ فكان بعضهم يحيلها إلى بعض. وكان أكثر ما يحملهم على الفتوى هو الخوف من كتمان العلم.
-
نصت المادة (5) من دستور جمهورية العراق على: (السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها...). كما نصت المادة (19 / أولا) على أن: (القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون. (
-
من هذا يفهم بأن الأحكام والقرارات في كل المسائل تصدر عن القضاء وعلى وفق القانون.
-
ونصت المادة الأولى من القانون المدني العراقي رقم 40لسنة 1951، والمادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 النافذين على:
1. تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها او في فحواها.
2. فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف؛ فإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين، فإذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة.
-
من هذا يتبين بأن جميع المسائل المتعلقة بالمعاملات المدنية، والأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والمواريث والحضانة والنفقات) تخضع لحكم القانونين المذكورين، وإذا لم يوجد نص فيهما يخص القضية المعروضة تلجأ المحكمة إلى العرف السائد وتحكم على وفقه.
-
وحكم المحكمة بموجب العرف لا يعني الحكم على وفق الاتفاقات التي تجرى بين الناس فيما يسمى بالجلسات العشائرية، أو فيما يعرف بـ (هل الصنف) وتأخذ بما اتفقوا عليه، بل بالعرف الذي تعارف الكافة عليه، وأقروه، وصار عندهم معلوما ومشروعا.
-
وحين لا تجد المحكمة نصا قانونيا، ولا عرفا سائدا في القضية المطروحة أمامها، تأخذ بمبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص القانونين المذكورين فتقضي بموجبها.
-
لقد مضى على القانون المدني بحدود السبعين عاما، وعلى قانون الاحوال الشخصية ستون عاما، ولكن ما نراه اليوم في سوح المحاكم الكثير من الدعاوى التي تقام أمامها مخالفة لهذين القانونين. وبالتحديد في مسائل المعاملات والأحوال الشخصية معتمدة على اتفاقات في الدواوين وفي المجالس، أو على فتاوى صادرة عن بعض رجال الدين.
-
لقد تسببت بعض الاتفاقات والفتاوى بالكثير من المشاكل أمام القضاء حيث يُصرُّ المستفيد منها على اعتمادها بينما ترفضها المحكمة ولا تأخذ بها، وعلى هذه الحالة تترتب نتائج خطيرة، وبالتحديد فما بتعلق بالحٍل والحُرمة في قضايا الطلاق واثبات النسب.
-
وتثار بهذا الصدد الكثير من الأسئلة منها: كيف يمكن حل مسالة أفتى بها رجل دين بالتفريق بين زوج وزوجته والزوج مجهول المصير وغير معلوم مصيره، هل هو حي أو ميت؟ وعلى وفق هذه الفتوى اعتدت الزوجة، ومن ثم تزوجت، وتبين ان زوجها متوفى، ولم يُصدَّق الطلاق في المحكمة على وفق القانون.
-
وما الحل فيما لو تبين بأن الزوج حيٌّ وعاد الى بلده وأهله ،ووجد زوجته متزوجة بزوج ثان استنادا لفتوى رجل الدين، وأن طلاقها من زوجها الأول لم يصدق من قبل المحكمة. كما لم يصدق زواجها الثاني؟ وما مصير الأبناء من الزوج الثاني؟
-
لقد وجد الفقهاء المسلمون حلولا لهذه الحالات، وقضى القضاة بها على وفق أحكام الشريعة الإسلامية التي كانت مرجعهم الأسمى كقضاة لدولة اسلامية تحكم بما انزله الله سبحانه وتعالى وبالسنة النبوية المطهرة، وبما اجمع عليه السلف الصالح من أحكام، وهذا ما لا يمكن الأخذ به في دولة مدنية قرر دستورها أن السيادة للقانون، وأن الشعب مصدر السلطات، وأن القضاء مستقل ولا سلطان عليه لغير القانون. وجعل مبادئ الشريعة الاسلامية المرجع الثالث الذي يرجع اليه القاضي بعد التشريع(القانون) والعرف.
-
وما الحل في تعهد كتبه وشهد عايه رجل دين كاتفاق صلح بين اثنين على مبلغ من المال لم يذكر مقداره ولا اساسه، ولم يذكر موعد تسديده، وتقدم الدائن به الى المحكمة المختصة مطالبا بإلزام المدين بتسديده؟
-
وما الحكم في اتفاق شفهي حصل في مجلس عشائري أو جلسة (أهل الصنف) تعهد بعض الاشخاص فيه بتعويض شخص آخر بقيمة عقار أو منقول لأحد الأشخاص؟
-
في الحالات التي ذكرتها في أعلاه على سبيل المثال وليس الحصر لا تأخذ المحاكم بها، ولا تصدر القرارات استنادا اليها، بل تصدر قراراتها استنادا الى مواد قانونية وعلى وفق البينات الثبوتية التي يقدمها الخصوم. وفي الجنايات والجنح تحكم وفق المبدأ الدستوري (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص).
-
عليه فإن على رجل الدين ألا يفتي إلا بما يتعلق بأمور العبادات وثوابت الدين، وفيما يتعلق بالحٍل والحُرمة، وعليه أن يكون مطلعا على القوانين النافذة عارفا بها لأته إن خالفها سيكون أول من يخضع لأحكامها، وليس عليه أن يفتي في كل ما يسأل عنه، وعليه أن يقول ما قاله بعض العلماء:( ليس معي من العلم إلا أني أعلم، أني لست أعلم). وحتى إن اجتهد وأفتى أن يقول: (والله اعلم) لأن الله فوق كل ذي علم عليم.



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُهذب الهيتي
- نعم للنقد ، لا التشهير
- آل بوبجي
- إلا، أقطك
- وداعا أبا سدير
- لماذا غابوا ؟!
- علم من مدينتي عبد الرحمن هلال جاسم الكربولي الهيتي
- انتخابات مجلس النواب 2018 (نتائج وتحليل)
- إنهم يقتلون الجياع
- الحق يُؤخذ ولا يُعطى
- مبارك لنا ولهم التفوق
- رجال من مدينتي
- إنهم يستحقون التكريم
- معاناة المواطن من التبليغات القضائية
- الماء بين الشريعة والقانون
- طبخ حصو
- النائب مُشرّع ومُراقب
- لا نريد منهم غير الذي وعدوا به
- لا تخافوا، الديمقراطية لعبة
- تساؤلات من وحي أسماء التحالفات


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - الفتوى بغير علم