أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - زيت وماء















المزيد.....

زيت وماء


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 6136 - 2019 / 2 / 5 - 22:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد مسار مضن ومقلق تواصل طوال 131 يوما بعد انتخابات سبتمبر 2018 تشكلت الحكومة السويدية من حزبي البيئة والاشتراكي الديمقراطي بعد اتفاق (صفقة) تضمن 73 بندا مع حزبي الوسط واللبراليين، وهما من احزاب التحالف البرجوازي اليميني، سمي باتفاق يناير.

والسؤال هل لهذه الحكومة من افاق للنجاح وهل ستحقق استقرارا سياسيا وتحافظ عليه ام ستنتهي (تسقط) قبل اوانها وتخلف ازمة سياسية وربما ازمة وطنية شاملة في البلد؟

لا تبدو الافاق واضحة، فمسار تشكيل الحكومة وقبله ما أفرزته الانتخابات من توازن قلق قدم ادلة واضحة على تغيرات بنيوية في النظام السياسي السويدي الذي شكل بدوره انعكاسا لتحولات في وعي المجتمع ومنظوراته القيمية.

كانت بعض الاحزاب السياسية ( احزاب اليسار وحزبا الوسط واللبراليون) قد ركزت في خطابها في انتخابات سبتمبر، بنفس ايدلوجي واضح، بعد تنامي حظوظ حزب اليمين العنصري (ديمقراطيو السويد)، على قيم الديمقراطية والتسامح والتشارك والانفتاح وقبول الاخر التي ترسخت كقيم عقلانية بدرجة كبيرة في المجتمع السويدي. فصعود هذا الحزب وحصوله على نسبة تصويت عالية جعلته ببالترتيب الثالث بين الاحزاب الثمان الفائزة مؤشر خطير ومقلق وغير مسبوق عكس تبدلا بالمفاهيم والقيم الاجتماعية التي بني عليها المجتمع السويدي.

لهذا فقد تضمن خطاب الاحزاب في سبتمبر موقفا واضحا وصريحا واختباري في نفس الوقت من العنصرية وكراهية الأجانب والمختلفين التي جسدتها أحزاب اليمين العنصري والنازي. فيما تلكأ حزبا المحافظين والمسيحيين الديمقراطيين في اعلان مواقف مشابهة ما أدى لاحقا الى اصطفافهما مع اليمين العنصري حينما سعيا لأشراك (ديمقراطيو السويد) في القرار السياسي مقابل دعمه لهما لتشكيل حكومة من تحالف احزاب اليمين التقليدي الاربعة، الامر الذي رفضه بقوة الحزبان الآخران المنضويان في التحالف البرجوازي (الليبراليون والوسط) ما دفعهما، أو قل اضطرهما، من اجل منع هذا المسعى، الى عقد تسوية مع الاشتراكي الديمقراطي في ماسمي باتفاق يناير.

ابرز تحول أشرت اليه تحولات الاوضاع بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة هو انفراط الكتلة البرجوازية اليمينية، التي تشكلت عام 2004 وفازت بالانتخبابات لمرتين (2006- 2010) على التوالي، حينما نشا خلاف غير قابل للتسوية بين احزابها بسبب اختلافهم على اشراك حزب ديمقراطيو السويد في القرار السياسي وهو ما اثمر تشكيل سياسي جديد عابر للكتل جمع حزبي الوسط والليبراليين مع الاشتراكي الديمقراطي وحزب البيئة (الخضر) من جهة، وبدايات لتشكل جديد ذي منحى محافظ (رجعي) بين حزبي التحالف الآخرين وديمقراطيو السويد.

ورغم مطالبة حزبا الوسط والليبراليون بإبعاد حزب اليسار، الحليف الثابت للاشتراكي الديمقراطي، عن التاثير في قرارات الحكومة لتمريرهما حكومة الاشتراكي (ستيفان لوفين)، ورغم أن الاشتراكي الديمقراطي كان مستعدا بدرجة واضحة للتخلي عن حليفه القوي والمهم، حزب اليسار، في مناسبات اخرى، الا أنه رفض هذا المطلب وأكد في موقف واضح أنه لم ولن يساوي بين حزب اليسار وديمقراطيي السويد، والاكثر من هذا فانه استرضى حزب اليسار بتفاهم اثمر اتفاقا غير معلن بينهما من اجل ضمان تصويت الحزب الى جانب الجكومة. ومن ناحية ثانية اضطر حزب اليسار، رغم اصراره على مواقفه المبدأية، لتمرير الحكومة مع تحفظه الشديد على تحالفها وبرنامجها الذي وصفه باليميني، وذلك لانعدام البدائل المقبولة امامه. وقد أعلن الحزب انه سيقف ضد أي اجراء لا يتوافق مع سياسته وتوجهاته مركزا بهذا الصدد على بندين اساسيين من اتفاقية يناير، هما التغيير في شروط حماية العاملين وخصخصة قطاع الاسكان واعتبرهما خطا احمرا وهدد، باعتباره بيضة القبان في معادلة تشكيل الحكومة، فهو الحزب الذي حسمت اصواته قبول الحكومة في البرلمان، باسقاط الحكومة ان حاولت تمرير هذين المشروعين.

بدوره هدد حزب الوسط باسقاط الحكومة إن لم تنفذ بنود الاتفاقية أو إذا اشركت حزب اليسار في القرارات المهمة بحسب منظور هذا الحزب للاولويات التي لايريد لحزب اليسار ان يتدخل بها، وهي مواقف وسياسات بعمومها (وثيقة اصلاحات من 30 بندا) تخص الفئات المهمشة والفقيرة في المجتمع وتدافع عن حقوق العاملين وغيرها من توجهات الحزب وسياساته ذات النفع العام.

هذه المواقف والتغيرات عكست الوضع السياسي القلق، فالتحالف الذي اعتبر نقطة التقاء بين احزاب لم يتوقع احد قبل ذلك أنها ستلتقي حول أي قواسم مشتركة ممكنة، بادعاء وسطية تحّيد التطرفين (اليساري) واليميني، ( بحسب الأطروحة الليبرالية العتيدة)، لا يبدو انه واثق بنفسه، فتركيبته الهجينة من احزاب اليمين واليسار يمكن وصفها كخليط الماء والزيت الذي لايقبل التجانس والامتزاج، ما يوحي بان هذا التحالف قد ينفرط ويؤدي الى افشال العمل الحكومي.

من ناحية اخرى، ورغم هذا الوضع الرجراج إلا أن الاشتراكي الديمقراطي يبدو هو الرابح الاكبر في هذه التسوية، فهذا الحزب يمتلك خبرة وحنكة كبيرين، ووصوله للسلطة يمنحه قدرة على تغيير الاوضاع لصالح توجهاته، فهو الحزب الذي صاغ ومثّل طوال مساره التاريخي الأسلوب الذي يميز السياسة السويدية، الاسلوب الذي يتسم بالهدوء والمرونة والأناة والمثابرة، واتباع الطرق الهادئة لتغيير الاوضاع والمعالجة الاستباقية للمشاكل.

ومع أن الاشتراكي بدا مساوما في صفقة يناير مع احزاب اليمين، فهذه الاحزاب تختلف معه ببرامجها وتوجهاتها بشكل كبير، الا أنه، بتقديري، سوف يهيمن بالمحصلة على القرار السياسي وياخذ بيده دفة توجيه المجتمع، وسينجح في النهاية بتجاوز ازمة صعود اليمين العنصري التي فرضت هذه التحالفات القلقة. فالسويد ماتزال، حتى الان على الأقل، من بين قلة من البلدان التي نجحت في عرقلة تغلغل نفوذ وتاثير اليمين العنصري الصاعد في القرار السياسي، وسعت وتسعى الى تحجيمه وانكفائه.

وقد مرت السويد عبر تاريخها المعاصر بمراحل انتعشت فيها افكار اليمين والنازية والعنصرية الا أن النموذج السويدي، ببنيته الديمقراطية وبنزعة التسامح والانفتاح التي تميزه، استطاع، وربما سوف يستطيع هذه المرة ايضا، اجتياز هذه المرحلة وإعادة المجتمع الى مساره الاولـ الى شكله الذي يعرفه به العالم؛ مجتمع متعدد ومنفتح ونامي.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف في السياسة 22
- العنف في السياسة 1-2
- لمحة سريعة عن الازمة الوزارية في السويد
- التحولات السياسية في الانتخابات السويدية
- حجج لا تشيخ
- وماذا بعد؟
- حراس العقيدة
- في حتمية زوال (اسرائيل)
- من شّب على شيء شاب عليه
- طفح الكيل في السليمانية
- أولوية الأولويات
- ممكنات التغيير في العراق
- لمحة عن الصراع في الحركة القومية الكردية
- تحديات الاستفتاء
- شيء من الماضي
- حلقات مفقودة من سيرة (مناضل)
- مديح زائف
- وعود خفية
- مأزق الاستفتاء
- مهرجان الاستفتاء والانفصال


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - زيت وماء