أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - حراس العقيدة















المزيد.....

حراس العقيدة


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 5885 - 2018 / 5 / 27 - 15:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العدو الصريح اقل خطرا وضررا من العدو الخفي.

ربما خطرت هذه الفكرة في ذهن كثيرين ممن عاشوا حياة حزبية في العراق، ولعلها تعني الشيوعيين العراقيين، لانهم حزب مبادئ وقيم، أكثر من غيرهم. لهذا اقول أن هناك شيوعيين لو أنهم كانوا بعثيين، يعني أعداء صرحاء، لكانوا أكثر فائدة للحزب، او قل أقل ضررا عليه، من ما وهم في صفوفه.

ولا أعني بهؤلاء المتملقين أو الإنتهازيين، مع أن خطر هؤلاء ليس بقليل، ولكني أعني اولئك المتعصبين الذين كانوا يرفعون سياط القمع في وجه أي معارض أو ناقد، اولئك الأكثر (حماسة) لممارسة دور (الشيوعي) المسؤول والحريص على التنظيم والمخلص للحزب، فيما الاخلاص للحزب عندهم هو في حقيقته اخلاص للمسؤول.

لقد آذى حراس العقيدة هؤلاء الحزب أكثر من اعدائه الصرحاء لانهم منعوا عنه الهواء النقي الذي تاتي به الأفكار الجديدة والنقد والنقاش الحر المفتوح.

ماينبغي ذكره هنا أن بعض هؤلاء كان ينطلق في سلوكه من فهم مشوه للمبدأية الحزبية وللضبط الحزبي، وبعضهم الآخر كان ينطلق من عقد نفسية مريضة ورداءة طباع وسوء أخلاق، من مثل (أبو تحسين)* آمر سرية مقر قاطع بهدينان).

كانت ظاهرة القمعيين هذه أكثر بروزا في حركة الانصار في كردستان منها في أي مكان آخر، ولخصوصية الواقع هناك وحساسيته كانت هذه الممارسات مؤذية لما تركته من آثار سيئة في الحياة الحزبية والعسكرية، وما يؤسف له ان هذا السلوك كان يحظى بتشجيع مباشر من قيادة الحزب لاستفادتها منه كأداة قمع تخفف عنها عبء النقاش والمواجهة التي فرضتها الظروف.

وقد منح هذا التشجيع هذه النماذج حضوة وحصانة لدى قيادات العمل الحزبي والعسكري حد أن سلوكهم صار غطاءً يتلحف به المندسون وخونة الحزب. فعلى سبيل المثال، كانت أحاديث (أ.ب) وهو كادر وسطي، ومندس برتبة عسكرية داخل مخابرات البعث،( اكتشفه الحزب لاحقا)، في الجلسات العادية بين الأنصار، تركز على زيادة الضبط الحزبي، ومكافحة الليبرالية والتسيب، وغير ذلك من مفردات ومفاهيم اسطوانة القمع التي كانت سائدة في تلك المرحلة، وكان عندما يتكلم يصمت الآخرون خوفا، بمن فيهم قيادات وكوادر أعلى منه موقعا ومكانة. ما عنيته بمثالي هذا ان هذا المندس قد لبس لبوس الاخلاص للـ(مبادئ) وللقيادة ولخطابها لكي يغطي على دوره التجسسي التخريبي، وقد نجح.

وعن ضلوع قيادات حزبية وعسكرية في مثل هذا السلوك والتشجيع عليه هناك واقعة عايشتها لها دلالة واضحة بهذا الخصوص.

ذات مرة عاد (الشهيد رعد) حزينا ومتضايقا من لقاء بقيادة الفوج في مقر نوكان، وكان اللقاء بطلب من قيادة الفوج، وحين استفهمت منه أخبرني أنهم طلبوا منه ان يعمل ضمن خلايا سرية يكون ارتباطها مباشرا بقيادة الفوج، يعني خارج اطر التنظيم الحزبي والعسكري وتسلسلهما، وتكون مهمتها رفع تقارير سرية عن سلوك ومواقف وأحاديث الانصار. طبعا هو رفض هذا الطلب، ولفت انتباهنا بملاحظة قالها وهو حزين:

( أنا رفضت، لكن من يدرينا كم واحد آخر قبل بالمهمة؟)

***

قال مرة أحد قياديي الحزب ان الحزب قد تخفف من زوائد كثيرة، تسببت بترهله، بعد الحملة القمعية التي شنها البعث عليه اواخر السبعينات. كان الكلام هذا اشارة الى الذين تخلوا عن التنظيم الحزبي نتيجة الحملة. ومعروف أن الحزب أيام الجبهة الوطنية كان قد ركز على الكم دون النوع في اختيار وقبول أعضائه، ولهذا التحق به حينذاك كثير ممن يفتقدون للوعي السياسي ولقوة الشخصية، ولهذا، ولغيره من الاسباب، لم يكمل هؤلاء الطريق معه بعد اشتداد الحملة القمعية عليه.

انا لا أعمم هنا ولا أطلق، فليس كل من التحق بالحزب وواصل العمل فيه في تلك الفترة هو بطل وشجاع أو أكثر وعيا، وليس كل من آثر التخلي هو قليل الوعي او غير شجاع، فقد تكون سياسة الحزب فترة الجبهة والطريقة المرتبكة التي واجه بها حملة القمع عليه قد سببتا احباطا لكثيرين دفعهم لفقدان الثقة بالحزب وعدم المواصلة معه، لكن بشكل عام كثيرين ممن تركوا العمل الحزبي حينها لم يكونوا قادرين على تحمل الظروف الصعبة ولا على دفع الثمن الباهظ الذي يمكن ان يدفعه المناضل السياسي في الظروف الخطرة، والذي قد يكلفه حياته أحيانا.

ولأن هؤلاء بقوا في الداخل يعيشون العزلة وضغوط البعث عليهم، فقد تخلف وعيهم السياسي والفكري، وبقوا أسرى مفاهيم حزبية ضيقة ومتخلفة، بالإضافة الى أن البعث قد أرغمهم طوال عقدين ونصف على الانخراط في ما أسماه (الصف الوطني) لإعادة تأهيلهم و (تربيتهم)، وبعضهم (تأهل) فعلا على الطريقة البعثية. فقد عبر بعض من هؤلاء، لاسيما اثناء الجدال حول تحالف سائرون، عن روحية تأهيل بعثي حقيقية بمهاجمتهم، وبلغة شرسة واستفزازية وغير مهذبة، أي رأي ينتقد الحزب، أو بالأحرى القيادة.

وقد شكل هؤلاء نواة جمهور الحزب وتنظيمه حين عودته الى الداخل بعد سقوط النظام عام 2003. وبسبب ماضيهم الذي شكل عقدة نقص لهم ازاء الحزبيين الآخرين الذين استطاعوا مواصلة العمل الحزبي في الظروف الصعبة، وعطفا على مفهومهم القديم للطاعة الحزبية، صاروا طيعين وسهلي الانقياد، ما جعل كثير منهم يؤدي دور (الحزبي ـ المؤمن) الذي لا يناقش ولا يعارض ولا ينافس، الأمر الذي شجع قيادة الحزب على أن تشكل منهم اغلبية حزبية (وجماهيرية) تضفي شرعية على كل قرار او خطوة تريد اتخاذها.

من ناحية أخرى نشأ من عودة الحزب الى الداخل وضعا جديدا، صار فيه مناضلو الحزب ونواته الصلبة، لاسيما الأنصار منهم، الذين يعيشون في الخارج، والذين استطاع الحزب ان يواصل حضوره ونشاطه بعد الحملة القمعية التي شنها البعث عليه بفضل جهودهم وتضحياتهم، يشكلون حالة سلبية بعدما صار العمل الحزبي الحقيقي يتطلب التواجد داخل العراق، وغدا دور هؤلاء في التاثير على عمل الحزب واتجاهاته محدودا. وقد استثمرت قيادة الحزب هذا الظرف ووظفته بنفس نفعي، حيث أخذت تنتقص من آراء هؤلاء وانتقاداتهم ولا توليها اهتماما او ترفضها بحجة غيابهم عن الساحة الحقيقية، وبهذا ارادت القيادة ان تحقق (اعجازا) بجمعها صمت اهل الداخل (البديهي) مع صمت اهل الخارج بعد اسكاتهم بتلك الحجة.

ومن الضروري التاكيد هنا أنه بدلا من هذا التلاعب والتوظيف النفعي لقدرات الحزب ينبغي على القيادة فتح حوار داخلي مع الجميع دون تحرج، واشراكهم بالقرار والنقاش لمعالجة الشأن الداخلي دون تحفظ أو تجاهل، فهذا، بظني، هو السبيل الوحيد الذي ينمي قدرات الحزب ويجعله محصنا ومتماسكا. فالنجاح الحقيقي في حياة الحزب لايقاس بمدى نجاحه بالحصول على مقاعد برلمانية، ولا بعقده لتحالفات بقدر ما يكون بقدرته على رص صفوفه وبناء تنظيمه وتعزيز جماهيريته. فحزب صغير، لكن قوي ومتماسك، وإن كان محدود التاثير في الساحة السياسية (نعرف جميعا طبيعة الظروف التي صنعتها) هو أفضل بكثير من حزب مهلهل مفكك ولديه أعضاء في البرلمان والحكومة.

***
هامش

(أبو تحسين) شخص فظ، رديء الطبع والسلوك، وهذا جلب له نفور وكراهية الكثير من الأنصار إن لم يكن جميعهم، ولأنه نموذج رديء ذكرت اسمه كاملا. المشكلة أنه كان، وباصرار من القيادة، متبوأ لموقع عسكري (آمر سرية) مع أن لديه عَوق طبيعي يمنعه، كما يفترض، من تبوأ هكذا مركز.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في حتمية زوال (اسرائيل)
- من شّب على شيء شاب عليه
- طفح الكيل في السليمانية
- أولوية الأولويات
- ممكنات التغيير في العراق
- لمحة عن الصراع في الحركة القومية الكردية
- تحديات الاستفتاء
- شيء من الماضي
- حلقات مفقودة من سيرة (مناضل)
- مديح زائف
- وعود خفية
- مأزق الاستفتاء
- مهرجان الاستفتاء والانفصال
- ذات يوم كان ديلان
- مخالب فولاذية أُنْشِبَت في غير مكانها
- تلك هي شقائق النعمان إذن!2
- تلك هي شقائق النعمان إذن!
- نظرة إحادية
- مشروع مؤجل
- محنة العجز


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - حراس العقيدة