أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد كشكار - -ڤوڤل- 2: من الرأسمالية إلى الشمولية الناعمة تراقبنا وترسم مستقبلنا














المزيد.....

-ڤوڤل- 2: من الرأسمالية إلى الشمولية الناعمة تراقبنا وترسم مستقبلنا


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6129 - 2019 / 1 / 29 - 08:25
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في اجتماع عقده مؤسِّسو شركة "ڤوڤل" سنة 2001، قال السيد لاري ما يلي: "لو كان لنا تصنيفٌ، فقد يكون جَمعُ وسَلعنَة المعلومات الشخصية حول مستعملي "ڤوڤل" (...) الأماكن التي مرّوا بها، اتصالاتهم الرقمية (...) لاقطات المعلومات لا تكلّف شيئًا (...) كذلك تخزينها وتصويرها.
المستعملون، وعن طواعية، سيمدّوننا بكميات كبيرة من المعطيات (...) وكل ما قد يسمعوه، يروه أو يدركوه سوف نجمعه في بنك معلومات (Un big data).
مجموعة من المعلومات الشخصية، نضعها تحت المجهر، نحصيها، نصنفها، نحللها، ثم نسلعنها ونبيعها بالتفصيل. كل حياتكم سوف تصبح مِلكًا لنا".

فكرته هذه تعطينا صورة مطابقة للأصل عن تاريخ الرأسمالية. تاريخٌ يلتقط الأشياء الخارجية ليحوّلها إلى سلعة تُباع وتُشترى.
في كتابه "التحوّل الكبير" (La Grande Transformation) الصادر سنة 1944، كَتَبَ عالِم الاقتصاد كارل بولاني مُعرِّفًا الرأسمالية: "نشأ اقتصاد السوق الرأسمالية المنظم ذاتيًّا (économie autorégulatrice) عبر اختراع ثلاث سِلَعٍ مختلَقة (marchandises fictives):
- أولاً، تمّت سلعنة الحياة البشرية فبرزت من جديد في شكل قوة عمل تُباع وتُشترى كأي سلعة أخرى.
- ثانيًا، تمّت سلعنة الطبيعة (La nature)، وحُوِّلت إلى سوق، فبرزت من جديد في شكل ملكية عقارية تُباع وتُشترى كأي سلعة أخرى.
- ثالثًا، تمّت سلعنة التبادل بين البشر (Le troc)، وحُوِّل إلى تجارة، فبرز من جديد في شكل عُملةٍ تُباع وتُشترى كأي سلعة أخرى."

رجال الأعمال الحاليون الماسكون برأس المال الرقابي (capital de surveillance) ابتدعوا سلعة رابعة مختلقة أيضًا ومستخرجة من تجربة البشر. البشر الذين بقيت أجسامهم، أفكارهم، وعواطفهم كاملة، سليمة وبريئة مثل ما كانت السهول والغابات التي تعجّ بها الطبيعة قبل احتوائها من قِبل السوق الرأسمالية. وتماشيًا مع هذا المنطق الرأسمالي الأخرق، أدخِلت التجربة الإنسانية عنوة إلى ساحة السوق فوجدت نفسها فجأة مسلعنة من قِبل الرأسمال الرقابي لتبرز في شكل "سلوكات" (comportements). سلوكات تُرجمت إلى معطيات وأخذت مكانها في صفٍّ طويلٍ لا نهاية له. صفٌّ مهيّأ سلفًا لتغذية ماكينات صُمِّمت لتصنع منها تنبؤات تُباع وتُشترى (prédictions de nos comportements).

هذا الشكل الجديد من السوق ينطلق من مبدأ يقول بأن تلبية حاجات الأفراد الحقيقية لا تدرّ ربحًا وفيرًا مثل ما يدرّه بيع تنبؤات حول سلوكاتهم المستقبلية الاستهلاكية والانتخابية إلى شركات الإشهار التجارية وشركات الدعاية الانتخابية أي ماكينات صنع الرؤساء والبرلمانيين في أعتَى الدول المسماة خطأ ديمقراطية.
رأسماليو المراقبة الرقمية الناعمة السائلة (Les capitalistes de surveillance) لم يكتفوا بجمع المعلومات الشخصية حول مستعملي الأنترنات بل توغلوا في مراقبتهم لجمع كميات أكبر وأكثر دقة وتنوعًا: نصبوا كاميراتهم في المدن والطرقات السيارة وقريبًا سينصبونها في شراييننا وأوردتنا، في غرف نومنا، في حمامنا، في قلوبنا، في أدمغتنا.. سيشاركوننا فطور صباحنا.. وربما سيجالسنني في مقهى الشيحي.. يستمعون.. يسجلون ثم يرسلون تقاريرهم إلى بنك المعلومات في قاعدتهم الرقمية في السفارة الأمريكية الكائنة في طريق كارفور سكرة.

هؤلاء التجار الجواسيس لم يقفوا عند هذا الحد من الجمع الكمي والنوعي للمعلومات الشخصية حول مستعملي الأنترنات بل تخطوه إلى ما هو أعمق من أجل تحقيق غايتهم المتمثلة في بيع تنبؤات سلوكية أدق لكسب ربح أوفر.
لم يتورعوا عن سبر أغوار خصوصياتنا الأكثر حميمية: داخليتنا، شخصيتنا، أمزجتنا، عواطفنا،أحلامنا، أكاذيبنا، نقاط ضعفنا، تهيؤاتنا، خفقات قلوبنا، شجاعتنا، جبننا، خوفنا...
أليس ما يفعلونه من مراقبة لصيقة للمواطنين الآمنين هي الشمولية بعينها، لكنها شمولية ناعمة وسائلة مختلفة عن الشمولية الخشنة، شمولية هتلر وموسولوني وستالين (Totalitarisme).

المصدر:
Le Monde diplomatique, janvier 2019, Extrait de l`article «Votre brosse à dents vous espionne. Un capitalisme de surveillance», par Shoshana Zuboff, Professeure émérite à la Harvard School , pp. 1, 10 et 11

إمضاء مواطن العالَم (لوموند ديبلوماتيك، تأثيث وترجمة بقليلٍ من التصرّف مواطن العالَم)
"النقدُ هدّامٌ أو لا يكونْ" محمد كشكار
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إذنْ إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 29 جانفي 2019.





#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ڤوڤل-، هذا الغول القادم من كاليفورنيا! ماذا فعل ...
- الفرنسياتْ الشجاعاتْ، صاحباتْ -الستراتْ الصفراءْ- والعاملات ...
- اليومَ، علّمتُ ابني درسَينِ بسيطَينِ؟ مواطن العالَم
- موقفِي الفكريُّ الشخصيُّ جدًّا حول مسألة -الجهاز السري، وتسف ...
- ماذا فعل، بنا وفينا، غولُ القطاعِ الخاصْ المتوحِّشُ جدًّا؟
- أدعو وبِشدّةٍ إلى الترشيدِ في المصاريف، أو بالأحرَى إلى التق ...
- لماذا تثورُ الشعوبُ؟ لماذا الآنَ وليس غدًا؟
- حوارٌ وقع البارحة بين الطبوبي والشاهد، ونُشِرَ على صفحات الت ...
- -احْنِي طِبّاءْ وماقْرِيناشْ الطِّبْ-، نحن في جمنة تضامنيّون ...
- في مقهى الشيحي، قال لي طارقْ، أحد أصدقائي اليساريين السنبَتي ...
- بماذا كنتُ أشعرُ وأنا منزوٍ في ركنٍ فسيحٍ بمقهى الشيحي، أقرأ ...
- سيناريو مَحْضُ خَيالٍ: لنفرِض جدلاً أن حزب الجبهة أخذ مكان ح ...
- لسنا رُضّعًا حتى نرضَى بمصّاصةٍ، نريدُ - من صُنعِنا - حليبًا ...
- هل عصرُنا، عصرُ واجباتٍ أم عصرُ حقوقٍ؟
- هل أصبحنا سجناءَ شهواتِنا؟ (Nos désirs sont-ils nos faibless ...
- قبل المخ، أين كانت تسكن الأفكار والعواطف؟
- عشرةُ مبادئَ ساميةٌ، لو كنتُ ماركسيًّا تونسيًّا ملحِدًا وأرد ...
- سأحدّثكم اليوم على لغز حيّرني: ما هو -الشيء- المتسببُ الأولُ ...
- مفاجأة: سأحدّثكم اليومَ عن كائنٍ تونسيٍّ غريبٍ، اسمه -عَمَّا ...
- التّذَوُّقُ عند البشرِ، هل هو فطريٌّ أو مكتسبٌ (Le goût)؟


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد كشكار - -ڤوڤل- 2: من الرأسمالية إلى الشمولية الناعمة تراقبنا وترسم مستقبلنا