أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [13]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي














المزيد.....

[13]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6114 - 2019 / 1 / 14 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

13. ماذا تعني لكِ الطَّبيعة، الأرض، اخضرار الرَّبيع وما تأثيرها على الكتابة وعلى الرَّسم؟

د. أسماء غريب

الطّبيعة أمّنا الّتي دمّرها الأبناء العاقّون، وبيتُنا الّذي أضرم فيه النّارَ الأغبياءُ. منذ الأزل، كان الإنسانُ هكذا ولم يزل: يُدمّرُ ويحرقُ ما حوله من جمال. إنّه كائنٌ قلقٌ، مهووس، مسكون بالدّخان والظّلام. وقلّة هم أولئك الّذين يحاولون المقاومةَ والعيشَ وسط هذا الخراب. قلّة هم أولئك الّذين يحملونَ القلمَ والرّيشةَ لا البندقيّة، والوردة والحمامةَ لا السكّينَ، ويشربون من خمرة العشق وإكسيرِ المحبّة لا من دماء الأطفال والشّيوخ والنّساء. أقولُ هذا لأنّني عاينتُ بعضاً من مظاهر هذا الجفاف والقحط البشريّيْنِ في طفولتي. إذْ أذكرُ أنّ أكثرَ الجرائم بشاعة الَّتي كانَ قدْ حقّقَ فيها والدي (رحمه الله) بحُكْم عملهِ، وقَعتْ كلّها في القرى، حيثُ الطّبيعة والخضرة والأشجار والطّيور والحقول اليانعة والجمال الّذي يتغنّى به الشّعراءُ ويهيمُ به الرّسّامون. وقد كان أمراً طبيعيّاً أن تخلقَ هذه المفارقة الغريبةُ بداخلي سؤالاً مهولاً: ألمْ يكن جمال الطَّبيعة هناك بكافٍ ليحصّنَ النّاسَ من شرور النّفس؟ ما الّذي كان ينقصُهم حتّى يرتكبوا جرائم بهذه البشاعة؟ أين الخللُ إذن؟

وحينما لم أجد الجواب الشّافي، تعاظمت الأسئلةُ وكبُرَتْ كلّ يومٍ أكثر فأكثر، لا سيَّما حينما بدأتُ أرى النّاس يبيعون كلَّ ما يملكُونَ ويهجرون القرى ليسكنوا بالمدن. وهذا واقع مرير فتحتُ عينيّ عليه حتّى هنا بجزيرة صقلّية: الكثير من الصّقلّيين "يخجلون" من السّكن بالقرى حيث الطَّبيعة المعطاءة، والجمال البرّي النَّقيّ، إنّهم مهووسون بالمدينة، يبيعون كلّ شيء ويأتون لسجن أنفسهم في صناديقَ من الإسمنت، ثمَّ يملؤون الشّرفات بالأزهار والمزروعات والأشجار علّهم يتذكّرون بها شيئاً ممّا تركوه هناك في القرية. وبمرور الوقت بدأت هذه الأشياء تخلُقُ بداخلي علامات استفهامٍ جديدة، وصرتُ أنذهل من هذا الهروب المُستمرّ من كلّ شيء فيه أصالة وعراقة وأمومة، لذا، فإنّي أعتقدُ أنّهُ أمرٌ طبيعيّ جدّاً أن يستوحشَ الإنسانُ، وتتوحّشَ طينتُه ويجفَّ قلبُه.

حتّى في بعض دول أوروبا الشّماليّة الاِسكندينافيّة لمْ تنفعِ الطّبيعةُ الخلّابةُ الإنسانَ في شيء: الكثيرُ منهم يعانون من حالات الاكتئابِ الحادّ، والعديد منهم يُصاب بأمراض خطيرة، وفيهم أيضاً من يُقدم على الانتحار، وهذا كلّه يذكّرني بالإنسان الأوّل، وبأوّل جريمة في تاريخ البشريّة: قَتْلُ قابيل لأخيه هابيل والّذي تمّ طبعاً حينما كانتْ أمّنا الأرض مازالت بكراً بكلّ ما تحملُ الكلمةُ من معنى. وهذا ليس لهُ سوى تفسيرٍ واحد: ثمّة طبيعةٌ وأرض أخريَيْنِ يجبُ الاعتناء بهما قبل الطّبيعة والأرض بمفهومهما العامّ لدى النّاس. بل ثمّة غابات وأدغال يجبُ الغوص والبحث فيهما عن النّمر الغاضب، والأسد الباطش، والثَّعلب الماكر، والذِّئب السّفَّاح، والضَّبع المخاتل، والحرباء ذات الأقنعة، والثّعبان الأفّاق، والطّاووس المختال، والطّائر اللّص، والقرد المتمرّد، والقطّ الوصوليّ، وهلمّ جرّاً من عيوب النّفس البشريّة. ذلك أنّ تلكَ هي أرضُ الإنسان الأولى الّتي ما لم يعرف كيف يزرعُها ويعتني بها ويشذّبها من الحشائش والنَّباتات الضّارّة، فإنّه لن يمكنه أبداً أن يرى ما حوله من جمال خلقَهُ اللهُ من أجله فوق هذا الكوكب البهيّ. وطالما في أرض القلبِ يعمُّ الخرابُ، فإنّ الإنسانَ سيبقى هكذا يسعى إلى الخراب في كلّ ما يقوم به في حياته اليوميّة: والدّليل على ذلك هذا الدّمار وهذه النِّيرانُ المستعرةُ في كلِّ رُكنٍ منَ الأرض. وبناء على هذا فإنّي لا أعتقدُ أن الطّبيعة بمعناها المحسوس هي الَّتي تُؤثّرُ في تربية الذّوق الجماليّ لدى الإنسان بشكل مباشر، إنّما الطّبيعة الحقيقيّة هيَ تلك الّتي تتجلّى بداخل القلب الصّافيّ، فيطّلعُ بعين الرّوح على ما لا عين رأت ولا خطرَ على قلب بشر، وإلّا فما معنى أن يشدو الهزار وهو في القفص بأجمل الألحان، ويرتّل العندليبُ وهو فوق الشّجرة أروع الأناشيد والمزامير؟ ألم نسأل أنفسَنا ولو ليوم واحد: من أين لهما بكلّ هذا الجمال؟ إنّهما يغنّيان ما يريانِ في القلبِ من بهاء، لأنّهما أوّلاً وقبل كلّ شيء من أهل التّسبيح، وهكذا هُمُ الشّعراء والمُبدعون؛ أهلَ الحرف الأكبر: إنّهم يملؤون الدّنيا جمالاً رغماً عن الخراب الّذي حلّ بهذه الأرضِ.

أنا مثلاً، لستُ بسيّدة كثيرة الخروج من بيتي، حتّى في طفولتي ومراهقتي لم أكنْ كذلكَ، لكنّني أرى الطّبيعةَ بداخلي. لذا، فإنّي أكتبُ وأرسمُ ما أرى، وما أسمعُ أيضاً في قلبي وروحي. وقد نجدُ بين الفنّانين من يذهبُ إلى الارتماء في أحضان الطّبيعة والمرأة، وما إليهمَا من مظاهر الجمال، لكنّهم مع كلّ هذا، وعلى الرّغم ما قد يصنعونه من جمال، لا يصلون إلى السّعادة الحقّة، وسعادتهم الحسّية تبقى في كثير من الأحيان ناقصة ولا تعني في ميزان أهلِ الجمالِ الحقّ شيئاً. إنّهُ أمرٌ أشبه بالفرق الّذي يكون بين الإنسان وصورتِه في المرآة: الصّورة تبقى مجرّد صورة، وسرّ الحياة يوجدُ في الأصل. وما الجمال الّذي فوق الأرض سوى صورة، أمّا الأصل فهو في الملكوت، ذاك الّذي لا يسعُه سوى القلبِ الصّافي، مركز النّور الأوّل والتَّجلّيات.



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [12]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [11]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [10]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [9]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [8]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [7]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [6]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [5]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [4]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [3]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [2]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [1]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- مقدّمة: رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غر ...
- [ب]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [أ]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [40]. أيّها الرّاحلُ المذرَّى فوقَ مروجِ الغاباتِ
- [39]. يا صديقَ الشّعرِ ونبراسَ الفنونِ
- [38]. التقيتُ كبرئيلة وسوزان وعبد، ولوحاتي تبتسمُ لنا فرحاً
- [37]. عبد برصوم لغةٌ مستنيرة في أعماقِ كينونةِ الإنسانِ
- [36]. يموجُ حرفي أسىً من هولِ رحيلِ صديقٍ من أديمِ الأزهارِ


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [13]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي