أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - الكون المريض















المزيد.....

الكون المريض


رائف أمير اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 6100 - 2018 / 12 / 31 - 11:19
المحور: الادب والفن
    



شهدت وكالة ناسا للفضاء تغييرات ادارية كبيرة فور أن رأست إدارتها عالمة الفلك الملقبة بذات العيون الكبيرة، شملت إضافات وتقليصات في الدوائر يضاف إليها تنقلات في العلماء والموظفين؛ مبررة بالمهام الكبيرة والموجهة التي ستوضحها للمنتسبين تدريجيا. ربما تذمر البعض، لكن الكل كان يعي ويشهد أن المرأة الاربعينية الجميلة كانت متفوقة في ذكائها وبحوثها العلمية يضاف إلى كونها رائدة فضاء سابقة وعضوة في المجلس العالمي للفيزيائيين، وقد تكون مسنودة من الرئيس الأمريكي شخصيا .. لكن بدت بعض الغرابة في بعض التنقلات وكأنها مقصودة في حشر الموظفات بالموظفين.. أو حشر موظفة مع موظف في مكتب واحد أو تكليفهما في مهمة يخلوان فيها لوحدهما .. زاد عليها أنها بدت تتصرف بعروض مغرية لجسدها مع الموظفين بشكل عام أو مع البعض منهم في خلوات بدت مقصودة أيضا. فهي مثلا كانت ترتدي تنورة حمراء ضيقة قصيرة فوق الركبة تقصدت فيها أن تبرز ساقيها وبعض من فخذيها المبرومتين وحدود لباسها الداخلي، وثوب ضيق عند الخصر ذو فتحة في أعلاه يبرز منه شق النهدين وبعض منهما مع الصدر المرمري .. ثم حذاء أبيض كشف وجهه الأمامي لتبرز منها قدميها المصبوغتين اظافرهما باللون البنفسجي اللماع .. ولم تنسَ أن تهتم بحاجبيها فتبدع في تصميمهما، وأن تضع أحمر الشفاه فوق شفتيها المغريتين أصلا .. وأن تتدلى من أذنيها أقراط الراقصات الشرقيات. وفوق ذلك كله تقربت بجسدها وإبراز مفاتنها للبعض بشكل سافر.. فهي مرّة فتحت ثوبها أكثر لعالم فلك يقف أمامها قاصدة أن يرى ثدييها متحججة بحرارة الجو، ومرّة مدّت قدمها لإداري كبير يجلس أمامها لتطلب منه أن ينزعها حذائها ويفركها لأنها تشعر بتعبها .. ولأخر هزّت وركيها متسائلة: هل سمنت؟... لكن كل تلك التصرفات التي بدت شهوانية في جسدها كان يوازيها كلام لفكر ثاقب منطقي ومتسلسل يجعل المقابل حائرا بين الاثنين.. شهوة الجسد أم شهوة العقل.
ولم تمض أيام قلائل حتى ألقت محاضرة غريبة في مقر الوكالة بعنوان الكون الحي. فيها أقنعت الحضور أن الكون بدأ مثل بيضة مخصبة تلاقح فيها الزمان بالمكان فتشكل الجنين الكوني وبدأ يتوسع .. قالت إن الكون الزمكاني كان يسبح ومازال في فضاء حي يشبه السائل الأمينوسي في الرحم .. وما امتداد الكون إلا دخول من ذلك الفضاء إلى ثقب الزمكان المشكل بدأً بقدر حجم بلانك، وزاد دخوله كلما زاد حجم الثقب الذي يتوسع كلما التحم جزء الفضاء بجسم الزمكان.. المادة المظلمة والطاقة المظلمة دخلتا من الخارج أيها السادة فيما بعد مثل الدخول المتتالي لأنواع المركبات الكيميائية حسب مقتضيات التشكيل التراكمي للجنين.
ثم أشرت إلى الخرائط الكونية بشكل مفصل : لاحظوا الإنقسامات وتكوّن وتميّز المجرات هو يشبه انقسام بيضة الكائن الحي ... لاحظوا هذا الخارطة قبل اثنتي عشر مليار سنة، دققوا فيها، ألا تشبة تكون طبقات الإكتوديرم والميزوديرم والإندوديرم ... لاحظوا التطور بعدها .. لاحظوا هنا في هذه الخارطة، اليست هذه أنسجة؟ دققوا التشابه في كل مجموعة من المجرات في اتجاه حركتها والعلاقة الدورانية بينها التي تميزها عن الباقيات.. لاحظوا في الخارطة الأخيرة جلد الكون ، سُمك من مادة غريبة تبدو أنها تحجز حتى الضوء من الخروج أو أنه يتشتت فيه لأنه لايستطيع السير إلى مابعده لعدم وجود الزمكان الذي يتطلب سباحته فيه.. ثم بينت في معادلات كيف أن الكون لايمكنه الإستمرار إلا أن تتماسك أجزاؤه رغم تمدده وكأن ترابطا عضويا من يجمعه في الأصل وليس قوى الجاذبية.
ثم وزعت محاضرتها البحثية المصورة إلى الحاضرين ليتمعنوا فيها أكثر، وليقدم كل منهم تأييده أو اعتراضه، كل حسب اختصاصه الدقيق. ولم تمض أيام أخرى حتى بات الأغلب مقتنعا بنظريتها الجديدة.
بعد شهر اختارت بعض من العلماء لتلقي عليهم سراً محاضرة تليها بعنوان الكون المريض .. تضمنت أن الكون الحي هو الآن في حالة مرض، فلقد حدث فيه انطواء في الزمكان منذ مئات الآلاف من السنين بحيث دخلت طيّة من خصيته لتصل إلى دماغه ووصل رأسها إلى الأرض التي تشكل جزءً من دماغه .. أو بالأحرى هي مركز لنواة عصبية من دماغه المفكر.
وحين استغرب الحضور بينت لهم بخرائط زمكانية تلك الطيّة بشكل لالبس فيه. ثم ضحكت لتقول: ربما كان البعض منكم يراني مستهترة في تصرفاتي الإغرائية مع البعض منكم .. في الحقيقة كان ذلك اختبارا لكل منكم .. كنت أريد أن أحسم شكّي للبعض منكم كي أكون نواة أولى انطلق منها لمعالجة المرض .. كنت أريد الأقرب ، الفئة التي تهتم بالعلم قبل أية إغراءات جسدية .. كنت أختبر الوكالة كلها عندما حشرت الموظفين بالموظفات ..
اعزائي: البشر الحاليين منهم من هو بالأصل من خصية الكون ومنهم من هو من دماغه .. الطيّة تسببت في تمازج الاثنين .. الطيّة تسببت في تدني صفات البشر بدخولها إلى أجسادهم فانحطوا إلى الحيوانية... صاروا بتصرفاتهم الغريزية مثل الحيامن ليس لها إلاّ أن تسير باحثة عن البيضة... وهكذا كما ترون، عند البعض يظهر جليا .. في شبقه .. في نوادي الدعارة والأباحية .. في تقمص البعض لدور رجال الدين لخداع النساء ... وأيضا هو يبرز في الكذب والطمع فليس من طبيعة الدماغ الكذب مالم تتغلب الغريزة عليه أو تتغلغل فيه ..
إخوتي في الإنسانية: نحن نتقدم ونسير نحو الأنسنة المثالية لأننا جزء من دماغ كوني يرتقي ويرتقي ، وهم جزء من خصية لها دورها في التخصيب بين الأكوان .. هم الآن يشبهون سرطان الدماغ، وهذا خطير جدا .. فقد يموت الكون وتنتهي البشرية قريبا جدا.
وبعد المحاضرة سأل أحد العلماء: يعني كوننا ذكر وهناك كون أنثى؟ فردت : نعم .. بل هناك أكوان كثيرة مذكرة وأخرى إناث.. وتعدد الأكوان كما تعرفون تسنده نظرية الأوتار الفائقة.
وسأل آخر: هل الرئيس الأمريكي يعرف بهذا السر؟ ... هل معرفته أو غيره هو سبب إسنادك في تولي رئاسة الوكالة؟ فكانت الإجابة: الرئيس نفسه لايعرف السر، هناك من هو قريب منه وأثّر عليه. وسيعرف عندما نقدم حلا لهذه المشكلة، وسيستجيب بكل طاقته ويجبر باقي القوى العظمى لأي إجراء يتطلب.
ثم تحولت مجموعة العلماء النواة بعد المحاضرة إلى فريق عمل يبحث في تدارك المرض.. تدارك النهاية فيقدم الحلول منها:
- إبادة 400 مليون نسمة من البشر موزعين في كل أرجاء الأرض بعد مسح إشعاعي خاص لهم... رفض المقترح.
- قطع الطيّة بواسطة دوارات مروحية زمكانية من مكان قبل وصولها الأرض.. رفض أيضا لأنه قد يؤدي إلى نفس نتيجة الإبادة.
- معالجة أولئك البشر نفسيا أو حجزهم .. واجه المقترح عوائق سياسية وأخلاقية أيضا.
- معالجتهم كيميائيا .. واجه القبول واتخذت الإجراءات لكيفية فحص البشر وتمييز فئتهم ودراسة المادة الكيميائية المطلوبة.
وبينما تمت الموافقات الأصولية حدث شيء لم يكن في الحسبان.. فقد اشتهى الكون (كونة) جميلة و(أفرغ) فيها ... فأختفى 400 مليون من البشر .. لتعود ذات العيون الكبيرة لتعلن: الكون شفي من مرضه.
صباح يوم 30/ 12 / 2018



#رائف_أمير_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة الباراسيكولوجي بين الوهم والحقيقة
- جمهورية المطاط
- حضارة الكلاب
- حقيقةالأحلام - محاضرة القيتها في قاعة علي الوردي - المتنبي ي ...
- بيضة النسر الكبير
- تسامي الإنسان في فيلم (Transcendence)( التسامي)
- بارا .. بيوتي .. لوجي
- ميتا...كون
- محاضرة اختراق حاجز الموت
- كرة بيضاء
- يدُ الحياة
- عمر الانسان وتباطؤ الزمن - تفسير مبسط لمثالين في نظريتي النس ...
- ضوء أنثوي
- معادلات الزمن الصعب
- الفلسفة المطلقة
- يوم الحلم البشري
- جذور الجدل
- من غرائب (الكفر)
- أشقاؤنا في السماء
- بريء


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائف أمير اسماعيل - الكون المريض