أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - ترامب وإرث قسد في الجزيرة السورية















المزيد.....

ترامب وإرث قسد في الجزيرة السورية


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 6097 - 2018 / 12 / 28 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




فيما مضى كانت أغلب حكومات العالم، تنتظر المؤتمر الصحفي اليومي، للناطق باسم البيت الأبيض، كي تتعرف الى توجهات الولايات المتحدة، تجاه القضايا الدولية، في العلاقات السياسية، وفي الاقتصاد، والحرب والسلام. وكانت تلك ما يرى فيها قادة الدول ووزراء الخارجية مؤشراً على سياساتها العامة، وينبغي لهم أخذها في الحسبان كتعليمات صادرة عن واشنطن، يجب اتباعها. هذا وجه من أوجه سيطرة البيت الأبيض لعقود على صناعة القرار، خاصة في الشرق الأوسط. اليوم لم يعد ثمة وسيط كهذا، تغريدات الرئيس ترامب تؤدي هذا الدور!
تبدو مصائر البشرية وقضاياها، باتت تدار عبر تغريدات ترامب على تويتر. سيل من التغريدات التي لم تتوقف عشية رأس السنة الجديدة، تمحورت حول قضايا ملّحة، يُسابق بها الزمن قبل بدء الكونغرس أعماله بالتشكيلة الجديدة، ذات الغالبية الديمقراطية. كما خص بها ترامب الجزيرة السورية، بل وربما سوريا بأكملها، وهو يواصل الكشف عن تداعيات قراره بالانسحاب، وتصوراته لما بعد ذلك. وهو السؤال الذي يُطرح اليوم على كافة الصعد: مستويات واتجاهات صنّاع القرار المؤثرين في المنطقة! ويذهب لتحديد أفق العلاقات حتى بين القوى الاقليمية المتنازعة، وهو يعيد ربط الخيوط بين أنقرة والرياض، عبر رؤيته، بأن تتولى تركيا بسط السيطرة والأمن في الشمال السوري، فيما يؤول ملف الإعمار إلى العربية السعودية، عبرالتفرد بتوزيع محدود للأدوار، تخرج فيه القوى الأخرى المتحفزة للانقضاض، من المنطقة بلا أي حصيلة - ربما - كما يريد ترامب!
معظم ما يُغرد به ترامب هو إشراك للرأي العام، بأفكارٍ ليس بالضرورة أن تأخذ طريقها الى التحقق كما يجب، خاصة وأن المُعيقات التي يواجهها، تكمن عقدتها في الآليات الديمقراطية، وفي دوائر صنع القرار التي يخضع لها الرئيس الأمريكي . ما يتصل بالجزيرة السورية، أحدث قراره / التغريدة، إرباكاً كبيراً، خاصة في الولايات المتحدة، وأثار سخطاً وانتقاداً واسعين، خاصة من أولئك الذين كانوا منخرطين في صوغ سياسات واشنطن حيال الوضع في سوريا، ومن ثم في بناء التحالف الدولي لمحاربة داعش، والذي تطلب دعم ميليشا قوات سوريا الديمقراطية، واتخاذها أداة في المواجهة المسلحة على الأرض. بالمقابل أظهرت رحلته السرية الى العراق، نقطة الارتكاز المحورية لاهتمامات البيت الأبيض في المنطقة.
سوف ينتهي التواجد العسكري الأمريكي في الشمال السوري، الى إعادة الانتشار في الجزيرة الفراتية، على مراحل. وقد وجدت جميع الأطراف المعنية نفسها منخرطة في إعادة صياغة عجولة لسياساتها في المنطقة، تستدرك فيها أثر الحضور، وفعالية الدور الذي تريده لنفسها، تبعاً للفراغ الكبير الذي ينجم عن الخروج الأمريكي. ينطبق هذا على الأتراك والروس والفرنسيين، على إيران والنظام الاسدي، على ميليشيات صالح مسلم والجماعات الإرهابية المسلحة الأخرى. وبذلك تشكل تغريدة ترامب/ القرار، حدثاً مفصلياً في المنطقة.
لعبت تغريدتي ترامب بشأن التفاهم مع تركيا والسعودية، دوراً مهما في طرح سؤال جوهري، لما يمكن ان تؤول إليه الامور في الشمال السوري، ثمة ما يعزز دعماً واضحاً لتولي تركيا دوراً حاسماً، يؤدي الى سيطرتها على المناطق التي تحتلها ميليشيا صالح مسلم. التطورات الميدانية والحراك على جانبي الخطوط: تدفق التجهيزات العسكرية والمقاتلين الموالين لتركيا، يُقابله تحشيد عسكري وسياسي، تقوم به قوات سوريا الديمقراطية، والطلب الذي تقدمت به الى قنديل لاستقدام ضباط عسكريين محترفين إحدى تلك الدلائل، فيما تنشط الاتصالات الأمنية لتكوين جبهة مواجهة ضد تركيا، تتشكل من قسد والنظام الأسدي، ونظام السيسي، قد تنضم إليه قوى أخرى ( كالإمارات – في حين تبقى مشاركة السعودية رهناً بتوجيهات البيت الأبيض) تحت يافطة محاربة الإخوان، في تحيز واضح الى جانب قسد، وتحريف متعمد لحقيقة الأزمة الناجمة عن استمرار احتلال ميليشيا صالح مسلم لمناطق واسعة في الجزيرة السورية.
بلا شك، فإن توجه تنظيم سوريا الديمقراطية، نحو التنسيق مجدداً مع النظام الأسدي، شكّل ردة الفعل الأولى والمباشرة، على لسان الرئيس المشترك رياض ضرار، ثم الأنشطة الدبلوماسية والأمنية لإلهام أحمد، ودخول مصر على خطوط التنسيق. يأتي ذلك بعد سلسلة من التصريحات والتهديدات التي أطلقتها قسد، في محاولة منها لعرقلة قرار ترامب باستعادة القوات الأمريكية: إغراق المنطقة بالأسرى الدواعش، وبإشعال المنطقة. أي بارتكاب جرائم حرب جديدة، لا تُبقي ولا تذر، كعملية انتحار مُثلى لتنظيم يساري راديكالي، يحمل قضية تقرير مصير الشعب الكوردي.
تلك التهديدات النادرة، من حيث صدورها عن مُستخدمين، ضد الإدارة الأمريكية، احتجاجاً على قرارها، ورفضاً لسياستها حيالهم، سرعان ما اختفت مع انقشاع السراب المخادع، ووقوف قسد أمام حقائق الواقع، لتجد نفسها في عملية بحث عن حلفاء وداعمين جدد: لكن باريس ولندن، مهما كانت وعودهما جادة، فإنهما لن يقدما أكثر من النصيحة، خاصة وأن البيت الأبيض قد قرر منح أردوغان الثقة كحليف استراتيجي، لملاحقة جيوب داعش، بدلاً من قسد، التي ترى فيها تركيا تنظيماً إرهابياً بنى أعشاشاً في الجزيرة السورية، يتوجب إزالتها وتطهير المنطقة منها، كسبيل أساسي لجعل الشمال السوري، منطقة آمنة، منزوعة السلاح، قابلة لأن تكون مدخلاً للتسوية السياسية في سوريا.
لقد انتهت وظيفة قسد، وفي النهاية، لم تفعل شيئاً يُمكن أن يُحسب لها في آخر خدمتها المتفانية للولايات المتحدة. ما قدمته هو سجّلٌ حافل بالانتهاكات وجرائم الحرب ومعسكرات الاعتقال الجماعية. وفي سجلها الاتفاق التاريخي الذي رعته واشنطن مع داعش، للخروج من المنطقة، وكذلك عدم محاكمة من أسرتهم من مقاتلي داعش، الذين استوعب قسد منهم في صفوفها. كما أنها ما تزال تتكتم على مصير عشرات الناشطين الذين اختطفتهم واعتقلتهم داعش وجبهة النصرة واحرار الشام. إضافة الى اختفاء العشرات من المدنيين السوريين، مع احتلال قسد للرقة.
في سجلها الحافل، عمليات للتغيير الديمغرافي، وتكريد أسماء المدن والبلدات والقرى، وانتهاج سياسة عنصرية في التعامل مع سكان المنطقة، وفي التعليم، وفي التجنيد الإجباري للشبان والأطفال. ومن " متلازمة قسد " الاستعلاء والتكبر، والنهب والفساد، والحرمان الذي فرضته على أهالي المنطقة. وقد وجدت اليوم نفسها عارية تماماُ بما قدمت، ولن تكون هزيمتها مأسوفٌ عليها.
ثمة حقيقة تُفسّر هلع قسد، فهي لم تخض معركة حقيقية واحدة في مواجهة داعش، وعلى الرغم من التدريب والتسليح الأمريكي، ولذلك لم تكتسب خبرات قتالية، تمكنها من مواجهة أية قوة منظمة، كالقوات المرتقب اقتحامها " شرق الفرات "، خبرتها سبّاقة في العمليات الانتحارية، والاغتيالات، والاعتقالات.. وفي زراعة الألغام . مع الوقت، لن تملك ميليشيات قنديل سوى الإندحار الكيفي. الخروج قبل أن تبدأ المعارك الطاحنة، مهما كانت طبيعتها، فهي الحرب: النار والدم، التي لا نريد المزيد منها في بلادنا التي لم يترك فيها الأمريكيون والقنديليون، والأسديون وحلفائهم حجراً على حجر.
يشكل التقارب الأمريكي – التركي، مصدر أمل للخروج من الأزمات المعقدة، بما فيها صراعات وحروب الآخرين في المنطقة . وقد تأخر سنوات طويلة، كان على إدارة اوباما القيام به، حماية للمدنيين أولاً، وقبل أن تتعاظم قضية العمال الكردستاني على الحدود السورية – التركية بدعم من المخابرات الأسدية، صاحبة الفضل الأول في نشأة "ب ك ك" ورعايته، بكل أذرعه وتنظيماته، ودعمه عسكرياً وأمنياً، بما فيها تسليمه للمناطق التي انسحب منها النظام، مبكراً في الشمال السوري.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واشنطن والشمال السوري
- الدرس الفرنسي والاستبداد الأسدي
- نشطاء بلا حماية !
- غزة: صراع على الاستحواذ
- سياسات الحلّ في سوريا
- ترامب وعرش الدم
- داعش وقسد واستهداف المدنيين مجددا
- تغييب خاشقجي: اغتيال لحرية الكلمة
- تذويب جبهة النصرة وأخواتها
- إدلب: اتفاق جذوة الجمر !
- إدلب والثور الأبيض
- الصراعات الدولية والثورة السورية
- قراءة في رواية حيث يسكن الجنرال
- الثورة السورية: هزائم وانتصارات
- سوريا: التعذيب حتى الموت
- حرب العالمين ضد حوران
- المعتقلون في السجون الأسدية .. ناجون الى حين !
- النظام الأسدي و النموذج الإسرائيلي
- الإبادة الجماعية المنظمة في سوريا: المحرقة الأسدية
- الدور الايراني في سوريا والصراع مع اسرائيل


المزيد.....




- رئيس CIA الأسبق يعلق لـCNN على جدل الضربات الأمريكية على الم ...
- جنرال أمريكي عن الضربات على المنشآت النووية الإيرانية: -عملت ...
- الجيش الإسرائيلي يقتل فتى في الـ15 من عمره في بلدة اليامون ب ...
- حملة -تحالف أبراهام- الإسرائيلية تثير الجدل بين الناشطين الع ...
- إيران: مجلس صيانة الدستور يقر قانون تعليق التعاون مع الوكالة ...
- كييف ومجلس أوروبا يوقعان اتفاقا لإنشاء محكمة خاصة بالحرب في ...
- غموض يلف تأثير الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيران ...
- ما هي أهمية مشروع خط انابيب الغاز «قوة سيبيريا 2» بالنسبة إل ...
- سقوط أكثر من 50 قتيلا فلسطينيا بنيران إسرائيلية في قطاع غزة ...
- ريبورتاج: -قلبنا معهم-... كيف تنظر الجالية العربية بالولايات ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - ترامب وإرث قسد في الجزيرة السورية