أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالرحمن مطر - تغييب خاشقجي: اغتيال لحرية الكلمة















المزيد.....

تغييب خاشقجي: اغتيال لحرية الكلمة


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 6018 - 2018 / 10 / 9 - 01:38
المحور: حقوق الانسان
    


حتى ساعة نشر هذا المقال، قد لا تتضح حقيقة ما آل إليه حال الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي، الذي اختفى داخل القنصلية السعودية في استانبول، الثلاثاء الماضي. لكن المؤكد أنه قد تغييبه، وهذه في حدّ ذاتها جريمة تعاقب جميع القوانين والأعراف، وهيبصيغ مختلفة تعني الاختطاف، وسلب الحرية، وسلب الروح أيضاً، أي القتل وهي جرائم متعمدة، فكيف يكون الحال إذن مع كاتب وصحافي معارض لسياسات بلاده ويدعو الى إحداث إصلاحات جوهرية في نظام الحكم وسياساته الاجتماعية والاقتصادية. بلا شك أن مواقف جمال الخاشقجي تدفعنا لاعتباره مُغيّباً بسبب حرية الراي والتعبير.
هذه واحدة من أكثر القضايا حساسية في منطقة الشرق الأوسط، لا يستطيع أحد التعبير بمطلق الحرية عن آرائه، حيال السياسات العامة التي تتخذها الحكومات في المنطقة، دون عواقب وخيمة لمن يتجرأ ويرفع من سقف الحرية، عبر الكتابة والقول. شهدت المنطقة ولا تزال تصفيات وملاحقات امنية، قتل واعتقال وتغييب لعشرات الكتّاب والصحفيين العرب، في سوريا ولبنان ومصر والعراق واليمن والسعودية وغيرها، جرت هذه الجرائم داخل تلك البلدان، وخارجها. قضية خاشقجي ليست الأولى وقد لا تكون الأخيرة.
جميع الأنظمة ذات الطابع الاستبدادي لا تتورع في انتهاك الحقوق والحريات، وفي حرمان المشتغلين بالكتابة من التعبير عن آرائهم بحرية، بكل الوسائل التي تتدرج من التحذير والتضييق الى الإعتقال والتصفية الجسدية. السعودية، وهي تُدخل إصلاحات جديدة – كما يبدو – شددت قبضتها الأمنية على مجالات حرية التعبير وحقوق الإنسان، وتمضي بثبات نحو استبداد سوف يأخذ أشكالاً وصوراً أشد بشاعة مما عليه في التسلط وفرض رقابة واسعة على حرية التعبير. وتعكس أزمة الرياض مع كندا قبل أشهر بسبب اعتقال نشطاء حريات، جانباً حجم المشكلة المتفاقمة، داخل السعودية، إثر تبني محمد بن سلمان لسياسات غير مقبولة، خاصة في السياسة الداخلية والخارجية.
اختار خاشقجي، أن يتكلم، أن يشير صراحة الى مواطن الخلل، والى الممارسات الخاطئة التي تقوم بها اجهزة الدولة، واختار أن يكون الى جانب اولئك النشطاء الذين اعتقلوا بسبب حرية التعبير والرأي، ونشاطهم في مجال حقوق الإنسان، واختار المنفى لأنهيضمن له حرية التعبير.
هذا الخيار، في اعتقادنا- هو ما قاد إلى تغييب جمال خاشقجي، الذي يتمتع بشبكة علاقات واسعة عبر العالم، باعتباره صحافياً وكاتباً مقرّباً من دوائر صنع القرار السعودي، ويمتلك من الخبرة والمعلومات، ما يجعل منه خبيراً استراتيجياً ليس في القضايا السعودية فحسب، بل وقضايا المنطقة الخليجية والعربية بشكل خاص.
أي مُتابع للشأن السعودي، يدرك تماماً أن ثمة تغيّرات جوهرية تحصل في السياسات المتبعة اليوم، داخلياً وخارجياً. ويلمس تأثير القبضة الأمنية الذي يطال الليبراليين من مثقفين وصحفيين ونشطاء، وانتشار الخوف، في ظل انتهاج سياسة أمنية لمكافحة الإرهاب. وأن هناك أزمات سياسية واقتصادية، وهناك تخبط ملموس في توجهات المملكة منذ تولي ترامب الرئاسة الامريكية، وفرضه لآليات تعامل سياسي ومالي مع الرياض، لم يسبق وان حدثت من قبل لا في العلاقات الثنائية بين الدول، أو في العلاقات الدولية. حادثة فندق الريتز، والرضوخ لتوجهات ترامب، مؤشران هامّان على تلك التحولات. كان جمال خاشقجي منتقداً لجملة سياسات المملكة في العهد الحالي، وحرصاً منه على حريته في الكتابة والتعبير، غادر الرياض الى واشنطن.
حتى الآن لم تُبد الولايات المتحدة " قلقها " على تغييب خاشقجي. في الواقع، هو يكتب في الصحافة الأمريكية المناوئة لترامب: الواشنطن بوست، وترامب بدوره لايُخفى من كراهيته لها. يقول ترامب إن سياسات الملك بن سلمان وولي العهد محمد بن سلمان، تحظى بقبولة، وهي مهمة لتنمية المنطقة، وبهذا المعنى، فإن السياسات الامنية مقبولةن ولا اعتراض عليها، بما فيها انتهاك الحقوق والحريات المدنية الواسعة التي تمارسها السلطات السعودية.
منح المرأة حق قيادة السيارة، وانشاء صالات عرض سينمائي، وغيره من المظاهرالاحتفالية الاجتماعية المحدودة، لا يمكن التعويل عليها كسياسات انفتاح إذا كانت هناك ممارسات ممنهجة لمنع الأفراد والمنظمات من ممارسة حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، التي تكفلها لهم القوانين الدولية. حق التعبير، وحق انشاء الجمعيات، والدفاع عن حقوق الإنسان، هي في مقدمة الانتهاكات التي تجري داخل السعودية.
تغييب جمال خاشقجي، يثير هذه القضايا جميعاُ، دفعة واحدة. لا تبدو هناك أية أسباب، دافعة لاختطاف ( آمن – كما يُخيل للسعودية ) خاشقجي. والترجيح الأقرب، إن لم يكن هو الوحيد، هو الشجاعة التي امتلكها في اتخاذ الموقف الصحيح حيال سياسات القمع والاستبداد التي تتعاظم، مع تولي محمد بن سلمان السلطة في بلده. شجاعة خاشقجي في قول الحقيقة، والتعبير بمطلق الحرية المسؤولة عن آرائه ومواقفه، لم تكن حماقة، ولم ينل من أمير أو شخص ما، ولكنه كان يقول رأيه بصراحة وحرية. هنا مكمن الخطر في وجود جمال خاشقجي حيّاً وحراً ليقول ما يتوجب عليه القول.
في ذلك، جميع أنظمة الاستبداد والقمع تتشابه، في أي مكان من العالم، في سوريا، يذبح النظام الأسدي السوريين المطالبين بالحرية، ويعذب المعتقلين حتى الموت، ويُغيّب عشرات الآلاف في الأقبية والزنازين. وقد استهدف ولا يزال النشطاء المدنيين، أصحاب الفكر، الرأي الحر، والكلمة الشجاعة، ويرى فيهم أشد خطورة من المسلحين على نظامه القمعي الدموي الاستبدادي.
تغييب جمال خاشقجي، بأي صورة وبأية دوافع، هي جريمة كاملة، مرفوضة ومدانة، تعيد إلينا جرائم اغتيال سليم اللوزي، وجبران تويني، وسمير قصير، واختطاف وتغييب الكاتب السعودي ناصر السعيد، وآخرين، اضافة الى صحفيين وكتاب في انحاء مختلفة من العالم بسبب حرية الرأي والتعبير.
استجابت السعودية في قضية خاشقجي، أو لم تستجب، فإنها تتحمل المسؤولية القانونية والجنائية كاملة، والكشف عن مصيره مطلب لجميع الكتاب والصحفيين، وجميع الاحرار، والسكوت عن هذه الجريمة يفتح الأبواب أمام جميع الأنظمة الاستبدادية، لتصفية جميع أصحاب الراي والوصول إليهم حيثما كانوا.
حرية التعبير في خطر، وأصحاب الرأي والكلمة الحرة في خطر حيثما هم.
ماجري لجمال خاشقجي هو أسلوب إرهابي داعشي – نصروي بامتياز..بصورة ما.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تذويب جبهة النصرة وأخواتها
- إدلب: اتفاق جذوة الجمر !
- إدلب والثور الأبيض
- الصراعات الدولية والثورة السورية
- قراءة في رواية حيث يسكن الجنرال
- الثورة السورية: هزائم وانتصارات
- سوريا: التعذيب حتى الموت
- حرب العالمين ضد حوران
- المعتقلون في السجون الأسدية .. ناجون الى حين !
- النظام الأسدي و النموذج الإسرائيلي
- الإبادة الجماعية المنظمة في سوريا: المحرقة الأسدية
- الدور الايراني في سوريا والصراع مع اسرائيل
- الحرب التي لا تنتهي !
- سوريا: المغيبون والمصير المجهول
- تجليات وأوهام سوتشي
- عفرين والمصير المرير
- سوتشي: الهروب من استحقاق جنيف
- تبخّر داعش .. وتمكين الاحتلال في الرقة
- حلم كردستان بين الحصار والخذلان
- الرقة على مذبح روما


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالرحمن مطر - تغييب خاشقجي: اغتيال لحرية الكلمة