أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالرحمن مطر - سوريا: المغيبون والمصير المجهول















المزيد.....

سوريا: المغيبون والمصير المجهول


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 5778 - 2018 / 2 / 5 - 19:00
المحور: حقوق الانسان
    



ليس بوسعنا أن نغلق النافذة
والمطر يهمي..
سنشعل القناديل كل ليلةٍ
وقلوبنا تنتظرهم !

لاتزال قضية المغيبين قسراً، تعدّ واحدة من اكثر القضايا الإنسانية أهمية، ومن اكثرها تعقيداً، تتجاوز القضايا المتصلة بجرائم الحرب كالإبادة والمذابح، وغيرها من الانتهاكات. ثمة مصائر مجهولة لأفراد تم تغييبهم قسراً وفقاً لتعريف القانون الدولي، والتعبير المستخدم لدى المنظمات الدولية الحقوقية.
أشخاص لا نعرف أين هم، ما هي أوضاعهم الإنسانية، وظروف احتجازهم، وماهي العقوبات التي يتعرضون لها: التعذيب المستمربوسائط متعددة، لاتراعى فيها أية قيم يحترم الآدمية، ولاتمت إليها بصلة. وهل هم أحياء. التعذيب النفسي الذي يطال المغيبين وذويهم على حدّ سواء، أقل تعبير عنه وأقربه، أنه اكتواء الألم!
في حالتنا السورية، عدة أوجه لجرائم الإخفاء القسري، وعدة فاعلين. هم نظام الأسدية، والتنظيمات الاسلامية المسلحة، من جيش الاسلام الى النصرة وأحرار الشام، وداعش. يضاف إليهم المؤسسات والأذرع الأمنية والعسكرية لحزب العمال الكردستاني في سوريا. وخلال سنوات المحنة السورية الراهنة، اختفى عشرات الآلاف من المدنيين خلف القضبان، والأسوار العالية، في تقييد قسري يمنع حريتهم، ويدفع بحياتهم نحو المجهول. وتنوعت أساليب التغييب، من الاعتقال والاختطاف، الى الاغتيال والتصفية الجسدية.
كان نظام القمع الأسدي في مقدمة مرتكبي جرائم الاعتقال والاختطاف، خارج إطار القانون، في ظل تجاوزات واسعة متكررة ومنتظمة ، مخالفة للقواعد والاجراءات القانونية، مع الاستمرار في عدم الاعتراف باعتقال الاشخاص واختطافهم، على الرغم من عرضهم امام محاكم أمنية أو محاكم ميدانية، أو وجود شهود على الاعتقال.
سجون الطاغية
تشير التقارير الدولية ( التقرير العالمي لمنظمة هيومان رايتس ووتش – 2017) الى أن عدد المعتقلين في السجون الاسدية يقترب من 120 ألفاً. لكن تلك التقارير تعتمد على الحالات الموثقة، من قبل مؤسسات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني، ولا تأخذ بما لايتم ثبت توثيقه، كذا الأمر بالنسبة لأعداد الضحايا القتلى. غير أن مؤسسات حقوقية سورية ترى ان العدد قد تجاوز 220 ألفاً من المعتقلين، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الانسان ( تقرير 2017 )، منهم 9 آلاف طفل و 5آلاف إمرأة. هذا الرقم هو أقرب الى الحقيقة، أخذاً في الاعتبار عدد الأجهزة الأمنية، وعدد مقار الاحتجاز والسجون المعروفة في سوريا. إضافة الى تقارير وبلاغات المحامين ونشطاء حقوق الإنسان، وشهادات الناجين من المعتقلات السورية، التي تضم خلف جدرانها، أضعاف استيعابها الطبيعي بما لا يقل عن ثلاث الى أربع مرات. إضافة الى وجود أعداد كبيرة من المعتقلين المجهولين، اي الذين لم يبلغ ذويهم عن اختفائهم، أو المحتجزين في اماكن سرية، أو أقبية وزنانين معزولة.
يعاني المغيبون قسرياً من ظروف احتجاز بالغة الصعوبة، في أحيان كثيرة تعجز الكلمات عن وصف الحالة المريرة التي يعيشها المعتقلون، خاصة أولئك الذين ما تزال الأجهزة الأمنية تحتجزهم في مقارها. حيث يتعرضون لعمليات التعذيب والتنكيل بوسائل مختلفة بطرائق لا تمت الى السلوك البشري بصلة. وهي عملية يومية لا تستهدف انتزاع اعترافات او معلومات محددة، بقدر ماهي سلوك إجرامي وظيفي ممنهج يقوم به السجان، وفقاً لتعليمات وسياسات النظام الأمني الأسدي، بهدف قهر المعتقلين ووهنهم، وإضعاف معنوياتهم وإذلالهم بشتى الطرائق بسبب مواقفهم من النظام، او انخراطهم في تنظيمات سياسية معارضة له.
تصل عمليات التعذيب، الى درجة الموت. وقد سُجلت عشرات الحالات من مقتل المعتقلين على أيدي جلاديهم، في مختلف الفروع الأمنية. وفي حالات كثيرة، يتم ابتزاز المعتقل في عائلته، كما ترتكب جرائم الاغتصاب بحق الرجال والنساء.
كما يتعرض المغيبون قسراً الى الحرمان من الحقوق، حقوق الاتصال بالأسرة وتوكيل المحامين، إضافة الى سوء التغذية وعدم توفر الطبابة، وفي حالات كثيرة يكون الطبيب سجاناً، جزءاً من المنظومة الأمنية الإجرامية، يتعمد إهمال المرضى، بصورة تؤدي إما الى الوفاة، أو الى العاهة، او استفحال الأمراض، وتعفن وتقرّح الجروح. وقد كنتُ شاهداً على مثل تلك الحالات والظروف في عدد من المعتقلات الخاضعة لسلطة النظام الأسدي.
لا يمكننا الحديث عن المعتقلين في سجون الأسدية، دون ان نقف على قضية المختطفين والمغيبين لدى الجماعات الاسلامية والمنظمات المتطرفة، الذين تقترب أساليب الاختطاف والاحتجاز من أسلوب النظام وطرائق إدارته لملفات المغيبين. ومن حيث التعذيب البشع الذين يتعرضون له، والحرمان من حقوقهم.
هناك ماهو أكثر ظلمةً، ممارسات يتفتق عنها الظلاميون في إخفاء الضحايا. لا أحد يعرف مصير عشرات الناشطين في قضايا الحقوق والحريات، ومنظمات المجتمع المدني. وقائمة الفصائل والمنظمات الاسلامية المتشددة والارهابية، معروفة: جيش الاسلام في غوطة دمشق وريفها، جبهة النصرة( بتعدد وتلون مسمياتها) وأحرار الشام في المنطقة الشمالية حلب وإدلب وحماه. وبالطبع داعش التي قامت باختطاف المئات الذين يندرجون اليوم تحت قوائم المختفين والمغيبين قسريا.
لا توجد حتى الآن أية معلومات عن ظروف وأماكن احتجاز المختطفين، أوضاعهم المعيشية والصحية، وما إذا كانوا ما يزالون على قيد الحياة، ام انه تمت تصفية منهم. لا توجد أية نتائج لأي وساطات تمت بخصوص المغيبين منذ سنوات.
ورثت " ميليشيا صالح مسلم " داعش، في الأماكن التي انسحب منها تنظيم الدولة الاسلامية، وسيطرت على جميع المواقع دون استثناء. ومع مرور عدة أشهرعلى انتهاء عملياتها ضد داعش في محافظة الرقة، فإن مصير مئات النشطاء والمواطنين المدنيين الذين اختطفتهم داعش وأحرار الشام والنصرة من قبل، في الرقة، لا يزال مجهولاً. وليس هناك من جهة دولية فرضت على " قسد " بما فيها الولايات المتحدة بحكم قيادتها لعمليات التحالف الدولي وتسييرها لقسد، من أجل الكشف عن مصير المختطفين، فيما تم السماح بترحيل عناصر داعش الأجانب الى بلادهم، وإطلاق سراح البعض منهم.
وقد تفرد التنظيم السوري لحزب العمال الكردستاني، واذرعه الأمنية والعسكرية، بعمليات الاعتقال وفقاً لشبهة الانتماء الى داعش، على اعتبار كل عربي سوري في شرق الفرات هو داعشي، وقامت ببناء( معسكرات الاعتقال الجماعي )، أشهرها معسكر عين عيسى شمال الرقة. وهذه تعيد الى الأذهان معسكرات النازية في اوروبا، ومعسكرات الفاشية الإيطالية في ليبيا.
تصف تقارير دولية عمليات التعذيب، بأنها تفوق ما فعلته النازية بحق المعتقلين، وعلى الرغم من توافر جميع الأدلة على الجرائم التي يرتكبها النظام الأسدي، كجرائم حرب، وانتهاكات جسيمة بما يخالف قواعد القانون الدولي، فإن المجتمع الدولي برمته، لم يقم بواجبه من أجل إيقاف معانان المغيبين قسرياً، وقف التعذيب وإحالتهم الى المحاكم والسجون المدنية، كحدّ أدنى. مع أن الإجراء الذي يتطلب فرضه على طاغية دمشق هو إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط!
ليست هناك حتى اليوم، أية جهود دولية حقيقية فعالة، حكومية وغير حكومية من أجل المغيبين قسرياً في سوريا. وما هو قائم جهود مجموعات صغيرة، او جهود فردية، لا يمكن لها ان تستمر أو تحقق نتائج دون إرادة دولية حاسمة.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات وأوهام سوتشي
- عفرين والمصير المرير
- سوتشي: الهروب من استحقاق جنيف
- تبخّر داعش .. وتمكين الاحتلال في الرقة
- حلم كردستان بين الحصار والخذلان
- الرقة على مذبح روما
- جرائم الحرب والإفلات من العقاب
- واشنطن وسياسات الاحتواء
- تغيرات الموقف الفرنسي إزاء القضية السورية
- الرقة بين التحرير والتفريغ
- خطوط متقاطعة في معركة الرقة
- نظام المحرقة الأسدية المدلل
- الرقة: سجال حول المجالس المحلية وحرية الصحافة
- منطقة الفرات وتحولات السياسة التركية
- فيتو مزدوج و رسائل قاتلة
- مؤتمر جنيف والحرب على داعش
- الترامبوية : عنصرية صادمة و سياسات مقلقة
- مؤتمر أستانا و تعويم الأسدية
- إشكالية التنظيم السياسي للمعارضة السورية
- جرائم الحرب وحماية المدنيين


المزيد.....




- واشنطن ناشدت كندا خلف الكواليس لمواصلة دعم الأونروا
- الهلال الأحمر: إسرائيل تفرج عن 7 معتقلين من طواقمنا
- حركة فتح: قضية الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين تحتل أولوي ...
- نادي الأسير يعلن ارتفاع حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر إلى 78 ...
- الاحتلال يفرج عن 7 معتقلين من الهلال الأحمر ومصير 8 ما زال ...
- الأمم المتحدة: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- تعذيب وتنكيل وحرق حتى الموت.. فيديو صادم يظهر ميليشيا موالية ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص في غزة يواجهون انعدام الأمن ...
- الأمم المتحدة: أكثر من مليون غزي يواجهون انعدام الأمن الغذائ ...
- زاخاروفا تضيف سؤالا خامسا على أسئلة أربعة وضعتها برلين شرطا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبدالرحمن مطر - سوريا: المغيبون والمصير المجهول