أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - منطقة الفرات وتحولات السياسة التركية















المزيد.....

منطقة الفرات وتحولات السياسة التركية


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 5478 - 2017 / 4 / 1 - 18:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يأت الإعلان التركي عن " توقف عمليات درع الفرات، بعد أن حققت اهدافها " بعيداً عن سياقات السياسة التركية الجديدة، التي جاءت مع تولي بن علي يلدريم رئاسة الحكومة، في مؤشر حمل معه تحولاً ملموساً في السياسة الخارجية التركية، لم يكن إقصاء أحمد داود أوغلو، بسياسته وافكاره، أحد تجلياتها فحسب، لكن ملامحها بدأت بالتبلور تدريجياً، منذ فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية - الروسية، وتداعياتها على مجمل الأوضاع في المنطقة، بصورة عامة، وعلى المسألة السورية بشكل خاص.
لكن المتابع للشأن التركي، يلاحظ أن التحول في الموقف التركي، قد بدأ مطلع عام 2014، حين قال الرئيس التركي السابق عبدالله غول، ما معناه أنه يتوجب إعادة النظر في المواقف والسياسات، بما يخدم مصالح جميع الأطراف في المنطقة، وأن ذلك يسلتزم الصبر والهدوء معا. وقد قُلّل من شأن ذلك التصريح، واعتبر أنه لا يمثل تحولا،ً بقدر ماهو ضرورة براغماتية تخدم القضية السورية.

تحولات وتقلبات
حافظت أنقرة على مسار تصاعدي واضح التحول، خلال الفترة الماضية، يعتمد على ابراز أولوية مصالحها القومية، في ظل أوضاع مضطربة، خاصة وقد بدت، وكأنها تستجيب لضغوطات شتى، تلمّست مفاعيلها في محاولة انقلاب تموز الماضي. لكن تركيا لم تُخف يوماً هذه الأولوية، وإن لم تكن تُظهرها إلى العلن بصورة مباشرة، فخطابها السياسي، كان وما يزال يحمل بعدين: أحدهما موجه للتأثير في مجرى الأحداث على الأرض، بالتماس مع حدودها الجنوبية، بما يشبع رغائبها بلعب دور إقليمي، كما يفترض لدولة تمتلك قدرات كبيرة لإنعاش أحلام تاريخية، ما فتئت تتنافس في ذلك مع قوى أخرى، مثل إيران بمشروعها الصفوي في المنطقة. وفي هذا الخطاب رسائل مهمة الى الداخل التركي، ونخبته السياسية.
أما البعد الثاني، فيتصل بالسعي الى انتزاع اعتراف دولي، بأهمية الدور التركي، وقدرته على القيام بمهام حاسمة في الصراعات والنزاعات القائمة. لكن أياً منها لم يؤد الى نتائج فعّالة. فالسياسة والموقف التركي، كان أقرب الى المرواغة، وانتهاز الظروف الملائمة، ناجماً عن حجم الضغوطات التي وجدت انقرة فيها نفسها، بدءاً بتوتر العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي أوباما، واعتراضها الدائم على المخططات التركية في الشمال السوري، وصولاً الى موقف إدارة ترامب، الأكثر حدّة في تحجيم الدور التركي، في المسالة السورية.
يمكن القول أن الموقف التركي حيال المسالة السورية، اتسم بخصيصتين، هما التحول والتقلب. وحين نتحدث عن ذلك، فهذا لا يعني انتقاصاً من قيمة موقع تركيا في دعم الثورة السورية، وهو الموقف المبدئي الذي لم يطله تغير حتى الآن في الملامح العامة. ولعل ذلك مرتبط بثلاثة محددات:
- العلاقات بين الدول الحليفة، فقد أدى تراجع، او انكماش دور الدول الداعمة للثورة السورية، الى بقاء تركيا، وحيدة في المواجهة، وذلك ناجم عن حجم المسؤوليات التي تفرضها تطورات النزاعات والصراعات التي أضحت تحفل بها المنطقة. التحول في المواقف والسياسات طال مجموعة اصدقاء سوريا، ومن ثم أدى ذلك مع سياسة أوباما، الى إضعاف كل من الدور السعودي والقطري، وبالتالي فإن تركيا ليس بمقدورها تحمّل أعباء اختلال التوازنات، على وقع متطلبات الداخل، وتقلبات الخارج.
- مواقف واشنطن من الدور التركي، حيث اصطدمت مخططات انقرة بشأن تأمين الشمال السوري، وإقامة منطقة عازلة، برفض أميركي مباشر وصريح. وعلى مدار عدّة سنوات، كانت ادارة أوباما تطالب تركيا بتعاون أوسع في مراقبة نشاط قوى المعارضة السورية، وخاصة المسلحة منها، والحدّ من تدفق " المقاتلين، والأسلحة " الى سوريا، وأن يكون دورها اساسياً عبر التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب. وقد عملت واشنطن على إضعاف متواتر للدور التركي، ومارست ضغوطاً على حلفائها، لمنع اتخاذ خطوات، أو القيام بأعمال دون الرجوع الى واشنطن / و موافقتها المسبقة، مثال ذلك عاصفة الشمال، والمنطقة العازلة، والمشاركة في " تحرير الرقة ". إضافة الى تجذر الخلاف بينهما حول استخدام ميليشيا صالح مسلم، كأداة برية ضاربة في الشمال السوري.
- ومع اسقاط الطائرة الروسية، تكّشف الموقف الأطلسي، ليترك تركيا عارية أمام التحديات، وهو ما أجبرها على توثيق العلاقات مع موسكو، وكذلك إيران، وهي خطوات أخذت بالتسارع، مع ازدياد حجم الضغوطات، وبقاء تركيا بلداً شبه معزول عن محيطه الإقليمي، والدولي. خاصة في ظل تطور الخلافات مع دول اوربية، بشأن السياسات الداخلية التركية.
وفّرت الظروف الداخلية والإقليمية، مناخات ملائمة، لتصل التحولات والتغيرات التركية الى نقطة مفصلية في اتخاذ قرار ينهي عملية " درع الفرات " وكأن انقرة تنحني للعاصفة.. كي تمرّ بسلام !

التوقف والإنجاز
هل هناك – إذن – إعادة رسم للدور التركي ؟ هذا السؤال يطرح نفسه، مع إدراكنا العميق، بأن خيبة الحكومة التركية، من الاستمرار في المضي بمخططاتها، في ظل رفض أميركي، وعجز تركي عن فرض أمر واقع، حاولت القيام به عبر " درع الفرات " لكنها لم تنجح. في اعتقادي، أن عدم الاستجابة لطلب تركيا بأن تشارك كقوة رئيسة في تحرير الرقة، هو الدافع الجوهري، لإعلان مجلس الأمن التركي عن وقف عملياتها العسكرية المساندة للجيش الحرّ. وهذا يمثل رداً مباشراً على دعم الولايات المتحدة لـ " تمدد قسد " التي قطعت طريق التوجه شرقا نحو منبج ومن ثم الرقة، وأفسحت الطريق أمام نظام الأسد، كي يتقدم بدعم روسي.
لم تنتهي أغراض " درع الفرات " فخطر داعش ماثلُ، وإقامة كيانات كردية ما تزال محاذيره قائمة، وإن كانت تركيا قد أمّنت حدودها غرب الفرات، فإن ميليشيا صالح مسلم تسيطر على المنطقة الممتدة من اليعربية حتى عين العرب، وهي تجاور المناطق التركية الأكثر حساسية، باعتبارها مناطق ذات أغلبية كردية. إذن، ليس ثمة ما يدرء مخاطر دور حزب العمال الكردستاني ( في نسخته السورية ) حال تدهور العلاقة بين الكورد وانقرة.
على الوجه الآخر، فإن محدودية المنطقة الجغرافية التي أمنتها " درع الفرات " لا تشكل نموذجاً لخلق منطقة استقرار آمنة، بالقدر الذي سيجعل منها خزاناً بشرياً، تقام فيه مزيداً من مخيمات المهجرين، مع محدودية الموارد، واحتمال تنامي عمليات النزوح والتهجير من مناطق الفرات الأوسط، مدينة الرقة وريفها، الذي يشهد مرحلة جديدة من عمليات " غضب الفرات " لمحاربة داعش. وحيث تتسبب كل من المجازر بحق المدنيين، و فيضان أقنية الفرات ( قناة البليخ مثالاً ) بموجات نزوح تدريجي للأهالي.

مؤشرات
تطورات الموقف التركي، تؤشر الى انكفاء دور أنقرة في المسالة السورية، وقد يبقى إطاره السياسي، في المرحلة المقبلة، دوراً هامشيا وظيفياً، بحكم علاقتها مع الفصائل السورية المسلحة، وقوى المعارضة السورية، التي تستضيفها فوق أراضيها، إضافة لما ينوف عن مليوني لاجئ – مهجر سوري. ورأس مال ورجال أعمال وأيدٍ ماهرة، لم تستطع ان تكوّن قوة ذات تأثير في القرار التركي المتعلق بمصائرها، حتى اليوم.
المهم في المسألة، أن الثورة السورية، باتت أكثر انكشافاً، ولم يعد ثمة من يقدم لها قوة الدعم السياسي والمعنوي الذي تحتاجه، خاصة في ظل تغوّل الموقفين الروسي والأميركي، اللذان يريدان التسلط والسيطرة على كل شئ خدمة لمصالحهما التي تتعارض ومصالح الثورة السورية بالتأكيد. وفي غياب الدور التركي الفاعل، سوف تزداد المعارضة السورية ضعفاً، هشاشة وضياعاً، وتزداد الحالة السورية ألاماً ومآسٍ، ما لم يحدث شئ ما، يغير واقع الحال.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيتو مزدوج و رسائل قاتلة
- مؤتمر جنيف والحرب على داعش
- الترامبوية : عنصرية صادمة و سياسات مقلقة
- مؤتمر أستانا و تعويم الأسدية
- إشكالية التنظيم السياسي للمعارضة السورية
- جرائم الحرب وحماية المدنيين
- درع الفرات: من الموصل الى الرقة
- المجتمع الدولي وشرعنة الاحتلال الروسي لسوريا
- حلب: الاغتيال المُباح
- أكثر من 300ألف معتقل و مختطف في سوريا
- الدم السوري و التفاوض الدولي
- تركيا: ليلة أميركية رعناء
- استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في سوريا
- الفيدرالية ومآلات الصراع في شمال سورية
- حربٌ على حلب !
- الرقة : سباق محموم نحو القتل والتهجيروالتدمير
- التغاضي الدولي عن جرائم الحرب : عار العالم .. مفخرة الأسد
- يوميات في المعتقل ( 3-3 )
- يوميات في المعتقل ( 2-3 )
- يوميات في المعتقل ( 1-3 )


المزيد.....




- إعلام إيراني: إسرائيل تهاجم مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الر ...
- زيلينسكي يعول على حزمة أسلحة أمريكية موعودة لأوكرانيا
- مصر تحذر من استمرار التصعيد الإسرائيلي الإيراني على أمن المن ...
- لحظة استهداف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (فيديوها ...
- لقطات من داخل مستشفى الفارابي بمدينة كرمنشاه غربي إيران عقب ...
- ترامب: الأمر مؤلم لكلا الطرفين.. إيران لن تنتصر بالحرب على ا ...
- هل مقعد 11a هو الأكثر أماناً على الطائرات؟
- نتنياهو: إسرائيل على طريق النصر وعلى سكان طهران إخلاء المدين ...
- -سي إن إن-: ترامب يتجنب المواجهة مع إيران لكن الجمهوريين يحث ...
- قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى هيئة الإذاعة والتلفزي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - منطقة الفرات وتحولات السياسة التركية