أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - حلب: الاغتيال المُباح














المزيد.....

حلب: الاغتيال المُباح


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 03:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كشفت الثورة السورية، عبر سنوات الدم والحرائق والموات والصبر، بؤس هذا العالم المتمدن، وأضاءت على هشاشة القيم التي ما فتئ يتشدق بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وينتصر لحقوق الحيوان، ويخوض معارك كبيرة سياسية وقانونية من اجل حماية البيئة، وهو على استعداد لإحراق العالم برمته، إن اصيبت منظمومته بأذى. لكنه لم ينتصر لأية قضية عادلة في العالم، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص. لم يقف الى جانب الشعوب، بل كان على الدوام نصيراً للمستبدين ومعينهم على وأد الديمقراطيات الناشئة في المنطقة. جردة حساب لعلاقات الغرب مع قادة ديكتاتوريين في المنطقة العربية لثلاثين عاماً الأخيرة: الأسد والقذافي ، وصدام ومبارك ، بن علي وصالح، تعطي أدلة كافية حول انحياز الغرب ضد القيم التي ينادي بها. المثال الأكثر أهمية اليوم : علاقة المجتمع الدوليي بالديكتاتورية الأسدية المتناسلة منذ نصف قرن في سوريا.
هذا العالم الذي يدّعي حرصه وجهدهم، اجل السلام العالمي، وقف الحروب وانهاء النزاعات المسلحة والاحتلالات. هو في الحقيقة من يشعل الحرائق أنّا شاء، وحين يعمل على إخماد إحداها، فإنه يبقى على الجمرة متقدة في العمق الدفين، ينفخ فيها بلا توقف كي يبقي على الضغائن في أقصى درجات الجاهزية للانقضاض. و هذا العالم ليس صحيحاً أنه عاجز امام القوى الدولية المتحكمة فيه اليوم، بل إن تبادل المصالح هو ما يشكل نسيج العلائق القائمة بين تلك القوى والأطراف، وهو ليس عالم أصم أعمى ، كما نردد دائما بأن المجازر تبيد السوريين بانتظام، تحت سمع وبصر العالم. هم شركاء بكل الصور والتي يمكننا التحدث فيها وعبر وسائل مختلفة.
ليس كلاما إنشائياً، فما يحدث في حلب منذ عام ونيّف، وقد بلغ ذروة الجحيم، بعد انتهاء الهدنة، دون ان يتمكن المجتمع الدولي من إدانة هذا القتل اليومي. لأنه يريد أن يستمر النزيف الدموي والخراب، ونزيف السوريين خارج بلدهم، كي لاتبقى قوة اجتماعية وسياسية واقتصادية في بلد اسمه سوريا، خرج من كل المحن عبر التاريخ، وكان رقما صعباً في كل الموازين وفي مواجهة كل الاحتلالات.
إبادة السوريين عبر حالة اغتيال مستمرة منذ خمسة اعوام ونصف، لم تثر حميّة المجتمع الدولي الذي يشير الى الشرعة الدولية لحقوق الانسان، وحقوق الشعوب، بأنها منجز حضاري للمستقبل، في كل اختبار حقيقي على الأرض، تتضح الصورة اكثر: لا أهمية للدم المسفوح، إن لم يكن دمهم! هكذا يقيس الغرب القضايا والمشكلات الدولية والإقليمية بمقاييس متعددة، ويكيل مواقفه بعشرة وجوه.
الصمت المطبق الذي خيم على جلسة مجلس الأمن قبل أيام، حين كان الجعفري يعلن إمعان النظام الأسدي في ارتكاب المجازر، كان يكذب في كل شئ، وكل ما تحدث به يعدّ تبريرا وشرعنة وتحريضا على القتل في سوريا. الجعفري لم يكن وحده يغتال الحلم السوري، لكن الدول الاعضاء التي تعرف حقيقة الكلام الذي يقوله بأنه كذب، وأنه تبرير للجرائم، ومع ذلك كانوا ينصتون إليه، دون ان يواجهه احد بحقيقة ما يفعله النظام وروسيا وإيران في سوريا. تصريح مندوبة الولايات المتحدة، بأن ماتفعله روسيا والنظام في حلب يرقى لجرائم حرب، هو كلام للإعلام، لا قيمة له، ونص التعبير لا يرقى الى التجريم الفعلي، ولا يقود الى مسائلة دولية، لا نريد القول " المحاكمة " فالعالم بلا عدالة.
أباح العالم لثالوث الخراب: اسد وبوتين وخامنئي، أن يرتكب من جرائم الإبادة المنظمة بحق السوريين بمختلف وسائل الموت المحرمة دولياً، منذ كيمياوي غوطة دمشق وصولاً الى القنابل الفوسفورية والعنقودية والفراغية في إدلب وحلب، بلا نأمة او ادانة او اعتراض.
اغتيال الحلم السوري، مباح. لم يكن لثالوث الخراب ان يقوم بذلك، دون دعم صريح من المجتمع الدولي، بمن فيهم " أصدقاء سوريا " الذين كان السوريون يسمعون جعجعتهم ولا يرون طحيناً. لم تتخذ الدول الأعضاء إجراءات سياسية حاسمة منذ بدء استخدام النظام للسلاح ضمن الحل الأمني لمواجهة انتفاضة السوريين: كان سفراء الدول العظمى المؤيدة للثورة يملكون كل المعلومات والحقائق أكثر من السوريين انفسهم، ومع ذلك لم تصدر عن حكومات بلادهم، حتى اليوم إجراءات توقف القتل والتدمير، وتطيح بالأسدية الطاغية الفاشية.

اغتيال الكاتب الاردني ناهض حتر، قبل أيام، ترافق مع مجزرة ارتكبها ثالوث الخراب، في حلب وراح ضحيتها قرابة 100 شهيد، وتدمير المشافي، لم تحرك ضمير أحد في هذا العالم بما فيه مجلس الأمن الذي كان ينصت لمجرم صفيق هو الجعفري. انشغل الجميع بحادث الاغتيال، وأقيمت الدنيا من أجله ولم تقعد بعد. أما اغتيال المئة في سوريا، ومن قبل، مئات الألاف فقد كان ويظل حدثاً غير ملفت للاهتمام، حدثاً مشروعاً بانتظار المزيد. مثله في ذلك الاستهداف اليومي للمدنيين وتجمعاتهم السكنية والصحية، وتنفيذ اغتيالات على مدار الوقت، بما في ذلك اغتيال المعتقلين تحت التعذيب، العالم الذي اتكأ السوريين في حلمهم إلى دعم سياسي لانتفاضتهم في البدء، ايماناً منهم بأن قيم الحرية والعدالة ستبقى حيّة، وانها ستنتصر لثورة يستعيد فيها السوريون حريتهم وكرامتهم. لكن هذا العالم كان يعمل بدأبٍ على دعم نظام الأسد، وبالمقابل يُضعف الثورة السورية، بغطاء من الوهم..تتكشف أستاره عن آخرها اليوم.
الإمعان في اغتيال السوريين، وفي خنق أحلامهم وآمالهم، بالفوسفور والعنقودي، وفي فتح أبواب المجتمع الدولي ومؤسساته امام ممثلي نظام الجريمة الأسدية المنظمة، سيشد من عضد السوريين رغم اشتداد المحن والآلام، ولسوف تنهض من رمادها وأوجاعها ومصائبها، وسوف تحتفي بحلب أميرة للمدائن..التي لاتموت ولا تختنق!



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكثر من 300ألف معتقل و مختطف في سوريا
- الدم السوري و التفاوض الدولي
- تركيا: ليلة أميركية رعناء
- استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في سوريا
- الفيدرالية ومآلات الصراع في شمال سورية
- حربٌ على حلب !
- الرقة : سباق محموم نحو القتل والتهجيروالتدمير
- التغاضي الدولي عن جرائم الحرب : عار العالم .. مفخرة الأسد
- يوميات في المعتقل ( 3-3 )
- يوميات في المعتقل ( 2-3 )
- يوميات في المعتقل ( 1-3 )
- الاختفاء القسري في سوريا
- مهرجان السينما السورية الأول في تورنتو
- اغتيال الكلمة : داعش ترهب الكتاب والإعلاميين
- تل أبيض.. بين سيوف داعش ومناجل الكوردستاني
- هرير الذئاب وخِسّة السجان
- أسئلة الألم وصور الخراب في روايات عبدالله مكسور
- محاربة داعش والمنطقة العازلة مجدداً
- العشق والتهجير والحرب في رواية - بيمان - درب الليمون -
- سيرة الإعتقال في رواية سراب بري


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرحمن مطر - حلب: الاغتيال المُباح