أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبدالرحمن مطر - الرقة: سجال حول المجالس المحلية وحرية الصحافة















المزيد.....

الرقة: سجال حول المجالس المحلية وحرية الصحافة


عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)


الحوار المتمدن-العدد: 5505 - 2017 / 4 / 28 - 18:08
المحور: المجتمع المدني
    





دون أدنى شك، لم تمر على الرقة، حالٌ أشدّ مماهي عليه اليوم. ولستُ أرى في الأُمنيات والآمال سوى ترحيلٌ للحظة استحقاق، لمواجهة التحديات التي تتراكم، وتكبر، حتى بات كل شئ، خارجاً عن إراداتنا، بل أقرب الى انعدام الجدوى، كما يُخيّل إلينا، من وطأة الخيبات والفوضى العارمة. قد أكون مُغالياً في هذا التصور، لكن حجتي فيه، هو العجز الكبير الذي وصلنا إليه في مسألة إنتاج إطار مشترك للعمل المدني، على الرغم من أهمية وفرادة التجارب التي نشأت إبان السنتين الأوليتين للثورة، وإدارة المناطق المحررة، وصولاً الى تسلط أحرار الشام والنصرة على العمل المدني وإجهاضه، ومن ثم احتلال داعش للرقة.
بعيداً عن التنميق، يكمن السبب الرئيس فيما يجري اليوم، هو غيابنا عن القيام بواجباتنا تجاه الرقة، هو غياب قسري بلا شك، تتعدد مسبباته. لكن ما نقترفه حتى اليوم، هو ما لا يمكن إيجاد أعذار له بأي حال. كان يمكن لتجارب الإدارة المدنية المتقدمة التي أُنجزت في الرقة، أن تخضع للتطوير، ومن ثم انتاج منظوماتنا المدنية التي تعبر عن احتاجاتنا، وينطلق عملنا من خلالها.
لكن الطفرة في الكمّ جاءت على حساب النوعية. محافظة بحجم الرقة نشأت فيها العشرات من مؤسسات المجتمع المدني، لكنها في النتيجة لم تعبر عن مستوعي الوعي الجمعي في تمثل قيم جماعية العمل، وتقديم العمل العام على المنافع الخاصة، والترفع عن محرضات الأنانية التي تقود بطبيعة الحال الى الإقصاء، والى التنافس المميت. احترابنا هو من أوصلنا الى هذه اللحظة المريرة، على اهمية الكشف عن السرائر والغايات، الذي فرضته سياقات الثورة السورية، والتغيرات التي أحدثتها، فخلّفت ندوباً عميقة في العلاقات مابين الناس، ناس الرقة وأهلها وفراتها.
إن كان الاختلاف قيمة مهمة، تدلل على الوعي، فإنه من المثالب، ألاّ يقدر أهل المعرفة، على توظيف وعيهم، في إدارة الاختلاف، لصالح المجتمع، أو الخروج من الأزمات بأقل التأثيرات السلبية. لم يهتم أحدنا بذلك، بل عمدنا الى المضيّ قدماً في إهمال كل شئ، الإقلال من شأن بعضنا، أن نرى فيه " آخر "، وأن نذهب في اتجاه المماحكات وابتداع الأذية والنيل من بعضنا، أنّا وجدنا إلى ذلك سبيلا، وأن لا نتقبل أية ملاحظة على عملنا العام، سواء أكانت جوهرية أم شكلية، دون أن نتفهم دوافع تلك الملاحظات، فينقلب المنتقد من صديق عمر، الى عدو لدود. ثمة الكثير من الأمثلة، العشرات منها، والتي قادت بشكل أو بآخر لأن تكون واحدة من أسباب هذا الحال البالغ السوء. كل منا يريد أن يعمل ما يراه المناسب والأفضل، وأن ينفرد بجهده، وأن يمسح جهد الآخر، ووجوده.
لو كنا مؤتلفين على عمل جماعي من أجل الرقة، لكنا قد أنجزنا الكثير. لكن الأخطاء بَنَتْ هياكل لها، وكلمّا تحدث أحد عن ذلك، ووجِه بالتبويخ والتهديد.. والتخوين. يذكرنا ذلك ببدايات الحديث (2012) عن أخطاء في مسار الثورة السورية، فانبرى مئات النشطاء السوريين، يعتبرون ذلك طعناً في الثورة، وخدمة تقدم مجانياً لنظام طاغية دمشق.. فأين وصلنا اليوم ؟
التجارب المدنية في الرقة كانت تستحق – ولا تزال – أن تُدْرَس، وأن تخضع للتقييم من حيث الأداء والنتائج. لكن هذا الموضوع – على أهميته وضرورته المستدامة – ثمة من لا يريد، أو لا يقبل بأن تُفتح ملفاته، ربما عن عدم دراية، فكيف إذن يمكننا فتح ملف العسكرة، والإغاثة – على سبيل المثال – في المستقبل. كيف يمكن تفعيل مبدأ العدالة والمحاسبة، إن كنا لانقبل بالحوار والمناقشة القائمين على مبدأ النقد ؟
في الثورة، هناك اللصوص والانتهازيين والقتلة، وهناك من يمتهن امتطاء الأمواج، تغيير الولاء، والتنقل بين تنظيم وفصيل من وجهة إلى أخرى، مثلما هناك المؤمنون الأنقياء العاملون عليها بدأب وصبر، ولدينا العشرات من أبناء الرقة، رسل العمل المدني المغيبين ( معتقلين ومختطفين وشهداء ) الذين يدفعون حريتهم، وحياتهم من أجل الثورة وقيمها وغاياتها. أولا يشكل هذا دافعاً لنا كي نعمل معاً، ننسق جهودنا، ولا أقول لوحدها، وأن يوقف كلٌ منا الغناء على " ليلاه ".
لقد رأى بعضنا في حرية الرأي، بريّة لا أفق لها، فيشتم ويدين ويتهم، ويبرع في ارتكاب جرائم التهديد والتشهير، والنيل من كل شخص يختلف معه في شأن عام.
الحقيقة، كنتُ أنأى بنفسي عن التدخل في مثل هذه القصص، لكنها ازدادت واتسعت لتشكل ظاهرة اجتماعية، يبدو وكأن نشطاء الرقة يختصون بها كسمة باتت ترافقهم، بكل أسف. أرى الى أصدقائنا في المناطق والمحافظات الأخرى، وعلى حجم التباينات والاختلافات السياسية والتنظيمية، وتعارض انتماءاتهم، فإن خلافاتهم قلّما تخرج من إطارها الضيق، ويعملون لحلها، ورأب الصدع، ويتركون كل شئ خلفهم ولو إلى حين، للعمل معاً من أجل صالح مدينتهم او قريتهم.
جرت في الرقة – ولا تزال تجري – محاولات كثيرة للتجمع والعمل المشترك، غير أنها تحظى بعثرات يدفع بها ابناء جلدتنا. حتى اصبح الآخرون يتولون مسائل الرقة، دون أن تكون لهم دراية بخريطتها الاجتماعية والسياسية، في الوقت الذي ينأى معظمنا عن القيام بواجباته، بما فيهم أعضاء الائتلاف الذين كان ولا يزال دورهم بالغ السلبية والضرر. وساهمت تدخلاتهم بشق الصفوف، وارباك التجمعات وإفشال العمل المدني.
تابعت منذ فترة قضية المجالس المحلية وردود الأفعال عليها، ومع أنني أثق في كثير من الأصدقاء الذين تصدوا لهذه المهام، فإنه ليس من حق أحد منع الصحافة من طرح الموضوعات وفتح أبواب النقاش العام أمام اي قضية تراها ملائمة. ولا تستوجب أن تُتهم الصحافة بأنها صفراء، في الوقت الذي يعتبر فيه تغييب قضايانا عن الصحافة والإعلام واحدة من إشكاليات عدم فهمنا من الآخرين: في سوريا وفي العالم. نحن بحاجة الى الصحافة كي يصل صوتنا واضحا ونقياً. يضاف إلى ذلك، احترام الحقوق والحريات بصورة كاملة، في مقدمها حرية التعبير، وهي واحدة من اسباب انطلاقة انتفاضة السوريين وثورتهم.
أثارت قضية تشكيل مجلس الرقة المحلي من قبل قسد، إشكالية كبيرة، أتيح المجال مرة اخرى لتوليد إشكالية جديدة، بسبب المواقف المتباينة، ليس الموقف من المجلس فالجميع كان رافضاً له، لصورة تشكيله، وتبعيته. ولكن تعلق الأمر باحتمال تدخل بعض الشخصيات في تشكيل المجلس من وراء الكواليس.
بالنسبة لي، ليس مثلباً المشاركة في تشكيل المجلس، فالعمل السياسي، مشرعة كل أبوابه ونوافذه، وحده العامل الأخلاقي المتصل بالالتزام بقيم الثورة السورية، ومصالح مجتمع الثورة هي الناظم للعمل السياسي. المشكلة تكمن فيما إذا كان هذا التدخل يصبّ في صالح الاستمرار في مصادرة قرار أهل الرقة، واستبعادهم من إدارة شؤونهم وفقاً ما تقتضيه أولويات العمل وأساسياته.
رفضنا لمجلس قسد مهم، ولكن أليس من مصلحة اهلنا وبلدنا، أن نوجد وسيلة للنقاش حول المجلس مع رفضنا لأسس تشكيله، وان نعمل على خلق طرائق للتعامل معه بهدف احتوائه، ودفع مساراته، باتجاه مصالحنا، وتمكينه من اتخاذ قرارت ايجابية، بعيداً عن هيمنة قسد وميليشيا صالح مسلم ومؤسساته الإرهابية ؟
نعم تشكيل المجلس جاء بناء على تعليمات اميركية، هذا طبيعي، ولكنه أيضاً استجابة لمتطلبات الواقع. خاصة بعد التخبط الذي احدثته تدخلات وقرارات حكومة " حطب " فيما يتصل بمجلس محافظة الرقة، المتمثل بالغاء المجلس، وهو الخطأ الجسيم الذي تحاسب عليه حكومة حطب، وكان يمكن لهذا المجلس ان يتولى الإدارة المدنية، ويمتلك تجربة مهمة في هذا السياق. ومن المهم أن نطرح التساؤل الكبير، ماذا عسانا نفعل، ما العمل لمواجهة هذه التحديات، كيف ندير أزمة التعامل مع مجلس قسد، وكيف يمكننا إنقاذ ما تبقى؟
أنا لن أتحدث عن أشخاص، وليس من عادتي تخوين أحد. كلنا قد يُخطئ وقد يصيب، ومن لا يعمل لا يُخطئ، لكن التلاعب في مصائر البلاد والعباد لا يمكن ان يمرّ هكذا، لم يعد أي طرف إقليمي أو دولي يحرص على إخفاء المعلومات حول كيفية تشكيل المجموعات ودعمها، وأشخاصها، وغير ذلك، وسيأتي الوقت الذي يقف فيه كل واحد منا أمام حقيقة أعماله وجهاً لوجه.
غير ان هذا الإنقسام والتشرذم، قد ساهم بشكل كبير في ضياع الرقة، وفي تسلط الآخرين علينا وعلى أدوارٍ كان يجب ان نتولاها نحن، أبناء الرقة، لاغيرهم. وأقصد المخلصين، لا شُذاذ الآفاق.
وأعتقد أنه - امام هذا المشهد المؤسف والمخجل – يجب أن نبادر جميعاً إلى وقف تبادل الاتهام والتحذيرات والشتائم ونشر ذلك على حائط الفيسبوك، وفي الشوارع. علينا أن نحتكم الى الوعي والمعرفة، أن نلجأ إلى تفعيل قنوات الحوار، وأن نجري المناقشات فيما بيننا بمسؤولية كبيرة. وثمة الكثير من الحكماء أبناء الرقة القادرين على جمع الجميع، فيما لو توقف الاصطياد المجاني في المياه العكرة.
أخيراً، أؤكد وقوفي مع حرية الصحافة، ومع حق الجميع في التعبير والرأي بحرية مطلقة، والتمسك بتلك الحقوق لجميع الأطراف، وحمايتها، وتمكين الجميع من ممارستها بكل إيجابية، بما يقود – مرة أخرى أقول - إلى تغليب مصالح العمل على الأنانية التي تقتل كل شئ، وتدمّر ذواتنا من الداخل قبل كل شئ.



#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)       Abdulrahman_Matar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطقة الفرات وتحولات السياسة التركية
- فيتو مزدوج و رسائل قاتلة
- مؤتمر جنيف والحرب على داعش
- الترامبوية : عنصرية صادمة و سياسات مقلقة
- مؤتمر أستانا و تعويم الأسدية
- إشكالية التنظيم السياسي للمعارضة السورية
- جرائم الحرب وحماية المدنيين
- درع الفرات: من الموصل الى الرقة
- المجتمع الدولي وشرعنة الاحتلال الروسي لسوريا
- حلب: الاغتيال المُباح
- أكثر من 300ألف معتقل و مختطف في سوريا
- الدم السوري و التفاوض الدولي
- تركيا: ليلة أميركية رعناء
- استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في سوريا
- الفيدرالية ومآلات الصراع في شمال سورية
- حربٌ على حلب !
- الرقة : سباق محموم نحو القتل والتهجيروالتدمير
- التغاضي الدولي عن جرائم الحرب : عار العالم .. مفخرة الأسد
- يوميات في المعتقل ( 3-3 )
- يوميات في المعتقل ( 2-3 )


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبدالرحمن مطر - الرقة: سجال حول المجالس المحلية وحرية الصحافة