|
|
صدى حديث النّساء
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6089 - 2018 / 12 / 20 - 06:26
المحور:
الادب والفن
كل الأشياء التي تعلمناها سواء في المدرسة، أو المنزل قد يكون عكسها هو الصحيح .عكسها صحيح . صحيح. يذهب صدى الكلمة إلى التّاريخ. تاريخنا كأشخاص، أو كبيئات، أو مدن. يشير صوت قادم من مصدر مجهول في تاريخنا إلى المظاهر. نصفعه، نوقف نداءه، ونعود لما تعودنا عليه: الفقر، والدروشة، وفي بعض الأحيان نخلطه بشيء من الجنون. أعيش أحلامي عكس أيّامي، أحلم بالذهب والحرير. نعم هما يمنحاني السّعادة. لو لبست الحرير و المعادن الثمينة و الكعب العالي ، وقدمت نفسي كأميرة العصر لعاملتموني كما أقدم نفسي. أعرف تلك الحقيقة، وقد سعيت طوال عمري كي أكون أنا فلم أكن إلا أنتم. تغريني تلك المظاهر، وأنتم لا تهتمون إلا بالمضمون العميق، وليس في العمق سوى المصران الغليظ. في تاريخي الأنثوي حالات جميلة لم يستطع أفرادها الاستمرار في التألّق كنساء. لماذا؟ لأنّ الرجل فقط هو من يحتاج لمظهر جيد. فعليه أن يذهب إلى الحلاّق كلّ فترة على سبيل المثال ، ويحفّ وجهه، بينما تلك الجميلة التي حكم عليها بمعاشرته تنزع عنها بالتدريج الحرير والذهب لتصبح امرأة مكافحة بعد أن يتصرف بمظاهرها التي تحبّها، ويصنع هو مظهره الجديد فيبدو كالمسيح، ولو كشفت ثوبه لرأيت ذيله الذي أخفاه. أما هي فتربي شاربيها وحاجبيها احتجاجاً على الحياة. لا أحد سوف يشعر بك. لقد بذل عمراً ليذلك. انتقمي لنفسك وعودي أنت. أنت أيتها الجميلة عودي إلى مظاهرك ، فها هو الفارس يبحث عن أخرى. -ماذا تقولين؟ وحبي؟ -سمعته يحدّثك ، وأنت تبكين كعبد ذليل. كان الأحرى بك أن تقولي له مع السّلامة منذ أن باع خاتم زواجك ليأكل بثمنه خبزاً ساخناً بعيداً عنك. -والأولاد لمن أتركهم؟ -الأولاد لك، فالرجل العاشق يلوم أولاده لأنهم لا يباركون عشقه، ولو حاولوا مقاطعته لشهّر بهم كأبناء المجنونة التي كانت تبدو كخادمة بينما كانت في البداية عطرها يفوح. -سوف أقول لك سراً أيها الصدى. في اليوم الأول الذي تخليت فيه عن جواهري فقدت قيمتي أمامه. لا تصدّقوا الصدى، فالحديث من التاريخ، ولا يزال الوقت في صالح الجميلة لتبدأ من جديد. العشق يحتاج إلى جسد مغناج، وأيد ناعمة ، ورجل يحمل المسؤولية. -بدأت من جديد. أشعر أنّني أنا. هل يمكن أن ترافقيني إلى محلات كريستال سوارسكي . لقد بات الذهب من الماضي، وماركة سوارسكي مسبوكة من عدة معادن ثمينة بما فيها الذهب. سوف يكون طوقي سوارسكي، وحذائي ماركة مشهورة. عندما أذهب إلى حفلة ، ويسحبني أحدهم إلى المسرح. أبرم برمة واحدة وأنزل وأنا أبتسم إلى مكاني، وسوف ترين كم من الشّباب يلاحقني ويصفني بالجميلة. لم يعد الشّاب ينظر إلى جمال الوجه بل إلى ماركة الحذاء. هذا الصدى يعذبني. المرأة فيه لا زالت شابة . اعتقدت يوماً أنها تزوجت مسيحاً ، وعندما رأت ذيله وهو يغادر قررت العودة إلى نفسها، وأصبح هاجسها أن تعيش الحياة كما تحب هي. صوت أم أيمن قادم كصدى من بين القبور. تقول: لا تصدقوا أن الشباب هو شباب الرّوح. العالم ينظر إلى المسن نظرة عنصرية. كلّ العالم. قبل وفاتي بيوم. كنت أود أن أزور المعبد القريب. خفت أن يطردني وكيل المعبد ، حاولت أن أقنع نفسي بزيارة بعض المقربين، ورأيت تجهم وجوههم. لم أشرب حتى الماء عندهم، وعندم غادرت لم يخرج أحد خلفي، بالعكس كانوا يقولون أن بي مس من الخرف أمامي. بينما أم أيسر التي احتفظت بدارها، ومال زوجها تتبارى زوجات أولادها على خدمتها. هو مجرد صدى لتاريخ النساء حيث يتوهمن، أو يقنعن أنفسهن أنّهن مختلفات كي يحصلن على فارس يقبل بهن كزوجات. الصدى يقول: لا تطاردي الرّجال من أجل الزواج ، ولا تتبني خطّهم الثوري. إن كنت ترغبين بالثورة فثوري على الذين جردوك من الجمال، وعلى من استعبدوك، ولو رجمت لن تشعري بالوجع لأنك دافعت عن حقك في الحياة أرغب في النوم، والصدى يلاحقني. ماذا أفعل؟ لا شيء. لا شيء على الإطلاق. سوف يسكت من تلقاء نفسه، وأعود إلى الدروس التي ثبت أن عكسها هو الصحيح، وأردد مقولة أنه لا قيمة للمظاهر. . .
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجهاديّة الإسلاميّة في السّويد
-
زنا
-
البحث عن الخلود
-
السياسة الخارجية السويدية ومحمد بن سلمان
-
حكايات
-
ترنيمة للصباح
-
إنسايت على سطح المرّيخ
-
لا للتّشدّق
-
عندما تخسر موقفاً تظهر سلبياتك
-
ولدنا كي نعيش
-
لاشيء غير السّياسة
-
جيناتنا الإيمانيّة
-
إلى طيرة
-
آه . لو تدرين!
-
الملف السّوري سوف يظهر إلى العلن يوماً
-
ليلة الكريستال
-
القوميّة، والطائفيّة
-
الوحدة، والعالم الرّقمي
-
نحن وهم
-
قضايانا
المزيد.....
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
-
المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون
...
/ د. محمود محمد حمزة
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية
/ د. أمل درويش
-
مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز.
...
/ السيد حافظ
-
إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
المرجان في سلة خوص كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
بيبي أمّ الجواريب الطويلة
/ استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
-
قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي
/ كارين بوي
-
ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا
/ د. خالد زغريت
-
الممالك السبع
/ محمد عبد المرضي منصور
المزيد.....
|