أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد كشكار - شاركتُ اليومَ في يوم الغضبْ، والغاضبُ غيرُ عاقلٍ ساعةَ الغضبْ، ولا عقلَ نَفَعَنَا، نحن العربْ، ولا غضبْ، ولا تسألوني عن السببْ، لأنني ببساطةٍ لا أعرف السببْ!














المزيد.....

شاركتُ اليومَ في يوم الغضبْ، والغاضبُ غيرُ عاقلٍ ساعةَ الغضبْ، ولا عقلَ نَفَعَنَا، نحن العربْ، ولا غضبْ، ولا تسألوني عن السببْ، لأنني ببساطةٍ لا أعرف السببْ!


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6088 - 2018 / 12 / 19 - 21:46
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


نزلتُ، وإلى القصبة الساعة 10:15 وصلتُ، سلكتُ نهج باب بنات حتى وزارتنا، أمشي وبعينَيْ صحفي أراقبُ زملائي الأساتذة "الغاضبين". كان التجمعُ كثيفًا مرصوصًا، يَعسُرُ على مثلي شقّه أو حتى التوغلَ داخله. تذكرتُ ما حدث لي منذ سنتين في نفس المكان في يوم الغضب ضد جلول الوزير السابق (ضد اليساري الانتهازي كانوا أكثر من ضد التجمعي الفاسد؟ ربما يفسره عدم مشاركة النهضوايين بكثافة اليوم)، حينها أحسستُ جسمي يسيرُ دون أن تلامسَ قدمايَ الأرضَ، كِدتُ آنذاك أختنقُ. احترمتُ سني وقفلتُ راجعًا. وأنا راجعٌ، لمحتُ زميلةً "غاضبةً" تسيرُ في الاتجاه المعاكس وتحمل في حضنِها ابنتَها، على غيرِ عادتي لم أمسكْ نفسي، خاطبتُها أبًا ناصحًا: "احذري يا مدامْ على الملاك من سطوة الزحامْ، لم تبلغ الصغيرةُ بعدُ عمر الغضبْ". شكرتني مبتسمةً وعيونُها تكادُ تنطقُ لا مبالاة.
كان المكانُ مغروسًا بوليس وبين البوليس والبوليس بوليس. قصدتُ المقهى العاليةَ المجاورةَ لقصرِ الحكومةِ، طلبت "اكسبراس وكِيكْ" وعلى الربوةِ، فعلاً وليس مجازًا، جلستُ، أخرجتُ ورقةً وقلمًا، وبدأت ألحّنُ، أقلقني نشازُ الفرقةِ النحاسيةِ العسكريةِ، فخَطَرَ ببالي ما قاله "انشتاين" في أمثالِهم: "نخاعٌ شوكيٌّ يكفيه لقضاء حاجتِه البشرية، لا يحتاجُ مخًّا".
- انتزعنِي من نصِّي حوارٌ داخليٌّ، هذا نصُّه:
- اعتزلتَ فلماذا نزلتَ؟
- لأناضلَ.
- أوَ تسمّي هذا نضالاً؟ وإذا كان هذا نضالٌ فقد سبق لي أن مارستُه طيلةَ ثلاثين عامًا، دونَ جدوَى.
- إذن أنتَ مناضلٌ!
- لا مناضلَ ولا عاقلَ ولا هم يحزنونْ.
- فلماذا نزلتَ إذن؟
- أنا عاطفيٌّ روحانيٌّ حتى النخاع، دفعني اللاشيءُ لأرصدَ اللاشيءَ وأكتبُ عنه اللاشيءَ من أجل اللاشيءِ.
- كفاك عبثًا أيها المجنون.
- ومَن تراهُ يحكمُ الدنيا بعبثٍ غير العبثِ؟
رجعتُ إلى نفسي وهممتُ بصَلبِ قلمي، وفجأة أمرتُ نصِّي: "قِف يا نَصُّ قِفْ، وجِفْ يا قلمُ جفْ"، مشهدٌ تجسّدَ أمامي، مشهدٌ لم أرَ مثلَه من قبلٍ، مشهدٌ أوريجينالْ: امرأةٌ فرشيشيةٌ، عرفتُها من أنتروبولوجيتِها الناطقةِ. توجهتْ إلى "الشاهد" وهزُّتْ "صالحي" حزينًا بصوتٍ متهدِّجٍ، رافعةً يديها نحو السماء، لسانُها نطق دعاءْ باسم المصطفى، وعيونُها انهمرت بكاءْ، من فرطِ ظلمِ أولِي الأمرِ الطرشانِ الخرسانِ البُلَهاءْ. رمقَها شرطيٌّ بلباسٍ مدنيِّ، أرادَ إخمادَ صرختِها، عَرَضَ عليها كأسَ ماءْ، أجلسَها على كرسيٍّ وقالَ لها: ما شكواكِ يا أمي؟ قالت: عندي بنيّة بطّالة، ونا طرّدوني مِالخدمة... مشيتْ نشكِي... ناسْ تُمرُڤْ اتخُشْ... تُمرُڤْ اتخُشْ... ونا خرّجوني وليدي... ملڤيتش لْمِّنْ نشكِي... هاني جيتْ في الكارْ مِالڤصرين نشكِي للشاهد... هِزني ليه وليدي يرحم امّيمتِك. "بَرْوَلَها" البوليس: أخذ اسمَها ولقبَها، ثم وعدَها بإبلاغِ شكواها مباشرةً للشاهد. صدّقته، دعتْ له بالخيرِ ورضاءِ الوالدَينِ، ثم نهضتْ مفزوعةً قائلةً: "تَوْ تفوتْني كارْ الڤصرين".
رجعتُ إلى قلمي، لم أجدْهُ، ذابَ، ورقتي هزَّتْها الريحُ مع "الصالحي" الحزينِ، نهضتُ كَيْ لَا يَفُوتَني قطارُ الأحوازِ الجنوبيةِ.

إمضاء مواطن العالَم
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتبَ عني صديقٌ وقال -د.محمد كشكار اليساري غير الماركسي-، فعل ...
- حَفْرٌ أركيولوجيٌّ خفيفٌ في نضاليةِ النقابةِ العامةِ للتعليم ...
- عشرةُ إجراءاتٍ، لا تقبلُ التأجيلَ، لا تنتظرُ، لا تتطلبُ إعدا ...
- حَفرٌ أركيولوجِيٌّ في نِضالِيةِ أستاذ ثانوي؟
- صديقٌ نهضاويٌّ، قال لي: أنتَ لستَ يساريًّا!
- تَعاليمٌ دينيةٌ نبيلةٌ، أعجبتني؟
- حضرتُ اليوم صباحًا مظاهرة الأساتذة بشارع بورقيبة بالعاصمة
- انظُرْ إلى أيّ مَدَى وصلَ الاستهتارُ بقِيمِ التضامن والودِّ ...
- جمنة تدقُّ أولَ مِسمارٍ في نعشِ العَلمانيةِ في تونسَ
- سَلعنةُ القِيمِ في الدولِ الغربيةِ: هل سَتقضِي على ما تَبَقّ ...
- فكرةٌ قد تضخُّ الماءَ في رُكَبِ العَلمانيينَ العربِ، لا أستث ...
- حضرتُ أمس أمسيةً ثقافيةً بحمام الشط
- سُكوتْ... أنا سَكْرانْ... والله العظيم أنا -شايَخْ- نَشْوانْ ...
- طالبتُ وما زلتُ أطالبُ بِمجانيةِ التنقلِ في جميعِ وسائلِ الن ...
- هل أنتَ مَعَ أو ضِدَّ حَثِّ الأطفالِ على المطالعة بمقابِلٍ م ...
- سَلْعَنَةُ الأخلاقِ والقِيمِ في المجتمع الأمريكي
- الجديدُ في عِلمِ الوراثةِ: هل تُحدّدُ الجينات مسبّقا صفات ال ...
- ظاهرةُ تعدّدِ الأربابِ البشريةِ!
- حضرتُ أمس جِلسةً حواريةً ثنائيةً حول كتابِ - المراقبة السائل ...
- كيفَ قسّمنا إرثَ أمي وإرثَ خالتي؟


المزيد.....




- حقيقة إيقاف منحة البطالة في الجزائر في هذه الحالات.. الوكالة ...
- موقع وكالة التشغيل ANEM أسهل خطوات تجديد منحة البطالة كل 6 أ ...
- السيسي يوجه مدبولي بدعم مخصصات صندوق طوارئ العمال وحوار لطيف ...
- Photos from May Day demonstrations
- صور من تظاهرات عيد العمال
- الين يتراجع بعد مكاسب حادة عزاها المتعاملون لتدخل السلطات
- “جددها قبل الإيقاف anem.dz“ تجديد منحة البطالة كل 6 أشهر وال ...
- الرابط الرسمي لتجديد منحة البطالة للمواطنين الجزائريين وخطوا ...
- عاجل | المالية العراقية تعلن توزيع رواتب المتقاعدين لشهر أيا ...
- “بزيادة تُقـــدر بـــ 750 ألف دينار عراقي mof.gov.iq“ وزارة ...


المزيد.....

- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد كشكار - شاركتُ اليومَ في يوم الغضبْ، والغاضبُ غيرُ عاقلٍ ساعةَ الغضبْ، ولا عقلَ نَفَعَنَا، نحن العربْ، ولا غضبْ، ولا تسألوني عن السببْ، لأنني ببساطةٍ لا أعرف السببْ!