أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - حينما تتحطم قوقعة الحلزون!!















المزيد.....

حينما تتحطم قوقعة الحلزون!!


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 6067 - 2018 / 11 / 28 - 19:36
المحور: الادب والفن
    


حلازين وقواقع ؟!
حينما تتحطم قوقعة الحلزون!!
🐌🐌🐌🐌🐌🐌
مضى على تواجده في أرض الاغتراب ما يزيد عن ثلاثين عام ، وكان قد لجأ إلى ديار (الفرنجة) بعد أن ضاقت به وعليه أرض العرب!، فر بجلده ومعتقده السياسي طلبًا للحرية والأمان والعيش الكريم، وكان غاضبًا أشد الغضب لأنه اضطر للخروج من دياره وديار أجداده!، كان يومها قد بلغ ذروة شبابه وناهز الثلاثين وهاهو اليوم في الستين من عمره!.. كان خلال كل هذه الثلاثين سنة يعتقد ويعقد العزم في نهاية كل عام على العودة لدياره!، لكنه من جهة كان يشعر بالخوف من أن يتعرض للأذى والاعتقال بسبب مقالات كتبها تنتقد النظام وصاحب النظام القائم في بلاده، ومن جهة كان كما لو أنه علق في شباك هذه الحياة المريحة والمنتظمة والسلسة في ديار الفرنجة!!، فقد تزوج إمرأة من هؤلاء القوم وأصبح له منها أولاد وبنات مرتبطون بنمط الحياة الحديثة في هذه الديار الكبيرة الموغلة في التمدن والحياة المادية التي تدور حول محور المال والوقت ومتعة نهاية الأسبوع، هنا في الغرب حيث موطن والدتهم وأخوالهم (الفرنجة)!.. كل عام يفكر بل ربما يقرر في لحظة شوق وحنين لديار العرب العودة للديار ولكن سرعان ما تتكاثر الهواجس على ذلك القرار الحالم كما لو أنها طيور جارحة تهاجم أرنبًا برياً فتنهشه بمخالبها ومناقيرها وتفتك به بلا رحمة!! .. وهكذا اخذت الأعوام تمر سريعًا، تارة يستغرق في حياته الجديدة وانشغاله بعياله وتارة يعتريه ذلك الشعور الكئيب الشبيه بتأنيب الضمير والندم!!.. الندم على اتخاذ قرار الهجرة واختيار حياة الاغتراب!.. يداهمه هذا الشعور في لحظة شكوك وضعف خصوصًا مع التقدم في العمر، أو في لحظة اشفاق وخوف على أولاده وبناته من بعده في دار الغربة، (كيف سيكون مصيرهم من بعدي هنا حينما أرحل!؟؟) يسأل نفسه في خوف وقلق!... يتمنى لو رجعت عقارب الساعة للوراء لعله يراجع قراره ذاك الذي اختاره في لحظة غضب ويأس واحباط!.. لكن عقارب الساعة لا تعود للوراء، يا ليتها تعود للوراء!.. يقول في حرقة من اعماقه! .. يحن لموطنه الاول ويهزه الشوق لرفاق الطفولة والتجول في السوق البلدية ورائحة الخضار والفواكه تعبق من كل مكان!.. يقول لنفسه دعني اطل على موطني من بعيد!.. يقف على أعلى قمم جبال الفرنجة ويشرأب برأسه عاليًا، ويمط رقبته ويمد عنقه نحو الأعلى حتى السحاب، ويطل بعينيه الى وطنه من بعيد! .. هناك في الضفة الأخرى من البحر، فيراه قد صار يبابًا وخرابًا وبقايا أطلال!!.. لم يعد الناس هم الناس ولا الأرض هي الأرض ولا الاحساس هو الاحساس، لم يعد الوطن الذي حمل صورته الطيبة في خياله ووجدانه منذ نعومة اظفاره!، لقد استحال ذاك الوطن الطيب التليد إلى ما يشبه الغابة المحترقة!، الحرائق والنيران تشتعل في كل مكان بينما خيط كثيف من الدخان الاسود يخيم فوق تلك الديار ويتلوي كثعبان مخيف!! ، فيدرك أن العودة باتت في حكم المستحيل!!، ليس في الإمكان!.. فيتذكر عندها فجأة قصة ذلك الحلزون المسكين!.. قصة ذلك الحلزون التي كانت مقررة عليهم في كناب المطالعة في الصف الابتدائي.. ذلك الحلزون الذي ملّ ذات مرة من قوقعته العاجية التي يحملها فوق ظهره أينما سار!!.. قوقعته التي يأوي اليها عند شعوره بالنعاس فتكون له فراشًا مريحًا، أو حينما يداهمه خطر فيحتمي بها وتكون له حصنًا حصينًا.. لكنه في لحظة غضب سأم منها وضاق ذرعا بها وشعر بأنها باتت حملًا ثقيلًا كثقل الجبال!، حملًا يُرهق كاهله ويشل حركته ويكتم أنفاسه، ((أوووف!! ماهذا القرف!؟؟)) يقول في تبرم وضيق!.. قرر أن يتخلص من هذه القوقعة القديمة البالية ويتركها خلفه وينطلق حرًا بلا قوقعة!!، فيتركها بالفعل على الفور وينطلق على عجل في لهفة وطموح نحو العالم الواسع الكبير والجديد ، هناك في الغابة الكثيفة يعيش مع الديدان العارية الحرة التي تسرح وتمرح بلا قواقع، ويسعد كثيرًا بتحرره من قوقعته الثقيلة المملة تلك ويفرح بحياته الحرة الجديدة في البرية!، وينطلق يسير ويلعب بكل حرية لكنه مع مرور الوقت اكتشف بأنه بات طريدًا للطيور المفترسة بلا حصن يحتمي فيه من هجمات مناقيرها ومخالبها !!.. اكتشف انه بات عند برد الشتاء بلا غطاء!!... فندم اشد الندم على مغادرة قوقعته الحصينة والدافئة والآمنة تلك.. وحن اليها والى جدرانها التي التصقت بها ذكريات طفولته!! ... فقرر الرجوع اليها ، الى قوقعته الحنون وحصنه الحصين وموطنه الأمين، رجع راكضًا في شوق وحنين حيث ترك قوقعته العتيقة الغالية ولكن وا أسفاه !!.. عثر على قوقعته مُلقاة على الارض هناك حيث تركها، وجدها هناك ولكنه لم يجدها كما تركها !!، كانت محطمة، مهشمة!! .. بقايا قوقعة!! .. قوقعة تحطمت بعد أن دهسها (فيل) عابر مر من هناك ذات مساء فسحقها بقدمه دون أن يشعر بها حتى !!.. توقف ذلك الحلزون المسكين هناك بين الانقاض وسط حطام قوقعته العتيقة وأخذ يبكي على اطلالها بكاء مريرًا، بكى كثيرًا متذكرًا ايام طفولته وصباه فيها! ... بكى طويلًا حتى جف ينبوع عبراته! ، فألقى نحو بقايا تلك القوقعة المهشمة نظرة أخيرة بغصة مريرة، نظرة الوداع الأخير، ثم قفل راجعًا من حيث أتي!!.. عاد الى عالم الاغتراب ليكمل بقية حياته كحلزون شريد غريب يعيش بدون قوقعة في العراء!!.... هناك وسط حشد من الحلازين التي انسلخت عن قواقعها وظلت تعيش في العراء بلا غطاء! ، بلا قواقع!!.... هكذا حال المهاجرين العرب المغتربين حينما يندمون على قرار الهجرة ويتمنون العودة لاوطانهم ولكن يكون الأوان قد فات، ولات حين مناص!، فقواقعهم قد تهشمت!!.. ومراكبهم قد تحطمت!!.. وديارهم قد احترقت! .. ولا يبقى لهم الا أن يغنوا مع ((غوار الطوشة)) الأغنية الأخيرة متجرعين كأس الندامة، اغنية ((ندمان يا عالم ندمان))!(*).
🐚🐚🐚🐚🐚🐚🐚🐚🐚
سليم نصر الرقعي 2018
(*) تجد أغنية ((ندمان يا عالم ندمان.. الله محيي شوارعك يا بلادنا يا معمورة) لغوار الطوشة في الرابط التالي: https://youtu.be/MEFWioprA4w



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو مصير (بن سلمان)؟ العزل أم إعادة التأهيل!؟
- الملكية الدستورية هي الحل! لماذا؟
- الحكم الاماراتي على الجاسوس البريطاني مؤشر لتغيير طريقة اللع ...
- ذكريات طريفة في اليوم العالمي للمرحاض!؟
- لغز ذهاب الخاشقجي وحده برجليه للمقصلة لا يزال يُحيرني!؟
- ما سر انقلاب المخابرات الامريكية على آل سعود!؟
- هل الاسلام ضد الرأسمالية من حيث المبدأ!؟
- هل فيتنام مازالت شيوعية بالفعل!؟
- هل الصين لازالت شيوعية أم باتت رأسمالية!؟
- عبد الناصر والخميني وخيبة أملي الكبيرة!؟
- إيران ودورها الأساسي في التقارب العربي الاسرائيلي!؟
- عندما يستعملك ارباب الاعلام لأغراضهم الخاصة!؟
- صراع معتقدات أم صراع اقتصادات!؟
- محاولة أخيرة لهدم عقيدة ونظرية المؤامرة!؟
- من وراء العمل الارهابي بتونس؟ ولماذا المنفذ امرأة؟
- هل نجم الديموقراطية أخذ في الافول في العالم!؟
- جريمة قتل الخاشقجي واللعبة السياسية القذرة(2)
- جريمة قتل الخاشقجي واللعبة السياسية القذرة(1)
- وفاة الحاكم العسكري العربي الذي تنحى عن الحكم!؟
- خواطر في يوم الخبز العالمي!؟


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - حينما تتحطم قوقعة الحلزون!!