أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديع الآلوسي - الميتافيزيقي














المزيد.....

الميتافيزيقي


بديع الآلوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6054 - 2018 / 11 / 15 - 22:27
المحور: الادب والفن
    


(1 )
قال الوحش المناط بمهمة غامضة ، تعال معي الى اللامكان ، كانت عيناه مخيفتان قلبي المسكين ظل يرتعد ، قلت : انا عبد الله ، ارجوك لا تخرجني من الزمان .اين تريد ان تولي بي ّ ؟ . لكن الوحش وبخني وهو يجرني ،وقال : الى متى تريد ان تتحمل هذه الحياة العقيمة . وأنا انظر الى السماء ، ضحكت كمن اضاع معنى الحقيقة
(2)
نظرا ً لأنك وحش رهيب ، تعرف أني عانيت ضيما ً اكثر من كل البِغال ، ولكي أذهب معك مطمئن البال ، قررت من الآن فصاعدا ً ، أن لا أنظر الى عينيك المرعبتين ، وان لا أتأمل سوى الى ورود الخزامى . لكن جدي قال لي : يا ولدي حياتنا اجازة قصيرة ، يهددنا الوحش باسلحة رهيبة . عقدت العزم ان اصغي إلى الوحش ولو لمرة واحدة ، قال لي : التمسك بحياة ليست كريمة كَمن يمارس الخطيئة والرذيلة ...
( 3 )
اذا قيل لي : انه يتربص بنا ، يصفر وجهي وترتعد فرائصي . هكذا ايها الوحش ، يامن ترهبنا عيناك الفوسفوريتان ، ندرك جيدا ً ان قبضتك لا تتركنا بسلام ، قلوبنا بلا مأوى أو منأى عنك يا ايها المتجبر . وحتى لو عقدنا العزم وهربنا الى الصحراء ، لم نجد هنالك من ملاك يواسينا ولا نجد الحمام . لكنا نَجدك تفاوض البدو عن رحلات الغمام ، أين نولي وجوهنا وانت تهددنا بمنكر ونكير .نحن عشاق الحياة ، ربما سنعيش تفاصيل الغرام . لكن ما هو معلوم لنا ان حياتنا رهيبة خطيرة ، خطيرة اكثر من انفجار قنبلة بغيضة ..
( 4 )
نعلم ايها الرهيب ان الحياة أخترعت لنا سرابا ً ، ليس منا من يتحدى مبارزتك ، لكنا قررنا ان نسخر من مهزلة سيزيف ، صممنا ان لا نبالي بالعاصفة ، ان لا نكترث لسهامك القاتله ، عزمنا ان نحب ونحيا ما دام ثمة وقت للضحك ، ما دام ثمة وقت كي نترك ولو آثارا ً مضطربة ، تعيد الى أذهاننا ان فكاهة الخلود وحدها المنتصرة ...
( 5)
انت ايها الوحش الغريب ، يا وحش الرب العجيب، إلى متى تلعب معنا لعبة التخفي ؟حين تظهر يختفي خي أبا عمران ، لا كما ظننت ، ظهرت ً فجأة ً ، فاختفى ابي ، وفي الخريف هبطت علينا فأختفت أمي ، ونظرا ً لأن ارواحنا مهددة بالحنين والنسيان ، ولأننا في تناقص منذ الولادة . حاولنا ان لا نفكر في فخاخك ، فقد صممنا ان نحيا دون ان نخشى او نأسى . لكنك تضحك مرددا ً: ان حياة البشر سراب يتلون بين بطر وضجر ...
( 6)
نظرا ً لان الحياة تعلمنا ان القبور مراتب ، نظرا ً لأننا لم نستسلم إلى صوتك المجلجل بالمخاطر ، فقد قررنا ان نتحسس مذاق الأمل الباذخ ، ونعمر الأرض بشغف ممزوج برائحة الغيم الماطر . وحين تصمت لغة المدافع ويعود الجندي المحارب، سنزرع حقولنا ذرة وذكريات وقمح وتفاؤل ، نظرا ً لأنك لا تفهم سوى القتل ايها القاتل الماهر . ونظرا ً لأنك تتسلى بصرخات الجنائز ، وما دمنا في هذا العبث المتكامل ، أو ما يصيب قلوبنا من وجع مباغت . فقد قررنا ان نقف صامدين ، بلهونا نقاوم تعب السنين ، نهزمك بقصائد تحكي استعارات متأملة ، نغيضك برسومات أليفة عن قرانا الساحرة ، وحين تتراقص النجوم في ليالينا المدلهمة سنعزف الحانا ًتبارك الشمس البهية الطاهرة ، صممنا ان لا نخشى تَطفلك ، بل نحيا ونفكر بالخلود الذي يلق بنا ، وبحياتنا الناعمة الراقصة الضاحكة ، ونزهو بانتصاراتنا الصغيرة . في المعركة لا شأن لنا بغد في طي الغييب ، ولا بمصيرنا المحفوف بلغز القيامة المحتملة …...




#بديع_الآلوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة : (… كقصيدة رعويّة )
- ثلج يحلم بالدفء
- المساء الصوفي
- قصة قصيرة : لينافا أرملة الرب
- قصة قصيرة : حانة الملائكة
- قصة قصيرة : الصديقان
- قصة قصيرة : لعنة النزيف
- قصة قصيرة : القط همنغواي
- قصة قصيرة : الومضات الخرافية
- قصة قصيرة : قولوا له أن يتركني
- قصة قصيرة : ما الحكمة
- قصة قصيرة : متاهة الخلود في الهور
- قصة قصيرة : قمر اللوكيميا وأنياب التنين
- قصة قصيرة : غواية الفيسبوك
- حديقة كيفين
- قصة قصيرة : نجمة في القلب
- خفقات ناي غريب / البوح الثالث
- خفقات ناي غريب / البوح الثاني
- خفقات ناي غريب / البوح الأول
- قصة قصيرة :عجيبة هي الحياة


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديع الآلوسي - الميتافيزيقي