أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3














المزيد.....

شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6053 - 2018 / 11 / 13 - 19:19
المحور: الادب والفن
    


حياة العزلة، المعتاد عليها في حجرته العلوية، جعلته شبهَ منسيّ من جانب أفراد العائلة. أحياناً، كان يصله هنالك أصواتُ مشادة ما، منبعثة من البيت التحتاني أو من حجرة " لوحا "، المجاورة لحجرته. وعادة أيضاً ما كانوا يشعرون بالحرَج، حينَ ينزل إليهم بعد حل المشكلة، وكأنما بوغتوا على حين غرّة بوجود غريب في ظهرانيهم. في ذلك اليوم، المقرر فيه أن يحزموا حقائبهم استعداداً للسفر صباح الغد إلى الصويرة، أبلغهم الابنُ الكبير فجأةً بان امرأته ستبقى في المنزل. ويبدو أن هذه ثارت وتحدّته، وكان ذلك سبب المشكلة.
" لقد صدّعنا رأسك، أليس كذلك؟ "، خاطبت الأمُ صهرها السوريّ مبتسمة وخجلة. بعد قليل، تحلقوا جميعاً حول مائدة الغداء وكان التوتر ما ينفك يلوح على وجوه البعض. مكان الصهر على المائدة، كان محدداً مذ أن أضحى بمثابة أحد أفراد العائلة. " أميل " الصغير، كان قد دأبَ على محاولة الاستئثار بالمكان في أثناء وجوده لديهم. عندئذٍ وفيما والدته تتجاهل الموقف، فإنّ الجدّة تنتهر الغلام صارخة به أن يترك المكان. هكذا موقف، تكرر في يوم المشادة ولو بطريقة مختلفة. كون " لوحا " متوتراً بعدُ، لم ينتبه لنظرات الآخرين الواجمة وهيَ تحدق فيه. وإذا بامرأته تقول له بنبرة شديدة: " تنحَ قليلاً كي يجلس الرجل! ". بدَوره، ألقى عليها نظرة خاطفة قبل أن يُخلي مكانَ الضيف. هذا الأخير، دارى ارتباكه بينما كان الآخرُ يغادر الأريكة: " أبقَ، أبقَ.. ليسَ ثمة مشكلة! "، نطقها بعجالة ولهوجة. لقد تأثّر " دلير " ولا ريب بما جرى، طالما أن المرأة تعاملت مع زوجها كما لو أنه غلامٌ غرير. وكان الرجل جديراً بالشفقة، لما أبتلع تصرفاً جديداً تبعَ الأول مباشرةً: من مكانها على الأريكة المجاورة، تزحزحت " حسنة " رويداً حتى كادت ركبتها تلتصق بركبة الضيف. وزادت بأن راحت تسكب في صحنه من طبق السلطة، مبتسمة بلطف في وجهه. يدها البيضاء والرقيقة، كانت تقوم بعملها في غاية النعومة وكأنما تتمتع بلمس شيءٍ عزيز.

***
ذكرنا في مكان ما، أنّ مواطناً سورياً آخر كان قد حظيَ فيما مضى بالحلول في المنزل بصفة خطيب " حياة ". وكان يماثلها في العُمر، هذا الشابُ المتجاوز الثلاثين، القادمُ من حلب؛ المدينة الكبرى، العريقة القِدَم. الشاب، ويُدعى " حدّو " بحَسَب تحريف اسمه، سرعان ما أثبتَ أصالةَ انتمائه للعاصمة الاقتصادية لبلاد الشام. إذ جاء مراكشَ للعمل في صناعة الأسنان، مدفوعاً بنجاح بعض مواطنيه ممن يمارسون نفس المهنة. فلم يمضِ عامان إلا وورشته تزدحم بالزبائن، المحتاجين لأسنان سليمة كي يتمكنوا من كسر العظم وامتصاص نخاعه. في حقيقة الحال أنّ الأوساط الفقيرة في المدينة الحمراء، وأيضاً المتوسطة، كانت دوماً تشتكي من جشع أطباء الأسنان المحليين علاوة على رداءة عملهم.
" حياة "، كانت إحدى أولئك الزبائن، ويلوح أنها لفتت نظرَ " الطبيب " لمزايا معينة. إلا أننا نستبقُ وصفَ الفتاة، بأن نتعرف على ما لدى صاحبنا من مزايا. وفق شهادة امرأة محقق هذه السيرة، كان أول ما يلفت النظر في الشاب هوَ قصر قامته وجسمه الرعبل. بينما ملامحه على شيء من الاعتدال ولونه أبيض؛ أي شأن الكثير من مواطنيه. في المقابل، كانت تتسمُ عموماً بالمبالغة، هيئةُ مَن ستصبح خطيبته غير الرسمية: طول فارع، بدن نحيل، صدر أعجف وكفل هزيل. بشرتها أيضاً ذات لون قاتم باهت، ولكنه ملائم لجزة شعرها المجعدة والمنفوشة. فيما قسمات سحنتها حادة بارزة، وبالأخص فمها بصف أسنانه العليا الناتئة بشدّة. مع ذلك، كانت لها قوة شرسة تفوق ما لدى بعض الرجال، وأثبتت ذلك منذ صغرها في معارك الزقاق والمدرسة سواءً بسواء.
في الفترة نفسها، التي دُعيَ فيها " الخطيبُ " للإقامة في منزل الأسرة بهدف توفير أجار شقته والمصاريف الأخرى، كانت كنّتهم تستقبلُ شقيقتها الكبيرة لأجلٍ غير معلوم. هذه الأخيرة، ولنقُل أن اسمها " ميرا "، كانت في ذلك الوقت ما تفتأ على ذمة شخص شرس وحشاش. في واقع الأمر، أنّ الزوج هوَ مَن دلّ " لوحا "، صديقَهُ وجاره، على شقيقة امرأته وكان سنّها آنذاك لا يتجاوز الخامسة عشر. الشقيقتان، كانتا تتمتعان بملامح جميلة وادعة وعذبة، وفوق ذلك، بشرة عسلية ناصعة وشعر ناعم فاتح اللون. الكبيرة فيهما، كانت تتميز أيضاً بالدهاء والجسارة وبعض الوقاحة. ما سيظهر عليها من التبذل والانحلال لاحقاً، ونعني في فترة إقامتها بمنزل حَمي شقيقتها، أحيلَ إلى معاشرتها ذلك الزوج قرابة العامين.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تورغينيف وعصره/ القسم الثالث
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 2
- تورغينيف وعصره/ القسم الثاني
- شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 1
- تورغينيف وعصره
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 3
- متاهة
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثالث 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 2
- شيرين وفرهاد: الفصل الثاني 1
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 5
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 4
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 3
- شيرين وفرهاد: الفصل الأول 2


المزيد.....




- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3