|
هل فيتنام مازالت شيوعية بالفعل!؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 6052 - 2018 / 11 / 12 - 02:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
علق أحد الأصدقاء على مقالتي عن الصين والتي أكدت فيها على أن الصين لم تنجح إلا بالتخلص من تطبيق الشيوعية كنظام اقتصادي فقال: "الصين تحطم جميع الخرافات الغربية. فهي بلد شيوعي رسمياً وفعلياً. الدراسة فيها مجانية وكذلك العلاج ولازال المواطن الصيني من حقه سكن على حساب الدولة وعليه فقط انتظار دوره. وهي تخالف كل شروط الغرب في الانتخابات والتعددية الحزبية. اختزال المسألة في قرارات مرحلة اشتراكية معمر القذافي تبسيط مخل للمسألة. فيتنام كذلك دولة ناجحة ولا زالت شيوعية. قارنهما بالهند الرأسمالية التي تساوي الصين في الثراء وستظهر مزايا الاشتراكية من عدالة اجتماعية وبنية تحتية لكل الشعب. والإسلام هو من علمنا أن الناس سواسية كأسنان المشط. الإسلام ليس رأسمالياً" *** فكان جوابي من وجهين: الوجه الأول فيما يتعلق بالصين: قولك أن (الصين شيوعية رسميًا)، صحيح ولكن ما ليس بصحيح هو قولك أنها (شيوعية فعليًا!!) فهذا مخالف للحقيقة قطعًا!.. الصين اليوم تقوم على السوق الحرة أي على اقتصاد رأسمالي وهذا يتناقض جذريًا مع الشيوعية!، فإما أنك لا تعرف ما هي الشيوعية؟ أو أنك لا تعرف ماذا يحدث في الصين!؟.. الصين بلد رأسمالي بحزب شيوعي حاكم أوقف التطبيق الشيوعي بعد ثبت فشله ... التوصيف العلمي الموضوعي للصين هو أنها ((دولة رأسمالية ولكنها ديكتاتورية أي أنها غير ديموقراطية)) فهناك دول كثيرة رأسمالية بدون ديموقراطية... أما قصة التعليم المجاني والصحة المجانية والمعاش المجاني لمن لا يجد عملًا والبيت المجاني من لا يجد منزلًا فهذه حقوق موجودة في الدول الغربية الرأسمالية الديموقراطية من زمان كجزء لا يتجزأ من حقوق المواطنة! .. فالدول الغربية هي دول رأسمالية ولكنها لم تعد بتلك الرأسمالية الشرسة المتوحشة التي كان يحكي عنها (ماركس) في القرن الثامن والتاسع عشر، بل هذه الدولة (الرأسمالية) أصبحت دولة (الرعاية الاجتماعية) أو إن شئت تطبق الاشتراكية الواقعية المعتدلة غير المتطرفة أي ليست كالشيوعية ولا اشتراكية القذافي المتطرفة الاقرب للشيوعية الفوضوية.. تطبق نوعًا من الاشتراكية والكفالة الاجتماعية جنبًا إلى جانب مع الرأسمالية، فالرأسمالية تزيد الثروة والاشتراكية تحاول أن يستفيد كل المجتمع وخصوصًا الطبقات الفقيرة والفئات محدودة الدخل من الثروة الوطنية التي انتجتها ماكنة الرأسمالية!. *** والوجه الثاني فيما يتعلق بفيتنام، فالذي أعرفه بأن (فيتنام) لم تنجح وتنتقل من مجتمع زراعي إلا بإتباع نهج الشيوعيين في الصين .. أي التخلص من الشيوعية كنظام اقتصادي مع بقاء الحزب الشيوعي في السلطة وعدم فتح باب التعددية الديموقراطية!، أي اللجوء إلى انفتاح اقتصادي كبير بدون انفتاح سياسي واعلامي!.. ففيتنام قامت بما قامت به الصين أي فتحت المجال للتجارة والملكية الخاصة والاستثمارات الخاصة من الداخل والخارج وتأسيس الشركات التساهمية المأخوذة عن الغرب الرأسمالي بحيث يتمكن المواطنون من شراء وامتلاك حصص وأسهم في رأس مال الشركة (كلٌ بحسب امكانياته المادية) إلا أن الشيوعيين الفيتناميين اشترطوا أن تسيطر الدولة على 51 % من اسهم الشركات أو الصناديق الاستثمارية وتترك الباقي للقطاع الخاص أو الأجنبي ولا أدري هل الصين اشترطت سيطرة الدولة على نصف الأسهم أم لا؟!!... هذا عدا عن فتح المجال للاستثمارات الأجنبية التي سمحت للأجانب حتى بحق التملك في فيتنام!!.. فأين الشيوعية إذن التي تمنع الملكية الخاصة لوسائل الانتاج الاقتصادي؟؟ وهكذا اتجهت فيتنام نحو الانفتاح الاقتصادي والتخلص من قيود الايديولوجيا الشيوعية المعيقة للتقدم الاقتصادي، وهي بدأت نحو هذا التوجه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في الثمانيات حيث عملت على إعادة هيكلة اقتصادها وأخذت تتبع نهج الصين الرأسمالي الجديد كي لا تلاقي نفس مصير المعسكر الشيوعي في أوروبا الذي تهاوى دولة بعد دولة بسبب الانغلاق الاقتصادي والقمع السياسي والفكري وانتعاش النزعات القومية والوطنية مع ظهور أعراض فشل الدولة الشيوعية!.. فيتنام حققت الاكتفاء الذاتي من الغذاء بسبب تاريخها العريق في الزراعة وهو أمر مهم للغاية لكل شعب، ولا تنسى أن عدد السكان في فيتنام 90 مليون وأن أغلبهم مزارعون منذ قرون وبهذا النمط الاقتصادي الزراعي العريق حققت فيتنام الاكتفاء الذاتي من الغذاء خصوصًا من الأرز وهو وجبتهم الأساسية وبهذا حرروا قوتهم الاساسي فضلًا عن تصدير الفائض للخارج وجني الأرباح وهذا بلا شك نجاح!.. وهكذا أخذت فيتنام - بالتخلص التدريجي المدروس من الاشتراكية الشيوعية وبالانفتاح على اقتصاد السوق الحرة - تتقدم اقتصاديًا.. فهي لم تنجح بسبب الشيوعية قطعًا بل بسبب انتهاج نفس نهج الصين الرأسمالي الوطني والقومي المعتمد على اقتصاد السوق لزيادة الثروة القومية العامة للبلد تحت شعار أن شجرة الإنتاج حينما تتعاظم وتتضخم ستتساقط ثمارها على الجميع!.. والنهج الصيني معروف وهو يقوم على المحافظة على النظام السياسي الأحادي الذي يسيطر عليه الشيوعيون مع إعادة هيكلة الاقتصاد بشكل جذري وجوهري واقامة نظام اقتصادي منفتح على السوق الحرة والاستثمار الرأسمالي والسياحة!.. وهو ما فعلته فيتنام ونجحت حتى الآن فيه، وهو ما حاول القذافي استنساخه بعد تخليه عن التطبيق الاشتراكي بشكل جذري دون المساس بالشكل الرسمي للحكم (سلطة الشعب وقيادة القايد الأبدي لهذا الشعب!) ولكنه فشل!. لا شك أن الشعب الفيتنامي كالشعب الصيني شعب مجتهد ومثابر وذكي ويقدس العمل وله قيم اجتماعية صارمة موروثة ساعدت على احترام اخلاقيات العمل وهو أمر سابق لوجود الشيوعية وهذا ما كان الأساس في نجاح فيتنام الاقتصادي الحالي خصوصًا مع التحرر من الافكار الشيوعية البالية في الاقتصاد التي كانت تعيق النمو الاقتصادي... ففيتنام لم تتقدم إلا بعد الانفتاح الاقتصادي وفتح باب الاستثمارات الخارجية والسياحة، فهذا سبب نجاح فيتنام وليست الشيوعية فلو ظلت فيتنام على شيوعيتها لظلت في تخلفها الاقتصادي وربما اختنقت وتكلست وانهار الحكم الشيوعي فيها .. ومع ذلك - أي بالرغم من كل هذا التقدم الاقتصادي بسبب الانفتاح على اقتصاد السوق - فإنه - وفيما يتعلق بالميزان التجاري - فلا يزال حجم (الواردات) أي الاستيراد يفوق حجم (الصادرات) أي التصدير في فيتنام أي أنها تستورد أكثر مما تصدر!.. ولا تكون الدولة ناجحة في تقديري إلا إذا حدث العكس!.. أم لك رأي آخر !؟؟" وأخيرًا وأما قولك: "والإسلام هو من علمنا أن الناس سواسية كأسنان المشط. الإسلام ليس رأسمالياً" فهو صحيح من وجه وليس صحيحًا من وجه آخر وهو ما سأخصص له مقالة خاصة أجيب فيه عن الأسئلة التالية: هل الإسلام مع الشيوعية أم الاشتراكية أم الرأسمالية!؟؟.. ما هي فلسفة الإسلام في الاقتصاد والإنتاج وتوزيع الثروة!؟..هل الاسلام يدعو أن يكون الناس سواسية في كل شيء أي حتى في الرزق والكسب المالي ومستوى المعيشة!؟؟؟ سليم الرقعي
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الصين لازالت شيوعية أم باتت رأسمالية!؟
-
عبد الناصر والخميني وخيبة أملي الكبيرة!؟
-
إيران ودورها الأساسي في التقارب العربي الاسرائيلي!؟
-
عندما يستعملك ارباب الاعلام لأغراضهم الخاصة!؟
-
صراع معتقدات أم صراع اقتصادات!؟
-
محاولة أخيرة لهدم عقيدة ونظرية المؤامرة!؟
-
من وراء العمل الارهابي بتونس؟ ولماذا المنفذ امرأة؟
-
هل نجم الديموقراطية أخذ في الافول في العالم!؟
-
جريمة قتل الخاشقجي واللعبة السياسية القذرة(2)
-
جريمة قتل الخاشقجي واللعبة السياسية القذرة(1)
-
وفاة الحاكم العسكري العربي الذي تنحى عن الحكم!؟
-
خواطر في يوم الخبز العالمي!؟
-
هل السعودية هي المشتبه فيه الوحيد في قضية الخاشقجي!؟
-
بين اصلاح سحّاب سترتي وإصلاح الأنظمة الاجتماعية!؟
-
ارفع رأسك يا أخي!؟ قصة قصيرة لكنها طويلة!
-
لماذا دفع القذافي الثوار لعسكرة الثورة ولماذا؟
-
القذافي وتقسيمه لليبيين إلى (كلاب ضالة) و(كلاب غير ضالة) !؟
-
إملأِ الدنيا عويلًا ! (قصيدة)
-
ديموقراطية التوافق والمحاصصة بين لبنان والعراق وليبيا!؟
-
ملاك الهلاك!؟ خاطرة شعرية
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|