أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر أبو رصاع - عبقرية طه حسين (11) من يرفع شعار التكنولوجيا أيضا كالماء والهواء؟














المزيد.....

عبقرية طه حسين (11) من يرفع شعار التكنولوجيا أيضا كالماء والهواء؟


عمر أبو رصاع

الحوار المتمدن-العدد: 1515 - 2006 / 4 / 9 - 07:54
المحور: الادب والفن
    


أشرنا إلى مدى الأثر النفسي العميق الذي تركه أبو العلاء المعري في طه حسين ، لعله أبلغ في وصفه عندما قال :"كان أبو العلاء قد ألقى في روعه – يعني نفسه هنا – أنه لن يذوق طعم حياة فيها الغبطة والسرور ونعمة البهجة والسكون إلى الرحمة التي كان استيأس منها".

أي قسوة أن يعيش المرؤ يائسا من الزواج أو قل من أن تسكن روحه ذلك السكن الذي قرره القرآن بمنتهى البلاغة من أن الله جعل لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها؟!

كان طه في مقتبل أيامه قد خفق قلبه لامرأة تكتب في مصر ! نعم في مصر ذلك الزمان . هي السيدة نبوية مصطفى أول من حصلت في مصر على الشهادة الثانوية ، لكنه كتم ذلك الخفقان كتماً عنيفاً ؛ فأنى له إليها سبيلا وهو الضرير المعدم وهي الحسيبة النسيبة التي يحوم حولها خير الرجال كما يحوم الفراش حول الزهرة.

وظن طه أن ليس له حظ من النساء أبدا ورضي بنصيبه هذا وأثقل عليه أبو العلاء أكثر فأغلقها في وجهه تماما ، لكن قلب طه ما كان قد غلف بعد ، وأنّى لقلب يخفق ولعاقل يعشق المعرفة أن لا يحب؟!
كان يستمع لقصص الغرام التي يعيشها أقرانه في فرنسا ، ولا تجرؤ نفسه على أكثر من التمني ولو من قبيل الحلم ، غير متجرئ على نسيان بلواه ؛ ليسو مثله وليس لما هم أهل له بأهل ، هكذا كانت تحدثه نفسه وتصده عن ما هو حق لكل انسان.

كم كلف بذلك الصوت العذب الذي كان يأتيه قارئ له ما تيسر من كتب ، وكم كان ينتظره ويأنس له بل قل أنه كان يخرق عليه سواد خياله ويفترشه نورا وربيعا زاهرا . لم يعرف طه حسين مقدار ولهه بصاحبة الصوت إلا عندما أمرته الجامعة بالعودة لمصر بسبب الحرب وعدم الابطاء في ذلك.

أي لذة حرموك يا طه ؟

استكثروا عليك أن تسمع ذلك الصوت العذب الرقيق يؤنس وحدة نفسك ويخلي عنك قيود محبسي أبو العلاء الذي صار أدبه سجان روحك أيضاً ، تبا للحرب ليس فقط لأنها مادة الموت بل لأنها وذلك الأهم في لحظته تلك قاتلة سويعات العمر الأجمل التي كان فيها صوت عذب يترقرق كقطرات الندى ليسقي زهرة الحب في قلب طه حسين بعد أن خالها ماتت .

عود إلى القاهرة إذن في القلب صوت ؛ صوت هو ساعة إذ الدنيا كلها ، وحياة انتظار لا شغل فيها قضى منها أشهرا ثلاث يعيش على أمل العودة ورسالة من حين لآخر تصل فيها زهرة جفت تلمسها أنامله لتزهر في فؤاده .

سعى في نشر كتابه عن أبي العلاء الذي هو رسالته للدكتوراة في مصر ، بناء على طلب عبد الحميد حمدي ، وكان في ذلك له شاغل عن الغرق في أحزانه ، حتى جاء وقت العودة بعد أن فرج كرب الجامعة المالي .

قبل عودته إلى فرنسا دعي أفراد البعثة إلى لقاء السلطان حسين كامل ، وانعم على كل منهم بخمسين جنيها ، فما كان منهم إلى أن أسرعوا راضي النفس بالتبرع بهذه الأموال للجامعة !
لكن الجامعة ترفض ذلك وتحفظ عليهم مالهم الذي اعطوه .
كان من هذا اللقاء مع السلطان حسين كامل ما تذكره طه حسين عندما سأله : من أول من رفع شأن التعليم في مصر؟ فما وجد منه جوابا فبادره أنه إسماعيل باشا !
لكن صاحبنا كان يخلص قلبه العرفان بذلك لرجال أخر من أمثال محمد عبده.

هذه الرحلة هي التي انتهت به أخيرا إلى باريس واصلا ما انقطع من درسه ، كان لعودته ونفقته خطوب وخطوب تتردد من حوله يولي عنها من يولي من الأقربين ويبادر لها من يبادر من غير أهل صلته ، كم سامك الفقر سوء المعاش والحال يا طه حسين ؟

تراه يفكر في الغنى والفقر فيقول في بلاغة تليق بمثله : " يفكر في الغنى والفقر ، وفي الذين لا يعرفون كيف ينفقون ما يتاح لهم من مال فيكدسونه أكداساً أو ينثرونه نثراً فيما لا يجدي عليهم ولا على غيرهم شيئاً ، والذين لا يجدون ما ينفقون ليقيموا أودهم ويستروا جسمهم ويستروا عورة العمى حين تفرض عليهم آفته ، وفي الذين تسمو هممهم إلى أكثر من إقامة الأود وستر الجسم وتغطية العينين المظلمتين إلى الإغتراب في طلب العلم ثم لا يجدون أيسر ما يحتاجون إليه في ذلك . يبخل عليهم القادرون ويبخل عليهم الأقربون ويهم إليهم بالإحسان إليهم بعض الأخيار فيردّون عن ذلك رداً " .

فيمن كان طه حسين يفكر وهو يهم بكل عزيمته لتوقيع قرار مجانية التعليم فيما بعد ؟ أتراه كان يفكر في غير هؤلاء المعذبين في الأرض الذين حرموا أبسط حقوق الإنسان ، ألذلك قال طه حسين : العلم كالماء والهواء؟ ألذلك تشدد كل التشدد وألح أيما إلحاح في ضرورة إنفاذ قرار مجانية التعليم؟
إن خير من يشعر بالفقراء من عاش حالهم وخبر معاناتهم ، وكم لون من منجز الانسان للانسان اليوم كالماء والهواء ؟ ألم يستعر عبد الناصر جملة طه حسين دالة على الفن ويضعها على باب المسرح القومي " الفن كالماء والهواء" وجعل أجرة المسرح يسيرة للفقراء من الناس ، ترى ألا زلنا نفكر في فقرائنا وما يحتاجوه حاجة الإنسان إلى الماء والهواء العلم والفن وغيرهما للإنسان كالماء والهواء ألن يقدر من يرفع شعار التكنولوجيا أيضا كالماء والهواء؟ - يتبع -



#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبقرية طه حسين (10) هل يخرج من محبسي أبي العلاء؟
- موضوع الرسالة: عبقرية طه حسين (9) خروجه من الجبة والقفطان
- عبقرية طه حسين (8) أول من منحته الجامعة درجة الدكتوراة
- عبقرية طه حسين (7) كيف أصابت الثورة طه حسين
- عبقرية طه حسين (6) سقوطه في العالمية وانحيازه للجامعة
- عبقرية طه حسين (5) ثورة طه حسين على الأزهر
- عبقرية طه حسين (4) طه حسين طالب الأزهر
- عبقرية طه حسين (3) وحيدا مهملا بلا أنيس أو خليل
- عبقرية طه حسين (2) الألفية وما أدراك ما الألفية
- عبقرية طه حسين (1) لماذا يهاجمون طه حسين؟
- مبدعٌ متبعٌ معاً
- فلسطين إلى أين؟
- مصر والنهضة
- حمدي قنديل ضيفا
- يسقط فقه الذكرية
- بين العلمانية والمكفرة
- عمان يا حبيبتي
- كم اندلس ضائع نحتاج؟
- هل نتجه نحو دولة ديموقراطية لكنها شمولية قمعية ؟
- إغتيال الحريري والإنسحاب السوري


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر أبو رصاع - عبقرية طه حسين (11) من يرفع شعار التكنولوجيا أيضا كالماء والهواء؟