أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر أبو رصاع - عبقرية طه حسين (6) سقوطه في العالمية وانحيازه للجامعة















المزيد.....

عبقرية طه حسين (6) سقوطه في العالمية وانحيازه للجامعة


عمر أبو رصاع

الحوار المتمدن-العدد: 1505 - 2006 / 3 / 30 - 09:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذكرنا أن العداء بين طه حسين والأزهريين بلغ أوجه ، فقد كان طه قد انحاز كليا للفريق الخاسر في الأزهر فريق أنصار الإمام الأكبر محمد عبده في القول والفعل ، فكان يجاهر علانية بعدائه للأزاهرة ويتندر بفضائحه وعيوب شيوخه ، وقد أغاظه وهو لا يزال فتى قليل الخبرة بالخصومات ما راح بعضهم يؤلفه عنه وعن صحبته من أكاذيب تمس الخلق ، والحق أن بعض العقائديين وما أكثرهم بيننا هذه الأيام لا يجد غضاضة في أن يؤلف الأكاذيب ويبثها غير ورع ولا متعظ بل دون أن يخشى فيما يفعل لومة عبد أو رب لأنه للأسف ولسوء فهمه وطويته والمعرفة التي يرتكن إليها يظن أنه يفعل ذلك في سبيل الله وطالما هو كذلك فالغاية عنده وهي جهاد كما يظن تبرر الوسيلة !

بعد قرار الشطب أراد طه حسين أن ينتقم لنفسه فسعى بمقال مرير عنيف اللهجة إلى رئيس الجريدة أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد الذي رده لأحدهم ضاحكا ولم ينشر المقال واكتشف الفتى أن قرار الفصل كان للتخويف ولم ينفذه الشيخ في حقهم .

كان طه قد قضى في الأزهر أربعة أعوام حين سمع بالجامعة لأول مرة فأسرع إليها وانتسب ليسمع أول دروسه فيها على أحمد بك زكي درسا في الحضارة الإسلامية ، هاله أن يبدأ المدرس درسه على غير ما ألف هو :"أيها السادة أحييكم بتحية الاسلام ، فأقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" وتابع درسه شارحا من ذات عقله لا ملقنا من كتاب فاختفت اللازمة الازهرية: "قال المؤلف رحمه الله"!
أين هذا من ذاك كان أشياخه لا يوجهون حديثهم لطلبتهم كأنهم لا يجلسون إليهم ويلقنوهم ولا يعلموهم ، فلا تعدوا شروحهم أن تكون شروحا على الشروح وحواش على الحواشي.

قدر لطه أيضا أن يتصل بالجريدة ومديرها الأستاذ أحمد لطفي السيد وكذلك صحيفة الحزب الوطني عبر الأستاذ عبد العزيز جاويش وتجاذبه كلاهما إليه ، فقد لمسا منه نجابة وحسن لغة وعقلا ناقدا فذا، وكان لكل منهما أسلوبه يجذبه إليه ويغريه به ، فكان الأستاذ عبد العزيز جاويش يحثه على النقد بل والنقد اللاذع ويشجعه عليه وخاصة إذا ما كان النقد متصلا بالأزهر الذي كان الحزب الوطني ثائرا عليه وعلى مناهجه ميالا للتعليم الحديث ، هذا ما يفسر الرابط الذي وجده طه حسين بينه وبين الحزب الوطني منذ البدء، أما أحمد لطفي السيد فكان يحبب له القصد والإعتدال والبعد عن الغلو في النقد حد الهجوم والتشنيع ، ولأن طه كان لا يزال حديث عهد بالكتابة فقد استجاب لكليهما معا فكان إذا ما كتب معتدلا نشر في الجريدة وإذا ما أغلظ النقد وجعله حادا لاذعا نشره في صحيفة الحزب الوطني.

يعترف طه حسين بندم أحيانا أنه كان طويل اللسان لاذع النقد ويذكر في سيرته شيء من تلك النماذج التي سعى لدى أصحابها لاحقا معتذرا عنها، وقد أثار عليه نقده الأزهر مشيخته التي صار لا يذكر لها إسمه حتى تلعنه ، وتبخس قدره ، وتجاهر بخصومته لمن ذكره ، ذلك أنه شن هجوما عنيفا على رشيد رضا وحفل حضره الأزاهرة أقامه المشايخ في فندق سيفواي احتفاء بمدرسة انشأها الشيخ رشيد رضا للدعوة وكانت تحظى بدعم الخديوي ومشيخة الأزهر وكان ذلك يثير حفيظة أنصار الإمام الأكبر محمد عبده فاعتبروا أن الشيخ رضا قد خان خط أستاذه وتحالف مع الخديوي وتخلى عن نهج الإمام ، فأوغلوا فيهم وفي حفلهم وقالوا فيه ما قالوا من أن زجاجات الخمر فتحت في حفلهم هذا وكثر اللغط ، واستل طه حسين قلمه وسنه مهاجما فيه المشايخ وبلغ به التشنيع عليهم أن أنشأ في ذلك:

رعى الله المشايخ إذ توافوا
إلى السفواي في يوم الخميس
وإذ شهدوا كؤوس الخمر صرفا
تدور بها السقاة على الجلوس
رئيس المسلمين عداك ذم
ألا لله درك من رئيس

ودار العام عقبها ليستعد طه لامتحان العالمية في الأزهر فحضر نفسه له جيدا ، وفي ليلة الاختبار جاءه صديقه القديم واستاذه الشيخ المرصفي وأنبأه النبأ :"إذا أصبحت يا بني فاستقل من الامتحان ولا تحضره من عامك هذا ، فإن القوم يأتمرون بك ليسقِّطوك".

أنبأه أن الشيخ الأكبر ألح في إسقاط طه على الشيخ عبد الحكيم عطا فأبى ذلك ولم يجعل له الشيخ حسونة من خيار إما أن يسقط طه وإما أن لا تجتمع لجنته ، فآثر الشيخ عطا أن لا تجتمع لجنته ، وقبل باسقاطه الشيخ دسوقي العربي.

لكن طه حسين أصر على حضور اللجنة أيا كان ، وما أن مثل بين يدي اللجنة حتى ناوله رئيسها كوب شايه نصف الممتلئ قائلا : أتمه قد شربت أنا نصفه لتحصل لك البركة.

وبدا الأمر واضحا لطه من شدة المناقشة وأنت تعلم عزيزي القارئ ما أهونها مهمة أن يعمد المختبر إلى اسقاطك ، وقد خبرنا جميعا ذلك حين تنعدم أمانة العلم لدى المرئ وكم تباها أمامي أساتذة بقدرتهم على وضع أسئلة لا يستطيعون هم الإجابة عليها ، كنت دوما أضحك من ذلك الحمق ومن قلة الضمير وأتذكر قصة طه حسين والعالمية.

بينما الحال تلك والمختبرون يشددون على طه ما استطاعوا دخل الشيخ الأكبر وقال دون سلام :"حرام عليك يا شيخ دسوقي، حرام عليك ، ارفق به! ارفق به!"

ولم يرفق دسوقي به بل ازداد به شدة وعنفا ، خرج طه من الدرس الأول لينتظر الثاني فوجد الشيخ الأكبر جالسا بجوار الباب ينتظر فما أن رمقه حتى نادى بشيخ أن خذه واسقه فنجانا من القهوة!
وما أن مضى طه لفنجان القهوة ذاك وقبل أن يأتوه به حتى أنبؤوه بسقوطه دون أن يتم ما تبقى له من الدروس فاللجنة لا تريد أن تسمع منه ما بقي من دروس!

نعم أخطأ طه بأن أغلظ النقد لمشايخ الأزهر ، لكن السؤال أيكون الرد على ذلك أن يسعى شيخ الأزهر بكل ما استطاع لإسقاطه في اختبار يقتضي الأمانة العلمية وبنفسه؟!

لقد خبرنا هذا ومثله وما أكثره في مسيرتنا التعليمية ، فالنفوس المريضة تتسلط وتجد لها متسعا ما انعدم النظام الأكاديمي الضابط وما كانت سلطة الاستاذ مطلقة، والسلطة المطلقة مفسدة ولا ريب ، وقد خبرته شخصيا يوم منعت مشرفة رسالتي للماجستير نقاشها رغم أنه قد ضرب لها موعدا زاعمة أنها ليست جاهزة بعد لذلك بل جاوزته لأن سعت لدى بعض اساتذتي ليعملوا على خفض درجاتي لأني سبق وأن قلت رأيي بها صراحة وبأسلوبها وجادلتها غير مرة حتى صارت تعتذر عن الحضور حيث حضرت ظانة أني أحرجها وأكشف ضعفها ، لكن شاء القدر أن تنشر الرسالة في واحدة من أمهات النشرات العلمية مما زادها حنقا وغضبا وانتهى بها الأمر أن هجرت الجامعة إلى غيرها.

هذا ما كان مع طه وأكثر منه بمراحل شاهقة فالذين كادوا له ليسقطوه إنما فضحوا عجزهم هم فقد رقي طه سلم العلم حتى بلغ أعلى مراتبه كما سنرى لاحقا وكسبه العلم وكسبته مصر وخسر الأزهر للأسف.

هكذا لم يبقى لطه غير الجامعة ، أخسر هو الأزهر الذي أعرض عنه أو حول عنه عنوة أم خسره الأزهر؟!

على أي حال كسبه العلم الأكاديمي وهو بهذا أو بذاك تفرغ للجامعة والصحافة وقد أصاب نصيبا وافرا من علوم الأزهر كان من المفترض أن ينال بها الدرجة لولا أن حيل بينه وبينها ، ولا يخفي طه أن رب ضارة نافعة فيحمد ربه أنهم حالوا بينه وبينها. – يتبع –



#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبقرية طه حسين (5) ثورة طه حسين على الأزهر
- عبقرية طه حسين (4) طه حسين طالب الأزهر
- عبقرية طه حسين (3) وحيدا مهملا بلا أنيس أو خليل
- عبقرية طه حسين (2) الألفية وما أدراك ما الألفية
- عبقرية طه حسين (1) لماذا يهاجمون طه حسين؟
- مبدعٌ متبعٌ معاً
- فلسطين إلى أين؟
- مصر والنهضة
- حمدي قنديل ضيفا
- يسقط فقه الذكرية
- بين العلمانية والمكفرة
- عمان يا حبيبتي
- كم اندلس ضائع نحتاج؟
- هل نتجه نحو دولة ديموقراطية لكنها شمولية قمعية ؟
- إغتيال الحريري والإنسحاب السوري
- حتى يرجع اللحن عراقيا
- مزابل التاريخ تنتظركم
- هذا ماقاله لي سعد زغلول
- أنا الحلاج يا وطني
- دمشق


المزيد.....




- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...
- المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر أبو رصاع - عبقرية طه حسين (6) سقوطه في العالمية وانحيازه للجامعة