من دفاتر نيتشه الفلسفية : الوعي والجسد (6)

محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 6042 - 2018 / 11 / 2 - 23:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الوعي، عند نيتشه، سلاح فعال وأداة عجيبة تمكن الكائن الإنساني من حسم حروبه الخفية والمعلنة ضد ذاته، لتحقيق توازنه كاملا في حياة الصراع الذي يخوضه يوميا وأبدا مع مختلف أشكال الحياة من حوله . والوعي هو الظاهرة الوحيدة المميزة للسلوك العضوي والثقافي للإنسان، وبه يبرهن هذا الأخير على مصداقية إنسانيته في العالم الذي يسمى حياة الأرض .
أما الجسد، فلا يعني سوى مجرد بدن شكلي وخارجي لكن له قيمته في منظومة حياة الفرد، كما أنه يعني بالنسبة لنيتشه دائما، ذلك المعنى العميق والشامل الذي يحمل دلالة كل المكونات المتعالقة والمترابطة والحية للإنسان في مستواه الشعوري واللاشعوري.
إن الروحي هو لغة الجسد بعلاماته المميزة له عند نيتشه. إن فيلسوفنا لا ينظر إلى الجسد تلك النظرة السطحية، كقوة مادية حسّية ما، ولكن كطاقة صيرورة حيّة في كليتها الآخذة في التشكل والتكون الدائم، وفي إطار فردانية نسقية عليا، أو بإرادة الفرد الذي هو في طريق الولادة والبناء والتشكل الداخلي المستمر، مثله مثل باقي الأجساد العضوية واللاعضوية لباقي الكائنات الحيوانية والنباتية الموجودة في وسط الوسط الحي للإنسان الذي ينفرد عنها بخاصية الوعي والثقافة والفكر المنتج للمعنى والقيمة ..
لهذا، يعتبر نيتشه الجسد بمثابة الفكر الأكثر أهمية واندهاشا وروعة من أهمية الاعتقاد الروحي التقليدي السائد في الأوساط المتداولة. بمعنى، أن الاعتقاد بقوة وسحر الجسد عنده أهم وأنجع للإنسان بكثير من الاعتقاد الروحي العجوز.. كما يسميه .
لهذا، فالجسد عند نيتشه هو الحقيقة الكبرى والقيمة العظمى، وليس الروح التي تبقى على كل حال عبارة عن أداة لابد منها لتحقيق المعنى المتداول للجسد. وبالتالي، فالجسد هنا ليس فقط قوة فيزيقية، ولكنه أيضا صيرورة حيّة للكونية المُهيمنة الآخذة في التشكل الدائم والتطور المتواصل والتفرد العجيب فردانية إرادة القوة .
_________________
المرجع : كارل جيسبيرس– nietzsche introduction à sa philousophie

#محمد_بقوح (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل