أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمنية حامد - بلداننا وماضينا: هاوية التنقيب عن الذات














المزيد.....

بلداننا وماضينا: هاوية التنقيب عن الذات


أمنية حامد

الحوار المتمدن-العدد: 6038 - 2018 / 10 / 29 - 04:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمر بلداننا بمرحلة هي بالضرورة مرحلة لإعادة تشكيل وعي الامة، و ذلك لاحداث نوع من التناسق ما بين ماضي بلداننا و المتغيرات العنيفة و المكثفة التي تشهدها مجتمعاتنا.
فلا يستطيع مجتمع ما التعايش بدون تحقيق حد ادني من التكيف مع واقعة وبيئته، فان تغير هذا الواقع فجأة، يكون علي المجتمع فيه البحث في ذاكرته لإعادة قراءة ماضيه (في ضوء واقعه) لإحداث نوع من التناسق والتكيف يمكنه من التعايش مع الواقع واستشراف لخطواته. وذلك لما تتسم به مثل تلك المراحل من تصاعد للتوتر و الاضطراب المجتمعي، المجتمع في ذلك مثله كمثل شخص فقد خريطته أو تبدلت الارض من تحت اقدامه.

و عليه تتميز تلك المرحلة بتوجهيين اساسيين علي الصعيد الفردي و المجتمعي: التنبة بالتغيير، و النبش في الماضي.

وهما توجهان نجد صداهما في كتابات بعض مفكرينا، ممن يرون فيهما بذور لنمو الوعي السياسي و المعرفي للمواطن، كذلك نجد صداهما في نداءات البعض الأخر ممن يرون فيهما رياح مواتية لهبوب تحرك شعبي عريض علي غرار ثورة .
إلا ان التوجهيين - في رأينا- لا يعنيان بالضرورة التعامل مع معضلة احداث التناسق بايجاد مخرج “مثالي”، أو التوصل لرؤية “حقيقية” أو “ممثلة” للماضي/ الحاضر. و يكون الخطر هنا هو تيقظ المواطن و نبشه في الماضي و لكن تخبطه، دون الوصول لتناسق يمكنه من تحسس خطواته بما يضمد الاضطرابات و التوترات المتصاعدة. وهو ما قد يتسبب في إحداث إنفصام للفرد عن واقعه أو تفتت في النسيج المجتمعي وما لذلك من اشكالات عدة من مظاهر الانحرافات المجتمعية، خاصة لما لتلك التوجهيين من إعادة قراءة لرموز وطنية وشعبية و تمعن في رؤية للذات و العلاقة بالآخر.

في نفس السياق، نجد هبوب للسلطات الحاكمة للعب دورا في محاولة تشكيل ذاكرة ووعي الأمة، وذلك للمحافظة علي استقرار النظام و احتواء الغضب المتزايد و المتوقع كردة فعل للمتغيرات المكثفة التي يشهدها المجتمع، خاصة عندما يري المواطن ان التغيرات قد جلبت بأيدي السلطات الحاكمة. وكما قد تفشل جهود المواطن في ايجاد المخرج السالم، نجد ان جهود الحكومة قد تكون المجراف الذي يمهد الطريق للهاوية، عوضا من ان تكون طوق النجاة.

علي الأخص، يمكننا حصر أربع توجهات اساسية لسلطات بعض بلداننا و التي في رأينا تعضد لحالة الانفصام وتزيد من الاضطربات المجتمعية وتعجل بالهاوية:

- تغييب المواطن كشريك: تعمل بعض التوجهات المشاهده علي اصعدة عده في بلداننا علي تبديل دور المواطن من شريك أو فاعل إلي مشاهد أو مفعول به. فنجدنا امام توجهات تطالبه بالانتظار جانبا، تارة لمشاهدة اعجازات في طريقها إليه، و تاره أخري بالتحلي بالصبر و المصابرة والثقة المطلقة بالسلطة.

- فصل عمدي و تبلور لجماعة منفردة: بينما يتم فصل المواطن و عزله من دور الشريك الفاعل، نجد توجه مصاحب يعمل علي فصل لبعض شرائح المجتمع أو المنظومات أو الجماعات بدعوي تفرد و قداسة تلك الجماعات. وذلك علي غرار تقديم شريحة ما كالبطل المنفرد لملحمات الوطن، أو تبلور لجماعة ما كالجماعة “الفاعلة” التي تبني و تشيد و تقدم الخبز و ترصف الطرق و تحمي الوطن، مقارنة بالمواطن “الفقير جدا”، و العبء المتزايد علي عاتق السلطة التي لا تنام. علي نفس الغرار، نجد مبادرات بعض السلطات بفصل القطاعات الحكومية و السلطوية وعزلها جغرافياً في مكان آخر بعيدا عن رجل الشارع.

- العنف أو البطش و تغييب التباين: بينما تتبلور جماعة كالبطل الأوحد، نجد تصاعد للعنف تجاه جماعات أخري أو أفراد من نشطاء أو صحفيين أو ممن جاهش برأى معارض لمسار السلطة وما يصاحب ذلك من تضييق الخناق علي الرأي الآخر و تباينه.-

- الخروج عن حدود المصداقية: فما بين نداءات السلطات لشعوبها بالتحلي بالصبر في مواجهة التغيرات، نجد سلطات بعض بلداننا تبالغ بالوعود، مبالغات تخرجها عن إطار المعقولية و حدود المصداقية. وتكون النتيجة ليست فقط خيبة أمل للمواطن الذي صبر، أو تعلمه بعدم مصداقية الوعود، بل تكون النتيجة هي التشكيك بمقدرة السلطة علي تكوين رؤية واقعية أو إدارة الدفة في ظل المبالغات التي لا تتحقق. كذلك نجد البعض الآخر من سلطاتنا تهلل بإنجازات و نجاحات لا يشعر بها المواطن و كأن هناك واقع معايش و وواقع آخر هو حديث السلطة و الاعلام الرسمي.

وها هو مواطننا امام محاولات لتجريده من شراكته في أوطانه، ليجلس علي دكة الانتظار بينما تُقدم له رؤية مغايرة لماضيه، فلا هو ممن تُوج مع الابطال وليس هو بالقادر علي المعارضة أو التباين خشية المعاقبة. مواطن يسمع ويشاهد تهليلات لانجازات لا يطولها، مواطن يشهد نحت في نسيجة المجتمعي بتعظيم البعض و التنكيل بالبعض الآخر. وبينما رضي الكثير من المواطنين بالتخلي عن الحقوق السياسية (ولو مرحليا) تحت وعود بجني الثمار التنموية و الاقتصادية، وجد المواطن نفسه كمن رجع بخفي حُنَينِ. مع هذا الاضطراب نجد محاولات منحرفة بتقديم قراءات لواقعنا وتاريخنا والتي لا يمكننا وصفها إلا بالقراءات المغرضة.

ستنبش مجتماعتنا في ماضيها، و تعيد لإلقاء الضوء علي الكثير من اركانه وزواياه بهدف اعادة التوازن و منطقة الواقع ازاء ما يجابهه مواطننا من المتغيرات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية. وكما نجد محاولات منحرفة للعبث بوعي الأمة، نجد بزوغ لومضات تحكي عن ثروات شعوبنا و أمجاد مواطننا.

أممنا امام مرحلة للتنقيب في ذاكرتها و إعادة قراءة ذاتها، و علي الكثير منا المساهمة بحمل مرآة تتمكن فيها شعوبنا من التعرف علي النقاط المضيئة في ماضيها، من مواقف ووقفات لأفراد و جماعات و زعماء، مرآة تحفظ ماضينا بعيدا عن محاولات تشويهه، و تمكننا من مواجهة نقاط ضعفنا لتخطيها (وليس لكسر إرادة شعوبنا).



#أمنية_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن والسلطة: ثلاثية المخلص والقائد والملهم
- ”التحول السلطوي“ : هل ترتد الديمقراطية علي عقبيها؟
- علل نموذج الغرب المتقدم
- ماذا ينقص الإنتفاضات الشعبية
- عبقرية المواطن العاري
- نحن و الغرب.. أكثر من قصة واحدة للخلل
- مسارات متعثرة - معضلة التغيير في بلادنا
- رأس و عديد من الأرجل
- الابتكار الاجتماعي لتفادي العجز المكتسب


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمنية حامد - بلداننا وماضينا: هاوية التنقيب عن الذات