أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أمنية حامد - الابتكار الاجتماعي لتفادي العجز المكتسب














المزيد.....

الابتكار الاجتماعي لتفادي العجز المكتسب


أمنية حامد

الحوار المتمدن-العدد: 5420 - 2017 / 2 / 2 - 13:33
المحور: المجتمع المدني
    


إن كانت معاناة المواطن المصري هي سمة ما نحن بصدده جراء الظروف الإقتصادية الراهنه، فإن الاكثر قهرا هو الشعور بالعجز في مواجهة تلك المعاناه.

الوضع يذكرنا بحالة العجز المُكتسب Learned Helplessness، و هو مصطلح ظهر في أواخر الستينات في أبحاث عالم نفس أمريكي. يُعبر العجز المكتسب عن الحالة النفسية للفرد نتيجة تعرضه لتجارب مؤلمة لم يتمكن من التحكم فيها، سواء بالتفادي أو بالفرار أو بالمعالجة، حيث يفقد الفرد قدرتة ورغبته في البحث عن مخرج مع تكرار تلك التجارب، و عندها يتقوقع تحت طائلة المشاكل. لقد أقتنع بعدم جدوي السعي فكف عنه، حتي و إن وُجدت سبل للخلاص.

واذا ما تحدثنا عن أهمية تحلي الفرد بقدراً من الثقة و الأمل بوجود مخرج لأزماته، فإن السعي لمجابهه الازمات، هو كأي مخطط قراري، يُبني علي رؤية للعلاقات السببية (اذا ما فعلت ذاك، فسيكون النتيجه في تلك او ذلك الإتجاه بالأخذ في الاعتبار تصرفات الاخرين والتغير المتوقع للبيئة المحيطه…). وعليه فإن العنصر الحاسم للحراك تجاه مجابهه المشاكل (بل لخلق تلك الثقة وهذا الأمل) هو ”الاحساس“ بفهم للواقع مع قدرة لإستشراف المستقبل لبناء خطط المواجهة.

هنا نجد أنه بالاضافة لمعانات المواطن المصري المتتالية، فنحن أمام سمتين أخرتين تعززان من الاحساس بالعجز والشلل لتأثيرهما علي تلك العلاقات السببية .أولهما إنعدام الثقة، سواء فيما هو آت، أو -علي وجة الخصوص- في جهود الأطراف المحركة لعجله التغيير وصنع القرار (ثلاثيه من يسن السياسات، ولصالح من، وعلي من تطبق). السمة الثانية هي ضبابية المناخ السياسي والاقتصادي، والتي تمثل عدم وضوح للواقع و إبهام للمستقبل، سواء بسبب غياب الشفافية تجاه القرارات المتخذه، أو بسبب ضخ عدد كبير و متوالي من التغييرات والقرارات المسببه للإحساس بالتشويش، إن لم تقدم في إطار رؤية واضحه، أو بسبب الخروج عن “المألوف “ في مسارات إتخاذ القرار. ذلك علي غرار تذبذب القرارت أو إتخاذ جهات رسمية لقرارت هي خارج نطاق مسؤلية عملها و تخصصها.

ماذا الآن؟

إن الأطر الطبيعية للخروج من الأزمة الاقتصادية (و تفادي يأس المواطن) تحتاج لجهود متشابكه، بإتجاه تناغمي، و لدور أساسي للحكومة، في إطار من شأنه مواجهة ثنائي أزمة الثقة و ضبابية المناخ.
لكنني أريد هنا أخذ منعطف آخر، و هو التركيز علي آلية مكملة للجهود التقليدية، والتي - في تصوري - يمكن أن تكون طوق لنجاه المواطن المصري من حاله العجز المكتسب، آلية الابتكار الاجتماعي social innovation.

يعرف الابتكار الاجتماعي كآلية للوصول إلي حلول جديدة، أكثر فعالية وكفاءة من الحلول التقليدية، لمعالجه الاحتياجات الاجتماعية التي لم تفلح قوي السوق أو القطاع العام أو المدني معالجتها بشكل مُرضي، و علي الأخص في ظل محدودية الموارد. يحقق ذلك بالاعتماد علي تمكين المواطن، كجزء من عملية الوصول للحل، وفي أطر تهدف لإفادة المجتمع ككل و ليس لمجموعة محدودة من الأفراد.

ولنأخذ علي سبيل المثال بعض الحلول الإبتكارية في مجال محاربة الفقر، المثال الرائد هنا هو التمويلات متناهية الصغر microfinance، التي طبقت في بنجلاديش برؤية العالم د. محمد يونس، لتمكين الفقراء من إنشاء مجموعة من الأنشطة البسيطة المدرة للدخل (والذي نال علي اثرها جائزة نوبل للسلام في عام 2006). كذلك مبادرات بنك الوقت Time Bank، والتي تطبق في كثير من الدول تحت أشكال مختلفة، و ذلك بالاعتماد علي ساعات العمل كوسيط لتبادل الخدمات بدلا من الاعتماد علي توافر الاموال، و مبادرات الزراعة المدنية Urban Agriculture، والتي تحول أسطح المنازل إلي أسطح خضراء بإدارة السكان و لإستهلاكهم الغذائي، للتخفيف النسبي من العبء المالي.

بجانب خصائص وأطر عمل الآلية، و التي تتمحور حول الحاجة الاجتماعية، فإن الفعالية الكامنة لآلية الابتكار الاجتماعي في الوضع المصري الراهن تتمثل في قدرة مبادرات تطبيقها علي تخطي حاجز الثقة و ضبابية المناخ.

علي العكس من الأطر التقليدية، و التي تعتمد علي قرارات ذات طبيعة مركزية من جهات صنع القرار الرسمي أو بدافع الربحية لقوي السوق، فإن الابتكار الاجتماعي ينمو علي أي مستوي، بل إنه غالباً ما يكون في إطار تصاعدي (bottom-up approach) بفكره و إدارة أفراد وجماعات هم في قلب الحدث و المعاناه، و إن كانوا بعيدين عن حلبة الصراع السياسي و صنع القرار المركزي. إن كفاءة هذه الآلية تُستمد من قدرة أفراد المجتمع علي الابداع، و مقدرتهم علي التشارك في السعي والتنظيم، بمختلف مستوياتهم و خلفيتهم.

إن جهود العمل الاهلي (و المجتمع المدني) في مصر قادرة علي النهوض لسد ثغرة تتسع في سيكولوجيه المواطن المصري و في وضعه المادي. المحك هنا هو التحرك المنظم، وفي تناول إبداعي لمشاكلنا وقدراتنا، من خلال سياق أكثر طموحا من الإجتهادات الخيرية. المقصد هو الوصول لحلول علاجية أكثر إستدامة، و بالتالي تخطي نطاق المساعدات المالية المباشرة ممن يملك لمن هو محتاج ولا يملك، و ذلك بتفعيل دور المواطن كجزء من الحل و تمكينه لإنتشال نفسه، و لو في نطاق مبادرات ضيقة (يمكن توسيع تطبيقها فيما بعد).

و إذا كان المفكريين و المراقبين للأوضاع الراهنة يجتهدون في سياق فكري و عملي يناشد أو يرشد الدور الحكومي، فهناك باقي فئات المجتمع التي تمتلك من الابداع و الفطنة و التماسك المجتمعي (و المعاناه المشتركة) ما يعزز القوة الكامنه لمبادرات الابتكار الاجتماعي.

ختاما، مناقشتنا هنا لدور العمل الاهلي و المدني لا يجب أن تؤخذ بمحمل التقليل من الدور الأساسي للحكومه و من مسؤليتها، كما أشرنا في مقال سابق (جريدة الشروق، صفحة الرأي، 28 ديسمبر 2016).



#أمنية_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أمنية حامد - الابتكار الاجتماعي لتفادي العجز المكتسب