أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهند طلال الاخرس - هكذا يُكتب التاريخ؛ جان دارك مثالا















المزيد.....

هكذا يُكتب التاريخ؛ جان دارك مثالا


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6037 - 2018 / 10 / 28 - 23:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


* هكذا يُكتب التاريخ؛ جان دارك مثالا

فتاة فرنسية صغيرة السن لا شأن لها بأمور الحرب أو السياسة، قدر لها أن تصبح أشهر بطلات فرنسا على الاطلاق، لا بل احد اقدس اساطيرها .

حرص والدها على تنشئتها مع اخواتها تنشئة دينيية قويمة، ودربتها امها على ما ينتظر فتاة مثلها من كد وعمل وزواج ، وبينما كانت امها تعملها حلب اللبن من الابقار ، واطعام الدواجن واعداد الطعام ، كانت الاقدار تعد لها شيئا مغايرا تماما.

في الثانيه عشر من عمرها كانت جان دارك شأنها شأن كل اقرانها تمارس طقوس الطفولة المعتادة ، تلهو بحثا عن الفرح، تلعب مع رفيقاتها في المروج المجاوره لنهر ميز ، وفجأة تسمع صوت يخاطبها لا تعرف مصدره ولا ما هيته:" تقدمي فكل شىء طوع ارادتك"، ثم أصبح ذلك الصوت يلازمها في كل مكان وفي كل وقت حتى امرها بأن تعد نفسها لتحرير فرنسا وطرد الانجليز المحتلين من وطنها للابد، وتبعا لأوامر الصوت كان عليها أن ترتدي خوذة الجندي ودرعه، كما عليها أن تُتَوج بنفسها ولي العهد ليصبح الملك الشرعي لفرنسا.

أخبرت جان دارك بعض معارفها بالأوامر التى يلقيها عليها (الصوت المجهول) وكان من الطبيعي ان يتهمها البعض بالهرطقة والجنون حتى من المقربين، وخاصة عند سماعهم بأن جان دارك رأت الله في رؤيا يأمرها بدعم شارل السابع واستعادة فرنسا من السيطرة الإنجليزية في أواخر حرب المئة عام، بالاضافة الى ادعائها ان الملائكة حدثتها مباشرة وأمرتها ان تتمرد على المعاهدة التي وقعها عام 1420 ملك فرنسا العجوز شارل السادس، والتي بموجبها يخلفه على عرش فرنسا هنري السادس ملك بريطانيا آنذاك، حيث كان الانجليز في ذلك الوقت يسيطرون على كافه الامور في فرنسا، بل انهم كانوا يحتلون معظم التراب الفرنسي ويخططون لاحتلال بقيته.

ففي عام 1415، غزا الملك هنري الخامس ملك إنجلترا شمال فرنسا، وبعد القاء الهزيمة علي فرنسا وتحطيم القوات الفرنسية بالكامل ، واكتساب إنجلترا دعم الاقطاعيين والبورغندين في فرنسا في ذلك الوقت ، قاموا بتوقيع معاهدة لمنح العرش الفرنسي للملك هنري الخامس وجعله نائبا لجلالة الملك المجنون الملك شارل السادس وكان ذلك في عام 1420 ، فكان يأمل الملك هنري في وراثة العرش بعد وفاة الملك تشارلز ، ولكن يشاء القدر ان يتوفي كل من الملك هنري وتشارلز في 1422، وترك هنري ابنه لكي يرث من بعده العرش والذي رفض بدوره الاعتراف بالمعاهدة.

بقي شارل السابع معزولا في قلعة بورج وذا تاج غير شرعي حتى ظهرت جان دارك وقادت حيش الخلاص الفرنسي. ففي عام 1429 أعترضت جان دارك طريق أحد ضباط الجيش الفرنسي ويدعى (روبير دى بود ريكود)وقالت له:" أنا جان دارك، ان الله أمرني أن أنقذ فرنسا فخذني فى الحال الى الملك ...".

وعلى الرغم ان الملك تشارلز في البداية، رفض طلب جان دارك في رؤيته، ولكن بعد اختبارها وبعد معرفته بها وبأحوالها وكيف انها قد حصلت على موافقة كل القرويين وكيف اصبحت قائدة لهم، اقتنع الملك بها ووافق على ان تقوم بقيادة الجيش الفرنسي، حيث قادته لنجدة اهل مدينة أورليان التي كانت محاصرة بأكبر الجيوش الانجليزية، وبالفعل أرتدت جان دارك زي القائد العسكري المخصص للمقاتلين الرجال وقصت شعرها كما يفعل الرجال تماما وتوجهت بجيشها الى اورليان، وبعد معارك استمرت ثلاثه ايام فرت الجيوش الانجليزية ، وأصبحت جان دارك بطلة في نظر كل الفرنسيين، ولكنها لم تقنع بذلك بل سعت لتحرير اجزاء اخرى من فرنسا ونجحت فى ذلك وقدمت نصرها الى الملك شارل السابع الذى توج فى 17 يوليو 1429 ملكا شرعيا لفرنسا، ولكن الانجليز قرروا وضع حد لهذه الفتاة الاسطورة واستطاعوا اسرها في أحدى المعارك الواقعة في ربيع عام 1430، حيث اخذها البورغندين اسيرة ، وظلت لعدة اشهر لديهم ، وبالتفاوض مع الإنجليز، رأى البورغندين ان جان دارك تعتبر جائزة قيمة، وبعد مفاوضات بادل البورغندين جان دارك بمبلغ يقدر ب 10،000 فرنك. وسلمها الانجليز بدورهم للكنيسة بعد ان تعهد المطران "بيركوشون" بأن يحاكمها لا بتهمة مقاومة الاحتلال الانجليزي بل بتهمة الكفر والهرطقة وممارسة السحر والشعوذة.

وفي 29 مايو 1431، اعلنت المحكمة ان جان دارك مذنبة، وفي صباح يوم 30 مايو، اخذوا جان دارك وهي مقيدة إلى السوق في مدينة روان وتم حرقها امام اعين كل الناس، وكانت وقتها جان دارك ابنة التاسعة عشر عاما حيث قامت السلطات الإنكليزية، وبمشاركة علماء جامعة باريس، بتقييدها إلى خشبة وحرقها، بعد أن أقتيدت إلى قاعة المحكمة وهي مكبلة بالأصفاد والحديد، وكان الحكم بحقها جائراً وبالغ الوحشية.

قبل حرقها، قيدوها إلى شجرة ومزقوا جسدها وهي في عمر الورود؛ وسألوها عن اقوالها الاخيرة فقالت لهم: "لو كنتُ في مكان إعدامي، وشاهدتُ الزبانية يشعلون النيران التي تلتهب، حين يلقون لها بالأخشاب الجافة، ولو كنتُ وسط اللهيب حتى آنذاك؛ فليس لديّ ما يمكن أن أضيفه من أقوال".

نسجت حولها الكثير من الاساطير المحيطة. لكن القول الفصل كان في حقيقة اعدامها حرقا وان مريديها ممن حضروا اعدامها جمعوا رمادها ونشروه في نهر السين .

هكذا أُحرقت جان دارك وهكذا اصبحت اسطورة باقية تخلدها سطور التاريخ وتنطق بإسمها حروف المجد ونسائم الريح.

بعد عقدين من هزيمة الانجليز النهائية اي عام 1456 برأتها الكنيسة من تهمة الكفر والهرطقة وممارسة السحر وطردت المطران بيركوشون من رحمته وادانته بالفسوق، واقيم لجان دارك فيما بعد تمثال بزيها الرجالي وبملابسها العسكرية في باحة قصر فرساي مقر ملوك وحكام فرنسا. وفي شهر نيسان من عام 1909 اعلنها البابا قديسة من القديسات وهي تكاد تكون القديسة الوحيدة المقاتلة..

وقد استلهم كتاب كثيرون شخصيه جان دارك فى اعمال أدبية عظيمة فكتب جورج برناردشو(القديسه جان دارك) وكتب جان أنوى مسرحية(القنبره) وكتابات أخرى كثيرة.

فكم من جان دارك خذلها التاريخ المهزوم والمأزوم ولم يأتي على ذكرها إلا بصورة المومس او المشعوذة لا لشيء كثير بل لان الاقلام مازالت تُستأجر لتزييف تاريخ الامم ولقتل ارادة الشعوب ولسرقة المستقبل ولتأكيد السطوة والاستبداد، ولا اريد القول ان التاريخ يكتبه المنتصر....فالمهزوم ايضا ممكن ان يكتب التاريخ .

نعم المهزوم يستطيع ان يكتب التاريخ ايضا، فالتاريخ يكتبه ابناءه عندما ينتمون اليه بعجره وبجره يكتبونه عندما يعتدون به فهو جزء منهم يكتبونه عندما يجزمون في قرارة انفسهم انهم جزء منه وهو وهم ملك للانسانية اجمع يكتبونه عندما يتأكدون بأن الامس قد فاتهم ولهم فيه حق المعرفة، يكتبونه عندما يتأكدون بأن لهم ما ليس يرضي عدوهم، فلهم الحياة كل الحياة والمستقبل.



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانوراما الوضع الفلسطيني في الشتات، الاردن نموذجا
- قراءة في رواية فلسطينية حتى النخاع -الجرمق-
- قراءة نقدية في رواية الجرمق/سليم النجار
- إن الحياة كلها وقفةُ عزٍ فقط
- لكل مقام مقال
- قتال العمالقة، -العسكرية الفلسطينية-
- ورق حرير ، الى زياد عبد الفتاح مع الحب والتقدير
- ابو عرب ، حُداء واغاني الثُّوار
- الكلمة والبندقية
- التطرف والاعتدال والكلمة والبندقية
- بعضٌ من القول في بعضِ ما نَفتقد
- مهدي سردانة، أبكيت الاحلام فينا
- الوحدة الوطنية
- كرستوفر كولمبوس سارق القمر والتاريخ
- قراءة في كتاب، نحو صياغة رواية تاريخية للنكبة
- قمرٌ وضّاء
- الجنة تحت اقدام الامهات
- عندما ينصفك التاريخ
- عندما يتكلم الشعراء!
- حتى أنت يا بروتس!


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهند طلال الاخرس - هكذا يُكتب التاريخ؛ جان دارك مثالا