أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند طلال الاخرس - بانوراما الوضع الفلسطيني في الشتات، الاردن نموذجا















المزيد.....


بانوراما الوضع الفلسطيني في الشتات، الاردن نموذجا


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6033 - 2018 / 10 / 24 - 15:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


بانوراما الوضع الفلسطيني في الشتات، الاردن نموذجا

مدخل تمهيدي: (تاريخ الحِراك الفلسطيني في الاردن)
إرتبطت بداية الحِراك الفلسطيني في الاردن بفعل النكبة المباشر وكنتيجة مباشرة للاحتلال الاسرائيلي لارضه ووطنه ، وبتواجد الانسان الفلسطيني المقهور والمهجر بفعل النكبة عام 1948على الاراضي الاردنية كان لا بد لنزعته الانسانية ابتداء ان تجنح نحو المقاومة ورفض الواقع والتمرد عليه عبر وسائل وادوات عمل وفعل متعددة، وتطور هذا الفعل وتدرج سريعا حتى وصل ذروته بإنتماء الشباب الفلسطيني الى صفوف الثورة والتحاقهم بصفوف فصائل الكفاح المسلح المتعددة.

ولان لكل فعل رد فعل ولان قوانين الطبيعة كما الفيزياء ترفض الفراغ، كان لا بد لحالة التشتت والظلم والقهر والنفي الذي اوجده الاحتلال بطرد الشعب الفلسطيني من ارضه ، كان لا بد ان يفرز سبل المواجهة لهذا النفي والتشريد، لا سيما ان الشعب الفلسطيني كان يملك من عبق التاريخ الكثير ومن ميزة الجغرافيا والديمغرافيا الشيء الكثير، ومن افرازات هذه الجذور الضاربة في عمق التاريخ ومن رحم الواقع المتحضر والمتجذر ما قبل النكبة وامتلاك الشعب الفلسطيني لصفات الديمومة وامتلاكه لعناصر الانتاج ومقوماته كحالة نهضوية جائت ردوده مبكرة ومتوافقة مع حجم الظلم والتشريد الواقع عليه نتيجة النكبة.

ان مظاهر الحراك الفلسطيني المبكرة في الاردن في بداياتها وفي قطاعاتها المختلفة( الطلاب والنقابات والاندية والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني) لم تنفصل عن حراك الشعب الفلسطيني في كل ساحات وجوده بعد النكبة، وقد جائت هذه الحراكات الشبابية في الاردن(وهي الاضخم والاكبر نتيجة لجوء القسم الاكبر من الشعب الفلسطيني للاردن) لتؤكد على حقيقة مفادها ان :
الشعب الفلسطيني وعى باكرا حجم المؤامرة التي سقطت عليه ونتجت عنها اقسى الصور وهي التشريد واقصى افعال الظلم والتي تجسدت بالنكبة بكل ما تحوي الكلمة من معنى.
وهذا ما قد يفسر جنوح الشباب الفلسطيني الى الكفاح المسلح وعدم النظر بعين الرضا لكثير من الوسائل والاساليب التي قد تخدم قضية التحرير والعودة على المدى البعيد بل وفي احيانا كثيرة الاستهزاء بها.
وعليه كانت هذه الدراسة بهدف:
دراسة الحراك الفلسطيني عبر اطره المختلفة ضمن مدار الدراسة وهي الاردن وضمن المسافة الزمنية لتواجده على الاراضي الاردنية، وعليه سنتناول في هذا البحث :
اولا : الخلفية التاريخية لاسباب التواجد على الارض الاردنية،
ثانيا: تقسيم قطاعات الدراسة وعينات البحث الى اربع شرائح( الطلاب والاندية والنقابات والجمعيات) .
ثالثا: تقسيم هذا التواجد على ستة مراحل بغية دراسة كل مرحلة على حدى:
اولا: مرحلة النكبة 1948 ونشوء اول المخيمات والتجمعات السكانية الفلسطينية في الاردن وحتى انطلاقة الثورة ومعركة الكرامة وصولا لاحداث ايلول الاسود،
وثانيا: مرحلة ما بعد احداث ايلول الاسود والانتقال للعمل السري ومرحلة الاحكام العرفية وبروز دور النقابات كغطاء للعمل السياسي بشتى الوانه واشكاله .
وثالثا: مرحلة الانفراج السياسي في الاردن 1989والغاء الاحكام العرفية والانتفاصة الاولى ووصولا الى اتفاقية السلام اوسلوا واثرها على فعالية الانشطة والتوجهات.
والمرحلة الرابعة: مرحلة ما بعد اوسلوا والتحاق كثير من كوادر وقيادات العمل الوطني والشبابي باجهزة السلطة الوطنية المنشاة حديثا،
وخامسا: مرحلة الانتفاضة الفلسطينية (انتفاضة الاقصى).
وسادسا: مرحلة الربيع العربي الى الان.

اولا : الخلفية التاريخية لاسباب التواجد على الارض الاردنية:
يعود سبب التواجد الفلسطيني الكبير على الارض الاردنية لطبيعة العلاقة التاريخية والقانونية بين البلدين والشعبين، اذا ان الاردن وفلسطين جزء من بلاد الشام تاريخيا وترتبط بروابط القربى والمصاهرة منذ الازل وان البلدين خضعا سويا للانتداب البريطاني وسياساته المتصهينة والمستهدفة لهما، ولطبيعة الحدود وطولها وانفتاحها بين البلدين لا سيما بعد النكبة عام 1948ما تبعها من وحدة الضفتين عام 1950واستحقاق معظم الفلسطينيين على الجنسية الاردنية كإحدى نتائج الوحدة بين الضفتين. هذا طبعا عداك عن التاريخ المشترك واللغة والدين والعادات والتقاليد .....كل هذه الاسباب وغيرها(على اختلاف اهميتها) اضفت على طبيعة العلاقة الاردنية الفلسطينية صفات خاصة منها كبر حجم اللجوء الى الاردن وبالتالي كثرة اعداد اللاجئين الفلسطينيين في الاردن.

ثانيا: تقسيم قطاعات الدراسة وعينات البحث الى اربع شرائح( الطلاب والاندية والنقابات والجمعيات) .
نصرت بالشباب هذا ما قاله النبي محمد ولأن المسيح الفلسطيني استشهد وهو في ريعان الشباب، ولان الشعب الفلسطيني يوصف بأنه شعب فتي، ولأن الشباب عماد المجتمع وعنوان المستقبل وبهم يناط حمل اللواء وهم الاكثر دفعا للثمن وللتضحية وللدم ولانهم عنوان التحرير والمستقبل الفلسطيني، ولأنهم رافعة هذا العمل وبهمتهم ينهض وبتقاعسهم ينتكس المشروع الوطني، كان لا بد من تسليط الدور عليهم وعلى قطاعات عملهم ومعرفة رؤياهم ودورهم ؛ وعليه سنتناول في هذا البحث دراسة اربع شرائح وركائز اساسية وهي الطلاب والاندية والنقابات والجمعيات(بإستثناء الفصائل)(*)، والغرض من هذا التوصيف واستعراض هذه الشرائح كعينة للبحث هو الايمان بأن العمل المنظم والذي يستثمر الجهود ويراكم عليها هو العمل المنظم والمؤطر والذي يندرج ضمن عمل المؤسسات ويبتعد عن ردة الفعل و"الفزعة" والتي كثيرا ما شكلت عنوان اعمال لنا ما لبثت ان ذهبت ادراج الرياح، ولان العمل المؤسسي هو التعبير الفعلي والحي عن حيوية القضية ونصج ابنائها في الدفاع عنها وبدون ذلك لا تستقيم الامور.
(*) الواقع الفلسطيني والحركة النقابية شحادة يوسف منشورات مركز الابحاث

ثالثا: تقسيم هذا التواجد على ستة مراحل بغية دراسة كل مرحلة على حدى:

اولا: مرحلة النكبة 1948 ونشوء اول المخيمات والتجمعات السكانية الفلسطينية في الاردن وحتى انطلاقة الثورة ومعركة الكرامة وصولا لاحدث ايلول الاسود.

منذُ هُجّر الفلسطيني من الوطن حمل فوق راسه أكواماً من الهموم والذكريات والأوجاع، سبب واحد لا غير كان وراء كل هذه الهموم؛ ألا وهو النكبة.
منذ الصغر ينمو الى جانب ظل الفلسطيني سؤال يكبر معه ويلازمه حيث يذهب ما النكبة؟ كان الجواب النكبة أن ننسى ...فكنا نقول كيف ننسى والمخيم شاهد والخيمة باقية واللجوء والشتات والاغتراب والمنافي كأنها لغة بِكر جائت من وجع النكبة وويلاتها حتى ان امثالنا لم تنسى هذا الوجع وهذه النكبة ومن هنا جائت حكاية المثل الشعبي: "الاسى ما بينتسى".

(*)يتواجد على الاراضي الاردنية 14مخيم فلسطيني معترف بها من قبل الاونروا وهي : البقعة وسوف وغزة واربد والشهيد عزمي المفتي والزرقاء والسخنة وشلنر والمحطة والنصر والحسين والوحدات وزيزيا ومادبا بالاضافة الى تجمعات كثيرة في المدن الرئيسية وحولها.
(*)موسوعة المخيمات الفلسطينية المقدم لبيب عبد السلام قدسية، المخيمات الفلسطينية محمد سعيد جبر، نشرات وتقارير وكالة الغوث الدولية، نشرات وتقارير دائرة الشؤون الفلسطينية في الاردن.

وقد شكل هذا التواجد الكثيف الناهض من رماد النكبة الى جذوة المقاومة بيئة خصبة للشباب الفلسطيني وقاعدة جماهيرية كبيرة تستوعب وتستجيب لكل الطموحات المشروعة للتحرير والعودة والتغلب على الواقع المرير المعاش، حيث اخذ الشباب الفلسطيني في هذه المرحلة على عاتقه مساعدة العائلة في توفير احتياجاتها المعيشية والمؤن (فلم يكن هناك عمل) حتى يكاد ان يكون قد انحصر ادوارهم في بدايات النكبة على هذا الدور فقط، ثم ما لبث الشباب بالبحث عن طوق النجاة للخلاص من هذا الذل والهوان، فانتسب بداية للاحزاب القومية المنتشرة في تلك الفترة والتي لم تلبي طموحاته ولم تكن اصلا من رحم معاناته وسرعان ما وجد ضالته بالحركات والفصائل الاكثر فلسطينية وعلى رأسها حركة فتح وتعزز هذا الانتماء لفتح بعد معركة الكرامة والتي اعادت للامة بأسرها كرامتها واعادت للشباب الفلسطيني هويته وايمانه بقدرته على التغيير والتحرير .
(*)وفي هذه الفترة انحصر او يكاد نشاط الشباب الفلسطيني بالانتماء الى صفوف الثورة حيث اعتبرها ضالته ووسيلته الوحيدة في التحرير. وهذا مما يؤخذ على كل الفصائل في البدايات، بحيث لم تهتم بالشباب الفلسطيني إلا من ناحية التعداد التنظيمي والمحافظة على الجماهيرية الاكثر وبل التسابق في ذلك حيث كان ينظر للشباب على انهم خزان لا ينضب للثورة وهذا ما كان مدار العلاقة ابتداء، وكانت بقية الاطر الشبابية كالنوادي او الجمعيات ينظر اليها على انها جانب من الترف ينقص اصحابها كثير من الرجولة ليكونوا فدائيين،(*)لقاء مسجل مع عدنان الاسمر رئيس نادي البقعة،
حتى ان هذا السلوك انعكس مضمونه على الادب الفلسطيني في تلك الفترة فتجدك تقرأ سطوره في مقولة غسان كنفاني: "ان الرجل الذي يلتحق بالفدائيين ، لا يحتاج بعد إلى رعاية أمه ".
تصاعدت هذا المرحلة بوتيرة متسارعة كان عمادها الشباب الذي هب بكل اعماره للالتحاق بقواعد الثورة في الاغوار والمدن وشكل الشباب عصب النهوض الثوري المتصاعد والمشتبك باستمرار مع الاحتلال حتى بدأت احداث ايلول الاسود والتي اصابت المشروع الوطني الفلسطيني في مقتل ولاحقا افقدته اهم ساحات العمل الثوري والنضالي المباشر ضد الاحتلال، وعليه لم يعد مستقبل القضية الفلسطينية بعد خروج الثورة من الاردن كما كان قبلها. ولتبدأ بعدها حالة من الشرخ والانكسار لم ترمم الى الان.

ثانيا: مرحلة ما بعد احداث ايلول الاسود والانتقال للعمل السري ومرحلة الاحكام العرفية وبروز دور النقابات كغطاء للعمل السياسي بشتى الوانه واشكاله .
شكلت مرحلة ما بعد ايلول الاسود مرحلة حزينة وشديدة البؤس بالنسبة للقضية الفلسطينية وما آلت اليه الامور بعد خروج قوات الثورة ونتيجة خسارتها لاكبر خط مواجهة مع الاحتلال، ولكنها وفي نفس الوقت شكلت بداية لعهد جديد في نوع وكيفية العمل الوطني وتنوع ادواته وموائمتها للظروف المستجدة، ولعل اكثر الشرائح استفادة في هذه المرحلة كان الشباب وهو ما يميز هذه المرحلة، حيث نمو وترعرع العمل الطلابي والنقابي والنادوي كنتيجة مباشرة لحالة التضييق والاعتقال التي فرضتها الاحكام العرفية في الاردن والتي طالت جميع التنظيمات والفصائل وحتى الاطر الاردنية والقومية والشخصيات الوطنية، ورب ضارة نافعة كما يقول المثل ولأن الطبيعة لا تقبل الفراغ ، كان لا بد من ان يتبؤ صدارة العمل النضالي بفروعه الشباب بمختلف شرائحهم وقطاعات تواجدهم.
فمثلا برز دور الشباب في الجامعة الاردنية بالتصدي لاتفاقية كامب ديفيد وفي اقامة المناسبات الوطنية ولا سيما يوم الارض .
وعلى الصعيد الآخر برز دور النقابات كقائد وموجه للعمل الوطني في الساحة الاردنية هذا عداك عن ان النقابات اخذت دور الاحزاب والفصائل وشكلت غطاء قانونيا لممارسات الفصائل والاحزاب حيث ساهمت هذه النقابات بالدفاع عن ابناء الشعب والفصائل ، هذا عدا عن مساهمتها في احياء المناسبات والفعاليات الوطنية المختلفة وبتنظيم حملات التبرعات لصالح الثورة واقامة الاعتصامات ومظاهرات التضامن لصالح القضية.
وفي هذه المرحلة ايضا نشط الوضع النادوي والذي كان سببه تغيير وضع اندية المخيمات بتغيير مرجعيتها والهيئة المشرفة عليها من وكالة الغوث الى وزارة الشباب الاردنية وذلك في العام 1976.

كما تميزت هذه المرحلة بدور مميز للشباب الفلسطيني في الاردن في التعليم والعمل ومساعدة العائلة، حيث سعى الشباب الفلسطيني في محاولته الجادة لنصرة قضيته من خلال تفوقه في التحصيل العلمي ابتداء،ً ومن ثم العمل في دول الخليج لاعالة العائلة والخروج من حالة الفقر المطقع ايمانا منه بأنه لا يمكن لشعب من الجوعى أن يقاتل ، فالمناظر والمسلكيات التي كانت تسود عند بوابات المؤن وشبابيك الاعاشة ومطاعم الوكالة والعراك بين الجوعى من أجل حفنة من حساء العدس او حبوب زيت السمك الكريهة تدل على أن من أوصل الشعب الفلسطيني لهذا الحضيض كان يعلم ما يفعل…لكن في المقابل ايضا كان الشباب الفلسطيني يعرف كيف يواجه وكيف يبدع وسائل مقاومته وبقاءه ايضا، فاستل الهمم من تحت الركام ونهض من تحت رماد النكبة كما هو ديدن اسطورة طائر الفينيق التي ما إنفك عن التغني بها كلما عصفت به الانواء وتكالب عليه الاعداء.

ثالثا: مرحلة الانفراج السياسي في الاردن عام 1989والغاء الاحكام العرفية والانتفاصة الاولى ووصولا الى اتفاقية السلام اوسلوا واثرها على فعالية الانشطة والتوجهات.
نشط الشباب الفلسطيني في هذه المرحلة مستفيدا من حالة الحرية النسبية الناجمة عن رفع حالة الطواريء والغاء الاحكام العرفية، وانخرط الشباب الفلسطيني في الجمعيات والاحزاب والاندية ونشطت الحركة الطلابية في الجامعات واخذت على عاتقها القيام بالكثير من الفعاليات والمناسبات الوطنية وتمدد العمل الطلابي بشكل سري مستفيدا من خصوصية الاردن وجواره لفلسطين وخاصة مع اندلاع انتفاضة الحجارة، حيث نشط جهاز الارض المحتلة (القطاع الغربي) اكثر من ذي قبل وساهمت الانتفاضة برفع سوية هذا الدور واهمية هذا الجهاز واصبح القطاع الطلابي بؤرة التواصل الرئيسية بين القيادة الفلسطينية والاهل في الارض المحتلة، حيث تولت الاذرع الطلابية وتحت اشراف (الغربي) والتنظيم تدريب وتثقيف وتنظيم الشباب.

والمرحلة الرابعة: مرحلة ما بعد اوسلوا والتحاق كثير من كوادر وقيادات العمل الوطني والشبابي باجهزة السلطة الوطنية المنشاة حديثا.
تكاد تكون هذه المرحلة من اخطر المراحل واكثرها ضعفا ووهنا في صفوف الحركة الوطنية عموما وفي صفوف التواجد والحراك الفلسطيني في الساحة الاردنية، (*)اذ انه وعلى اثر توقيع اتفاق اوسلوا التحقت كثير من قيادات وكوادر العمل الوطني والشبابي في اجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية، مما شكل حالة من الفراغ الغير مسبوقة على الساحة، والاهم من ذلك انها تركت الساحة بدون قيادة وبدون الكادر القيادي الاول والثاني بل واكثر من ذلك تركت الساحة بدون رؤية سياسية واضحة وبالتالي دون خطة عمل مما لج الساحة وقطاعاتها واوقعها في حالة من الضبابية، فهي من جانب غير راضية عن اتفاقية السلام ونتائجها وغير مقتنعة بتبريرات القيادة ، وفي نفس الوقت فهي لا ترغب بالاصطدام بقيادتها الشرعية والاسهام لا سمح الله بتفسخ الصف الوطني وتشرذمه، فاختارت الاطر والحراكات الفلسطينية في قسم كبير منها التقاعس وعدم التفاعل مع الحدث وتبعه مرحلة عرضية ومرضية اصابت الشباب بالانكفاء والعزوف عن ممارسة العمل الوطني حزنا وقهرا .
(*)ما العمل؟دراسة صادرة عن اقليم حركة فتح الاردن

فعلى صعيد الجامعات مثلا لم تشهد اي حراك شبابي من قبل الكتل الطلابية او الاتجاهات السياسية ضد اتفاقية السلام(اوسلو) إلا في الجامعة الاردنية وعلى نطاق ضيق، وكذلك الحال في النقابات المهنية حيث لم تقم فعاليات مضادة بما يليق بالنقابات وحجمها ودورها الذي دأبت على ممارسته وتراسه، ولم يشذ الوضع في نوادي المخيمات عن هذا النهج، فلم تقم الا بضع فعاليات صغيرة وبعيدة كل البعد عن الجماهيرية، وساهم انضمام التيار الاسلامي (حديث النشأة والعهد) لها الى عزوف الاخرين عن ذلك، والى تلك اللحظة لم يتبلور رؤية واضحة للنقابات(كغطاء للاحزاب) وكقائدة وموجه للعمل الوطني على الساحة الاردنية اي رؤية او خطة طريق لقراءة الظرف الدولي الجديد وافرازات المعاهدة إلا ردات الفعل الحزينة والتي اتسمت بالتواضع والخجل امام الحدث الجلل، فمن تأسيس لجنة لمقاومة التطبيع الى تأسيس لجنة لدعم الصمود والمقاومة والى تعزيز دور لجان الانتفاضة الى كثير من اللجان التي لا يكتمل نصاب اجتماعها الا في الاحداث الموسمية، هذا عداك عن ان الحراكات ارادت ان تواجه ادوات الصراع الدولي الجديد(المفاوضات والاتفاقيات) بنفس ادوات الزمن العربي التقليدي والمنكسر.
هذا عداك ايضا عن عدم قدرتها على مجاراة الاحداث وعدم قدرتها على امتلاك اي اداة او خطة لمواجهة اتفاقية السلام ويعود ذلك لاسباب ذاتية وموضوعية تتعلق بالنقابات نفسها ؛ منها طبيعة القوى المشكلة منها مجالس النقابات ومنتسبيها وتحالفاتها ايضا وما نجم عنه من صراع بدأ ينشأ ويفت من عضدها واتلافها والذي تمثل باقتحام التيار الاسلامي لبوابات العمل السياسي مع بداية انطلاق الانتفاضة ورفع الاحكام العرفية، ومنها ظهور مدى هشاشة الوضع القومي على الساحة الاردنية وارتباطاته، اذ لم يكن امامه قدرة على معارضة هذا الاتفاق لعدة اسباب كان اهمها طبيعة العلاقة الاردنية الفلسطينية والتي لم تنسى ولم تتعافى كليا الجراح التي سببتها احداث ايلول بعد؛ بل اتخذت تلك الاحداث (ايلول الاسود) وفي بعض المجالس لسوق التبريرات لماذا قبلنا اوسلو؟

وفي الوقت الذي بدأت فيه الحراكات الفلسطينية (بمستواها الطلابي والنقابي) ومؤسسات المجتمع المدني بتبلور خطة مواجهة وتصدي لاتفاق اوسلوا والخروج من مرحلة رد الفعل والفزعة، ما لبثت ان انتكست مجددا، بسبب توقيع اتفاقية وادي عربة بين الاردن والاحتلال الاسرائيلي .
وخامسا: مرحلة الانتفاضة الفلسطينية (انتفاضة الاقصى).
جسدت الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاصة الاقصى) حالة الترابط بين فلسطين الوطن وفلسطينيو الشتات، وكانت الساحة الاردنية خير مثال على ذلك؛ اذ ما لبثت ان انبعثت شرارة الانتفاضة في داخل الوطن على اثر استباحة مجرم الحرب شارون للاقصى، حتى تمددت سريعا عبر كل الساحات والمحافل، وسرعان ما تلقفتها الجماهير الفلسطينية في الاردن كطوق النجاة وكبارقة امل طال انتظارها.
كانت كل الظروف في الاردن تشير الى قدرة الشباب على احداث التغيير المنشود وعلى تصويب البوصلة واستثمار الحدث والدفع به الى اقصى نقطة للامام بغية نصرة الانتفاضة في داخل الوطن والوصول الى نقطة الفعل المباشر في الانتفاضة والبعد عن ادوات العمل التقليدية المساندة والمؤيدة والمنددة.
سرعات ما تدرحرجت الانتفاضة نحو العسكرة وفي ظرف زمني قصير، حيث لم تواكبه بقية ساحات العمل في الشتات وبالاخص دول الطوق، لكن هذا لم يمنع القطاعات الشبابية في الساحة الاردنية من التشمير عن سواعدها والنهوض من تحت الركام ونفض الغبار واسناد الحدث والدفع به الى نقطة الالتقاء مع الداخل.
وهذا ما اثبتته الايام؛ اذا نهض العمل الطلابي في كل الجامعات والمعاهد والمدارس وبوتيرة متسارعة ومتدافعة نحو العطاء ونحو الافضل على نحو لم يسبق له مثيل، وما لبثت الشوارع والتجمعات ان اكتظت بالمظاهرات والفعاليات المؤيدة للانتفاضة والتي كان عمادها الطلاب والشباب.
كان الطلاب بكل قطاعاتهم الاسرع استجابة للاحداث بعد المخيمات تبعتهم النقابات وتأخر انضمام مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والنوادي، وساهم في ضحالة دورهم ايضا ضخامة وفعالية الدور الجماهيري والتعبوي الذي يقوم به الطلاب والنقابات.

تلقفت الاطر والتنظيمات الوطنية الاشارة سريعا وأبدت ردة فعل متفاوتة من حيث القوة والفعالية، لكنها بالمحصلة خرجت من حالة السكون الى حالة لحركة ومن حالة ردة الفعل الى حالة الفعل المستدام .
اذ استشعرت القيادة الطلابية حجم المرحلة وضرورة الدفع بها للامام تماشيا مع اسعاف القيادة في خياراتها، وايمانا منها بضرورة اذكاء روح المقاومة في الاجيال المتدافعة والمتلاحقة، وابقاء جذوة المقاومة حيةً في النفوس، وفرصة ذهبية للخروج من حالة اليأس والقنوط التي اصابت الناس في مقتل. وعليه تداعت قيادة العمل الطلابي لتنظيم جسد العمل الطلابي ابتداء ، حيث تم إحياء الكتل الطلابية في الجامعات والمعاهد وتأسيس أخرى، وخلال اقل من سنتين كان العمل الطلابي في الاردن منتشر ومؤطر ومنظم في كل الجامعات والمعاهد وحتى في المدارس(*).
(*)مجلة فلسطيننا الشبيبة الفتحاوية، مجلة بيسان الوحدة الطلابية جامعة جرش، مجلة النخبة النخبة الطلابية جامعة الزيتونة، مجلة العودة الوحدة الطلابية جامعة العلوم والتكنولوجيا، مجلة الكرمل الوحدة الطلابية الجامعة الاردنية،مجلة الصفوة الصفوة الطلابية جامعة فيلادلفيا

سادسا: مرحلة الربيع العربي الى الان.
لم ينخرط الفلسطيني المتواجد في الاردن في احداث الربيع العربي ولم يستجب لها، وبقي على الحياد واصابته الريبة من تطور الاحداث، كون الايام علمته الكثير، وانه لن يقبل ان يكون حطبا ووقودا لعارك بوصلتها ليست فلسطين، ورغم هذه الريبة والتحفظ رحب بالتغيير الذي قاده الشعب العربي في تونس ومصر ابتداءً، وبدأت مجموعات شبابية(قليلة) بالانضمام الى الحراك الاردني وان على استحياء، وكان عماد هذه البؤر المنضوية تحت مسميات الحراك الشبابي ذات الطابع الايدولوجي المعارض اساسا للنظام مثل تنظيمات اليسار والتنظيمات القومية على انواعها ولحقت بهم جماعة الاخوان المسلمين، وربما كان في عقيدة ونهج هذه التنظيمات ما يفسر سبب تعاطيها مع الحالة الاردنية اليومية وتداخلها لاسباب شتى..
وفي هذه المرحلة ظهر خطان متوازيان متعارضان في نظرتهما لانخراط الفلسطيني في الحراك الاردني المطالب بالاصلاح:
- خط مع الانخراط وبثقل؛ مبررين وجهة نظرهم بقولهم اننا نحمل الجنسية الاردنية واننا شركاء في هذا الوطن وان المواطنة الصادقة تقتضي منا الموقف السليم تجاه قضايا الشعب والوطن وانه لا مكان للحياد ولا لانصاف المواقف، وانه لا يجوز ان نترك اخواننا الشرق اردنيين لوحدهم في المواجهة والمطالبة بإصلاحات، حيث هم يدفعون الثمن ونحن ننعم بالخيرات فيما بعد بدون ادنى جهد، مؤسسي وجهة نظرهم بأن هذا ليس من شيم الفلسطيني واصالته ولا يتفق مع عروبته، وكان انصار هذا الخط غالبا ما يتسلحون بالمثل القائل :" كلنا اجرينا بالفلقة" ، "وكلنا بالهوى سوى" ، وكانوا يختمون ديباجتهم؛ بأن الخبز والكاز زي ما بيغلى على ابن الكرك ومعان بيغلى على ابن البقعة والوحدات.
ورغم سوق كل هذه المبررات الا ان الحراك الفلسطيني في المخيمات والتجمعات الفلسطينية بقي خجول ولا يشار اليه إلا على استحياء، وبقي معه منتسبي هذه الحراكات لا يتجاوزون اصابع اليد الواحدة وبقيت شعاراتهم المطروحة لا تتناسب مع طروحاتهم والتي ما لبثت ان انحصرت في انتخاب لجان الخيمات والمطالبة بتنظيف الشوارع وتوفير اغطية للمناهل ومطالب اخرى تندرج في هذا السياق.
- خط ضد الانخراط وضد التدخل بأي شكل من الشكال؛ وهو خط يمثل الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، وتمترست خلفه حركة فتح ومعظم اصحاب الرأي والمستقلون والوجهاء والفعاليات المجتمعية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وسرعان ما تبنى الجميع هذه الرؤية ؛ بأننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، وان ما تم طرحه من شعارات هي شعارات مطلبية واصلاحية تتعلق بطبيعة النظام السياسي الاردني وطريقة الحكم، وهي لا تتناول لا من قريب ولا من بعيد الشأن الفلسطيني.
اضافة الى رؤية ضمنية يتم تداولها بهمس وهي ان ما يحدث بين الاردنيين هو شأنهم ولا علاقة لنا به، وإن تدخلنا قد نفسد مطالب الاصلاح والحراك وقد تنحرف البوصلة وقد يتم تجيير الحدث والحراك وان تدخل معادلة الشرقي والغربي(الاردني والفلسطيني) وقد يحدث ما لا يحمد عقباه .
هذا طبعا اضافة الى اراء اخرى ترى ان ما يحدث هو مؤامرة وليست ربيعا، فقد بدأت ربيعا لكن سرعان ما تم تجيرها والعبث بها وبأهدافها وحذفها عن مسارها، وسرعان ايضا ما ركبت الموجة احزاب وتنظيمات لها اهدافها الخاصة تستهدف كل شيء إلا الاصلاح.
وهدفت هذه الرؤية ايضا الى إخراج المخيمات من ساحة التجاذب والصراع وعدم الزج بها في أتون هذه المعمعة.
وما عزز هذا الخط ورؤيته ما آلت اليه الاوضاع في سوريا لا سيما اوضاع المخيمات وما آلت اليه الاوضاع في التجربة اليمنية والعراقية والليبية.
حال الشعب الفلسطيني ونضاله في الاردن لا يختلف كثيرا عن احوال بقية الشعب الفلسطيني في الشتات ولا ينفصل، فالشعب الفلسطيني في الشتات وفي شتى اصقاع تواجدهم لا يستطيعون اخبارك عن نصر احرزوه؛ لكنهم يستطيعوا ان يخبروك بكل تأكيد ويقين انهم نجو من موت محقق.



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية فلسطينية حتى النخاع -الجرمق-
- قراءة نقدية في رواية الجرمق/سليم النجار
- إن الحياة كلها وقفةُ عزٍ فقط
- لكل مقام مقال
- قتال العمالقة، -العسكرية الفلسطينية-
- ورق حرير ، الى زياد عبد الفتاح مع الحب والتقدير
- ابو عرب ، حُداء واغاني الثُّوار
- الكلمة والبندقية
- التطرف والاعتدال والكلمة والبندقية
- بعضٌ من القول في بعضِ ما نَفتقد
- مهدي سردانة، أبكيت الاحلام فينا
- الوحدة الوطنية
- كرستوفر كولمبوس سارق القمر والتاريخ
- قراءة في كتاب، نحو صياغة رواية تاريخية للنكبة
- قمرٌ وضّاء
- الجنة تحت اقدام الامهات
- عندما ينصفك التاريخ
- عندما يتكلم الشعراء!
- حتى أنت يا بروتس!
- النسيان


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند طلال الاخرس - بانوراما الوضع الفلسطيني في الشتات، الاردن نموذجا