مهند طلال الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 5893 - 2018 / 6 / 4 - 10:35
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
النسيان ظاهرة طبيعية تحدث لجميع البشر وهو فقدان التَذكُر أو عدم إمكانية استرجاع المعلومة عند الحاجة إليها.
والنسيان صفة أودعها الله في النفس البشرية، وهو ظاهِرَة طَبيعِيّة أوجَدَها الله تعالى كي يستطيع الناس العَيش.
فالنسيان هبة الله لنا ، والله لا يهب شيئا للإنسان هباءً، وقد سُمِّي الإنسانُ إنساناً لكثرة نسيانه، ويقول المثل العربي الإنسان أخو النسيان. وهو نعمة عظيمة لا نستطيع الإستغناء عنها، ومن لم يحصل عليها قد يصاب بأمراض نفسيه عديده قد تصل لحد الجنون .
فعند الألم نطرق كل أبواب النسيان، فالبعض يبكي كي ينسى، والبعض يضحك كي ينسى، والبعض ينام كي ينسى، والبعض يتحدث بصوت مرتفع كي ينسى، والبعض يصمت كي ينسى،
فالنسيان شكل من أشكال الحرية، لهذا جعل الله تعالى النسيان أرضا تمتص الكثير من الأحزان حتى يُنقِذُ الناسَ من أحزانهم.
ويروى انَّ أَوَّلَ مَنْ نسيَ آدَمُ - عليه السلام - ،اذ انَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ ذَارِئٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ، فَقَالَ ادمِّ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، فقَال ادمَ: كَمْ عُمْرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ عَامًا، قَالَ: رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمْرِكَ، وَكَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ، فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَكَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ آدَمُ، وَأَتَتْهُ الْمَلَائِكَةُ لِتَقْبِضَهُ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ عَامًا، فَقِيلَ: إِنَّكَ قَدْ وَهَبْتَهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ، قَالَ: مَا فَعَلْتُ، وَأَبْرَزَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ"، وفي رواية الترمذي: "وَنُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ". وفي رواية: "فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالكِتَابِ وَالشُّهُودِ".
وجاء في إحدى أساطير الإغريق أن أشباح الموت قبل أن تنحدر إلى الجحيم كان عليها أن تستحم في نهر النسيان لتنسى ماضيها، وتتخلص من الشوائب التي تعكر عليها صفو السعادة في حياتها المستقبلية.
وفي هذا يقول محمود درويش :"فما نفع الربيع السمح إن لم يؤنس الموتى، ويُكمل بعدهم فرح الحياة ونضرة النسيان؟"
#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟