أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زين وآلان: الفصل الرابع 1














المزيد.....

زين وآلان: الفصل الرابع 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5997 - 2018 / 9 / 17 - 21:10
المحور: الادب والفن
    


في فترةٍ ما من شهر نيسان/ أبريل ( بالتأكيد ليسَ في اليوم الأول منه! )، شهدَ هذا الشارعُ مفتتحَ زياراته لفيللا الأسرة المُحسنة. آنذاك كان الوقت مساءً، وعليه كان أن يعتاد تقريباً على هذا التوقيت إلى يوم الزيارة الأخيرة. ونعني زيارته المعلومة، المُصاقِبة لتعرّفه على " خولة "؛ على أم الفتاة المسكينة، المبتلية بعلّة الصرع ومَن زلّ لسانها الليلة، بعفوية وبراءة الأطفال، عن سرٍ مستطير.
دأبت الفيللا على أن تلوحَ لعينيه، عن بعد، أكثر غموضاً مما سيعهدُ منظرها فيما بعد. لقد كانت تلوحُ متوحّدةً منعزلة، تحيطها العَرَصة المترامية على طرف الشارع ذي الاسم الملكيّ، المملوء بالضوضاء والأضواء ـ كما لو أنها سفينةٌ وسط محيطٍ مغمور بعتمة دامسة، مخترقة ببصيص أنوار القمر والنجوم، المتناثرة في سماءٍ لا نهائية.
حجّة الطفلة، المُساقة في كلّ مرةٍ يغشى فيها الفيللا، كانت جديرة فعلاً بشهر الكذب. وكذلك الأمر، يُمكن أن يقال بشأن شعوره آنئذٍ تجاه الابنة الصغرى للأسرة، المُعرَّف بالمفردة الخالدة؛ " الحب ". ولكنه كان يحمل هذه المفردة بين جوانحه في أوان زياراته الأولى، على الأقل. أي قبل اللقاء هناك مع " آلان "؛ مع مَن فتحَ له سبيلاً للتعرّف على الحبيبة الحقيقية. شقيقُ الحبيبة هذا، شاءَ أيضاً أن يعوّضَ " خدّوج " عن كل مرارة وخيبة سبّبها لها الشابُ السوريّ. من ناحيته، بقيَ " سيامند " يحسّ بالألم والشفقة على الفتاة على الرغم من أنها هيَ الملومة مذ البدء في تلك العلاقة الإشكالية: لقد فتحت له حديقتها، المليئة بشذا الورود، في خلال الوقت نفسه، الذي كانت فيه مرتبطة عاطفياً مع مواطنها؛ مع " آلان " بالذات. هذا الأخير، كان وقتئذٍ بالكاد يُحصّل ثمنَ السجائر والمواصلات من عمله وراء صندوق حسابات المطعم. وكان على الفتاة ( المعتادة على شيمة استبدال عطور العشاق! )، أن تفتح قلبها للشاب القادم من المشرق؛ القادم مع ما تبقى من ميراث العائلة، وكان من المفترض أن يستثمره في المدينة الحمراء.

***
" سيامند "، كان خالي الفكر تماماً من كلّ ما يخصّ سيرة المرأة الغامضة تلك، ذات الثوب الأحمر البرّاق، حينَ جرى ذكرها فجأة على لسان الفتاة. فيما مضى، أعلمته " خدّوج " بحكاية اعتقال ابنة أختها هذه لأعوام في قصر امرأة لا تقل غموضاً سواءً بسيرتها أو لقبها السامي، " الأميرة "، وكيفَ تمكّنت السيّدة السورية من تخليصها وإعادتها لمنزل والدتها. وما لبثت " سوسن خانم " أن أهدت الفتاة جرواً جميلاً، وذلك بهدف المساعدة على استعادة مداركها العقلية، المنهكة بفعل المرض والاعتقال معاً.
" لقد وعدتني امرأة خالي بأخذي إلى أوريكا، على أن أعود منها بقرد صغير أرغب بتربيته في المنزل "، كذلك كانت الفتاة قد هتفت على غرّة تعقيباً على ذكر إحداهن لاسم " الشريفة ". إذاك كان يلعب الشطرنج مع كنّة الأسرة وتحت أنظار زوجها الملول، المتجهّم الوجه. فيما طفقت " خدّوج " تراقب اللعبَ بعينين متألقتين مكراً، طالما أنه من ضمن خطتها المحبوكة للحبيب السابق. فلما سمعت الفتاةَ المريضة تنطق كلماتها تلك، وما خيّم على الأثر من الصمت المريب على جو الصالة، فإنها أطلقت ضحكة مجلجلة. ثم أعقبتها بالتوجّه إلى الكنّة، لتسألها في اهتمام متكلّف: " أأنتِ وعدتِها حقاً بالقرد؟ وإذاً ستكون فرصة مناسبة لزيارة مصيف أوريكا، علّنا نتخفف ثمة من حرّ مراكش نهاراً واحداً بالقليل "
" ونصحبُ أيضاً سيامند معنا، كونه لم يزُر المصيفَ بعدُ "، علّقت الأخرى بدَورها مع غمز متخابث من عينها رشقت به شريكَ لعبة الشطرنج. سرى عندئذٍ المرحُ في الجو، شاملاً حتى صاحب الوجه المتجهّم. وكيلا يُفسح المجال للفتاة المريضة لأيّ استدراك، اندفعت أمها نحوها لتضمّها في حركة حنان قائلة: " علينا الذهاب للبيت، ولا بد أنّ كلبتكِ الآنَ جائعةٌ تنتظرُ عودتك ".
" سأوصلكما بالسيارة، لأنني أرغبُ بقضاء بعض الوقت في المقهى "، خاطبها الضيفُ وقد نهضَ بدَوره دونَ أن يكمل اللعب. ولكنها " خدّوج " مَن نبذت لمقاطعته: " هل اشتريتَ سيارة، حقاً؟ "، قالتها وقد ازداد بريقُ عينيها اضطراماً. أخبرها عن شرائه سيارة مستعملة، كانت تحت تصرف صديقه " عبد الإله ". ثم زاد بالقول، مبتسماً: " كذلك وظّفتُ سائقاً، وما عليّ إلا مكالمته هاتفياً كي يحضر خلال دقائق قليلة "
" لا أرغبُ أن تتجشّم كل هذا العناء، أرجوك "، تولّت الإجابة السيّدةُ المعنية وكانت في الأثناء تنقّل بينهما نظراتٍ غائمة. تلك ربما كانت ذكرى الأخ الراحل، فكّرَ " سيامند "، تدهمُ المرأةَ مجدداً وهذه المرة على خلفية ما كان من علاقة الراحل المزعومة بأختها غير الشقيقة. بعيداً عن المجاملات والنظرات، كان الشابُ يداور في ذهنه فكرةً أخرى خطرت له مذ بعض الوقت: الإيحاء للمرأة ذات السحنة الكئيبة، المفزوعة نوعاً، أنه في وسعه أخذ دور مواطنته " سوسن خانم "؛ دور المنقذ للابن المفقود، في هذه الحالة. لم تكن فكرة عبثية تماماً، طالما أنها مستمدة من قوة صلته بحامي أعماله التجارية في مراكش.

> مستهل الجزء الثاني/ الفصل الرابع، من رواية " الصراطُ متساقطاً "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زين وآلان: الفصل الثالث 5
- زين وآلان: الفصل الثالث 4
- زين وآلان: الفصل الثالث 3
- زين وآلان: الفصل الثالث 2
- زين وآلان: الفصل الثالث 1
- زين وآلان: الفصل الثاني 5
- زين وآلان: الفصل الثاني 4
- زين وآلان: الفصل الثاني 3
- زين وآلان: الفصل الثاني 2
- زين وآلان: الفصل الثاني 1
- زين وآلان: الفصل الأول 5
- زين وآلان: الفصل الأول 4
- زين وآلان: الفصل الأول 3
- زين وآلان: الفصل الأول 2
- زين وآلان: الفصل الأول 1
- خجي وسيامند: الفصل السابع 5
- خجي وسيامند: الفصل السابع 4
- خجي وسيامند: الفصل السابع 3
- خجي وسيامند: الفصل السابع 2
- خجي وسيامند: الفصل السابع 1


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زين وآلان: الفصل الرابع 1