كفاح حسن
الحوار المتمدن-العدد: 5993 - 2018 / 9 / 13 - 22:33
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
ليس من السهل أن تودع رفيقا عشت معه و خبرت معدنه الطيب. و يصبح عسيرا على القلم أن يخط كلماته بينما اليد ترتجف .. لقد ألم به المرض منذ سنوات وصعبت عليه الحياة و هو في رذيل العمر. رغم ذلك, فإن تركه لنا و مغادرته الهادئة كانت من القسوة بحيث صعب علينا قبولها..
إنه عزت عثمان (أبو ستار).. إبن مدينة كركوك الكريمة بثرواتها و الغنية بكتابها و مثقفيها و مبدعيها, و التي مدت العراق بخيرة المناضلين. و هذا ليس بغريب على مدينة عرفت بتعدد ثقافاتها و سكانها, حيث تحولت إلى نموذج نسعى له لعراق موحد و متجانس.
لقد ولد أبو ستار في مدينة كركوك, و هناك تعرف في فتوته على الحزب الشيوعي, و إلتحق بمنظماته ليترك خلفه كركوك و يتجول مع الحزب شمالا و جنوبا.. و طاف العراق و هو ينتقل من مهمة حزبية إلى أخرى. و قد زاده تنقله خبرة و دراية, و ارتبط أكثر بحزبه و عراقه.. و في داخل الحزب, تعرف على رفيقة دربه. حيث بنى معها عائلة شيوعية صلدة. و قد عانت عائلته الكثير و هي تتعرض لمطاردة رجال السلطة و جواسيسها.. حتى فاجئتنا في مقرات الأنصار في وادي سماقولي, حيث إلتحقت العائلة بكاملها بقوات الأنصار.
كنت شابا متحمسا في منتصف السبعينيات عندما إلتقيت به لأول مرة في مقر الحزب في بغداد. كانت لقاءاتنا محدودة و لكنها محفورة في الذاكرة.. حيث كان أمامي رفيق حقيقي يفيض بحبه للحزب و العراق و البشرية.. كان أمامي مثالا للإنسان الهادئ و المتفائل و المقتنع بطريقه رغم كل الصعاب.
و ألتقيت به في الغربة, و كان كما عهدته, إنسانا يفيض بمشاعره المحبة للعراق و البشرية و الشيوعية.. إنسانا متواضعا ينصت باحترام لكل من يحدثه.. و لكن فراقه لزوجته و شيخوخته جعلته يبتعد عن لقاءاتنا, و ينزوي لوحده وسط أفراد عائلته..
و ها هو يغادرنا اليوم بعيدا عن كركوكه و عراقه.. و لكنه يبقى ساكنا في قلوب رفاقه و محبيه..
سلاما لك أبو ستار.. يوم ولدت, و يوم قدمت كل ما تقدر عليه لشعبك و وطنك , و يوم تغادرنا شامخا و رافع الرأس..
#كفاح_حسن (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟