أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - كاموك- رواية- (50- 56)















المزيد.....



كاموك- رواية- (50- 56)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5989 - 2018 / 9 / 9 - 09:33
المحور: الادب والفن
    



الى: ايغور كركجورديان كاموك،
المناضل والانسان والشاعر..!


(50)
سألت صديقي الأمريكي استاذ علم النفس في جامعة لوس انجلس عن علاقة الأرقام بالأحداث..
وهل الأرقام المتجانسة أو المتكررة تقترن بأحداث متجانسة أو متكررة.. قطّب جبينه وحدّق في عيني لبعض الوقت، وقال.. لأول مرة تسألني سؤالا غريبا..
- ليس غريبا.. أعرف أنه تخصصك..
- ليس تماما.. ولكنه غير بعيد من تخصصي..
- والجواب..
- أنت هذه المرة في كامل جدّيتك..
- أنا دائما في كامل جدّيتي..
- دعنا الآن نجد مكانا نجلس فيه.. هل تريد أن تأكل.. أنا أشعر بجوع..
- لا بأس.. كما تشاء..
- أشتهي اليوم أكلا شرقيا.. هل يوجد هنا مطعم عراقي..
- يوجد مطعم لبناني مشهور..
- المهمّ طعامه طيّب..
- أعتقد أنه يناسبك..
ذهبنا إلى مطعم مروش في شارع اجوردرود وكان ما يزال مزدحما في فترة الغداء.. وقفنا جانبا قليلا حتى شغرت طاولة عريضة.. جلسنا في جانب منها متقابلين.. وطلبنا الأكل.. وكان صديقي يتفحص المطعم والناس ويهزّ برأسه موافقا..
- لم أدخل هنا من قبل.. يبدو مكانا جميلا..
- صغير ومزدحم غالبا..
- الكراسي المتقاربة تمنح المكان حميميّة..
- هل الحميميّة مهمة عندكم..
- أووو.. جدّا.. نحن عائليون وأليفون جدّا..
- وسياستكم الخارجية..
- أنت تتكلم في السياسة دائما.. أنا لست سياسيا.. في بلدنا كل شخص يتكلم في تخصصه..
- لكن أميركا نظام دمقراطي.. والمواطنون يشاركون في الانتخابات والتصويت..
- ليس تماما.. هذا هو الظاهر..
- السياسة لها أهلها.. والحملات الانتخابية يديرها سماسرة محترفون وتجار مال أذكياء..
- والشعب الأميركي أيضا شعب ذكي حسب رأي الفايننشيال هنا..
- صحيح.. هذا متوقف على المقصود بكلمة (ذكاء).. الذكاء في أميركا والغرب عموما يتعلق بالقدرة على اكتساب المال وجمع الثروة..
- ولكنك أيضا شخص ذكي.. واستاذ في جامعة مشهورة..
حضرت طلبات الكل.. نظر النادل في عيون كل منا.. وقام بتوزيع الصحون دون سؤال.. لقد صحّ تخمينه.. حمل الأمريكي طبقا ووضعه أمامي.. نظرت إليه..
- أليس هذا طبقك..
- الأكل كثير.. وأنا لا أكل كثيرا بسبب السكّر.. كما أني لا أتناول الكاري..
- الأكل معك مكسب..
- أشكرك يا صديقي..
- ....
- لا أخفي عليك.. راتبي الجامعي جيد وهو يكفيني للمعيشة والمصاريف.. ولكن دخلي الرئيسي من الاعارات والبعثات والمشاركات الجامعية.. فيتحقق لي مورد ثروة لا بأس بها.. وأنا أحبّ السفر والتعرف على ثقافات الشعوب..
- لكنك سفراتك غالبا ضمن تكليف الجامعة..
- نعم... تكليف الجامعة أو طلب انتداب من جامعات أخرى..
- كم بلدا زرته حتى الآن..
- حوالي مائتي بلد.. لكن اسألني كم جامعة عملت معها.. فهذه بالمئات..
- هل تعتقد أنك ستحوز هذه الشهرة لو لم تكن أميركيا..
- طبعا لا.. في بلدانكم أساتذة جيدون.. لكنهم مطمورون.. لا تتعدى شهرتهم حدود بلدانهم..
- ألا ترى أن هذا جزء من السياسة الغربية في الشرق الأوسط..
- إلى حدّ ما..
- لماذا إلى حدّ ما.. الغرب يضع العرب في منازل دنيا في كلّ شيء.. ويعكس عنهم انطباعا غير جيد..
- إلى حدّ ما.. نعم.. لقد ظلمنا العرب عموما.. ولكن ليس وحدنا..
- كنتم تستطيعون تعديل الوضع..
- هذا ما اعتقدناه.. بعد الخمسينات تغيرت تلك التصورات..
- لماذا بعد الخمسينات.. لقد توفرت لديكم فرصة أفضل..
- هذا هو التناقض.. في القرن العشرين.. وقبله أيضا.. كان التصور الأمريكي قائما على تغيير النظام التقليدي في السياسة الدولية الذي صنعه الانجليز.. الانجليز غيّروا اللعبة الدولية في القرن الثامن عشر.. وكانت الولايات المتحدة تجتهد لرسم خط سياسي يحجم الطموحات والرؤى الأنجليزية.. ولكنها فشلت.. لم تستطع مراوغة الانجليز.. الانجليز قبلنا في في كل مكان من العالم وأكثر منا خبرة بالشعوب وقدرة على المراوغة.. لقد اتقنوا طريقة التكتيكات الشرقية القديمة: يكرمون الأسد ليغدروا به!.. وهذا لأنهم متكتمون وغير واضحين.. نحن واضحون في سياساتنا ونتحدث عن أهدافنا في الاعلام المكشوف.. لذلك نخسر الأرض مقدما.. الانجليز ما يزال لديهم ورق.. نحن لدينا تكنولوجيا الدمار والجيش.. الانجليز ما زالوا يراوغون والشرق يميل إليهم رغم تجاربه المريرة معهم.. ونحن نخسر الأرض والبلدان بالتتابع..
- ولكن السياسة الدولية بعد الألفين انحرفت للأسوأ.. أعني قلب اللعبة وليس تغييرها..
- هذا مشروع جديد لم اكن أفكر في الحديث عنه.. نقطة الضعف في الشرق هي ثقافاته.. ثقافات اجتماعية غيبية سلبية.. الانسان يذهب إلى قدره أعمى.. يعيش مسلوب الارادة ويموت على أمل الفوز بالفردوس .. لكن يفتقد الارادة الشخصية.. المشروع الجديد هدفه إعادة هيكلة ثقافات الشرق، لتأخذ الشعوب بناصية القرار وليس الحكومات.. على الفرد استخدام ارادته لبناء قوة اجتماعية سياسية بعيدا عن سلطة الغيب والنزعة القدرية، وكل المفاهيم التي تجعل التمرد على الحكم ورجل الدين خطيئة..
- ما يجري لدينا هو الهدم.. وليس إعادة الهيكلة كما تسميها..
- أحيانا لا ينفع غير الهدم.. الثقافة العربية معقدة وسالبة جدا.. العرب لديهم أقدم وأغنى تاريخ ثقافي في العالم.. ولكن الثقافة العربية كانت دائما في مؤخرة العربة.. لم يحصل أن تصدرت الثقافة العريية مركز القرار السياسي في التاريخ.. الملوك المثقفون والفلاسفة هم الأكثر ضعفا ويموتون بالاغتيال.. لديكم ملك شاعر يسمونه امير الشعراء.. لم يعترف به شعبه.. وشعوبكم لا تحترم غير القسوة ووحشية الحكم..
- أنت تدافع عن مشروع هننتغون..
- لا تنس أنني أمريكي.. والأمريكان قوميون.. يحبّون بلدهم مهما كان.. وبالمناسبة أنتم لم تفهموا هذا الرجل..
- هذه النقطة غير واضحة..
- الدعاية الاعلامية للكتاب كانت سيئة.. كان على دار النشر تقديم ترجمة عربية من قبلها لكي لا تساء ترجمته لاحقا.. لقد اتهم الكاتب بالعنصرية.. ونحن لسنا عنصريون.. هذه كلمة خطيرة وغير مسموح بها في قاموسنا السياسي..
- هل ترغب في تناول شيء آخر..
- لا.. أنا فول..
- شاي مثلا..
- شاي أحمر.. ممكن..
أوصيت النادل بطلب شاي عربي..
- لقد قام البرفسور هننتغون بعدة زيارات وندوات دراسية في السعودية وماليزيا وسنغافور.. وقد وضع الثقافة الاسلامية والهندوسية في كاتغوري واحد.. لكن الاعلام العربي ذكر الاسلام فقط وأهمل الهندوسية.. وقارن تابيله الكتاب بتابيله هتلر.. هذا كان خطيرا جدا..
- وماذا تقترح..
- لقد نشر البرفيسور هننتغون كتابا آخر أجاب فيه عن التساؤلات المترتبة عن كتابه الأول.. وفي العموم.. لقد تم تجاوز هذا الكاتب..
- ليس كل ما يقوله ساستنا خطأ.. لكن هناك سوء في التعبير ونقص في الدبلوماسية.. نحتاج تعلم دبلوماسية الانجليز والفرانس..
- الانجليز اعتمدوا على اليهود في الخارجية.. وأنتم كذلك..
- (يضحك).. أنت لا تقصد شيئا طبعا..
- طبعا..
- اليهود الانجليز هم أنجليز أولا وبالدرجة الثانية يهود.. واليهود عندنا من حزب الصقور..
- أليسوا يهودا..
- اليهود السياسيون سياسيون أولا.. واليهود التجار تجار أولا.. واليهود الرابيون رابيون أولا..
- لكن اليهودية هوية ثقافية قبل كل شيء..
- اليهود أقليات في البلدان.. وعندما تكون ثقافة الأغلبية قوية تصبح الهوية اليهودية درجة ثانية في حياة اليهود.. ولكن عندما تكون ثقافة الأغلبية هشة.. يكون الوضع مختلفا..
- هذا يعني اختلاف يهود الغرب عن يهود الشرق..
- الغرب لم يسمح ببقاء اليهود الا بعد تطويعهم للثقافة الغربية.. يهود الغرب يعيشون في غيتوات لممارسة تقاليدهم.. ولكن خارج الغيتو هم مواطنون قوميون..
- ولكن اليهود يتحكمون بالقرار السياسي في الغرب..
- من خلال المال.. هم يتحكمون بالمال الذي يحكم السياسي..
- ومتى يخسر اليهود هذا الامتياز..
- هذه ورقة بيد تجار المسلمين.. ثروات المسلمين أكثر من اليهود.. ولكنهم لا يجيدون توظيفها..
- هل هذا مرتبط بالذكاء..
- هذا مرتبط بالثقافة الاجتماعية.. الهوية الثقافية كما دعوتها.. الهوية القومية ضعيفة عند العرب..
- لكن الامريكان ضربوا القومية العربية..
- الاميركان هم الذين شجعوا القوميين العرب في جامعة بيروت اليسوعية.. الانجليز اعتمدوا ورقة الدين في السياسة الخارجية.. الأمريكان ارادوا تقليص دور الدين وتهميشه لصالح العلمانية.. لذلك دعمنا التيارات القومية والثقافية ومبادئ الحوار والحرية والانفتاح.. لكن هذا المشروع صار قديما.. بعد الخمسنيات تغيرت سياستنا الخارجية بفضل المنظرين اليهود من الصقور..
- هل ترغب في شاي آخر..
- لا.. لا تتدخل.. الحساب عندي..
- مثل كلّ مرّة..
- أنا صاحب الدعوة..
جالت عيناه تحاولان اصطياد عيني النادل.. وقد أمسك كيس النقود الممتلئ بيده اليسرى..
- دعنا نذهب إلى الصندوق..
- انتظرني هنا..
مضى لمكتب الدفع في الزاوية المحصورة بجانب باب التواليت.. لم يتأخر كثيرا.. عندما وقفت أعدّل ثيابي.. كانت عيون الجميع تنظر نحونا.. لا بدّ أنهم استمتعوا بالحديث.. ربما العكس.. عندما صرنا خارجا قال..
- هذا اليوم تحدثت في السياسة لأول مرة بهذه الصراحة.. تستطيع أن تعدمني..
- لا يوجد اعدام في أميركا..
- بالكهرباء رحمة..
- على رأيك!..
- ماذا تفعل هنا بقية الأيام..
- أجول في الشوارع.. التقي بعض الناس.. بين المكتبات ومراجعات الطبيب.. ماذا عن أميركا..
- الوقت والسلوك مرتبط بالمال.. أصحاب المال يستمتعون أفضل بالحياة..
- ماذا عن الحركة العامة في المدن..
- حياة عادية.. كل شيء خاضع للتنظيم..
- أنت لم تجبني عن موضوع الأرقام..
- لم تنسَ.... على فكرة.. عدد المتعلمين والمثقفين العرب ومستواهم جيّد..
- لكنهم مغبونون..
- قلت ذلك..
- والامريكان غبنوهم أيضا..
- العرب يلومون الأمريكان كثيرا.. لكنهم لا يلومون الانجليز.. الانجليز حكموا العرب منذ القرن الثامن عشر.. وهم الذين رسموا خريطة المنطقة وكل الوضع السائد.. وقلوب العرب متعلقة بلندن..
- لكن الالفية الجديدة تختلف..
- نحن حاولنا منذ الخمسنيات تعيير الخريطة السياسية.. لكن الحكومات الجديدة انقلبت علينا وعادت نحو لندن..
- أتحدث عن الآن.. ما حدث في العراق مثلا..
- لقد فشلنا في العراق..
- هكذا.. بكل سهولة..
- بكل صراحة.. أنا لست سياسيا.. لكني انسان..
- هذا مرتبط بأفغانستان..
- بإيران..
- الاسلوب كان خطأ بالجملة.. وما حصل تاليا أثبت فشله..
- تعني تسليم السلة للتيار الديني..
- خشينا أن يحصل ما حصل في ايران..
- ولكن هذا ما حصل أيضا..
- حاولنا احتواء ايران وتفادي خطرها.. فخسرنا الأثنين..
- على حساب العراق..
- ايران لها نفوذ قوي في العراق.. قد لا تصدّق إذا قلت لك أن نفوذها في العراق أقوى من نفوذها داخل بلدها..
- هذا يجعل التغيير الأمريكي في بغداد خطأ تاريخيا..
- هذا ما قلته..
- وماذا عن المثقفين والعلمانيين.. لماذا جرى تهميشهم..
- تهميشهم لا.. لا تنس ان أداءهم السياسي ضعيف وهامشي في المجتمع.. ومع ذلك تركنا لهم نصف الكعكة .. ولكنهم انحازوا للتيار التقليدي وباعوا حقهم.. هذا كان مؤلما لنا..
- ماذا كانوا يستطيعون أن يفعلوا في مواجهة الوضع..
- لم يسخروا امكانياتهم في الداخل والخارج.. كان عليهم العمل المدني في الداخل.. وتدعيم دورهم اقليميا ودوليا.. وكانوا يستطيعون الانفتاح علينا وعلى مصر والروس..لقد تقوقعوا داخل أنفسهم واعتبروا ان حدودهم لا تتجاوز البرلمان أو الوزارات الهامشية..
- من اختار التكنوقراط العلمانيين في مجلس الحكم..
- التعبير غير دقيق.. لكن هذا كان المعروض.. وهؤلاء كانوا في الواجهة.. ولكننا انخدعنا بهم.. بالغوا في تصوير حجمهم.. وعندما صاروا في الداخل افتضح أنهم بلا حجم.. باعوا أنفسهم لايران ليحموا أنفسهم من الانتقام.. الواقع لقد خانونا..
- ألم تكن لهم بدائل.. أفضل منهم ومقبولة في الداخل كما أعتقد.. لم يحصلوا على الفرصة..
- بلى.. أخذوا فرصتهم وتنازلوا عنها أيضا.. انظر.. السياسة لا تنجح بالتنازلات.. السياسة تحتاج صقور.. ولم يكن هناك صقور.. كان ثمة فراغ سياسي.. شعبي وكارزماتي.. وايران ملأ الفراغ..
- وانتم تتفرجون..
- ليس تماما.. لكن الدور الأمريكي قبل التغيير كان سياديا.. في الداخل صار ثانويا وتابعا للعبة البيدر..
- أنا عندي كلام كثير.. قلت لك بعضه حين الكارثة.. وحينها بقيت ساكتا..
- أذكر ذلك.. معك حق.. ولكني أتحدث حسب حجمي.. أنا لست منظرا ولا سياسيا.. وما أقوله الآن يخص الماضي..
- هل تعرف أن حوالي خمسة الاف مثقف عراقي علماني بين أكاديمي وأديب وفنان كانوا ضحية الاغتيالات والتصفية الجسدية المنظمة خلال عامين أو ثلاثة.. لم يصدر عنهم أي قرار دولي.. ولم تتعرض لهم جماعات حقوق الانسان الغربية.. عانوا.. ماتوا.. اهملوا.. ببساطة..
- ملف حقوق الانسان تابع للخارجية..
- والخارجية تتعامل حسب مصالحها وأطماعها في هذا البلد أو ذاك..
- أتفق معك..
- ان خسائر العراق في التغيير الأمريكي.. لا مثيل لها كما ونوعا في التاريخ المعاصر.. لقد اخترعت الخارجية كثيرا من الاكاذيب ضد النظام السابق، ولكنها أهملت كثيرا من الحقائق والمجازر والفضائح التي تتحمل مسؤوليتها المباشرة.. ضحت واشنطن بالعراق كله لتجعله جسرا لها ومفتاحا لدخول ايران.. فخسرت الاثنين معا.. ولكن خسارة العراق لا تعوّض..
- للامريكان منظور آخر.. لكنهم قرروا رفع أيديهم من العراق عقب فشل مشروعهم ويأسهم من عمل شيء..
- لم ييأسوا.. قرروا احراق كل المنطقة..
- هذا يرتبط بمشروع آخر..
- وماذا لو فشل أيضا..
- لقد فشل هو الاخر..
- وما ذنب العرب.. فئران تجارب أمريكية..
- على الشعوب التغيير بنفسها من الداخل.. هذا هو جوهر موضوع هننتنغ..
- الفشل المتكرر يؤكد عدم لياقة قيادة العالم.. فلماذا لا يعود الامريكان لحدودهم الطبيعية ويكفوا العالم من شرورهم وفواتير فشلهم الباهظة.. أم أنهم يهيئون الأرض للروس والانجليز..
- القوة عمياء..
- وماذا عن الارقام..
- دعها لوقت آخر.. احتاج مزيدا من البيانات..
- ماذا لديك غدا..
- سوف أتصل بك..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* صموئيل هنتنغتون [1927- 2008م] مفكر أكاديمي سياسي أميركي، عمل مستشارا سياسيا للرئاسة الأميركية منذ الخمسينيات. أسس مجلة (Foreign Policy) الأميركية عام (1970م) بالمشاركة مع وارن ديميان مانشل، ورأس تحريرها حتى عام (1977م). من ارائه ان تحديات النظام العالمي الجديد تتمحور في الاشكاليات الثقافية والدينية. وقد صنف في كتابه الرئيسي (The Crash of Civilizations)/(1993م) ثقافات العالم الرئيسة في ثلاثة أصناف، مرتبة من الأفضل حتى أكثر تصادما مع الغرب، واضعا الهندوسية والاسلام في نهاية المصنف.


(51)
منذ يقظتي هذا الصباح ومايا حاضرة في ذهني.. أراها تخطر أمامي.. تبتسم.. تقول أشياء.. أحاول التخلص منها والانشغال ببرنامجي الصباحي، فترافقني خطوة بخطوة..
عندما انتهيت من الفطور وكانت هي التي تدعوني دائما وتحضر لي شايا أخضر بدل القهوة التي تقول أنها مضرة بالصحة.. تجلب معها قطعة جاتوه.. ليست صغيرة في الواقع.. فأحاول دفعها للوسط، وقضم حبة منها وترك الباقي لها.. فتقول..
- بليز أكل.. أنت تقتل نفسك.. دير بالك عله صحتك.. أنا أحتاجك!..
تتكلم مايا وأنا أرغم نفسي على الفطور الذي كنت أتجاوزه قبل رؤيتها.. وأنتظر وسط النهار لتناول وجبتي الرئيسة والوحيدة غالبا..
منذ رؤيتها وصحتي وطعامي شاغلها الرئيس.. تجلب لي طعاما في حقيبتها.. تقول أنه حصتي من فطورها أو عشائها يوم أمس.. أحاول مراوغتها وأدس الطعام في الحقيبة.. أنا أحتاجك.. تقول.. إهتم بصحتك بليز.. صحتي عندها كانت تعني الطعام.. لا أدري هل هذا صحيح.. أم أنها تستخدم الطعام لتوصيل رسالة..
ذات مرة أرادت أن تشتري لي ثيابا، بدل تلك القديمة التي أرتديها.. لم أحاول أن أخبرها أن الطعام والثياب ليسا مشكلة حياتي.. مشكلتي هي الوجود ذاته.. أنا أرفض الوجود، لذلك أهمل أسباب الوجود.. لا أبالي بصور الحياة اليومية التي ينشغل بها الآخرون..
قالت أنها تقرأ كيركجورد وجلبت معها نسخة من الكتاب ذات مرة.. لكنها لم تتحدث في الوجودية مطلقا.. ولم يعنها وجهة نظري الخاصة..
بالنسبة لها كنت طفلها بالتبني.. ومنذ لحظتها الأولى بدأت تفرض عليّ برنامجها الخاص في الطعام والثياب والتفكير.. كرش صغير يجعل الرجل مغريا.. لا بأس أن يكون لك كرش صغير.. حتى تلك اللحظة لم أكن قد قلت لها وجهة نظري في شكلها.. كانت هي التي تتحدث دائما.. كان حديثها جميلا دائما.. تسأل وتجيب لوحدها.. وتعد كثيرا.. في الليل أصفّ وعودها الواحد بعد الآخر.. وأنسب لكلّ وعد عمرا زمنيا محددا.. وجدت أنها قد حجزت خمسة عشر عاما من المستقبل.. هل صحيح سوف تفرغ من مشاغلها وتمنحني ذاك المستقبل..
- لا تستعجل.. كلّ الأيام أمامنا..
يا لوعودها السلسة..
معها كنت أسير على أسفلت من العسل..
لابد أنها ستتصل اليوم.. ما معنى إلحاحها على ذهني بهذه الصورة..
كنت وما زلت معتقدا تماما بالباثولوجي.. ولا يمر أحد في ذهني حتى أراه أو يتصل بالهاتف.. هل تأتي مايا اليوم.. لقد أختفت من غير إنذار.. ولم يحاول أي منا كسر القطيعة..
هل تغيّر شيء.. هل ما زالت في البلاد.. هل تغيّر عنوانها الأخير..
لم يكد الظهر يتقدم حتى ارتديت ثيابي وخرجت بلا تعيين..
لا بدّ أنها ستكون في مكان ما.. إن لم تنتظرني أو تتصل.. فلا بدّ أن نلتقي مصادفة..
أعرف أين تلتقي في العادة.. محلات البوتيك والسكند هاند.. آخر مرة رأيتها عند أسواق بريمارك .. وذهبت الى الهدف..


(52)
عمود طويل مطروح على الأرض بشكل مستطيل.. في وسطه ممرّ طولي بعرض متر ونصف.. ويفصل صفين من حجرات متساوية المساحة متشابهة الأبواب وبقياسات ثابتة.. في الممر يلعب الأطفال بما يتاح لهم من أدوات.. تجتمع النساء للحديث والنميمة.. الرجال يذهبون ويعودون.. في نهاية الممرّ شخص أفريقي وضع فراشه على الأرض ونام.. هذا هو كمب اللجوء..
بين أولئك الصبيان كان اثنان منهم يقودون عربات كهربائية بسرعة من طرف الممرّ حتى نهايته.. يراوغان الناس بين أقدامهم.. لابدّ أنهم من عائلة ميسورة.. ما الذي جاء بهم في هكذا انبوب استخدمه النازية معتقلات للأسرى..
قالت امرأة تتصدر مجموعة نساء على يمين الممرّ.. أنهم من الكنيسة.. وهل تسمح الكنيسة بهذا التسيب.. عادت النساء لحديثهم.. واستمر الأطفال والصبيان في عبثهم.. والأفريقي في نومته على الأرض.. كان هناك أيضا آخر عرفته سابقا.. وشخص ينظر ولا يتكلم.. في نهاية الممرّ كانت درجات السلّم.. تذكرت موعد توزيع الطعام.. فاتجهت نحو المطعم..
على يمين المدخل كانت صينية عليها صحن فارغ وكوب شاي مع صحنه.. أخذتهما بيدي وكان توزيع الطعام في أوله.. أحبّ تلك الصفة العمومية للأكل الشعبي.. ملأ الموزع صحني بالرز والمرق وزاد عليه.. قابلتني فتاتان تحملان الفاكهة والخضرة.. وسألتا ماذا أفضل: قلت البندورة!.. وكانت احداهما تحمل البنورة والأخرى تحمل التفاح.. فدخلتا في حديث بينهما.. يبدو أنهما لن تخرجا منه.. فقلت.. إعطني تفاحا.. فعادتا تتساءلان كم تفاحة يمكنه أن يأخذ.. طلبت أثنتين..
مضيت أبحث عن طاولة أتناول طعامي عندها.. معظم الطاولات مشغولة ببشر يأكلون أو يتحدثون أو يقرأون.. على بعضها أدوات الطعام السابقة لم يرفعها أصحابها معهم.. طلبت من أحد الشباب أن يزيح أوعية الطعام لأستطيع الجلوس.. كان يقابله شخص في مقتبل العمر يدرس في كتاب.. وأوحت عيناه بالاستجابة ايضا..
خرجت إلى جانب المدينة.. تقودني خطواتي كما يقال.. أصبح الشارع ضيقا يحاذي نهرا طويلا.. والجانب الآخر منه صف من بيوت متباعدة.. كأنها بلا سكان.. لكن المكان لا يخلو من وحشة.. السيارات تسرع في الاتجاهين.. كان معي طفلان.. بنت وولد.. البنت كبيرة والولد في عامه الثاني.. كلّ منهما يمسك بواحدة من يديّ.. زعل الولد لسبب ما فلم أتوقف معه.. كنا اقتربنا من سوق.. عندما لحق بي صبي ومعه الولد الذي بقي واقفا هناك.. شكرت الطفل الذي يسكن أحد تلك البيوت التي بدت خاوية..
قالت الفتاة أنها تريد نوعا من الحلوى أتجهت اليها مباشرة.. وأردت أن نقصد محلا آخر عرض حلوياته في الأمام.. أخذت للفتاة ما أرادته.. وعدنا لأشتري لهما (بوظة) من محل آخر.. قال رجل عجوز وهو صاحب محل على الطريق.. الاطفال لا يعرفون.. لا تتركهم يفرضون ما يريدون وما لا يريدون.. ابتسمت له شاكرا نصيحته.. وواصلنا طريقنا..


(53)
بسرعة الخاطر مرّت السنوات الأثنا عشرة منذ وصولي إلى لندره.. السنوات الأكثر حمقا في حياتي.. بحيث لا يضاهيها في الحمق غير ولادتي نفسها.. لا أدري كيف تشكلت صورة القدوم.. وكيف تحققت بتلك الصورة الجهنمية .. لو كانت على صلة بالصواب..
كنت أبحث عن مخرج وجودي من مأزق نفسي مع عبور الألفية.. لم أخمن إطلاقا أني سأعيش ذلك العبور القاتل .. عندما يصبح التاريخ ثلاثة أصفار متجاورة على سكرين الساعة..
وكما قال أجدادي القريبون.. أن تلك الأصفار تعني انقلاب الزمان وانطباق السموات على الأرض.. لم يصدق أحد تلك الأمور.. ولم أتصور أنا بامكانية رؤيتي ذلك يحدث.. لكنه حدث.. حدث.. وعندما حدث لم يره أحد ولم تنتبه له وسائل الإعلام وأجهزة الأرصاد وشبكات المخابرات والإستخبارات التي تملأ الأرض والسماء وما بينهما..
بقيت تلك الليلة ساهرا أمام النافذة أراقب الأفق والسماء وراءه.. كنت أنتظر حدوث شيء ما.. أو نزول شيء من السماء.. أو سقوطه على الأرض..
نعم لقد سهرت.. رغم أن النعاس هطل عليّ ليلتها كما لم يحدث أبدا من قبل.. كنت أساهر وأقاوم النعاس كجندي ينتظر هجوما وشيكا.. تحدثت مع الله تلك الليلة.. وراودتني أفكار وأوهام متنوعة .. وفي كلّ مرة أعود مقهورا للتشبث بالمجهول الفاعل وراء الغيب..
عندما بان الخيط الأحمر قلت.. أن الساعة آتية لا ريب.. لقد تناهى الليل وتناهى.. واللحظة تنفتح أبواب السموات .. وينشق جلد الأفق كما انشق حجاب الهيكل من فوق إلى تحت.. أرتفعت أصوات الجلبة والهمهمة وقرقعة المطبخ وزقزقة الأطفال.. وكانت تلك الساعة الأولى من اليوم الأول من الشهر الأول من العام (صفر) بعد الألفين..
أما أنا فقد أصبت بانقلاب أحشائي.. وبقيت أتقيأ لأيام بغير توقف رغم فراغ معدتي.. وعدم الرغبة والقدرة في تناول أي طعام.. نزل وزني خلالها عشرين كغم مرة واحدة.. عدت معها لاستخدام ثيابي القديمة جدا التي كان لونها قد بهت.. وقلت مع نفسي.. لون ثيابي مثل لون الألفية باهت وغاية في الخيابة.. واستفدت كثيرا من عدم معرفة الناس والجيران لشكلي الجديد بعد الانهيار الصحي..
عندما نهضت من مكاني أمام النافذة.. لم أجد الأرض تحت قدمي.. كانت عبارة عن عجين أو غرين سائل طيار.. لا أدري.. أدق قدمي في موضعها لأتحسس الأرض.. لكنها هربت.. ماعت.. ومن يومها.. لم تعد أرض.. ولا وطن ولا سكن ولا أمن أو أصدقاء.. هكذا وجدت نفسي في لندره..
تساوت اليابسة مع الماء.. والتراب مع الهواء.. الناس غير الناس.. المدن غير المدن.. السيارات والطائرات تشابهت.. وسكانها حشرات متشابهة.. مجرد حشرات.. حاولت تركيز سمعي لأفهم ضجيج سكان الطائرة الرخيصة التي أستقلها..
لم ألتقط منها كلمة واحدة من جملة اللغات التي أجيدها.. عندها تأكد لي ما سمعته في طفولتي أنني وسط أقوام من الجنّ.. جنّ والعياذ بالله!..
لا ادري ما علاقة ذلك بوصولي الى لندره؟..


(54)
آخر مرّة رأيت فيها صديقي الأمريكي كانت عام (2013م).. لم نكن التقينا من عامين.. عندما رأيت رسالته في التلفون.. أسرعت إليه بالجواب.. وهكذا اتفقنا أن نلتقي.. في باحة فندق الهلتون في أجورد رود.. في كلّ مرّة أراه.. يعرفني قبل أن أعرفه.. هل كانت صورته تتغير.. أم ملامحه تستعجل الهروب من ذاكرتي.. سألني إن كنت أرغب البقاء هنا أم الذهاب لمكان آخر.
نخرج من هنا.. قلت.. كانت معه حقيبة صغيرة، سأل هل يأخذها معه أم يتركها في الحجرة.. هذا متوقف عليك.. هل تحتاجها في الخارج.. لا.. أراد أن يتركها في الحجرة.. صعدنا سوية.. وقفت خارجا.. قال يمكنك أن تأتي.. قلت له قد احتاج الحمام.. كان في الحجرة.. دخلت الحمام.. وعندما خرجت.. استأذن هو أيضا لاستعمال الحمام.. انتظرته..
هذه أول مرّة أرى فيها الهلتون من الداخل.. فوضى وعدم نظافة.. متى يأتي التنظيف.. الأرضية والأثاث لا تستحق نصف عدد النجوم هذه.. نزلنا في المصعد الكهربائي.. هو يحبّ الطوابق العالية.. يقول أنه يرى المدينة أفضل من فوق.. المدينة تراها أفضل من تحت.. من فوق ليس غير التزويق وتبذير الطاقة..
سألته عن انقطاعه عن الزيارة.. قال أنه لم ينقطع.. أين.. هل جئت.. جئت واتصلت بك.. وأنت لم ترد.. ربما كان التلفون مغلقا.. هل كتبت بالايميل.. عرفت أنه كان زعلانا.. قال أنه أراد أن يجرّب مرة واحدة.. عند عدم الردّ لن يتصل ثانية.. لحسن الحظ رددت مباشرة.. هل تجربني أو تشكّ فيّ.. لا هذا ولا ذاك.. بعد الآن أكتب لي باسبوعين قبل وصولك.. وسنقضي كلّ الوقت معا..
كانت لديه مشاوير في لندره قضيناها سوية.. يعرف مناطق قديمة على الخريطة لا أعرفها أنا.. يضحك وهو يقودني إليها ويقول.. أنظر.. أنها هنا.. هو يحبّ الطعام الشرقي.. ذهبنا لمطعم لبناني.. في مرة قديمة ذهبنا إلى مطعم تركي في كلبرن.. ذهبنا إليها مشيا.. وعدنا مشيا..
كانت في المطعم عاملات رومانيات.. تحدث إليهن بالرومانية.. ومع الأتراك تحدث بالتركية.. ومعي يتحدث بالعربية.. انتهى من طعامه قبلي.. وذهب للحمام.. قمت لدفع الحساب، فوجدت يده تمتد من ورائي بعملة ورقية من فئة العشرين.. كان هو أطول مني.. عاتبته.. قال.. انتهينا..
في اليوم الثاني التقينا أيضا.. كان ذلك آخر يوم له.. وطائرته تنطلق في الليل.. ذهبنا إلى أوكسفورد ستريت.. نشرات الأضوية تغطي فضاء الشارع.. والمحلات تتنافس في ديكوراتها الضوئية.. كان هذا استعدادا للكرسمس.. استعداد لموسم البيع..
العام الفائت بلغت المبيعات ثلاثة مليارات.. لكن أصحاب المحلات قالوا أن الموسم كان دون الطموح.. ماذا سيقولون هذا العام.. يقول أنها جميلة بسبب الناس وكثرة القوميات والثقافات.. لكن لندره ليست أفضل مدينة.. مجرد مدينة هندية تقع على خطوط الطيران بين الشرق والغرب..
يستريح فيها بضعة أيام خلال رحلاته الطويلة بين أسيا وأميركا.. عندما عدنا للفندق كان المساء متأخرا.. ماذا ستفعل.. هل ستنام.. ليس لديك وقت كثير لموعد الطيران.. أجاب بعاديّة.. طبعا سأنام.. الفندق لديه علم.. سوف يوقظونني وينقلني التاكسي للمطار.. توادعنا وداعا شرقيا.. وألححت عليه ان يكتب لي عند الوصول.. نبقى على اتصال..


(55)
قلت مع نفسي هذه لعبة ذكية.. بدل أن تتبع القدر.. أجبر القدر يتبعك.. وبدل الخضوع له، أجعله يخضع لك.. هذه مشكلة عويصة أعيشها جراء معتقداتي القدرية التي تتعب نفسي.. أذكر أنني قلت له ذات مرّة قبل أكثر من عشر سنوات.. وكنت أحضر سمينارات روحية في البوذية والمسيحية.. يومها كان وضعي أفضل بكثير من اللحظة.. قلت له: لقد عرفت أشياء كثيرة في مجال الروح والأرقام وألغاز الحياة.. لكني لم أعرف أهم شيء.. كيفية تغيير القدر..
هو يرى أن يتصرف المرء حسب مجرى الحياة متبعا نصيحة سبنسر(*).. لا يفكر في أي شيء صحّ أو غلط.. وممارسات الحياة عموما مرة تصيب ومرة تخيب.. والذي يفكر ويتحذر يكون أكثر عرضة للخطأ والفشل.. وهو على حق.. لكني كنت عاجزا عن ايقاف عقلي عن التفكير..
قلت للطبيبة التي أعرفها منذ وصولي للبلاد.. جوابا على سؤالها عن مشكلتي: مشكلتي التفكير!..
- كلنا نفكر.. كل شخص يفكر.. هذه ليست مشكلة.. هذه ميزة..
- أنا أفكر كثيرا.. أفكر في كلّ شيء.. في أصغر شيء.. حتى الأشياء التافهة وعديمة المعنى تستغرق فكري..
- لا يوجد شيء تافه.. يمكن أن تكون عالما أو فيلسوفا..
- أنا تعبان من نفسي .. أريد شيئا يساعد على وقف التفكير..
- لا يوجد مثل هذا الشيء..
- ....
- وقف التفكير يعني موت الدماغ.. وإذا مات الدماغ يموت الانسان..
- وهل من إكسير يساعد في ذلك..
- ليس لدينا ما تبحث عنه..
عندما غادرتها سلّمتني ورقة تحويل على مستشفى النفسية.. بقيت هناك لمدة ثلاث سنوات.. كلها تكرار كلام وملء استمارات ووصايا رياضية.. وفي التقرير النهائي ذكروا أن مشكلتي تتعلق بالسكن وعدم الاحساس بالأمان.. وهذه المشكلة ليست من اختصاصهم.
في تلك المستشفى تعودت تسجيل أحداث حياتي على شكل قصة.. أكتب كل ما أستذكره.. كلّ ما يخطر لي.. كلّ ما أعتقد أنه حصل.. وربما أشياء لم تحصل تبدو كأنها حصلت.. وفي كلّ مرة يزداد نبض تفكيري.. يزداد تركيزي على تفاصيل دقيقة.. ولأني مولع باللغة والقواميس من صغري.. فقد صرت أدرس كلّ كلمة وأحاول تحليل معناها ومغزاها وجذرها الأصلي..
أغفو وأنا أفكر.. أحلم وأنا أفكر.. أصحو وفكري محتشد بالأفكار.. الدفتر قرب وسادتي.. أحيانا أضعه تحت وسادتي حتى لا يرفعه أحد من قربي.. أو أتعثر فلا أجده خلال العتمة.. وقبلما أنتهي من القصة.. أعتقد أن هناك أمورا لم أكتبها.. وأمور لم تكن كما كتبت.. وهكذا أبدأ في الكتابة من جديد.. وبشكل مختلف.. وهكذا يتكرر ذلك مثل الكابوس..
كتبت حياتي أكثر من مرّة.. أكره مراجعتها من كثرة التكرار.. أكره استذكار مكان وجودها فأدفنها تحت الكتب وأكداس الجرائد.. أضع عليها ثيابا لا أحتاجها.. وعندما تصل يدي بغتة كما الآن.. أكاد أتقيأ من كثر الاجترار.. أنا لم أعش حياتي مرّة واحدة.. لقد عشتها وكررتها مثل قرص الكازينو.. يدور ويدور ويدور حتى ليبدو أنه توقف عن الدوران أو اختفى نهائيا.. وعندما أفرك عيني يمثل أمامي مرّة أخرى..
تعبت من حياتي في الواقع.. وتعبت من الناس الذي عرفتهم في حياتي.. وتعبت من ذاكرتي التي لا يغيب عنها شيء.. حتى الكلمات وملامح الوجوه والتقطيبة أو رنة الصوت والسخرية.. ما هذا.. ما قيمة ذاكرة تشتغل مثل جهاز تعذيب..
تمنيت أن تفيد الذاكرة في مجال العمل أو العلم أو الرياضيات.. لحققت شيئا من التفوق في حياتي العملية.. لو كان لي عمل لبرمجت يومي وتخلصت من الفراغ الذي يزيد تفكيري ورهقي النفسي.. لكني معوق عن كلّ ما يربطني بالمجتمع والناس.. محكوم بقدر شاذ يهدد كل ما أفعله بالفشل أو الضياع..
أنا أيضا تعبت من الوحدة التي تحرمني من رائحة الانس ومن دفء الألفة!..
أحيانا يخيل لي أنني (نبي) مثل ايليا أو يحيى يعيش في أرض مهجورة.. أو مثل بوذا جالسا تحت شجرة لوتس في برية مقطوعة.. أو زرادشت على ذروة جبل ينظر للسماء.. وينتظر أن يصدر منها صوت وتجيبه على أسئلته.. في هذه المدينة النمساوية الواقعة وسط مناطق جبلية..
لكن السماء ليست قريبة.. والغيوم لا تفارقها.. وأغصان الأشجار عالية وكثيفة.. تحجب رؤية السماء.. لا سماء زرقاء هنا غير خداع بصري.. والأنبياء ماتوا ولم يعمّروا.. كثير منهم مات قتلا. الواقع أنني لا أرى سببا ينتهي بي للقتل أو الاعدام أو حتى للسجن..
بعض الناس الذين أعرفهم هنا يمتدحونني.. وأنا لا أهتم لهم لأنهم مجاملون في الظاهر.. ويتجنبون التماحك.. تحيتهم من بعيد.. وابتسامتهم متكلفة ومجاملتهم سيناريو جامد ولا يستغرق بضعة ثوان مثل التايتل او الدعاية قبل الفيلم.
لهذا قررت أن أكتب للمرة الأخيرة.. لانهاء القصة التي مللت من امتدادها واجترارها بلا معنى.. وفي داخلي قناعة لا بأس بها.. أن البطل سيموت قبل نهاية القصة.. بمثل هذا العزاء أتشدد لأكتب. فلا تزهق سريعا مني كلماتي.. فعما قريب.. يصبح الكلّ ماضيا بالنسبة لنا نحن الأثنين.. البطل والجمهور.. وسوف تنزل الستارة وشيكا ويسود المسرح ظلام قاتم..
بعد أن يخرج الجميع.. الجميع تماما.. سوف تغرق الصالة في نور باهر.. وتنسحب الستائر الكتانية للآخر.. حتى لا يبقى لوجودها أثر.. والشبابيك والأبواب تنفتح حتى أقصاها.. فلا يبدو لوجودها أثر.. وسوف تتحد الأبدية بالواقع الذي شبع موتا.. عندها يكون كل منا في مكان مختلف.. وسوف تعود أنت لحياتك العادية..
ولتسهيل المهمة يمكنك تدخين سيجارة عابرة.. أو تناول زجاجة بيرة مثلجة.. أو محادثة امرأة تنتظر في موقف الباص.. ربما لا تنتظر.. جالسة هكذا في انتظار غودو.. غودو وحده الذي يتحمل مسؤولية كلّ ما جرى لنيتشه وشيللر(*) ويجري لنا.. وهو الذي ضحك علينا جميعا.. وسوف يستمر في استثماراته الساخرة ومطّ ضحكته التي لا يقلده فيها أحد..
نيتشه نفسه الذي نشترك معا في غواية الشعر والتفكير والفلسفة العجفاء.. كان حظه أفضل مني.. ليس لأنه عاش أكثر حياته في منتجع نفسي، ولكنه عرف أيضا أن يضع حدا لمهزلة عقوده العمرية.. مكتفيا بسنواته الخمسة والخمسين.. فضلا عن أن أخته استمرت معه وبقيت تعنى به حتى آخر أيامه.. وهي التي جمعت كتاباته وأعتنت باخراجها بعد رحيله. لقد أعطته حياتها.. ولم تحرمه من حنانها ورعايتها.. وهذا عكس ما حصل لي..
لقد تجاوزت سنواتي دوائر نيتشه، رفضت من المشفي النفسي بعد ثلاث سنوات.. ورفضت أختي أن تعرف عني أي شيء منذ نهاية الحرب.. حتى رسائلي لا ترد عليها.. لقد انتهت حاجتها لخدماتي.. وبكلمة أصح.. تريد من يخدمها.. لا شخصا تخدمه!..
رجال هذ الزمن مخدوعون.. تغرّر بهم النساء بكلمة أو بسمة أو لمسة حنو.. ومن بعدها الاستغلال والطمع والغيرة والخداع.. الرجال أيضا هم أصحاب تلك الأفكار الوهمية عن حنان المرأة وطيبتها وبراءتها وقدسيتها ومظلوميتها ووووو..
ولا نسأل لماذا نحن اليوم هنا.. ما الذي أنزلنا للأرض الصحراوية التي تبتلع كل شيء.. لماذا لم يبق آدم في فردوسه.. وكفانا شرّ البلية التي لما تزل تحتال كيف تلف ذيلها علينا ونحن نهرب منها فيها وإليها..
أنا لم أجد امرأة تمتدح رجلا بغير طمع.. بل الشائع ملامتها له.. أما المغرور والمغرّر به فهو يمتدحها.. حياء أمام الناس وطمعا في لحظة دفء.. هذه حياة لئيمة يا سيدي!.. وأنا وجدت بالغلط.... يقول شاعر نمساوي ولكنه ليس صديقي.. [هنا لا يحدث شيء.. في مكان آخر يحدث كلّ شيء.. هناك ينبغي أن يكون المرء.. من؟.. أنا؟.. لا.. مطلقا.. لقد رأيت ما يكفي.. أنا أفرك جبين.. منذ مدة طويلة أصبح صيف حياتي ماضيا]..
لماذا يحدث كلّ شيء في مكان.. وفي مكان لا يحدث شيء.. أين هي فكرة التوازن والتناسق الطبيعي إذن.. أين هي عدالة الطبيعة.. أم أن الطبيعة لا تعترف بميثاق حقوق الانسان..
كاموك أيضا قضى عمره القصير يقفز من جنوب المتوسط لشماله.. ومن شماله لجنوبه.. يجرّ سفينة عمره من الجزائر حتى ليون.. فإذا وقف عادت السفين جنوبا مثل صخرة سيزيف.. هل هذه سفينة أم صخرة.. أقصد حياة.. وبالنتيجة.. لا هو انفصل عن أمه.. ولا التحق بأبيه.. ولا وجد امرأة تعوضه الأثنين..
نحن على الأقل تخلّصنا من الأب.. وتخلّصنا من الأم أيضا.. ومن كلّ شيء.. ولكنا لم نتخلص من الذاكرة.. كيف نتخلص من التفكير.. ونحن في وسط البحر..
ــــــــــــــــــــ
• هربرت سبنسر [1820 – 1903م] فيلسوف انجليزي، عاش أكثر من نصف حياته مريضا عاجزا، فخصص له المجتمع الأدبي ميزانية لتغطية نفقاته لقاء انجاز موسوعية فلسفية حول علاقة اللانسان بالكون والطبيعة والحياة اليومية. لم يستطع ادراك السر وراء الديناميكا التي تحرك المادة، وفي اخر كتابه انتهى لنص الديني التقليدي. وجد أن الحياة عبث وعدم، ومن الأفضل أن يعيشها المرء دون أن يفكر أو يعرف الكثير.
• الشاعر النمساوي رتشارد وول من مواليد شمالي النمسا.. وهو فنان وشاعر ومؤلف، يتنقل بين النمسا وايرلنده. والنص من مجموعته (Streith) الصادرة عام (1914م)- قصيدة صباح صيف راقي، والأصل بالالمانية:
Hier geschieht nichts, Woanders geschieht alles. Dort müsste man sein. Wer? Ich?Nein, nicht mehr. Genug gesehen. Ich runzle die Stirn. Mein Sommer ist längst vorüber.
• فردريك نيتشه [1844- 1900م] شاعر وفيلسوف ألماني، صاحب كتاب (هكذا تكلم زرادشت). اصيب بعوق في شبابه وعاش كل حياته في رعاية شقيقته. وفردريك شيللر [1759- 1805م] هو الآخر شاعر ألماني رومانسي حظى بحب ورعاية زوجته وشقيقتها، ساعده غوته في تعيين مدرسا للتاريخ في جامعة يونا/ فايمار.


(56)
لندره تتغير.. الشوارع تتغير.. الناس يتغيرون.. لم يعدْ شيء على حاله.. أعرف أني ما زلت أنا منذ دخلتها.. لكنها هي ليست كما كانت [any more!].. لقد تغيرت وخسرت روحها.. باعت نفسها للشيطان حسب تعبير احسان عبد القدوس(*).. بل صارت هي نفسها الشيطان.. ولا أدري ماذا أكون أنا إذا بقيت هنا..
حتى وقت معين.. لا أستطيع تحديده الآن.. كانت الحياة ما زالت تعني شيئا.. أي شيء.. لكن.. عندما يقع انسان من علو مرتفع.. [كجلمودِ صخرٍ حَطّه السيلُ من عَلِ](*)..
يتحول العالم لديه إلى لحظة.. والحياة إلى نقطة.. مجرّد نقطة..
ولا تعني نفسه عندها غير حشرة.. أي حشرة بلا معنى..
أنا الآن تلك الحشرة(*)..
كلّ ما في الأمر أنني لا أعرف لماذا أنا موجود.. ولا أعرف أيضا كيف أموت!..
كم من الناس الذين يسيرون في الشارع يشعرون أنهم (حشرات)!.. حشرات لا تدرك معنى وجودها.. ولا تريد لوجودها أن يستمر هكذا.. ولا تقدر على تقرير مصيرها..
في هذه الحال يأتي دور الطبيعة.. أعني كوارث الطبيعة غير المخططة.. بما فيها حرب شاملة أو وباء سريع مثل الايبولا أو مرض الطيور.. لماذا لم يظهر وباء الحشرات في لندره.. يقال أن الحشرات أدوات ناقلة ومسببة للأوبئة.. لكن أحدا لم يمت بسبب حشرة.. ورغم كثرة الحشرات التي تتعرض للدهس والقنص والسحق والإبادة بالغازات والسوائل البشرية.. فلم تنقرض الحشرات من الوجود..
لم يهتم أحد من الرويال فاميلي بحماية جنس حشري من الانقراض.. لا أعني سكان استراليا الأصليين ولا الهنود الحمر طبعا.. الحشرة هي أكثر كائن يستحق الاهتمام والرعاية لأنه لا يعرف معنى لوجوده.. ولا يلذه شيء من الوجود.. ويقال أن غرض وجوده هو مجرد حفظ توازن العناصر الحيوية في الطبيعة..
اذا انقرض نوع معين من الحشرات.. أنا مثلا.. قد يختل توازن النظام الطبيعي.. وعندها يشح الماء أو الهواء أو يزيد أحدهما فوق المحدد.. مما يهدد حياة المافيا ونشاطاتها غير السرية..
نفسه فرانتز كافكا التشيكي لو كنت قد عرفته سابقا.. أو رايت وجهه المجدور في سوق الغزل، لم يكشف مصير نفسه (الحشرة) في قصة (المسخ)..
يبدو أنه انتظر طويلا داخل الحجرة لكي يتخلص من فواتير الايجار.. وعندما شعر باليأس من رحمة الطبيعة قرر انهاء حياته.. أعني وجود الحشرة.. بيده أو بقدمه أو بقلمه.. وعندما عرضت المرأة صاحبة النزل محتويات حجرته للنفايات.. كانت تلك الرواية في كارتون يضم أوراق ودفاتر في حال من فوضى.. لم تكن بالنسبة للمرأة الفارغة غير فواتير وكمبيالات غير مدفوعة فخشيت حضور من يطالبها بقيمة الفواتير باعتبار المدين/ المجرم الهارب نزيلا عندها..
هل لاحظت أن الرجال وحدهم يتحولون إلى حشرات.. ويموتون مثل الحشرات مدعوسين.. تحت أقدام المجتمع أو الدولة أو المافيا.. فيودور ديستويفسكي(*) كان يكتب قصصه في الجريدة مجانا.. لدفع فواتير الإيجار التي لا تعرف التوقف.. أما النساء فيرثن الأرض ومن عليها..
كلّ البيوت والفنادق منذ قصة راسكولينكوف إلى مسخ كافكا تملكها نساء.. بل أن جلجامش/(*) نفسه كان نزيلا في فندق سيدوري البغي.. ومات في طريق هروبه من عشتار التي أرادت أن تحصره بين ساقيها وتساويه مع البستاني..
جلجامش قال أنا لست بستانيا ولا أزرع لها أشجارا.. أنا جلجامش باني المدن والأسوار.. لكن المرأة لا تريد مدينة.. لا تريد سورا.. تريد أن تبقى حرّة.. تكون هي نفسها المدينة التي يدخلها الناس ويخرجون.. تحضنهم أو ترميهم للشارع أو تطردهم للصحراء..
عشتار لا تحبّ الأسوار ولكنها هي السور الذي لا تريد لأحد الخروج منه ولا البقاء خارجه.. تذكرت ذلك كلّه عندا قالت لي مايا بالتلفون أنها تحبني.. فقط بالتلفون تكون مايا طليقة.. طليقة المشاعر.. وعندما شككت في كلامها.. قالت: صدقني.. أنا دائما أدافع عنك.. وأحميك مثل (حائط).. أنا حائط لك.. أنت لا تعرف ما فعلته لأجلك..
كانت تلك معلومات جديدة بالنسبة لي.. لا أدري ان هناك ناس تهاجمني وناس تدافع عني وأنا نائم جنب الحائط ورجلي بالشمس.. الحائط هذا أعرفه.. لأنه الشيء الوحيد الحقيقي في الحجرة.. التصق بالحائط في الصيف وأمتصّ كل برودته.. لا أحد يعرف أهمية الحائط عندي..
الآن تقول مايا أنها (حائط) لي.. ولكن يا مايا.. وانقطع الصوت..
الرجل لا يملك لأنه حشرة.. حشرة تحلق في الفضاء.. يلتصق على عسلة الأنثى حتى يموت مثل ذكور النحل وتركله بعيدا عنها.. وترث الملكة عندها الأرض والمال والبيت والسلطة!..
كلّ النساء يرثن رجالا.. ومن لا يورث تتهمه باغتصابها.. وتطالبه بتعويض قضائي أو فضائي.. في الميديا قصص كثيرة منها.. أول سبعة وثلاثين شخصية في قائمة الاثرياء من النساء تحت الاربعين.. لم يرثن سنتا واحدا منها.. وانما كلّه بالعرق والجهد..
إحذر وأنت تسير في الشارع أن تدعو امرأة حشرة.. أنها ستفترسك حيا.. وفي حماية القانون والبوليس والقوات الدولية.. إنما إذا رأيت امرأة حشرية إرفع صوتك واعترف أنك الحشرة.. مجرد حشرة بلا معنى.. عندها تنجو من أنياب الأنثى.. وتخلص من دفع الفواتير..
المرأة والدولة وشركات المافيا تشترك في أمرين: السلطة وقبض الفواتير..
ــــــــــــــــــــــــــ
• احسان عبد القدوس [1919- 1990م] روائي مصري، تخرج في كلية الحقوق/(1942م)، رأس تحرير روز اليوسف/(1946م) وأخبار اليوم/[1966- 1968م] ثم رأس مجلس ادارة وتحرير اخبار اليوم/ [1971- 1974م]. وهو ابن روز اليوسف [1897- 1958م] الممثلة والكاتبة المصرية من اصل لبناني/(طرابلس)، التي اصدرت مجلة (روز اليوسف) الفنية/(1925م)، ثم صحيفة (روز اليوسف) السياسية/(1935م)، ومجلة (صباح الخير) الفنية/(1956م). بلغ عدد سرديات احسان عبد القدوس الستمائة، من بينها سبعون عملا تحولت إلى افلام واعمال تلفزة.
• بيت الشعر القديم هذا للشاعر امرئ القيس خندج ابن عمرو بن اكل المرار [501- 565م] ملك كندة في نجد وأول شعراء المعلقات، ويقال أنه اول من استوقف ربعه للبكاء على الأطلال، وأنه أول من ثنى المنادى في الشعر، بعدما اعتاد الشعراء نداء المفرد، ومطلع قصيدته: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.. بسقط اللوى بين الدخول فحومل. ويحفل شعر باسماء المواقع الجغرافية وغلبة التوصيف.
• (الحشرة) هنا هي كناية عن فكرة رواية (المسخ/التحول)/(1915م) للروائي التشيكي فرانتز كافكا [1883- 1924م] الذي كان يكتب بالألمانية. ولكنها وصف الانسان بالحشرة/ الدودة يرد أيضا في لغة يسوع الناصري نقلا عن سفر ايوب والمزامير.
• فيدور ديستويفسكي [1821- 1881م] الأديب الروسي العظيم صاحب روايات: الأخوة كارمازوف، الأبله، الجريمة والعقاب، وغيرها.
• جلجامش: هو جلجامش بن لوجالباندا وأمه (ننسون)/(البقرة السماوية) ملك أوروك في العصر السومري، وأسم بطل اسطوري في ميثولوجيا النهرين القديمة. وباسمه دعيت الملحمة الشهيرة التي تعتبر أقدم نص أدبي شعري في العالم، تم العثور عليها حديثا في العام (1853م) في موقع أثري قديم في مكتبة اشور بانيبال [669- 627 ق. م.] في نينوى، وتقع في (12) لوحا مكتوبة باللغة الأكدية، وتوجد الالواح في المتحف البريطاني بلندن.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاموك- رواية- (43- 49)
- كاموك- رواية- (36- 42)
- كاموك- رواية- (29- 35)
- كاموك- رواية- (22- 28)
- كاموك- رواية- (15 -21)
- كاموك- رواية- (8- 14)
- كاموك- رواية- (1- 7)
- في علم اجتماع الجماعة- ج2
- في علم اجتماع الجماعة- خمسون حديثا عن الانسان والانتماء والا ...
- انتبهْ!.. الوطنُ لا يُباعُ وَلا يُستبدَلُ.. وَلا يُطرَحُ للإ ...
- ما بعد الحداثة/ ما بعد الانسان..
- نحو علم اجتماع عربي..
- محاضرات في لاهوت العولمة
- (المسيح الثائر) في اسفار الشاعر الاشتراكي المصري أمل دنقل
- (المسيح واللصوص) للأديب والفنان الاشتراكي نجيب سرور
- (اعترافتان في الليل، والاقدام على الثالثة) للشاعر الاشتراكي ...
- منفيون في جنة ابليس
- مقامة الثامن من أوغشت..
- باسكال: بين الشك والايمان
- الميّت الماشي- قصيدة الأديب الاشتراكي توماس هاردي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - كاموك- رواية- (50- 56)