أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ما وراء الحملة السعودية المسعورة على كندا؟














المزيد.....

ما وراء الحملة السعودية المسعورة على كندا؟


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 5957 - 2018 / 8 / 8 - 15:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تساءلت معظم تعليقات أجهزة الإعلام العالمية خلال اليومين الماضيين عن سبب ردّة الفعل المسعورة التي واجهت بها المملكة السعودية كندا، حكومة وبلداً، والتي لا يفوت أحداً أنها غير متناسبة على الإطلاق مع سببها المعلن، ألا وهو تعبير الخارجية الكندية عن قلقها من اعتقال السلطات السعودية لشقيقة السجين رائف بدوي، أحد نشطاء حقوق الإنسان وبالتالي أحد ضحايا انعدامها في المملكة. وقد كان لدى كندا سبب مشروع في إبداء القلق إذ أن زوجة بدوي وأطفاله حصلوا على اللجوء السياسي في كندا قبل خمس سنوات وباتوا يحوزون على الجنسية الكندية، ناهيكم من أن نصرة حقوق الإنسان لا تحتاج لإذن من أحد (شرط أن تكون منسجمة متّسقة، أي ألّا تكيل بمكيالين كما عوّدتنا الحكومات الغربية وعلى رأسها الحكومة الأمريكية).
فلم تكتف المملكة بالردّ على ما رأت فيه تدخّلاً غير مقبول في شؤونها الداخلية بتدخّل مماثل في شؤون كندا الداخلية، لكنّها جرّبت مثل هذا التدخّل. وقد جاء بصورة أثارت السخرية، إذ أن جهات سعودية شتّى أعلنت فجأة تأييدها لحقوق سكّان كندا الأصليين ولاستقلال ولاية كبيك (الذي رفضته أغلبية شعبية في استفتاءين أجريا عبر السنين لهذه الغاية). والحال أن سكّان كندا الأصليين وكبيك، ولاية وشعباً، يحوزون على حقوق وامتيازات تفوق بكثير ما يحوز عليه سكّان المملكة السعودية بوجه عام، ناهيكم بأقلياتها الطائفية وأقاليمها!
بل شملت ردّة الفعل السعودية إجراءات شبّهتها أجهزة الإعلام العالمية بالحملة المسعورة التي شنّتها المملكة على قطر قبل أكثر من عام، إذ شملت وقف رحلات الطيران السعودي إلى كندا والإيعاز إلى اثني عشر ألفاً من مواطني المملكة الدارسين في جامعات كندا بمنح سعودية في الانتقال وعائلاتهم إلى بلدان أخرى لإكمال دراستهم فيها. وفي هذه الحالة الأخيرة تبلغ ردّة الفعل حدّ إيذاء الذات إذ أن آلاف المواطنين السعوديين سوف يلعنون حكومة بلادهم لما فرضته عليهم من متاعب جمّة ولسبب سخيف، وكأنهم رؤوس من الماشية تتصرّف بها حكومة المملكة مثلما تشاء. والجدير بالتذكير أن الحملة على قطر انطوت هي أيضاً على إيذاء المملكة لذاتها إذ أضعفت جبهتها الإقليمية في وجه إيران وأخرجت قطر من التحالف المشارك في حرب اليمن وأدّت إلى انتهاء الهدنة الإعلامية التي كانت قائمة بين المملكة والإمارة وكذلك بينها وجماعة الإخوان المسلمين.
والحقيقة أن سرّ الانفعال السعودي المحموم يكمن تحديداً في جملة من الأفشال المتعاقبة في المجال الإقليمي، لا يشكّل إخفاق الحملة على قطر سوى أحد أبرز فصولها. ومن أخطر فصولها الأخرى غرق التحالف السعودي ـ الإماراتي في رمال اليمن المتحرّكة وارتداد مزاعم وليّ العهد التحديثية، لاسيما فيما يتعلّق بالنساء، ارتدادها ضدّه إذ لم تفلح سوى في تركيز الأنظار على المملكة وبالتالي تصعيد الاستنكار الشعبي العالمي لما فيها من اضطهاد شنيع للنساء وسحق بذيء لحقوق الانسان.
ومن أبرز فصول إخفاق السياسة الخارجية التي تولّى قيادتها محمد بن سلمان تورّطه في تأييد مساعي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعقد «صفقة القرن» بين الدولة الصهيونية والفلسطينيين والتي يتضّح أكثر يوماً بعد يوم (لمن كان لديه أي وهم في هذا المجال) أنها لا تعدو كونها حلقة من حلقات تصعيد مؤامرة أقصى اليمين الصهيوني مدعوماً من أقصى اليمين الأمريكي ضد فلسطين وشعبها، تلك المؤامرة التي اشتملت مؤخّراً على نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس وتمرير البرلمان الصهيوني لقانون القومية المشؤوم. ويبدو أن قيام الملك السعودي سلمان قبل أيام بتطمين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس على أنه متمسّك بالحقوق الفلسطينية الأساسية ولن يقبل بالتفريط بها، إنما هو من باب التغطية على الضرر الناجم عن تهوّر ابنه.
ومن هذا المنظور، فإن معلّق صحيفة «واشنطن بوست»، الصحافي الممتاز إشعان ثارور، كان صائباً تماماً في قوله يوم أمس إن حملة المملكة المسعورة على كندا تكشف هشاشة السياسة التي أشرف عليها وليّ العهد السعودي، ليس إلّا. وإنه في الحقيقة لموقف جبان ذاك الذي يُفرط في ردّ الفعل على سلوك كندي سلكت واشنطن مراراً ما هو أقسى منه إزاء المملكة بدون أن تتجرّأ هذه الأخيرة على الاستنكار. إنه لموقف جبان أن ترفع المملكة صوتها صراخاً ضد كندا تحديداً، بحيث بدا بكل وضوح أنها رأت في تدهور العلاقات بين الرئيس ترامب وجارته الشمالية ضوءاً أخضر أمامها كي تفشّ خلقها في هذه الأخيرة.
وإن ظنّ محمد بن سلمان أنه بذلك سوف يردع أيا كان عن أن يحذو حذو الكنديين في نقد تخبطّ سياسته الداخلية، فإنه لم يجنِ سوى مزيد من الازدراء العالمي بنهجه الذي امتلأت أجهزة الإعلام العالمية بالتشهير به تعليقاً على افتعال الرياض لمثل هذه الأزمة الحادة في علاقتها بأوتاوا. ولا نحتاج للانتظار كي نجزم في أن الحملة السعودية المسعورة على كندا تنضاف إلى سلسلة الإخفاقات التي يبدو أن وليّ العهد السعودي مصرّ على التنافس مع مثاله الأعلى دونالد ترامب على تحقيق الرقم القياسي فيها.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الصهيونية وأقصى اليمين ومعاداة اليهود
- دونالد ترامب… الإمبراطور عارياً
- بريطانيا وأزمة العولمة النيوليبرالية
- «صفقة القرن» واستكمال النكبة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
- تأمّلات في الانتخابات التركية
- أعراض مَرَضية: ما الذي عناه غرامشي وكيف ينطبق على عصرنا؟
- «أسبرطة الصغيرة» و«أسبرطة الكبيرة»: الإمارات وأمريكا
- مشهد سنغافورة ومنطق ترامب السياسي
- الربيع الأردني والسيرورة الثورية الإقليمية
- تصريحات خطيرة لزعماء العالم عن الانتخابات المصرية
- طهران وأخطار التوسّع فوق الطاقة
- رسالة أبو بكر البغدادي إلى دونالد ترامب
- الفائز الأكبر في انتخابات البلدان العربية
- ترامب وحكام الخليج: اختلاق وابتزاز
- وجه طهران الظريف ووجهها القاسم
- ماذا بعد الضربات الثلاثية على مواقع نظام آل الأسد؟
- نفاق بنفاق
- غزة البطلة أشارت إلى النهج الصائب في التصدّي للدولة ...
- يوم صدق محمد بن سلمان


المزيد.....




- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...
- السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
- ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست ...
- بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا ...
- دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م ...
- غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
- كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا ...
- ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - ما وراء الحملة السعودية المسعورة على كندا؟