أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلبير الأشقر - يوم صدق محمد بن سلمان














المزيد.....

يوم صدق محمد بن سلمان


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 5829 - 2018 / 3 / 28 - 12:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة «واشنطن بوست» ونشرتها قبل خمسة أيام، وهو أمر نوّهت به «القدس العربي» قبل يومين، ردّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بطريقة ملفتة للنظر حقاً على سؤال حول نشر المملكة للتزمّت الديني. فلنسترجع ما جاء في المقال الذي لخّصت به المقابلة معاونة رئاسة التحرير، الصحافية المعروفة كارِن دي يونغ:
«عندما سُئل عن التمويل السعودي لنشر الوهّابية، العقيدة المتزمّتة التي تسود في المملكة والتي يتهمها بعض الناس بأنها أحد مصادر الإرهاب العالمي، قال محمد [كذا] أن توظيف الأموال في المساجد والمدارس القرآنية عبر العالم كان يجد أساسه في الحرب الباردة، في الزمن الذي كان فيه الحلفاء يطلبون من العربية السعودية أن تستخدم مواردها للحؤول دون تقدم نفوذ الاتحاد السوفييتي في البلدان المسلمة».
إنها لحقيقة جليّة، لكن أن يتفوّه بها وليّ عهد سعودي فأمرٌ غير معتاد. والحال أن المملكة السعودية كانت قد أصبحت منذ خمسينيات القرن المنصرم قاعدة الارتكاز بامتياز للحرب الأيديولوجية التي خاضتها واشنطن في مناطق الانتشار الإسلامي ضد كافة التيارات اليسارية، من شيوعية وقومية عربية وسواها، المناهضة لما كانت تجمع هذه التيارات على تسميته «الإمبريالية الأمريكية». وقد بلغ التعاون بين المملكة والأجهزة الأمريكية المشرفة على خوض «الحرب الباردة» في بُعديها الأيديولوجي والسياسي ذروة أولى في الستينيات. كان ذلك إزاء تجذّر حكم جمال عبد الناصر في مصر واعتناقه «الاشتراكية»، الأمر الذي ترافق مع تكثيف وتوثيق علاقاته بموسكو. فباتت المملكة تحتضن شتى التيارات السلفية والأصولية الإسلامية من كافة أمصار العالم. وكان أبرز التيارات التي احتضنتها الرياض في ذلك الوقت جماعة الإخوان المسلمين، التي شكّل الحكم الناصري عدوّاً لدوداً لها وللحكام السعوديين على حد سواء.
هذا وقد بلغ التعاون بين واشنطن والرياض في «الحرب الباردة» ذروة ثانية في دعمهما المشترك للجماعات الإسلامية المتشددة في الحرب التي دارت في الثمانينات ضد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان. والكل يعلم كيف انقلب السحر على الساحرَين في نهاية المطاف، فاستحالت أفغانستان ساحة تدريب لجماعات سلفية جهادية وتكفيرية ما لبثت أن ارتدّت على الدولتين اللتين دعمتاها. وقد كان أبرز تلك الجماعات تنظيم «القاعدة» الذي أسّسه وتزعّمه ابن المملكة الشرعي، أسامة بن لادن، الذي ما لبث أن أعلن الحرب على واشنطن والرياض إثر انتشار القوات الأمريكية وحليفاتها على أرض المملكة، تمهيداً لانقضاضها على القوات العراقية في الكويت واجتياحها لقسم من أراضي العراق. وفي ذلك الارتداد لتنظيم كان أصلاً وليد المملكة وربيبها، كمن سرّ المفارقة التي شكّلها كون خمسة عشر من الرجال التسعة عشر الذين قاموا بتنفيذ عمليات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، كونهم من رعايا المملكة السعودية.
لا بدّ من تذكير العالم باستمرار بتلك الحقائق التي يغفلها أو يتغافل عنها من يطيب لهم في البلدان الغربية أن يعزو الدور الكبير والمتميّز الذي يقوم به التزمّت الديني في دائرة الإسلام إلى الديانة الإسلامية ذاتها، وهم يزعمون تفوّقهم الثقافي والأخلاقي عليها. لا بدّ من تذكير العالم باستمرار بأن الولايات المتحدة نفسها، زعيمة الإمبريالية الغربية التي طالما ادّعت أنها حاملة مشعل الحرية وحقوق الإنسان في العالم، إنما هي التي رعت داخل محميتها السعودية أكثر أنظمة العالم تزمّتاً دينياً وعملت مع ذلك النظام على نشر التزمّت الإسلامي وتحفيزه في شتى أنحاء المعمورة، مع تسخير الدولتين لموارد طائلة في محاربة التنوير وبثّ الظلامية.
إن الكوارث التي تعاني منها دائرة الإسلام من جرّاء ذلك التاريخ والمتمثلة برواج التزمّت الديني والتخلّف الثقافي وحدّة قهر النساء وتعاقب الجماعات الإرهابية بصورة تصاعدية بلغت مع جماعة «داعش» حدّاً في «التوحّش» فاق التصوّر، إنما هي حقاً وبالدرجة الأولى إرث «الحرب الباردة» والتعاون الوثيق الذي قام خلالها بين الولايات المتحدة الأمريكية ومحميتها العربية الإسلامية المتزمتة، المملكة السعودية. وفي ذلك وجه رئيسي من أوجه لعنة النفط التي أصابت منطقتنا منذ أوائل القرن العشرين.
ولا بدّ من أن نذكر في هذا الصدد دور المخابرات المركزية الأمريكية في الإطاحة بحكومة محمد مصدّق في إيران في عام 1953 عقاباً على تجرؤها تأميم النفط، وما تلا ذلك من سحق نظام الشاه للقوى التقدّمية الإيرانية بما فسح المجال أمام احتلال التزمّت الديني لساحة المعارضة في ذلك البلد. وقد أفضى الأمر إلى سيطرة التزمّت الديني في طهران بعد الرياض، وباتت منطقتنا مسحوقة اليوم بين فكّي تلك الكمّاشة الكارثية. ولن ينتهي كابوسنا سوى بزوال التزمّت عن الدولتين اللتين تصدّرانه مثلما تصدّران النفط. أما ظنّ وليّ العهد السعودي أنه يستطيع محاربة التزمّت الديني بالاستناد إلى التطرّف اليميني الإمبريالي الذي يمثّله بامتياز دونالد ترامب، حليف التطرّف الصهيوني، فكمن يعتقد أنه يستطيع أن يطفئ النار بسكب مزيد من النفط فوقها.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلم التركي يرفرف في عفرين
- سوريا والاحتلالات الخمسة
- الصعود العالمي لليمين الشعبوي وشرط انهائه
- قيصر روسيا وسوريا وسياسة المكايد
- صفعة ترامب وصفعة عهد التميمي
- معضلة «التطرّف والاعتدال» في علاقة إسرائيل بمحيطها ا ...
- في تغليب العداء للكُرد على العداء لنظام آل الأسد وحم ...
- تحية إعجاب لموسى مصطفى موسى…
- مصيبة الشعب الكردي
- دفاعاً عن حق الشعب الكردي في تقرير مصيره
- استفتاء الاستقلال الكردي الوهمي: انتهت السكرة وبدأت ...
- البارزاني وتقرير المصير: كلمة حق أريد بها باطل!
- العالم العربي:”طور مضاد للثورة ليس هو ذاته غير مرحلة في السي ...
- ما دامت القوى التقدّمية عاجزة عن تشكيل بدائل قوية وحقيقية سن ...
- لا للقصف الجوّي الهمجي في سوريا واليمن!
- عن تدخل الدولة التركية في سوريا
- هل يستطيع الشعب إسقاط النظام والدولة لا تزال قائمة؟
- االربيع العربي وانتكاسته و اليسار -الزائف-
- نحو يسار تحرري وتقدمي في الشرق الأوسط
- ماذا حلّ بالربيع العربيّ؟


المزيد.....




- -في تهديد مباشر-.. ترامب: المرشد الأعلى الإيراني -هدف سهل- و ...
- ماما جابت بيبي.. استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- ترامب: المرشد الأعلى هدف سهل.. نعلم أين يتواجد
- باسم يوسف يثير جدلا بمنشور عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ف ...
- الرئيس الأمريكي: نعرف تماما أين يختبئ المرشد الأعلى ولكن لن ...
- الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: نعرف تماما أين يختبئ المرشد ال ...
- ثبت الأن تردد قناة طيور الجنة الحديث على النايل سات وعرب سات ...
- مقتل العشرات من منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة، وإغلاق المسج ...
- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلبير الأشقر - يوم صدق محمد بن سلمان