أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جلبير الأشقر - بريطانيا وأزمة العولمة النيوليبرالية














المزيد.....

بريطانيا وأزمة العولمة النيوليبرالية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 5930 - 2018 / 7 / 11 - 10:00
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



العاصفة الخطيرة التي باتت أمواجها تتقاذف سفينة الدولة البريطانية مهدّدة بالإطاحة بحكومتها في وجه أعظم امتحان عرفته بريطانيا في تاريخها المعاصر، ألا وهو انفصالها عن الاتحاد الأوروبي المزمع إتمامه بعد ثمانية أشهر، تلك العاصفة ليست سوى عارض جديد من أعراض أزمة العولمة النيوليبرالية. والحقيقة أن التأزّم حالة ملازمة للنيوليبرالية ونتاجٌ حتمي للتغييرات بالغة الأهمية التي أدخلتها هذه الأخيرة في آليات النظام الرأسمالي العالمي.
إن النيوليبرالية تسمية تُطلق على سياسة اقتصادية قائمة على دحر الدور الذي لعبته الدولة في تنظيم العملية الاقتصادية استناداً إلى سياسة معاكسة تعمّمت في البلدان الرأسمالية بعد الحرب العالمية الثانية وعُرفت باسم أهمّ منظّريها، الاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز. وقد استندت السياسة الكينزية إلى عقد اجتماعي ضمني ترافق بموجبه نمو سريع في الاقتصاد بتحسّن مستمر في مستوى معيشة الطبقة العاملة، أي في قدرتها الشرائية. وقد شهدت بلدان المركز الرأسمالي في ظلّ الكينزية عصراً ذهبياً دام قرابة ثلاثين عاماً وانتهى عندما شكّلت الأزمة الاقتصادية المعروفة بركود 75ـ1973 ذريعة لهجوم نيوليبرالي شامل ضد السياسة الكينزية، دعا إلى تقليص دور الدولة الاقتصادي إلى حدّه الأدنى ومنح القطاع الخاص صلاحية شبه مطلقة وتحرير السوق من كافة القيود المفروضة عليها، بما فيها الحقوق التي كان العمّال قد حازوا عليها في المرحلة الكينزية.
هكذا انتهت مرحلة التشغيل المستقرّ لتحلّ محلّها مرحلة جديدة شملت سماتها الرئيسية انعدام الاستقرار في العمل وهشاشة شروط التشغيل ومعها شروط المعيشة بوجه عام. وقد ترافقت هذه التحوّلات منذ الثمانينيات مع ظاهرة «العولمة» التي تضافر في صنعها إلغاء الحواجز أمام التجارة وحركة الرساميل بين البلدان وثورة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جعلت من قارتنا تلك «القرية العالميّة» التي تنبّأ بها عالم الاجتماع الكندي مارشل ماك لوهان في مستهلّ الستّينيات. غير أن العواقب الاجتماعية للعولمة النيوليبرالية ما لبثت أن أفرزت أزمة اجتماعية تفاقمت تدريجياً على خلفية قلق متصاعد إزاء مستقبل بات مجهولاً ومظلماً. ومثلما جرى خلال أزمات النظام الرأسمالي العالمي السابقة في نهاية القرن التاسع عشر وفي مرحلة ما بين الحربين العالميّتين في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، أخذت تيارات التعصّب القومي والعنصري تتصاعد بدورها وهي تركزّ تحريضها ضد المهاجرين بصورة خاصة.
وقد جاء انفجار الأزمة الاقتصادية الكبرى المعروفة باسم «الركود الكبير» في 08ـ2007 وما تبعها من تعاظم موجات الهجرة إلى الشمال من جنوب البحر الأبيض المتوسط وجنوب نهر ريو غراندي (الذي يفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك) وبلوغ الهجرة ذروة من جرّاء الهجمة المضادة للثورة والحروب الأهلية التي تلت «الربيع العربي»، جاءت هذه الأمور مجتمعةً لتحفّز المدّ القومي اليميني الذي نشهده عبر العالم، مثلما حفّزت أزمة ما بين الحربين العالميتين صعود الفاشية والنازية وأشباههما.
وما شتّى ظواهر التعصّب القومي اليميني التي نراها في عالم اليوم، وقد غدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبرز رموز ذلك التعصّب، سوى نتاجات لما وصفنا. ويندرج تصويت أغلبية الناخبين البريطانيين قبل سنتين على الخروج من الاتحاد الأوروبي في السياق ذاته، والحال أن العاصفة التي هبّت على حكومة جلالتها ليست سوى حلقة من حلقات عاصفة سياسية عظمى تشمل القارة الأوروبية بأسرها، شكّل وصول أقصى اليمين الإيطالي إلى الحكم قبل أسابيع أحد أخطر تجلّياتها.
أما المستقبل فمرهون بقدرة التيارات اليسارية المعادية للعنصرية على تشكيل بديل ذي مصداقية في وجه البديل اليميني المتشدّد. مثل هذا التطوّر فقط من شأنه أن يفضي إلى نهاية السياسات النيوليبرالية واستبدالها بسياسات اقتصادية تقدّمية تقضي على الظروف التي ولّدت المدّ اليميني. والحال أن بريطانيا هي الدولة التي بلغ فيها اليسار المضاد للنيوليبرالية أوجّ قوته من خلال هيمنته على حزب العمّال، وتتعاظم فرص هذا الحزب في الوصول إلى الحكم في إطار الأزمة السياسية الراهنة. غير أن وصول اليسار إلى الحكم في بلد واحد لن يكفي لقلب المدّ اليميني العالمي، فيبقى مصير بريطانيا شديد الارتهان بمصير ذلك الاتحاد الأوروبي الذي أرادت غالبية الناخبين البريطانيين الانفصال عنه ذات يوم.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «صفقة القرن» واستكمال النكبة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
- تأمّلات في الانتخابات التركية
- أعراض مَرَضية: ما الذي عناه غرامشي وكيف ينطبق على عصرنا؟
- «أسبرطة الصغيرة» و«أسبرطة الكبيرة»: الإمارات وأمريكا
- مشهد سنغافورة ومنطق ترامب السياسي
- الربيع الأردني والسيرورة الثورية الإقليمية
- تصريحات خطيرة لزعماء العالم عن الانتخابات المصرية
- طهران وأخطار التوسّع فوق الطاقة
- رسالة أبو بكر البغدادي إلى دونالد ترامب
- الفائز الأكبر في انتخابات البلدان العربية
- ترامب وحكام الخليج: اختلاق وابتزاز
- وجه طهران الظريف ووجهها القاسم
- ماذا بعد الضربات الثلاثية على مواقع نظام آل الأسد؟
- نفاق بنفاق
- غزة البطلة أشارت إلى النهج الصائب في التصدّي للدولة ...
- يوم صدق محمد بن سلمان
- العلم التركي يرفرف في عفرين
- سوريا والاحتلالات الخمسة
- الصعود العالمي لليمين الشعبوي وشرط انهائه


المزيد.....




- م.م.ن.ص// يريدوننا ان نموت في صمت.. الموت هو الموت...
- بيان الحزب الشيوعي في تشيلي بعد الانتخابات الرئاسية
- ميشيل فوكو: الأفكار والتأثير والنقد السياسي
- السودان.. القوى المدنية تطالب بتصنيف الإخوان جماعة إرهابية
- جريدة “الفجر” تتوقف عن الصدور وصحفيوها بلا رواتب منذ 6 أشهر ...
- حزب التقدم والاشتراكية بتازة يجدد هياكله وينتخب الرفيق سعيد ...
- What Germans Think About AI
- تشيلي بعد اليسار: تداعيات فوز اليمين الراديكالي على السياسة ...
- الدورة السابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تحت شع ...
- لا.. لاتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني


المزيد.....

- بين قيم اليسار ومنهجية الرأسمالية، مقترحات لتجديد وتوحيد الي ... / رزكار عقراوي
- الاشتراكية بين الأمس واليوم: مشروع حضاري لإعادة إنتاج الإنسا ... / رياض الشرايطي
- التبادل مظهر إقتصادي يربط الإنتاج بالإستهلاك – الفصل التاسع ... / شادي الشماوي
- الإقتصاد في النفقات مبدأ هام في الإقتصاد الإشتراكيّ – الفصل ... / شادي الشماوي
- الاقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط – الفصل السادس من كتاب - الإ ... / شادي الشماوي
- في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و ا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (المادية التاريخية والفنون) [Manual no: 64] جو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية(ماركس، كينز، هايك وأزمة الرأسمالية) [Manual no ... / عبدالرؤوف بطيخ
- تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توف ... / شادي الشماوي
- الإنتاجية ل -العمل الرقمي- من منظور ماركسية! / كاوە کریم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جلبير الأشقر - بريطانيا وأزمة العولمة النيوليبرالية