أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - قراءة في قصة ( رانيا )














المزيد.....

قراءة في قصة ( رانيا )


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 27 - 18:05
المحور: الادب والفن
    


كاتب هذه القصة الأديب حسن البقالى من المغرب، ويفرض علينا من خلالها حالة مواجهه بل هو يضعنا مباشرة في أتونها، والمواجهة التي اقصدها هو طرح الثقافة الشعبية عبر فرض طابع حكائي شفاهي للنص ، كما يحدث في الأدب الشعبي أو السير ، وغيرها ..
وهى ثقافة توجه النقد إلى السلطة دون خوف ، وكرد فعل من السلطة، يتم حجبها وعدم الاعتراف بها ، ولزمن طويل تم التعامل مع الثقافة الشعبية بشكل سلبي، لأنها اعتبرت دائما كمصدر تهديد، رغم إنها تعبر عن احتياجات الناس ورغباتهم وحقهم المشروع في الحياة .
وفى هذا النص كان السرد متحركا .. لكنه اسلم قياده لراوي خارجي
توارى في منطقة الظل بحيث تمكن من الرؤية الشمولية للشخصيات والأحداث متجاوزا الظاهر للنفاذ إلى باطن الأشياء .
هناك توقف مؤقت في عده مناطق ، لكن الحركة التراجعية كانت غالبة
نلاحظ ذلك في تكرار الفعل الماضي :
1- كنا في المقهى..
2- كنا نستشعر..
3- كنا على أهبة ..
4- وكان من الطبيعي ..
5- كانت المقهى ..
أن إيثار الحركة التراجعية مكن الراوي من احتلال منطقة الحكي التي تشبه ألف ليلة وليلة .. ومع إن ألف ليلة وليلة وحكايات الأساطير لا تلتزم بحدود المكان والزمان ، إلا إن هذا النص التزم به ، وان جاءت الأحداث فيه مشابهة ، لبعض أحداث حكايات الأساطير ..
في الأساطير يوجد أشخاصا يتحولون إلى وحوش ، وأشخاصا يضاف إلى صفاتهم عناصر خرافية .. وأشخاصا ينامون في مكان ويستيقظون في مكان أخر .. وفى نصنا هذا شيء مشابه لذلك ..فوحش القصة وعصابته يكتسب بطولات بين الشعب ، وصفات وحش بسبعة رؤوس، وتدخل رانيا إلى مكان تظنه بين الناس فإذا بها تكتشف إنها في سيارة
أما محرك السرد الأساسي فكان السؤال عن لاراف ، وهو سؤال من القارئ ومن أحد شخوص القصة ، فالسؤال من القارئ جاء في المقطع الأول :
( كنا في المقهى حين مرت "لاراف" .ثانية واحدة )
فماذا عن لاراف ؟ لقد تابعنا السرد لكنى نعرف ماذا عنها ، وجاء شخوص القصة ليتابع معنا عملية السؤال :
(سأل أحدنا "أبا علال": لم لا تقص علينا حكاية عن لاراف؟ )
وبالسؤال يقفز أحد شخوص القصة ليجاورنا في عملية الإنصات
أو نقفز نحن لنصبح مجاورين لشخوص القصة بالداخل ننصت معها منتظرين الحكي .. وهى طريقة تجذب القارئ عن طريق إيقاعه في فخ الفضول .
ومع عملية الحكي / الاسترجاع .. يتحرك الراوي ليكشف عن حياة رانيا ، لكنه يوسع البؤرة تدريجيا كأن الحكي ينفتح على حكى أخر ، فترى حياة الأم والأب ثم الأسرة كلها ثم البيئة المحيطة بالأسرة ثم المجتمع والسلطة ..إن الكل يقفز ليكون واقعا حضوريا أمام الشخصيات التي تنصت للحكاية المروية أو القارئ الذي اصبح بفعل الفضول مجاورا لشخصيات النص .
ويأتي عنوان النص ( رانيا ) ليتفق مع النهاية .. لقد أعطى النص للجميع سلطة وقوة ماعدا ( رانيا ) وتتدرج القوة والسلطة من شخص لأخر .. حتى تصل للأقوى وهى العصابة والشرطة المتحكمان في المجتمع ، وتتوزع أدوار القوة تبعا لقيمة الشخص ، حتى هؤلاء الذين أنصتوا للحكاية امتلكوا قوة استمرار الحكي بوجودهم ، والشخص المهمش الوحيد في الكل هو ( رانيا ) فهي لم تمتلك أي قوة أو فعل .. ويصفها الراوي :
( ورانيا صبية دون الرابعة. بقصة سوداء وجسد مكور وصغير كحبة مشمش )
إن هذا الوصف الصامت دون ضجيج يعطينا مصدرا للتخيل ، عن مدى ضعف الطفلة الصغيرة ، وتشكيكنا في قدرتها على البقاء ، فوصفها كحبة مشمش ، بالإضافة إلى التعبير عن الصغر والضعف ، إلا انه يدل على حيز زمني صغير في الحياة ، لأن المشمس وقته قصير ، ولذا يضرب به المثل عندما يقال ( في المشمش ) لكن الراوي احدث توازنا في نهاية النص ، بجعل رانيا تملك قدرا من السيطرة ، فهي تضع نهاية معينة بنفسها حتى من غير قصد .. والمفارقة إن ضعفها هو الذي أعطاها هذه السيطرة .
ويضع النص في منطقة الضياع الأب فهو سكير ، بينما يضع الأم في منطقة الفعل : العمل على ماكينة تريكو ، لكن كلاهما في منطقة حضور شبحي لا فعلى في حياة رانيا :
( الأم لا وقت لديها لتفقد الأولاد (تشتغل طوال الوقت على ماكنة لصنع التريكو)
والأب لا وقت لديه لتفقد الأم ( سكير عربيد لا يهتم سوى بما يوفر له زجاة خمر)
وهكذا لا نجد إي رابط بين أفراد العائلة ، بل الفقد والغياب والضياع هو العلامة المميزة ، لكن غياب الأم الشبحي والسلبي في حياة الابنة والأولاد ، لا يعتبر غيابا إراديا ، بل هو غياب قهري بدون اختيار ، بفعل سلبية الأب وضياعه الذي أهمل أسرته مفضلا الضياع في زجاجة خمر ، وهى بذلك قد وضعت في منطقة قهرية .. فهي ملزمة بالعمل لتربية الأطفال لتوفير نفقاتهم المادية ، وملزمة في الوقت نفسه بعدم تربيتهم كأم لتوفر لهم الاحتياجات النفسية والروحية ، لكن القهر الذي طال المرأة / الزوجة / الأم / ينعكس سلبيا على المجتمع ، بعدم توفير أفراد صالحين ، وهو أمر يقوم المجتمع بعكسه على الأسرة فتنتشر فيه الجريمة والمساوئ والمخدرات التي يقع تحت طائلتها الأفراد ، ويتحكم في هذا المجتمع سلطة القوة ممثلة في الشرطة والعصابات
وتتراجع سلطة القانون وأخلاقيات العدل .
وبين الكل تظهر كتل بشرية متمردة كانت ومازالت مقهورة وهى كتل من الشعب الذي يعانى ، فيرد القهر الواقع عليها من السلطة ، بعملية حرمان تلك السلطة من الحق في القبض على إفراد العصابة ، بل إعطاء أفراد العصابة صفات إيجابية ليست فيهم ، صفات تفجرت من داخل النفوس كرد فعل على القهر
ويعمل الراوي كما يحصل في المرويات التي تعتمد على الموروث الشعبي على تهريب إفراد العصابة من خلال اضعف حلقة في الوسط الشعبي ، وهى ( رانيا ) فالقهر يرد بقهر عكسي . وهو تعبير عن جسد اجتماعي منتهك ومتداعي .
-------------------



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية -على قيد الموت-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزءالثالث عشر
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الأخير-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الحادى عشر-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثانى عشر-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االتاسع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء العاشر-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسابع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الثامن-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االخامس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االسادس-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثالث-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء االرابع-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثاني-
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الأول
- تخريفات مفلس للخروج من الخرابة
- تأملات بشرى في الاحوال البشرية !!
- سيناء وضحايا الأكاذيب الكبرى
- مقدمة لديوان (على ذاك الكثيب)
- قراءة في مجموعة - لم يكن حلما -


المزيد.....




- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - قراءة في قصة ( رانيا )