سعيد رمضان على
الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 27 - 13:19
المحور:
الادب والفن
- الفنانة ملك مطر
---------------
بدهشة، تأخذني الفنانة ملك مطر وتقودني من خلال الفن إلى العبقرية .
عبقرية تقبع تحت عقل منتمي، منضبط بأخلاقيات تتوافق مع طبيعتها كفنانة تنتمى إلى فلسطين و تعيش في غزة المرتمية في أحضان البحر.
تلك هي المكونات التي شكلتها وصهرت إبداعها الفني ، رغم صغر سنها.
نشأت منذ طفولتها المبكرة عارفة بمفردات القهر والحصار والموت .. امتلكت قدرة تجسيد كوامن النفس ...الواقعي من خلال الفني ، والداخلي
النفسي من خلال الخطوط والألوان .
ما أن تدلف إلى لوحتها ( هيمنة ) تجد نفسك في مواجهة مباشرة مع الدموع ، ومع الوجوه الحزينة، والشخوص العاجزة عن التخلص من قيود
القمع، والانكسارات التي تروي حكايات الوجع .
شخوص تظهر دوائر في رقابها كتعاويذ وتمائم تعبر عن القيود والحصار مستنزفة كل الطاقة الحيوية في البشر .
لوحة تملك بعدها الملحمي الرمزي من خلال تصوير شخوص خنقت أصواتهم وطمست كياناتهم، وتركوا مقيدين بسلاسل برقابهم ليسبحوا في
بحر من الضياع .
ملك مطر فنانة تشكيلية، تجسم هنا انطباعاً كئيباً عن عوالم مسلوبة الإرادة في واقعها المأساوي، معبرة عن حالة يظل فيها الأقوى هو المسيطر
وهو القاهر في الغابة الإنسانية المعذبة .
باللوحة نلاحظ العديد من الوجوه تتقارب في الكآبة وفى الدموع والأفواه المغلقة ، وفى الخطوط القاتمة،
وفى العيون الغارقة في السواد والتي لا يظهر منها أي ضوء... وفوقهم تظهر شخصية فاردة ذراعيها كرمز للهيمنة والسيطرة على الجميع
ومرتدية قناع بنفسجي يوحى لنا بالانقباض .
وتظهر الشخوص جميعا على خلفية سوداء موحية بالتعاسة ، وتشارك الألوان القاتمة للشخوص بهذا البعد الحزين .
معبرة عن حياة ممتلئة بالفزع والوحشة والبرودة ، والظلام له حضور طاغ باللوحة انه مماثل للموت كعلامة على اختفاء الجمال والحب
وسيطرة الظلم وانطباقه على الشخوص .
لوحة تكثف المعاناة في الدموع، تتجاوز الزمان والمكان لتعود بنا إلى الإنسانية المنهكة بالقهر، مجسدة العذاب باللون والتكوين ، تدفعنا إلى
عالم نعيش فيه بلا سلام حيث يلتهم الإنسان أخاه الإنسان.
---------------
- الفنانة ملك مطر من مواليد 17/12/1999. مقيمة بمدينة غزة البلد الأصلي للأسرة الجورة وهي قرية
صغيرة فلسطينية تقع على الساحل الفلسطيني، احتلت من قبل الاحتلال بتاريخ 5/11/1948
#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟