أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثاني-














المزيد.....

-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثاني-


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 26 - 07:12
المحور: الادب والفن
    


1- الفنان مصطفى الحلاج
----------------------
" الثورة والنضال والفن" اجتمعا معا في إبداعات الفنان مصطفى الحلاج مع امتزاج عميق بالأرض.
سعى الحلاج جاهداً لخلق حساسية فريدة في أعماله الفنية، اذ تمزج لوحاته بين النظريتين البصرية والتأملية معاً من خلال لمسات النور والظلام .. وثنائية تناقض لوني الأبيض والأسود.
أنها طريقة خلاقة وفريدة ,ويمكن الإحساس بها في عمله “ ارتجالات الحياة ” التي تحمل اجواء من الفن المصري القديم والفن الشعبي..
لوحة ارتجالات الحياة ، هي وسيلة مميزة للتعبير عن مأساوية الإنسان، وليست تحليل لشخصية الفرد، لذلك، لا يمكن فصل شخصية مصطفى الحلاج عن بلده أو عن الفكر أو العقيدة التي يجسدها في أعماله .
فالشخصية الفنية تعكس من خلال حركتها الديناميكية السياسية والتاريخية. وقد شارك مصطفى بنفسه بحركة التاريخ. وبالفعل، تميّزت حياة ذلك الفنان بطابعها التاريخي.
تبرز السياسة والميثولوجيا بقوة في أعماله، لأن الأحداث التاريخية ليست مجرد مادة فنية بالنسبة له، إنما هي حياته التي عاشها، ما بين فلسطين والقاهرة وبيروت ودمشق، لذلك تتميّز أعماله بالكثير من الإنسانية والحلم والصبر والنضال، والإيمان بالقيم الكونية، إذ أنها مرآة نفسه.
شكّل فنه فسحةً للتفاعل بين الثقافات المختلفة، وهو غالبا ما يمزج بين مختلف الثقافات؛ المصرية القديمة ، الكنعانية ، الأفريقية .
شكلت تجربته في الاحتلال والعدوان والغربة ، مصدر وحيٍ لأعماله المتجذرة في التاريخ والواقع. وهكذا، يجسد المواجهة بين الإنسان وقدره ، صراع الحياة والنضال من أجل الحرية ، وبؤس الإنسان وعذاباته ، في أجواء فنية تمازجت فيها ثقافات الشرق، فالسحنات البشرية والوقفات وتشكيلات الجسد في عمله ، تنقلنا إلى الفضاءات الإفريقية والكنعانية والفرعونية.
" ارتجالات الحياة" لا أجد فيها أثراً للفردية بل يقتصر فيها الإنسان على وظيفته النضالية، أنها ذات فردية مقاومة وبالفعل، لا يبرز في هذه الأعمال الإنسان ببعده الفردي، كما يتبدى في الحياة بشكل عادى، أو كما يتبدى في أعمال فنانين آخرين، إنما تتبلور الحركة على مستوى مجموعات؛ ترافقها حيوانات وطيور .
لكن هناك ترميزات متعلقة بتلك الحيوانات والطيور ، تتمازج وبشكل أسطوري مع الإنسان (الميثولوجي) كالديك الذي يرمز إلى اليقظة، كما يرمز إلى بزوغ الفجر وإشراقه الصباح، و إلى الرجولة والسخاء والكرم ، وكالحمامة التي ترمز للحب و السلام، والتي تحيل للمعنى الديني ومعنى الإنقاذ أيضا، فهي ترتبط بقصة سيدنا نوح عليه السلام، عندما أرسل الغراب وقت الطوفان للبحث عن بر الأمان وعندما لم يعد، أرسل الحمامة فعادت تحمل في منقارها غصن الزيتون، وغصن الزيتون رمز السلام بفلسطين .
أما العصفور الذي نراه في أعلى اللوحة ، فهو يرمز لأسطورة مصرية قديمة، تحكى عن تمزيق جسد أوزوريس ودفن كل جزء بإحدى محافظات مصر، أنها تمزيق الخير وتغريبه في المنافي والشتات ، وهناك أغنية مصرية قديمة حزينة ، هي أغنية العصفور الأخضر :
"«أنا العصفور الأخضر..
أمشى عالشجرة واتمخطر..
مراة أبويا دبحتنى..
وأبويا النحس أكل منى..
واختى الحبيبة لمت عضمى.
تحت الشجرة دفنتني..
أنا العصفور الأخضر»،
والأغنية رسالة الابن المذبوح عن جريمة القتل ، ونداء إلى العالم غير المهتم، والغير مبالي ، وبشكل موازى ذبحت فلسطين والرسالة اليومية عن جريمة القتل ، لا يصغى لها العالم ولا يقوم بعمل فعلى للاقتصاص من القاتل وتحقيق العدالة . .
وهكذا تتبدى لنا " ارتجالات الحياة " وكأن كلٌّ شخصياتها ليسوا سوى جزء من شخص جماعي، الحاضر والتاريخي والأسطوري، ليتخطى الفرد فرديته ليصبح تجسيداً رمزياً لوطنه، وهو ما يمنح الإنسان أبعاداً كبرى، مضيفا للبعد الجماعي واقعيةً مدهشة ، تتجرد الحالة البشرية من خلالها تدريجياً من مظهرها العادي، لتسمح للوضع البشري بالبروز بطابعه المأساوي.
ويترافق الموت في عمله مع وصف التغريبة فنرى في النصف الأسفل من اللوحة ، عذابات الإعاقات التي سببتها الحرب للإنسان ، وأعمال التنكيل والقتل، وخصوصا للمرأة المعادل الموضوعي للأرض والوطن الفلسطيني ، أنها فظاعة لا نتصور أنها خارجة من العالم الإنساني.
لكنه عالم حوله البشر ليكون جحيمهم ، كل ما فيه من تفكك وعفونة وقهر ودمار. يرمز إلى ما هو غير إنساني.. لقد سيطرت على " ارتجالات الحياة" قوة غير طبيعية، تتصاعد من السواد الذي يسيطر على اللوحة، كأن الليل الذي هبط بشكل جلي ينسدل حتى غطى العالم ، ، هناك الارض المحروقة ،والقتلى والمصابين وكأن كل شيء، حتى الأرض الضائعة في الظل ، فرض نفسه ليقنعنا بالبؤس الإنساني.. لكن الوضع ليس قاتما أو اسودا خالصا فهناك أضاءات تمنح الأمل ... !
. في هذا السياق، تكتسب شخصيات " ارتجالات الحياة " بعداً أسطورياً بفضل شخصياتها الغامضة على غرار الأبطال التاريخيين، وذلك من خلال رمزية النور والظل، التي جعلت ملامح وجوهها مبهمة، فالوجوه تغطيها الظلال ولا تبرز ملامحها ، وإذ كان أبطال الأساطير هم وحدهم القادرين على تجاوز الوضع البشري، ليصبحوا صورة ترتبط بالواقعية وتفارقها في الوقت ذاته إلى الصورة الخيالية بعد تحقيق البطولات المستحيلة ، فان الفلسطينيين الذين ارتبطت حياتهم دائما بالنضال – أطفال ونساء ورجال – وتحملهم الحياة في الأوضاع المستحيلة ، ذابت ملامحهم في الوطن، ذلك الوطن الغائب الحاضر أبدا، لذلك الشخصيات في عمل الفنان مصطفى الحلاج، بلا ملامح واضحة، أنها مبهمة وغامضة كأبطال الأساطير المحاطين بالجلال .
-------



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية -الجزء الأول
- تخريفات مفلس للخروج من الخرابة
- تأملات بشرى في الاحوال البشرية !!
- سيناء وضحايا الأكاذيب الكبرى
- مقدمة لديوان (على ذاك الكثيب)
- قراءة في مجموعة - لم يكن حلما -
- اسكت، حتى ياتى يوم ذبحك
- غزة ، مشاهد من الحياة
- في الانتصار المدوي للمقاومة
- غزة ، والحكايات
- إسرائيل, السحره والنساء
- مهرجان الوحشية
- الأحلام والانكسارات في - نوافذ الشر -
- قراءة في قصة - ارتديتك غيابيا -
- قراءة في قصة هناء حمش
- اليرموك، بؤرة كاشفة للوطن
- ربط البحرين، والنووى، والقوة !!
- برافر... والهدف..!!
- حاميها حراميها بالجيش الإسرائيلي
- الأنفاق بسيناء صناعة إسرائيلية


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - -الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء الثاني-