أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - مقدمة لديوان (على ذاك الكثيب)















المزيد.....

مقدمة لديوان (على ذاك الكثيب)


سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 4887 - 2015 / 8 / 4 - 09:03
المحور: الادب والفن
    


مقدمة للديوان
بقلم - سعيد رمضان على


في ديوانه الأول (على ذاك الكثيب) يطالعنا شاعر البادية " يونس أبو صفرة " بوجهٍ سيناوى أصيل، ومن أعماق شبة الجزيرة ينشد للصحراء، وبنبرة بدوية نبيلة يغنى للكرم، وبحسه المرهف يذكرنا بأصالة الإنسان .
يعزف يونس بقلبه على أوتار الوجع .. الآمال والأحلام والانكسارات.. و المساءات الحزينة، في ديوانه الذي كتبه بعمق حتى لكأنه يشبهُه في روحه الدافئة .
والشاعر في قصائده يجسد لنا حياة البداوة بما فيها من كرم وشجاعة ونبل ، فطوّع الكلمات لتأدية فكرته ، لكن علينا أن نقرأ الكثير من قصائد يونس ، حتى نفهم بنية المقابلة التي يعتمد عليها بشكل عام، والمقابلة التي اقصدها ، ليست هي بؤرة القصيدة الواحدة أو نواتها، بل هي بؤرة الديوان كله، فعندما يتكلم عن الخبث والكذب واللؤم في إحدى قصائده، يتكلم عن الكرم وفضائله في قصيدة أخرى،ولهذا كثرت المقابلات التي كثر فيها المدح والذم .
وكثير من قصائده تتجلى فيها محاولاته الصادقة لنقل أحاسيسه ،انظر مثلا قصيدته صراع داخلي وفيها يقول :
"احس إبغربـــه تداخلني والشوق صبح قتـــال
واقف على مفرق وادروبي سارت تعـــاندني
اشد القدم على جـــــال يدفعني لثــــاني جــال
متربـــط في مكـــــاني وانظــر من يسانــدني"
انه ينحو في الظاهر منحنى فرديا ،متدفقا بالصراع وبالحيرة المعذبة، أن الغربة والاغتراب، حياة اغلب الشعراء ، والتعبير عنهما يصل لقمة المشاعر، لكن الغربة في قصيدة يونس طراز مختلف، أنها غربة مقترنة بالعشق .. في قصائده الأخرى، يحلق في أجواء البداوة، لكنه يصحو على ذلك الواقع حين لحق بالبداوة أثار المدنية ، بما فيها من كذب وخداع وتضليل ، فلم يملك سوى إعلان السخط الممزوج بالألم و الحسرة :
"وكيف الكذب يرفع ارجال الصدق وئدها
وكيف من ذله الصدق الكذب يعليه
وله مكانه بين الناس كل(ن) شهدها
كثر ماشفت سرت اشك في صدقيه
حسبت ان الكذب فضيله وحدها
بعد ما كان الكذب صفه فالرجل تخزيه
سار يقعد مع مشايخها وعمدها
واصبح من عليت القوم والناس تدعيه
وفي صدرالمجالس قاعد(ن)رجله فردها
المال يابشر ملعون ملعون طاريه
كم من حقير فالدنيا هذي عبدها
ذل الاصيل وسود لياليه
وسار خسيس القوم هذا اسدها
لكن يونس شاعر يغوص في أعماقه وتراثه ، فتتحول كلماته إلى قوة مؤثرة عندما يصور في إحدى قصائده الكرم البدوي الأصيل وهنا تظهر بنية المقابلة بديوانه فيقول :
" الكرمــــــــــــــ جود ماينحسب بالصاع
والكرم مد اليمين دون علمـــــ اشمالها
الكرم سمعة طيب بينـــــ الناس تنذاع
اتسافر مع الركب مـانستطيع اغفالهـا
حـاتم من باديات الدهر وليالي أوســاع
لازالت سيرته اتغطي الكرم بضلالهــا
ووجوه مايرفعها الكرم فوق النجم بذراع"
ولازال كرم حاتم يضرب به الأمثال ويقال "لااكرم من حاتم "، وابلغ وصف عنه ما قالته سفّانة عن أبيها "..إن أبي كان يفكُّ العاني ويحمي الذمار ويقري الضيف ويشبع الجائع ويفرّج المكروب ويفشي السلام ويطعم الطعام ولم يرد طالب حاجة قط.. ".
وبذكر "حاتم الطائي" يعود يونس إلى كنف البيئة البدوية الأصيلة .. الضاربة في أعماق التاريخ ، يعود إليها ليحتمي بها من التغير الجذري الذي اعتراها وشوه معالمها ، حتى بدت و كأنها غير ما ألفه . ولاتنفصل مفاهيم شاعر البادية أو أحاسيسه عن مفرداته، التي تكشف عن حب عميق للبداوة ، وشدة التعلق بها ، وشعوره بأنها تملك فضيلة النقاوة وعدم التلوث، وهو شعور طاغي، و ملمح أصيل يظهر جليا في ديوانه ، الذي يحمل إلى جانب عشق البادية، الثراء الخلقي .
نكتشف عندما نطالع ديوانه ، بأنه لايهادن ، وينتقد كل ماهو دخيل على البداوة وعلى القيم الإنسانية عموما ، هناك عالم مليء بالحقد والكذب والشرور والتنكيل والقتل ، عالم مات فيه الضمير، لكن هناك عالم الأمل والحرية،عالم يملؤه التفاؤُلَ ويرفرف عليه الجمال .
وللصحراء دور كبير في تشكيل مفاهيمه، ودور في تشكيله الخلقي ، بما تحمله من نقاوة وبما فيها من اتساع، تقود الذي يغرق في سحرها، إلى مسافات ومدارات أوسع.
لسنا هنا بصدد تحليل أو نقد قصائد الديوان ، لكننا نؤكد انه ديوان يساهم في إبراز الصوت البدوي من خلال التعبير الشعري، والوصول إلى المميزات العامة لذلك الصوت، وبعض المميزات الخاصة به . والمساهمة في إثراء المشهد الشعري، في سياق الأصالة السيناوية البدوية، ورموزها التاريخية، والسياسية، والاجتماعية. صحيح أن هناك شعر في المجال نفسه، لكنه – على حد علمي -أول ديوان لشاعر بدوى من سيناء. حقا إن الحديث عن الشعر البدوي عموماً وشعر يونس خصوصاً، ليس جديداً على إطلاقه، ، ولكنه يظل بمثابة إعادة طرح ومعالجة للرؤية حوله، وهو - في صورته الدقيقة – مساهمة مشكورة حول بقعة ظلت غائبة، أو – بمعنى أدق- غائمة في عالم الشعر. الديوان اذا يسمح لنا باستكمال الأحاديث، وتجديد الحوارات حول بلاغه الشعر البدوي، أو رصد دوره في حركة الشعر عموما.
تبقى كلمة حول الشعر البدوي ويسمى أيضا بالشعر النبطي، فلغته تختلف، فأحيانا تتخلص من بعض الظواهر التي تلتزمها الفصحى،مثل ضبط أواخر الكلمات ( الإعراب ) وكذلك ضبط الكلمة نفسها "أو نطقها بين الترقيق والتفخيم والشدة والإمالة" أن السبب وراء اللغة المختلفة للشعر البدوي هو الهجرة، والهجرة عند البدو هي هجرة بمعيار الظروف البيئية، أي مرتبطة بنمو المراعى،و مسرح استقرار البدو الرحل ليس قرية أو مدينه, بل الصحراء مترامية الأطراف, وفى هذا الحيز المكاني الواسع تتم الحركة الدائرية بين أماكن متعددة, تتكرر في الزمان، فيمكن العودة لنفس المكان بعد فترة زمنية قد تطول لسنوات أو تقصر لشهور، والراصد لحركة القبائل الرعوية القادمة من جزيرة العرب وغيرها إلى جزيرة سيناء قديما ، قد يرصدها كحركة هجرة، لكنها في الأصل حركة بداوة ، ساهمت في تباعد القبائل عن بعضها، مما اوجد كلمات ولهجات تختلف قليلا بين القبائل، تضيف مفردات جديدة ،وتتباعد عن اللغة العربية الفصحى الأم .
وأخيرا نتمنى للشاعر يونس أبو صفرة مزيد من التقدم والازدهار .
-----------------------
صدر الديوان عن وزارة الثقافة المصرية عام 2015
بنفس المقدمة
-----------



#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مجموعة - لم يكن حلما -
- اسكت، حتى ياتى يوم ذبحك
- غزة ، مشاهد من الحياة
- في الانتصار المدوي للمقاومة
- غزة ، والحكايات
- إسرائيل, السحره والنساء
- مهرجان الوحشية
- الأحلام والانكسارات في - نوافذ الشر -
- قراءة في قصة - ارتديتك غيابيا -
- قراءة في قصة هناء حمش
- اليرموك، بؤرة كاشفة للوطن
- ربط البحرين، والنووى، والقوة !!
- برافر... والهدف..!!
- حاميها حراميها بالجيش الإسرائيلي
- الأنفاق بسيناء صناعة إسرائيلية
- الفساد والانكسار والثورة ، بالورد والطواحين
- عندما تعزف انتصار أنشودة حب للحياة والوطن
- رفح المصرية الضائعة فى الظلام
- آه يا سيناء..
- بعث الوطن في أزمنة بيضاء لغريب عسقلاني


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد رمضان على - مقدمة لديوان (على ذاك الكثيب)