أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - سوء فهم تنقصه المكاشفة














المزيد.....

سوء فهم تنقصه المكاشفة


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 5940 - 2018 / 7 / 21 - 04:11
المحور: الادب والفن
    


كانت الأصوات الملحاحة تهمس بالغرفة الأخرى - حيث تجلس العائلة يتشاكسون ويأكلون التفاح الذي يخرج من أكمام والدتي بكمية كبيرة وكأنها تخبأ شجرة التفاح في صدرها
فعلا هذا ما يسمونه الأمومة ! كان هذا تعليق المؤلفة
الأمومة ! هكذا رد كاظم تعجبا فهو يعرف ان المؤلفة عاقر لا تنجب
وكيف تسنى لك معرفة مشاعر الأمومة وأنت لم تخبريها !
ردت باستخفاف يليق بها ,فهي تعتقد نفسها عظيمة لأنها تمتلك الكلمة !
ألم يقل دوستفوسكي يوما : الكلمة ,فعل عظيم
الأمومة ليست فعل إنجاب يا كاظم ثم توجهت نحو زينب وسميحة موجهة كلامها لهم
:" لا يهم أن تنجبي طفلا لكي تعرفي مشاعر الأمومة , فالأمومة لا تنحصر بالنساء فقط
اعرف رجالا لديهم امومة تفوق أمومة بيلاجي - التي كانت تخوض الثورة بروح الأم التي لا تكل ولا تمل من اجل سعادة ولدها .وهي تجهل إنها تقوم بفعل عظيم
.كان جميع من في اللوحة ينتظرون توضيحا منها
فتابعت :"
الأمومة قد تظهر في لمحة اسى في قلب يرق عطفا من منظر فقير يبحث عن طعامه في القمامة , إنهيار دمعة حارقة تكافح إلا تظهر من عيون رجل يخفي عيناه و هو يرى أولاده لا يجدون حذاء يذهبون فيه إلى المدرسة ,قد تظهر في تقديم رجل لوجبته إلى طفل ينظر إليه جوعا من زجاج مطعم .
قد تظهر برغبة رجل بإحتضان يتيم لا مأوى له ولا كفيل فيمتنع عن ذلك خجلا .
كل تلك اللمسات الرقيقة و التي لا نلاحظها بالعادة هي من أفعال الأمومة التي قد تكون في قلب رجل حنون أكثر مما تظهر في افعال النساء .
فالأمومة ليست من إختصاص النساء يا كاظم ( لا علم لي , لماذا أعادت نفس العبارة بنفس الحروف وينفس التتابع )
فقد تجد كل تلك المشاعر الراقية في الرجال . ولكن شاءت الأدبيات أن تظهر الأمومة و كأنها إمتياز نسائي
وهذا خطأ نقع فيه جميعا وعلينا تصحيحه
هل توافقوني
لم ينبس أحدا منهم ببنت شفة ولا بولد شفة .
نظرت لهم المؤلفة العنيدة شذرا
وهي ترى أن أبطالها الذين إخترعتهم في ليلة ماطرة ,باتوا يتمردون عليها و يمارسون دور الإقصاء نحوها
قفزت خارجة من الرواية وهي تهمس
لولاي لما كان لكم وجود , ولما إنتبه لكم أحد ولا من تابع تفاصيلكم المملة - التي اصدع بها رؤوس القراء -الذين باتوا يتابعون قصصكم , بملل أكبر
كانت أمي أول من نطق بعد أن خرجت المؤلفة
كانت عيناي أبي تتابعان المؤلفة بشغف وأن حاول إظهار إنه لا يهتم
ولكنه لم يفلح فمثل هذه النوعيات من الرجال لا يمكن أن يمتلكوا صفات أمومة من أي نوع
وهذا فعليا ما قالته أمي
هل يعقل أن يكون لدى الجنرال أي مشاعر أمومية !
كانت لهجة امي وكأنها تقول لنا : لما لا تضحكون !
ولم نتوقف عن الضحك حتى الجدران كانت تضحك والعصافير من على شجرة الياسمين كانت تضحك حتى البومة في شرفة الجارة صارت تضحك ولم يتوقف الضحك إلا عندما صرخ الجنرال بصوته الجهوري نحو أمي قائلا :"
انت حقا أم حكيمة , ولكنك تمتازين بالأنانية المفرطة
أتعلمين أن كل مواهبك تنحصر بأمومة أنانية لأبناءك الآثيرين . ولم أحظى منك سوى بالطعام الذي كان سهلا إيجاده في أي مطعم
"في أي مطعم ! كانت تلك والدتي تتمتم عجبا
فرد متهكما :" أن مشروب الزبيب الذي يقدمه مطعم الحاج شربات زبالة أفضل مما تقدمينه لنا من ولائم
شهقت والدتي وطفرت دمعة من عينيها فتابع بحزم وبدون شفقة لدموعها
لم أكن يوما حتى في مرتبة إبنك " ثور الله في أرض الله " الذي لا تحبينه .
لقد كنت أهرب منك لأنك كنت تمنحيهم كل وقتك و لا تمنحيني سوى الطعام . نفس الطعام ,الطعام المغمس ببرودة قلبك
توقفت العائلة عن الضحك بل صدمت , و فغر كل فرد فيها فاه و تركه مفتوحا للأبد
لم اكن أبحث يوما عن الطعام !هكذا علا صوته وهدر مزمجرا
لطالما كنت أبحث عن حضن والدتي في صدرك ولم أجده
فرت دمعة ساخنة من مقلتيه, ياللهول, ماذا فعلت !
دمعة أحرقت الأرض ومن عليها , كانت وكأنها زلازل مدمرة تنفجر من أرض جرداء أو حمم لبراكين خامدة .
لقد ماتت والدتي و تركتني وحيدا معك
وحيدا مع زوجة قاسية القلب مثلك .

بقيت افواه جميع من في اللوحة مفتوحة حتى اللحظة
لقد كان ذلك أول بوح يبوح به الجنرال الذي كان يبحث عن الأمومة في صدر كل إمرأة تزوجها وكنا نعتقد في ذلك الزمان , إنه يبحث عن الحب فإذا به يبحث عن الأمومة!
وللأسف لم يكن يجده في قلب الزوجة التي أحبته أكثر من نفسها .
دخلت المؤلفة إلى الرواية وهي تبتسم إبتسامة حائرة , لهذه القفلة الصادمة .
بدأت تطبق شفاه كل فرد من افراد عائلة الجنرال إطباقا تاما , في الحقيقة كانت المؤلفة ترغب في أن يصمتوا للأبد
ولكنها عندما وقفت أمام وجه الزوجة العجوز شعرت بشفقة من نوع ما لا تمتلكه إلا روح تعرف معاناة من عاش عمره وهو يعتقد أنه مظلوم ليكتشف أن الطرف الآخر يعامله كظالم
لم تقو على إطباق شفتيها فتركتها بعد أن وضعت على رأسها قبلة إحترام ومواساة
فليس سهلا لبشري أن يجد شخصا أصيب بصدمة ويتجاهله
كما هي كما هو - وقع الصدمة , تركتها ,عيون شاخصة تعجبا و فم مفتوح على المدى .
خرجت المؤلفة من اللوحة وهي تقول بصوت هامس ولكنه مسموع :"
:أحيانا نعتقد إننا نمتلك كل الحقيقة في إننا لم نقصر في إبداء مشاعرنا إتجاه من نحب من الطرف الآخر
ولكن يتضح لنا في كل مرة أن معرفتنا ناقصة و إننا مهما حاولنا أن نكون مفهومين إلا أن هناك سوء فهم
يفصل بينا و بين ما يفترض إننا لم نسىء فهمه
ببساطة ,تنقصنا دائما المكاشفة والمصارحة
ومن هنا يبدأ سوء الفهم
تناولت من على الصوفا البرتقالية بيدها الملفوفة بشريط طبي رواية الأموات تلك التي يقرأها علي دائما .
قرأت اسم خوان رولفو بتمعن , ورسمت إبتسامة صفراء و خرجت .





#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزهد في الحياة ,الزهد في الناس
- مقبرة النسيان
- وحش , بحجم فيل
- بعد المخدرات , على الدنيا السلام
- حدود وهمية
- عيد الكفّ ار
- - فلسطين العربية في نظر ام القرى غير موجودة -
- عجوز تصف أدوية
- عظات أبي لهذا اليوم
- كنت بائعا للزهور
- عائلتي و خلاصات النساء وكاما سوطرا
- حفلة المطر
- من يجرؤ على القول إننا لا نستحق مناصبنا !!
- ولكن قد يحدث ذلك بسبب الندم
- لم تكن أمي جميلة ولكنها كانت الأجمل
- هل تسمح بدخول المؤلفة للنص !
- أي حزن يبعث المطر !
- جمعة الكوشوك والثقب
- لعبة تصحيح الأخطاء الإملائية والمعنى الضائع
- مسيرة العودة – الكبرى في يوم الأرض


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - سوء فهم تنقصه المكاشفة