هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 5920 - 2018 / 7 / 1 - 13:47
المحور:
الادب والفن
جاءني إتصال من يوسف يتحدث بفتور عن عمله , يعمل يوسف حاليا على تقرير عن اللاجئين الذين إنتقلوا من جنوب السودان إلى شماله في هجرة عكسية بعد الإنفصال الذي قسم السودان الكبير إلى قسمين
يقول : لا يمكن أن تمنع لجوء الناس إلى موطنهم الأم
هل يمكن ان تسمى هذه هجرة عكسية ! هكذا تساءل و لم يكن عندي إجابة , فتابع موضحا و كأنه يحدث نفسه
أن مجتمعات الإنفصال لم تنجح في كبح هجرة السكان إلى حيث يريدون أن يقيموا ,و كل الحدود يا صديقي تلك الحدود التي يصنعها الإنسان ,هي حدود وهمية و مصطنعة مادام هناك شخص واحد يرفض أن تقسم بلاده إلى قسمين .
وعندما تبدأ عمليات التسلل وحركات اللجوء لذا تزدهر أعمالنا
يضحك , فأرد بما إتفق " مصائب قوم عند قوم فوائد "
هل تعرف كم أصبح راتبي
قلت : خمس ألاف دينار عراقي
خمن , بالدولار يا ولد
أخبر يوسف أن يكف عن المزح فتتغير لهجته , ويخبرني
إنه يملك فائض مالي جيد لبدء مشروع مشترك بيننا
ثم يعرج على مشروعي الفاشل قائلا :"
يا لعقلك الذي لا يعمل , لا أحد يشتري الورود في هذه البلاد
ثم قال إنه لا أمل لي بفتح عيادة نسائية مشيرا لما حدث لي بعد عودتي للعراق و بعد الذي حدث لي في المشفى
بعد أن كدت أقتل مريضة حامل في شعرها السابع و جنينها في غرفة العمليات ,
حيث شلت يداي , و لم استطع أن أسحب الطفلة
كانت عيون الممرضة و الطبيب المساعد تحرقاني و لولا أن الطبيب دفعني جانبا و قام بالعملية لماتت الإمرأة و طفلتها .
هذا الشلل الذي أصيبت به يداي لا يحدث إلا في غرفة العمليات , بدا لي مصيرها حتميا بأنها ستموت في إحدى المعارك الطاحنة في حياتنا .فلما يولدون !
ألكي يفطروا قلب الأهل والأحباب
في كل يوم يموت منهم عدد كبير اما حرقا أو قتلا أو تهجيرا أو يدفنون أحياء كما حدث لفاطمة ابنتي
كل ذلك عبث , كل الذي نفعله عبث
أرى أنه لا جدوى من الحياة ما دمنا سنعيش لكي نتألم , ومن الأفضل أن لا ننجب أطفالا أيضا
ألا يكفي ما فيها من ضحايا بلا هوية ماتوا بصمت ولا يعرف احدا طريقه إليه .
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟