أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مظهر محمد صالح - عصر اللامساواة














المزيد.....

عصر اللامساواة


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5936 - 2018 / 7 / 17 - 02:15
المحور: حقوق الانسان
    


عصر اللامساواة



الكاتب:د. مظهر محمد صالح

01/10/2013 12:00 صباحا

عندما استطرد الاديب و رسام الكاركاتير الاميركي الشهير(فرنسيس سكوت فيتزجيرالد) صاحب رواية (غاتسبي العظيم ) معلناً صيحته المدوية: أن الاغنياء هم اناس يختلفون عنا! اجابه بهدوء الاديب والروائي الاميركي(آرنست همنغواي) صاحب رواية( الشيخ والبحر) قبل ان يغلبه الموت :نعم....لكونهم يمتلكون المال!
هكذا غادرنا القرن العشرين بصخبه، وترك لنا العيش بأقل من دولار واحد في اليوم، وهو المقياس الاكثر قبولا لتأشيرالفقر في العالم .وظل اكثر من مليار من البشر، اغلبهم من البلدان الفقيرة، يعيش على دخل يومي منخفض لا يتعدى ذلك الدولار للفرد الواحد .
اجتمع زعماء وقادة العالم في العام 2000 في نيويورك ليضعوا لنا خريطة الطريق للتصدي الى الفقر ضمن الاهداف الاجتماعية والاقتصادية للالفية الثالثة، وجاء بعدها تأريخ (7-7-2007)(ليمثل نقطة منتصف الطريق نحو بلوغ عام الهدف 2015) لكن لوحظ ان معظم الاهداف المطلوبة التحقيق في ازالة الفقر مازالت هي نفسها وعلى سابق عهدها! فعلى الرغم من هبوط عدد أولئك من يعيش على دولار واحد في اليوم الى النصف في دول العالم كافة باستثناء بنغلاديش والباكستان،الا ان أهدافا أخرى ظلت صعبة المنال.مثال ذلك، لم تسجل وفيات النساء اثناء الولادة او حتى حالة تحسين سبل الحصول على مياه الشرب النظيفة او تقليل عدد وفياة الاطفال، لم تسجل جميعها تقدماً ملحوظاً عن سنة الاساس 2000،وان معظم ذلك التعثر في التصدي للفقر يعود الى ضعف التزام الدول بتعهداتها ازاء اهداف الالفية الثالثة ،إضافة الى تدني التزام حكومات البلدان المتقدمة في تقديم يد العون الى العالم الفقير. ففي مجتمع يتألف من ثلاث مجاميع متجانسة، فان من السهولة بمكان ان تقسم الدخل بين ملاك الارض والفلاحين وبين الراسماليين والعمال و اصحاب الملكيات العقارية ومن سواهم.لكن السؤال الجوهري الذي يصرخ في الوجه هو: كم يحصل او يستحوذ كل فريق على حصته من ذلك الدخل؟ اوبعبارة أخرى: ماهو توزيع الدخل؟ ربما يكون الجواب مقنعاً بأن65بالمئة من الدخل يذهب الى الاجور و35بالمئة منه يذهب الى الارباح!ولكن القضايا هي ليست بهذه البساطة وانه ينبغي ان تشخص حالة اللامساوة بين الناس من خلال درجة عمق هاوية الفقر عند اولئك الذين لايملكون ودرجة ارتفاع الرفاهية وصعودها عند اولئك ممن يملكون!!
ان فجوة الدخل في العالم هي ليست فجوة في معدلات الاجر فحسب وإنما هي فجوة هائلة في نوعية الحياة بين الفقراء والاغنياء. إذ مازالت ثلث نساء الهند لايعرفن القراءة ومازال انقطاع الكهرباء في نيجيريا وكينيا يتسبب في تدهور معيشة الفقراء، وان حالات انقطاع الكهرباء عن صالات العمليات هي ظاهرة يومية في تلك البلدان. وان هناك اكثر من 100 مليون طفل حول العالم لايعلمون مايجري داخل ابنية المدارس! وان اربعة بالمئة من الافارقة يستخدمون الانترنت بحلول الالفية الثالثة!وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها المنظمات الدولية والحكومات لتقليل فجوة الدخل بين البلدان الغنية والفقيرة، فان تلك الفجوة مازالت واسعة، اذ تستحوذ الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان حتى اللحظة ولوحدهم مايزيد على 60بالمئة من الناتج السنوي العالمي ويرتفع الى اكثر من 80 بالمئةعند مجموعة دول العشرين!
ان اكثر المقايس شيوعاً في قياس حالة المساوة او اللامساواة بين الدخول في البلد الواحد هو ما يسمى بـ (معامل جني ) وهو من المقاييس الاحصائية المتعلقة بمعرفة درجة عدالة توزيع الدخل او الثروة التي ابتدعها عالم الاحصاء الايطالي كورودو جني.
فبين القيمة(صفربالمئة) او ( الصفر) التي تؤشر المساواة المطلقة في توزيع الدخل و بالتساوي بين سكان البلاد اوعائلاتها، وهي حالة شديدة الطوباوية او الخيال ... وبين القيمة (المئة بالمئة) او(الواحد صحيح) وهي الحالة التي تنعدم فيها المساواة على الاطلاق (اي ان ثمة عائلة واحدة قد تستأثر بالدخل الوطني للبلاد كله)! وجد،عند تطبيق مقياس معامل جني على البلدان العالم في مطلع الالفية الثالثة، ان الدانيمارك هي من اكثر بلدان العالم عدالة في توزيع الدخل من خلال استخدام الضريبة لاعادة توزيع الدخل فيها وهي تحظى (بمعامل جني) يساوي25بالمئة.في حين عدت ناميبيا من اكثر بلدان العالم سوءاً على مستوى توزيع الدخل وتركزه غير العادل بين سكان البلاد ،اذ بلغ (معامل جني )نحو70بالمئة.
ومن روح الحوار بين الاديبين الاميركيين الراحلين(فيتزجيرالد وهمنغواي) المنوه عنهما آنفاً، ظلت الولايات المتحدة تتمتع (بمعامل جني) مرتفعا طوال القرن العشرين .إذ بلغ ذلك المعامل نسبة 45بالمئة عند نهاية ذلك القرن ،مؤكداً استمرار حالة التفاوت في توزيع الدخول والثروات بين هذه البلاد الغنية وميلانها لمصلحة الاغنياء. وخير تجسيد لذلك التفاوت الطبقي هي رواية (فرنسيس سكوت فيتزجيرالد الموسومة :غاتسبي العظيم) التي مثلت في فيلم سينمائي، جرى عرضه في مهرجان (كان) للسينما في العام 2013، الذي يروي حالة التناقض بين الشخصية الغامضة للمليونير(غاي غاتسبي) وجاره(نك) الشاب الطموح البسيط الفقيرالذي نشأ وترعرع في الغرب الاميركي ثم اصطدم بحياة الرفاهية والفخامة التي يعيشها(غاتسبي) بعد ان انتقل الى نيويورك للبحث عن العمل هناك. و يحكي الفيلم لقاء الغني والفقير في صخب عشرينيات القرن العشرين.
ختاماً: كان صخب عشرينيات القرن الماضي وضياعاته هو نقطة التحول التي لم يخف الاديب الراحل (فرانس سكوت فيتزجيرالد) خيبة أمله فيها ، عاداً هو نفسه من جيل العشرينات الضائع . وهو نفسه من اطلق على عصره بعصر الجاز ....عصر اللامساواة!!.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الرأسمالي: من الحرب الى الديمقراطية الجزء / 5
- العراق الرأسمالي: من الحرب الى الديمقراطية الجزء / 4
- العراق الرأسمالي: من الحرب الى الديمقراطية الجزء/ 3
- العراق الرأسمالي: من الحرب الى الديمقراطية الجزء/ 2
- العراق الرأسمالي: من الحرب الى الديمقراطية الجزء/١
- المذهب الفردي ومعادلة الصراع العلمي
- السوق:كفاءة ام خداع
- العباءة السوداء
- الفساد في آطار علم الاقتصاد السلوكي (3)
- المرابي الجديد...!
- النظرية الاقتصادية المفسرة للفساد...الى أين هي؟
- الفساد في آطار علم الاقتصاد السلوكي (2)
- الفساد في إطار علم الاقتصاد السلوكي. (1)
- عصر السينما وعبق الذرة
- الاقتصاد السياسي للتلوث
- اوكسجين الفكر
- الخيار العقلاني المستدام
- مفارقة صولو..!
- نخيل العصر الرقمي
- الأدراج الحرة


المزيد.....




- ماسك يوضح استغلال بايدن للمهاجرين غير الشرعيين في الانتخابات ...
- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...
- الأمم المتحدة تدين اعتقال مراسل الجزيرة والاعتداء عليه في غز ...
- نادي الأسير يحذّر من عمليات تعذيب ممنهجة لقتل قيادات الحركة ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل 20 مسلحا واعتقال 200 آخرين خلال مداهم ...
- وفد إسرائيلي يصل الدوحة لبدء مباحثات تبادل الأسرى
- إسرائيل تمنع مفوض الأونروا من دخول غزة
- برنامج الأغذية العالمي: إذا لم ندخل شمال غزة سيموت آلاف الأط ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مظهر محمد صالح - عصر اللامساواة