أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - د. يوسف حنا صوت جميل في دوحة الشعر














المزيد.....

د. يوسف حنا صوت جميل في دوحة الشعر


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5924 - 2018 / 7 / 5 - 16:05
المحور: الادب والفن
    



في دوحة الشعر الفلسطيني في هذه البلاد ثمة أصوات جميلة تجيد التغريد لكنها لا تعرف التسويق الاعلامي، ولذلك بقيت في دائرة الظل ولم تنتشر كما يجب.
من هذه الأصوات صوت شعري وارف قادم من أعالي الجليل، من الرامة الشامخة المتربعة على صدر جبل حيدر، ويعيش في مدينة الناصرة، هو الدكتور يوسف حنا، الذي عرفته من خلال صديقة عزيزة، حيث اطلعتني على قصائده التي ينشرها على صفحته الفيسبوكية، فشدتني وجذبتني أشعاره لما تطرحه من قضايا انسانية ووطنية، ولاسلوبه البديع الراقي، وغنى مفرداته، وثراء قاموسه، ولغته الشفافة الحية المنمقة. ومن يقرأها يحس وكأنه يقرأ لرواد القصيدة الحديثة من شعراء لبنان وفلسطين والعراق.
واعترف انني ذهلت من مستواها الفني والجمالي الرفيع، فهي شديدة الاختزال، وتعبق بالوجدان الفلسطيني، وتتدفق من بين كلماته أحلامًا انسانية، تنبض بالروح، بحيث يشدنا لاعادة قراءة قصيدته لأكثر من مرة لنكتشف كل مرة احساسًا جديدًا يقوي اليقين بالانسان لا يمكن أن يتخلى عن انسانيته، وعن كونه كائنًا اجتماعيًا قبل كل شيء.
د. يوسف حنا شاعر قضية حالم، يحمل هموم شعبه ووطنه والانسانية جمعاء، وبالأخص قضية الحرية في كل مكان، وقصائده ملأى بالاحساس السياسي الفلسطيني، ولا يصل للقارىء دون الاحساس الغني بالثورة.
وما يميزه ثقافته الواسعة العميقة الشمولية، وانغراسه بالجذور الكنعانية، ويبرز بوضوح المامه بلغة الضاد وقدرته على اصطياد الكلمات والابحار في مياهها العذبة، فلا تجذبه الكلمات الجوفاء من المعاني، ولا التعابير السفسطية المتفذلكة، فهو يكتب ويصوغ عباراته دون تصنع ولا تكلف، وبلا نحت يتعب ويرهق الذهن، بعيدًا عن السطحية والمباشرة والغموض والرمزية.
انه شاعر مسكون بالحلم والشمس، قصائده متنوعة الأغراض، تفيض احساسًا صادقًا وألفاظًا جزلة سهلة، وصور شعرية محفوفة بخيال مجنح واسع استمده من مشاهداته وقراءاته وتجاربه في الحياة.
انه يحاكي الواقع ويحكي قصة أرض وانسان، بل وشعب، كلماته آتية من عبق التاريخ ومتجذرة في واقع الحاضر، منبثقة من أشعة الشمس كخيوط متناسقة لتحيك أثواب مجد وكرامة الأمة، وتلهمنا نشوة الأمل والانتصار.
وهو يكثر من استخدام الصور والأخيلة والاستعارات، التي تطغى على نصوصه مما يضفي جمالية عليها، ويضيف الى رصيده الفني، لا سيما أن الاستعارة هي بنية مجازية أساسًا، والمجاز يشكل ركنًا أساسيًا في القصيدة الحديثة.
وجمالية اللغة هي مرتكز شعري يقوم الشاعر به في اعطاء نصه بعدًا حيويًا، وتخليصه من جمود الشعر، وهنا يكمن الاختزال والتكثيف، والانفتاح الثقافي في اللغة الشعرية هو العالم المسيطر على بنية قصيدته، ودليلًا على أقوالي اخترت هذا النص الجمالي بعنوان " أسوار الذاكرة " كنموذج من نصوصه، حيث يقول:
في غَبَشِ الفَجرِ ..
تَتَكاسَلُ أَسرابُ الشِّعر..
تدُقُّ أَبوابَ السَّماءِ
وَتَأتي كَالمَطَرِ المُتَأَخِر...
أَذكُرُ نَشيدَ السيّابِ لِلقََطَراتِ
الحُبلى بِأَجِِنَّةِ الزَّهر ...
وَمَطَرَ "درويش" الناعمِ
في "خَريفٍ بَعيد /
وزُرقِ العَصافير/ وَالأَرضُ عيد" .
أَذكُرُ وهل لي ألّا أَذكُر
زَفَراتِ قيثارِهِ الزَّاهِدِ
في مَعابِدِ بِلادِهِ التي
"سَقَطَت مِن زُجاجِ القطار"،
غَيرَ "مَنديلِ أُمّي/ وَأَسبابِ مَوتٍ جَديد".
.

مَشاهِدٌ.. ما زالَتْ شاخِصَةً
تَنمو في تَضاريسِِ الذّاكِرَة
وَأَخيِلَةِ الطُفولَةِ الساحِرَة ..
أَيامٌ تَسحَرُني ..
بنبيذِ أَفكـارِها العُذرِيَّة
تُعيدُ عافِيَةَ زَمَنٍ إنقَضى
في نَشوةِ الحُبِّ النَّدِي
وَتأَمُّلِ الحَقائقِ الأَزَليَّة ...
مشاهدٌ أُخرى .. بائِسةٌ.. رَمادِيَّةٌ
سُـرعانَ ما تَمُرُّ كَالسُحُب
وتُنسى خَلفَ الأُفُق ..
تَكَدَّسَت في عُزلَتِها موحِشَةً
تَنتَظِرُ إقتِحامَ طِفلٍ نَزِق ..
يَمتَطي الريحَ لتُحَلِّقَ روحُهُ
فَوقََ الأَماكِنِ التي عَشِق ..
يرثي طقوسَ الأُرجوانِ (*)
تَكَسَّرَتْ عَلى نِصالِ القَهرِ
وَباتَتْ رُكاماً يَشي بالوَجَع
لا تُستَعادُ مِن رَمادٍ إِحتَرَق !
سَـفرٌ لِلماضي الأَليمِ
ألمُحَمَّلِ بِمَشاعِرِ الغُربَة..
يَحكي دُموعَ العابرينَ
بِصَمتِ الخاشِعِ وَهَمسِ العاشِق ..
رَغبَةٌ جارِفَةٌ تَشُدُني إليه،
كَلهفةٍ على قارِعَةِ الزَّهرِ
المُتراكمِ على ضِفافِ الأَرَق..
.

ذاكِرَةٌ صَلَبناها عَلى جُدرانِ الأَمسِ
تُوَلِّدُ الحُزنَ والألمَ والتَّفَكُّر..
"جادَكَ الغَيثُ إذا الغيثُ هَما
يا زَمانَ الوَصلِ في الأَندَلُسِ"
حَمراءُ غِرناطة رَصَّعت بِياقوتِها
تاجاً يَعلو هامَةَ الفِردَوسِ(**) ...
خَبَت أَعراسُ مُدُنٍ،
كانَت تَمتَهِنُ صِناعَةَ الفَرَح..
فيها أَقاصيصُ الطُفـــــولَةِ
وَالذِّكرَياتُ البيضُ وَالأَسـرارُ..
باتَتْ تُلوِّحُ لِلسَّماءِ بِدَمعِهـا
فَقَسَتْ عَليها كُـلُّ الجِهاتِ
وَضاقَتْ بِنا مِن هَولِها الدّارُ...
(*) الأُرجوان نسبة للكنعانيين، حيث إشتهروا بصناعة الأصباغ الحمراء الأُرجوانية، ويرى بعض المُؤرخين أن الفينيقيين هو الإسم الذي أطلقه الإغريق على الكنعانيين حيث تعني كلمة (phoinikie) عند الإغريق: ذو اللون الأَحمر الأُرجواني.
(**) الفردوس المفقود: تسمية لبلاد الأندلس، بعد إنكسار وخروج العرب منها.

هنيئاً لك أيها الشاعر الملهم المجيد الرائع د. يوسف حنا، الذي لا يعرف التزاحم على الميكروفونات، ولا يجيد فن التسويق والتلميع، لكنه سيجد له مكانة في المشهد الشعري وسيحفر اسمه على صخرة الابداع.
ولا أبالغ اذا قلت الرائع، فنصوصه ولغته هي نبض لحياة في الكلمات، وهي أن اللغة تحمل مدلولات أبعد من معانيها المألوفة.
فتحياتي للدكتور يوسف حنا، مع أطيب الأماني، ومزيدًا من العطاء والتألق أيها الشاعر الموهوب المتميز.



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضاءة على تجربة الشاعرة والكاتبة الفحماوية ألين محمد اغبارية
- - الثقافة العمالية - نشرة خاصة احتفاءً بالقائد النقابي جهاد ...
- الشاعرة السورية وفاء دلا .. الياذة موشحة بالنار ولمع الرذاذ
- جفون ذابلة للشاعرة الفلسطينية د. عدالة جرادات
- - نجمة النمر الأبيض - للدكتور محمد هيبي، رواية الهم الفلسطين ...
- أحن الى عطرك
- لقاء أدبي مع البروفيسور علي أحمد صلالحة حول - لزوميات المعري ...
- رحيل المحامية فيليتسيا لانغر
- أكتبيني
- هي غزة
- - سكر - جديد الكاتبة ابنة الناصرة جميلة شحادة
- فلتتحمل السلطة الوطنية الفلسطينية المسؤولية عن الاعتداء على ...
- أيا عيد..!!!
- الشاعرة الفلسطينية فاطمة نزال تفوز بجائزة عالمية في الشعر
- - التجديد في الاسلام كالتجديد في الاشتراكية - كتاب جديد للمف ...
- نوستالجيا
- اي مثقف نريد ..؟!
- علمتني العشق
- المربية حنين أمارة تبحر في فضاء الكتابة للطفل
- - تحت خط ٤٨ عزمي بشارة وتخريب دور - النخبة - الث ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - د. يوسف حنا صوت جميل في دوحة الشعر