أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - وجوه














المزيد.....

وجوه


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 5920 - 2018 / 7 / 1 - 06:19
المحور: الادب والفن
    



وجوه

-"عقلك عقل سمكة"
بهذه الجملة كانت أمي تنهي موشح التوبيخ الذي يعقب كل شجار بيني وبين أخي الذي يصغرني قرابة العامين، لا أدري لِمَ كانت هذه العبارة الزائدة تُوجّهها لي وحدي، رغم أنها كانت عادلة في توزيع جمل وألفاظ التقريع بيننا بالعدل، وبالتناوب، لكن هذه القفلة المسرحية كانت تخصّني بها وحدي، وكأنها تنهي النتيجة لصالح أخي في كل مرة! وفي كل مرة يميل أخي هامسًا في أذني :" أمي تحبّني أكثر منك، أيتها السمكة ". وفي كل مرة أجيبه: " وما يدريك؟ قد تكون أمي لا تحب السمك، لكن المؤكد أنها لا تطيق الضفادع". أرفع رأسي بعدها بشموخ وأنفة، أتسلّل إلى غرفة أمي وأقف أمام المرآة أتأمّل وجهي، أحاول أن أجد السمكة التي جعلتها أمي تستقرّ في عقلي! أقيس جبهتي بالأصابع و كذلك رأسي من الناصية حتى القفا لأحسب حجم السمكة التي تستقر فيه، و لو افترضت أنها تسكنه حقيقة، كيف تجلس بالطول أم بالعرض ؟! يباغتني ردّ أمي و كأنها تقرأ ما يجول في خاطري : "ليست السمكة بكتلتها الكاملة من تحتل عقلك، وإنّما مخّها، عقلها الصغير الذي لا يزيد عن حجم حبة الحمّص الصغيرة, هو ما يملأ رأسك!". قصف آخر ينالني منها، لأضيف إلى قاموسي المعرفي معلومة جديدة!.
سقط رأسي في جزيرة صغيرة لا تتعدّى مساحتها الكيلو متر المربع الواحد تقابل مدينتي الساحلية التي أقطن فيها حاليًّا، وتبعد عنها حوالي ثلاثة كيلومترات، لذا لم أجدني في غربة حينما نزلت من محيطي المائي الرحمي إلى محيطي المائي الصخري، كما لم أشعر بتلك الغربة حينما انتقلت إلى البر الشرقي المقابل لجزيرتي متزوّجةً من قبطان جبتُ معه البحار و المحيطات قبل أن يرزقنا الله أولادًا يحتاجون إلى الوقوف على أرض صلبة كي يتمكّنوا من الوقوف بلا تمايل و الجري فوقها ! وتحتّم علي رعايتهم والجري معهم فوق الأسفلت والبلاط والرمل، بينما بقي زوجي يمشي فوق الماء، يشق عباب المحيطات مقاسمًا حيتانها سطح عالمها دون العمق. إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تصارع فيه البحر والريح، بحرب ضروس كحروب التحرّر التي لا يدفع فيها الثمن إلّا مساكين الشعوب، وقعت السفينة في مهب الريح، فاستنقذها البحر منه، وغاص بها عميقًا ! انتشلها من الريح الهوجاء ليلقي بها بكل مَن وما حملت طعامًا لشعبه بتنوّع زمره الأحيائية! أتخيّل دومًا كيف تبدو الطحالب البحرية متماهية بين الأصفر والأخضر كحقول القمح والبرسيم و هي تُغَلِّف وجوه الغرقى! وكيف تعفّ عن عيونهم التي جحظت مخيفةً كخيال المآتة، وهي من احتلها الرعب بعد أن نزع منها آخر بريق أمل ... كيف تتحوّل الوجوه الآدمية لتحاكي وجوه سكان العالم الجديد، مع فارق بسيط، العيون الآدمية لا تتنازل عن جفونها، تدافع عنها بشراسة، فلا تغنم الأسماك أجفانًا ولا أهدابًا، ولا تنعم بالنوم القرير ... أبقى أنا على قيد الأمل، أحلم بهذا القرير، أنتظر أن يحقق الله يقينَ أميّ فيَّ، و يمنحني ذاكرة سمكة!.
#دعبيرخالديحيي



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضربة جزاء
- أسلوب المرأة الشاعرة أو الكاتبة في الكتابة في الأدب النسوي ت ...
- حرب رقمية
- [ إنوما إليش] دعوة لاسترداد الحياة والديمومة من بين فكي حروب ...
- عوالم
- إشهار كتاب ( السياب يموت غدًا)
- أهل العويل
- خلود
- قراءة ذرائقية في المجموعة القصصية ( سرير عنكبوت)
- إشهار رواية ( بانسيه) للكاتبة عبير العطار قدّم لها بمقدمة نق ...
- دراسة ذرائعية لقصيدة -كبوة الريح-للشاعر المغربي - أحمدالمجاط ...
- دراسة نقدية ذرائعية لديوان ( مرايا من ماء ) للشاعرة نبيلة حم ...
- قصيدة النثر والترجمة
- حركة التصحيح والتجديد والابتكار في الأدب العربي لجنة الذرائع ...
- الشعر المعاصر
- الشعر
- حديث شهريار
- الرسائل
- المسرحية
- الخطبة


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - وجوه