رواية تحت عنوان -حياة ممكنة- لإسراء عيسى و الإصرار على البقاء و ممارسة الموقف ضد الكيان الصهيوني رغم القصف الصهيوني الوحشي الذي شمل كل مناحي الحياة بفلسطين

حسن ابراهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 5919 - 2018 / 6 / 30 - 00:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    

لقد مرت القضية الفلسطينية عبر إمتداد تاريخ إحتلال فلسطين من طرف الكيان الصهيوني الغاشم عبر مراحل، كان لكل مرحلة خصائص ميزتها عن غيرها، غير أن المشترك بخصوص هذه المراحل هو أشكال تنفيذ سياسة الإحتلال الصهيوني و المتمثلة في الوحشية و الجرائم المختلفة المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني من تقتيل، و ترهيب، و إعتقالات، و غيرها و التي شملت كل الأعمار بما في ذلك الأطفال و النساء و الشيوخ.
هذا الوضع هو الذي تناولته رواية تحت عنوان "حياة ممكنة" للكاتبة الفلسطينية إسراء عيسى حيث تطرقت الرواية إلى مختلف أبشع أنواع الجرائم التي يرتكبها الإحتلال في حق الشعب الفلسطيني، الذي واجه الآلة الحربية لجيش الكيان الصهيوني بثبات و صمود رغم الحصار و التجويع و غيرهما اللذين مارسهما جيش الإحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
إذ لم يتأتى للكيان الصهيوني إحتلال كل الأراضي الفلسطينية بسبب المقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني الذي شارك فيها الجميع، فعلى الرغم من إستعمال مختلف الأسلحة ضد هذا الشعب الأبي رغم جبروته، و غطرسته، و رغم كل ذلك تمكن الشعب الفلسطيني من الحفاظ على جزء من أراضيه التي تعتبر موضوع تنفيذ ما تبقى من مخططات جيش الإحتلال.
من خلال ما سبق يتضح أنه ليس من السهل على جيش مدجج بكل أنواع الأسلحة إستعمار كل الأراضي الفلسطينية عل الرغم من إمتلاكه لمختلف التكتيكات التي يستعملها ضد الشعب الفلسطيني إذ بسبب التكتيكات التي إلتجات إليها المقاومة الفلسطينية المشكلة من مختلف الفصائل الوطنية التي تضحي بالغالي و النفيس من أجل التحرر من براثن إستعمار طال أمده و الإيمان بقضيته الوطنية كل ذلك كان دافعا على الاصرار ,و الإستمرار في المقاومة إلى حين تحرير آخر شبر في الأراضي العربية المحتلة.
هذه العلاقة هي التي حاولت الرواية إبرازها علاقة اللاتكافؤ بين شعب لا يملك إلا الايمان و العزم و الإصرار على الدفاع على قضية عادلة، و جيش مهزوم ينفد سياسة التوسع، العنصرية، و إستراتيجية كانت نتيجة لتطور الإمبريالية منذ نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين. حيث ترعرعت الصهيونية بين أحضان الإمبرياليتين الأوربية و الأمريكية.
فمن خلال علاقة حب جمعت شابين تمكنت الرواية من تصوير واقع أبسط ما يمكن أن يقال عنه هو أنه واقع تنعدم فيه شروط الحدود الدنيا للحياة الكريمة، إذ شمل القصف العشوائي و الممنهج كل المنازل، و لم يقتصر على المقاومة حيث شمل المدنيين، و شمل المجال الترابي بتخريبه من أجل خلق شرط تهجير الفلسطينيين و تعويضهم بالصهاينة.
إذا كانت الرواية قد تمكنت من وصف هذه العلاقة المبنية على تنفيذ سياسات الإحتلال، و مقاومتها من طرف المقاومة الفلسطينية، و فصائلها الوطنية و المناضلة، إذا كان الأمر كذلك فإن الرواية من خلال الأحداث التي جاءت على لسان السارد لم تتمكن من فتح عوالم و أفاقا جديدة لهذا الصراع من خلال دور وسائل الإعلام المرئية، منها و غيرها في صناعة الموقف، و التأثير على الرأي العام الفلسطيني، العربي و الدولي، من خلال وظيفة مختلف البرامج المعدة خدمة لهذه القضية، قد يعود السبب في ذلك إلى موقف الأنظمة العربية من القضية نفسها و ممارسة التضييع مع الكيان الصهيوني و تسخير مؤسساتها بما في ذلك وسائل الإعلام من أجل خدمة هذا الموقف.
إذا كان الموقف الرسمي العربي يتسم من خلال وسائل الإعلام المرئية، و غيرها بالتعتيم خدمة لتحالف الأنظمة العربية مع الإمبريالية الأمريكية ,و مع الكيان الصهيوني، إذا كان الأمر كذلك فإن الشعوب العربية من خلال فصائلها اليسارية خاصة قد سجلت الموقف من القضية عبر مختلف الأشكال النضالية، عبر إمتداد تاريخ إحتلال الأراضي العربية الفلسطينية. هذا الموقف أيضا لم تنفتح الرواية عليه كموقف داعم، في نفس الإطار غاب الموقف من المنظمات الحقوقية التي سجلت بكل الدول العربية موقفا مشرفا من خلال ممارستها مواقف تضمنتها بياناتها المحلية الجهوية و الوطنية.
و مهما يكن من أمر فإنه على الرغم من عدم تمكن الرواية من فتح أفاق هذا الصراع و تتويجه بحسمه لصالح الشعب الفلسطيني بناءا على كون إرادة الشعوب لا تقهر.
بإعتبار ما جاء في آخر الرواية من بكاء الحبيبين على الرغم من ذلك فإن الرواية نجحت في نقل أحداث موضوع الصراع الفلسطيني الصهيوني في إطار الرصد الدقيق لهذا الصراع، حيث إنضافت إلى غيرها من الروايات التي عملت على فضح جرائم الإحتلال في إنتظار خلق شرط إعادة ترتيب البيت الفلسطيني بتأسيس المصالحة الوطنية الفلسطينية كمدخل للمقاومة في سبيل التحرر.

#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل