يا دم الشهداء سامحني.. ها انني بلغت!!

زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)

الحوار المتمدن-العدد: 1498 - 2006 / 3 / 23 - 01:54
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    

النصب التذكاري لشهداء شفاعمرو الابطال بين يد المخابرات ولعبة التفاهات


مع نهاية العام الماضي اتصل بي احد المسؤولين ببلدية شفاعمرو, وطلب مني معرفة اسماء الفنانين الذين لديهم خبرة في مجال النصب التذكارية.. لان البلدية عازمة على اقامة نصب تذكاري لشهداء جريمة الرابع من آب 2005. فاعطيته بدوري قائمة باسماء الفنانين اللذين يمارسون ما له علاقة بالفنون التشكيلية من ابناء شفاعمرو, سواء يعيشون في شفاعمرو او خارجها.!! واكملت مشوار التعاون معه لاجل عقد اجتماع للفنانين وبذلت ما استطيعه لترتيب ذلك, حتى تم عقد اجتماع في البلدية يوم السبت 10 كانون الاول 2005 حضره كل من الزملاء نزيه نصرالله, مروان صباح, محمد شلبك, زاهي لوسيا وكاتب هذه السطور.. وتغيب كل من اسد عزي, جمانه عبود, ماهر صفوري, امير جمال ومياده عبود صليبا.

خلال الايام التي سبقت انعقاد الاجتماع عشت في صراع فكري اضطرني الى مناقشة الامر مع المقربين والاصدقاء.. اذ انني استصعبت مشهد ان اقف الى جانب زعامة بلدية شفاعمرو يوم الاحتفال بازاحة الستار عن النصب التذكاري, في حال وقع الاختيار عليّ لانجازه.. فالجميع يعرف موقف رئيس البلدية وانتماءه الحزبي.. الا انني في نهاية المطاف حسمت امري اعتماداً على ما يلي :
1) انني اقوم بالتعاون مع بلدية شفاعمرو بصفتها المؤسسة الرسمية المعترف بها في المدينة, ولانها هي التي توجهت الليّ بناء على قرار المجلس البلدي لاقامة النصب التذكاري لذكرى الشهداء.. وبناء علية فتعاملي مع البلدية جاء كرامة للشهداء وكرامة لشفاعمرو وتاريخها الوطني.
2) في حال لم يتقدم احد يمتلك القدرة الفنية والمهنية وله رؤية وطنية لبناء المشروع, فان الامر سيؤول الى اقامة نصب تذكاري يشبه الى حد بعيد ما آل اليه النصب التذكاري لشهداء النكبة.. وخاصة على يد هذه البلدية وزعامتها!!

هكذا توجهت الى الاجتماع بقصد انجاح المشروع بكل ما اوتيت من قدرة على ذلك, وقد اعددت ورقة عمل للاجتماع المذكور تبناها الزملاء وممثلي البلدية, وتم اقرار تاريخ 5 كانون الثاني 2006 اخر موعد لتقديم الاقتراحات, التي عليها ان تشمل مجسم ونص كتابي يشرح فكرة الاقتراح وتكلفة انشائه.. كما تم اقرار عقد جلسة للجنة النصب التذكاري بتاريخ 21.01.06 لاختيار الاقتراح الافضل.. بالتاريخ 5.01.06 اتصلنا بالبلدية نزيه نصرالله وانا لتقدريم اقتراحاتنا.. وطلبوا منا تاجيل ذلك ليوم السبت 7.01.06 وفي يوم السبت طلبوا منا تأجيل ذلك لبعد فترة الاعياد, اي اننا قمنا بتقديم اقتراحاتنا نزيه نصرالله وانا يوم السبت 14.01.06.

خلال ايام تبين ان هناك شبه اجماع على اختيار الاقتراح الذي تقدمت به انا.. وبدأت الاحق الموضوع اسبوع بعد اسبوع مع المهتمين بالامر في البلدية.. وتبين لي بشكل واضح ان هناك اجماع على النموذج الذي تقمت به, وقد اخبرت بذلك من الطثيرين ممن التقيتهم من مسؤولين وموظفين.. الا ان شخصاً واحداً لم يروق له ذلك هو رئيس اللجنة, كانت له اعتراضات مختلفة وذرائع ليس لها اية صلة بمهنية المشروع او بنيويته او شكله الفني.. ومع هذا تقبلت الامر على انه شرعي, بل من الضروري ان يكون اعتراض من احد ما.. وخلال كل المدة التي جاوزت الشهرين والنقاشات التي دارت بيني وبينه, حول اهمية اقامة النصب التذكاري بشكل مهني وفني يليق بالشهداء وذكراهم وانتمائهم العربي الفلسطيني.. وحول مصوغات الاستفادة من المكان بشكل يسمح لاهالي شفاعمرو ولجماهير شعبنا باحياء ذكرى الشهداء واقامة احتفالات وطنية بالقرب من موقع النصب التذكاري, وعن ان هذا المشروع ليس تعبيد شارع او رصيف.. انه مشروع له علاقة بالناس وحياتهم, اذ سيبقى يحمل قصة الجريمة لزمن طويل.. كان رده في احدى المرات, انهم لا يريدون تغيير معالم الدوار المعد لاقامة النصب التذكاري.. سو بوضع صخرة رخام كبيرة يكتب عليها اسماء الشهداء.!! ورغم ذلك تابعت التواصل معهم باعتبار ان هناك لجنة وان هناك رغبة جماعية لتنفيذ المشروع.

يوم الاثنين 13 الجاري توجهت لرئيس البلدية, بناء على دعوته حين التقيت به على هامش تصوير فيلم وثائقي عن شفاعمرو قام به اصدقاء كانوا بضيافتي.. وكنت قد علمت ايضاً انه تم رصد مبلغ 200 الف شاقل ضمن ميزانية البلدية لاجل تنفيذ المشروع وذلك بناءً على الاقتراح الذي قدمته.. وانه تم التصويت بالاجماع على قبول الاقتراح.. دخلت الى الرئيس فقال " ليس لي اي صلة بالموضوع ان نائب الرئيس والقائم بالاعمال لديهما كل الصلاحيات وكل شيء تتفق عليه معهما انا موافق عليه" .. ذهبت الى نائب الرئيس والذي يشغل منصب رئيس اللجنة فضحك كعادته وسالني " على شو مستعجل".. وقال ايضاً "لا يوجد اي قرار لغاية الان حول المشروع.. واننا بانتظار اقتراح جديد سيقدم لنا خلال ايام" سالته .. كيف يمكن قبول اقتراحات بعد شهرين من اخر موعد لتقديم الاقتراحات .. ومن شخص ليس له اية علاقة بالفنون التشكيلية.!! قال "انتظر اسبوعين وسينتهي كل شيء"!!

خلاصة الامر.. وخاصة بعد ان طرحت امامكم اهم الاحداث التي جرت حوله.. والتي يمكن اعتبارها عادية, وعادية جداً.. الا انني ارى انهم خلال هذا السيناريو ينون اختيار عمل يشبه الى حد بعيد النصب التذكاري لشهداء النكبة وما حل به في عهدهم الميمون.. وان وجودي معهم يعطي لتنفيذ هكذا مشروع شرعية فنية ووطنية ومصداقية بانهم قاموا بواجبهم على احسن وجه.

لقد تكشف الامر لي بالوقت المناسب, فربما تكون هناك صلة للايدي السوداء من المخابرات ومن جماعات الاحزاب السلطوية الصهيونية العنصرية, وهي التي تحرك الاشخاص وتملي عليهم ماهية شكل وانشاء النصب التذكاري لشهدائنا الابطال.. كي تحول دون تعميق انتمائنا الوطني والانساني لشعبنا ووطننا .. فتكون المصيبة في ذلك عظيمة ان سمحوا لهم بذلك .. وربما يكون هؤلاء الناس يخافون من ان ينفذوا مشروع اقامة النصب التذكاري لشهدائنا الابطال, بحيث يكون على قدر كبير من المهنية والنظرة الفنية والرمزية الوطنية, ليشكل اعتماداً حضارياً ووطنيا يرتبط بالزمان وبالمكان ويعمق صلة التواصل الوطني لابناء شعبنا جيل بعد جيل.. وان كان الامر كذلك فالمصيبة اعظم.!!

ان الامور غدت واضحة بالنسبة لي .. رغم انني اتمنى ان اكون على خطأ!! وان يتم اقامة نصباً تذكارياً يليق بالشهداء واحياء ذكراهم الطيبة.. اتمنى .. فالايام ستكشف امام الناس المعنين بالامر كل شيء.. المهم انني بريء من دم "يوسف" فانا لست اخاً له.. فاخوته الذين سيرمونه في البئر يمضون الوقت هناك في مملكتهم!! الا انه اذا تمت هذة المهزلة الشبيه بمهزلة النصب التذكاري لشهدء النكبة.. التي لم يعترض عليها احد بشكل قانوني, ولم تُمنع البلدية من تغيير معالمه.. لا من قبل المؤسسات الشعبية والوطنية ولا من قبل اقارب الشهداء ولا من قبل الفنان منفذ المشروع.. فاسمحوا لي ان اردد بكاء الشاعر مظفر النواب.. وخيبة امله.. حين قال "الشعب وليس الحاكم اعور"!!

#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل