أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - ريشة, بين السماء هناك, والازقة هنا















المزيد.....

ريشة, بين السماء هناك, والازقة هنا


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 1023 - 2004 / 11 / 20 - 10:59
المحور: الادب والفن
    


ريشة, بين السماء هناك, والازقة هنا!!

زاهد عزت حرش

زهدي قادري ابن قرية نحف الجليلة.. الرابضة على كتف الجبال هنا, يحمل لوعة الازقة المعبئة بالصمت والحفر, ويسافر الى ارض السماء والمطر هناك

ما اصعب ان تنتمي الى وطن يسكن فيك.. بقدر ما ترفض ان تتعايش مع واقعه وحضوره الاني.. تخاف ان تنتمي اليه وهو جزء من وجودك الانساني.. وطن يعشش فيك بذاكرة محملة بالطيب والامال الكبيرة.. امام واقع يرشح منه سيلان التخلف والعدم والظلم الذاتي للذات, للانسان, للوطن!!

نترك كل شيء ونرحل الى البعيد.. "نطلب العلم ولو في الصين.." نهاجر!! ونحمل هذا الوطن معنا.!! بازقته وحواريه وزيتونه وماضيه.. نحمله طي اعماقنا ونمضي, لنمضي السنين هناك.. ولا نعود على صهوة جواد نركبه, كي نركب على ظهر الوطن.. لنمتص دمائه ودماء ابنائه بسطوة الموقع والواقع.!! بل نعود نحمل على كاهلنا هم نتمنى ان نحمل من خلاله هموم الوطن.. ونرتقي بها الى الاسمى والافضل!! نرتقي بها الى الغد الاتي, لنرسخ بها انتمائنا الحضاري.. ضمن الاعراف المتفق عليها مدنياً بالعلوم التطبيقية, بالفكر والفلسفة , بالفنون والاداب!!

زهدي قادري ابن قرية نحف الجليلة.. الرابضة على كتف الجبال هنا, يحمل لوعة الازقة المعبئة بالصمت والحفر, ويسافر الى ارض السماء والمطر هناك.. ليغزل هناك توليفة تحمل عنوان "الطريق الى المدرسه" في محاولة لتبديل الكآبة بالفرح.. وتبديل الضباب بالوان الحياة.. اذ اخذ هذا الطريق المؤدي الى المدرسة الرئيسية في قرية نحف, وقدمه في مشروع اطروحته للقب الثاني في اكاديمية الفنون الجميلة بسانت بطرسبورغ (مدينة ليننغراد السوفياتية).. حصل من خلال هذه الاطروحة على اللقب الثاني لتخصصة بالفنون الجدارية.. اذ حول هذا الطريق المكتظ بحجارة تبكي عوامل الطبيعة والزمن, حين زرع فيها الكثير من المشاهد الرؤيوية لمبانٍ تحمل شيئاً من تاريخ هذا البلد عبر العصور.. من خلال ما هو جمالي وما هو سردي نستالجي مشحون بخزون الايام الماضية.. حوله في المشهدية التشكيلية الى طريق من الفرح والامل.. الا ان الطريق في الواقع بقيّ على حاله.. ان لم يكون مضى مع الايام تراجعياً الى الوراء.

ولد زهدي قادري في 4 كانون الثاني من عام 1972 لعائلة عربية فلسطينية اصيله.. تعلم في مدراس بلدته وطرق باب الفنون منذ نعومة اظفاره.. حيث توجه في بداياته الى الموسيقى وتناول الالات الوترية وعزف عليها. في العام 1994غادر البلاد متجهاً الى روسيا ليستقر في مدينة كريسندار, وليلتحق بجامعة كوبانسكي بمعهد فن الغلافيكا, ويتخصص في الرسم الايقونوغرافي هناك.. لينهى المرحلة الاولى من رحلته بتحصيل اللقب الجامعي الاول سنة 1997 . ولينتقل بعدها الى سانت بطرسبورغ ويلتحق بجامعتها, ويحصل على اللقب الثاني سنة 2002.. وبهذه المناسبة يفوز لقاء موهبته الفذة, بمنحة من ادارة كلية القديس بطرسبورغ للعلوم ومن وزارة التعليم الروسية, لمتابعة مسيرته الفنية هناك.

في تلك المرحلة التي كان يعمل بها على انشاء مشهد تشكيلي, في مشروع اطروحته تحت عنوان "الطريق الى المدرسة".. وهو طريق قديم في قريته الام نحف, كان يخوض تجربة في الرسم الزيتي على مساحات من القماش الابيض, تحت عنوان "سماء بطرسبورغ" .. كان يجوب الطرقات هناك, وهي تفتح ذراعيها لاستقبال الفضاء الرمادي الرحب ايام الشتاء.. ينقل بريشته زرقة السماء الرمادية, والوان واجهات الابنية المتشحة ببياض الثلج.. وفي البال ازقة خنقتها البيوت المتراكمة فوق المساحات المختزلة من الارض الباقية, في مسطحات التنظيم والبناء للقرى والبلدات العربية القابعة تحت وطئ التهويد ويد المصادرة.. من الرحب هناك الى المختزل هنا.. من المعبأ بغضب الجهل هنا الى المتشح بمخزون التراكمات الابداعية لعطاء عبر كل شيء.

من خلال دراسته لفن الجداريات, يكون الفنان قادري قد ساهم في اضافة قطعة اخرى على مساحة التشكيل الفسيفيسائي, للوحة الابداع الوليدة للاقلية الفلسطينية الباقية على ثرى ترابها الوطني هنا.. وهو بذلك يستطيع ان يترجم هواجسه الفنية والوطنية, مرئيات متواصلة على مساحات الجدران الممتدة بمحاذاة الطرقات والدروب لبلادنا الباقية.. يصور فيها نستالجيا الحنين الماضي والاماني الاتيات لزمن لم يحضر بعد.. كل ما نحتاجه هو الارادة القادرة على التصميم باننا جزء من العصر.. من ادواته.. من قدراته.. كي نعيشه بابعاده الانسانية والحضارية.. لان الفن حضارة لا تموت!!

على جدارن بيت والديه التقيت باعمال له, يعود تاريخها للسنة الاولى والثانية والثالثة من سنوات دراسته الجامعية في روسيا.. كلها تحمل ملامح الارض التي ولد فيها. للخط في لوحاته مدلول قوي اذ يعتمده كوظيفة تشيكلية اساسية في تكوينها.. في حين يأتي اللون ليلعب الدور الثاني فيها.. الا انني لمست فيما بينهما نوع من الصراع المستمر.. كل يحاول ان يلغي الاخر!! ففي بعض تلك الاعمال يتلاشى الخط الواضح للتعبير عن شكل ما.. في حين يظهر في اعمال اخرى انه هو سيد الموقف يقول مشهديته بكل وضوح, متحدياً كل تأثيرات اللون ومساحاته الممتدة على بياض اللوحة بأكاملها.. وفي اعمال اخرى ينسحب الخط مبتعداً متوارياً خلف مساحات الالوان.. خاضعاً لسلطة اللون وانسيابه المتراكم والبخيل هنا او هناك.. ربما يريد ان يقول ليس لي مكان هنا.. فانت ايها النور المضيء مساحات اللون على هذه الاعمال.. تطيح بمجدي الحاد, خطاً افقيا او عاموديا او خطوطاً ملتوية في اي اتجاه.. انا ادعك هنا تمرح على هواك.. فلا تاتي اليّ حين اكون حاداً وساطعا كالظلام.. لانك هناك سوف تنتحر على مرأى من كل العيون.. فلا تعطيني فرصة اغتيالك على بساط لوحة انا سيد الموقف فيها.!!

هنا يصبح لهذا الصراع ما بين الخط والمساحة اللونية اكثر من مجرد مدلول تشكيلي لعمل هذا الفنان الواعد.. وهو بنظري انعكاس للصراع الذي يحمله زهدي قادري بين ما هو نستالجي مختزن في البال والقلب والضمير.. وبين ما هو واقع حياتي ملموس لحالة تفتقر الى مساحة من العطاء والتماثل الفكري!! هو انعكاس يشكل ما يجول بخاطر هذا الانسان من قبول ورفض.. لين وقسوة.. استلاب وعطاء. هو حالة رؤية لطريق يلفه الضباب, وضباب يبدده فضاء السماء والابعاد اللامتناهية. لكنه بكل ما فيه من توازن وهدوء فليس هو الا ذاك الهدوء الذي يسبق هدير العاصفة.. ان هذا الكم الكيفي المكبوت داخل هذا الفنان لا بد ان يجد طريقه الى فوهة بركان ثائر.. لست ادري كيف ومتى, كل ما ادريه انه محمل بطاقات مثخنة بالعطاء الفني, المتمكن من الفكرة والاداء التشكيلي المتعدد الاساليب والتقنيات.. وخاصة في المساحات المضاءة بشمس النهار.. تلك الجداريات الثائرة التي تفتقدها جدران واجهات بلداتنا العربية.. في كل مكان.

يا هذا العائد من "سماء بطرسبروغ" في "الطريق الى المدرسة".. تحمل في رئتيك عبق الزيتون والصبار.. وتتدحرج على حلم الفضاء البعيد هناك.. تيقن انت هنا الان.. ليس في يديك سوى الخطوط والالوان.. اضرب بها الجدران.. دعها تنزف فوق عرس البياض قيثارة وطلقة بندقية.. لثورة هي الغد والانسان!! دعها تمتد في طرقات البيوت وازقة الحواري. وتذكر!! ان ريفيرا المكسيك ليس وحيداً هناك.. كان يومها حالة بداية, فاصبح حالة غضب ما زالت تتحدى الرياء والحرمان.!!

اُذكركَ واعيد تَذكير ذاتي, بما قاله نبي الصمت الثائر الفنان الفلسطيني ناجي العلي, حين قال : " ان قلت مت.. وان لم تقل مت, قل ومت"!! اذاً, تعال يا زميل الريشة والالوان, يا هذا العائد من دفئ الاحلام البعيدة.. تعال قل كلمتك عبر الالوان والخطوط.. فهأنذا كتبتك لوحة في مقال يستطيع ان يراك من خلالها كل الذين يحسنون فك الكلام!! وما تبقى عليك سوى ان ترسم مقالتك في لوحة.. ودع الايام تقول ما تشاء.!!



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتحاد الادباء العرب الفلسطينيين في اسرائيل ينعي الرمز والشهي ...
- زيتون فلسطين يستصرخ ارجاء الدنيا
- -جالري- الغربال.. ريشة, كلمة وموال
- من اجل المشاركة الشمولية في الحياة الثقافية
- عكا ..اسوار.. تشكيل.. وايام..!
- فيوليت رزق
- قلبي معــــكم
- اخر الكلام
- ساضحك ملء قلبي الان.. فرحاً يا مسرح الميدان!!
- كل لقاء وانت حبيبتي
- مرثاة الرمال
- د. عزمي بشاره ...انا اسف جداً !!!
- ابتعدي - احبك اكثر ؟؟
- دموعي عبير الياسمين
- رفيقين التقينا مهداة الى الرفيقة عبير خطيب
- انا الخريف .. من طين وماء!!
- انا الخريف .. من طين وماء!!
- نص البيان الذي اصدرته الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
- البيان الذي اصدرته الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة – الح ...
- والله زمان يا عرسان بيك!! ليست هذه من علامات القيامة .. انما ...


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - ريشة, بين السماء هناك, والازقة هنا