أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - قبل سارا














المزيد.....

قبل سارا


رحاب ضاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1497 - 2006 / 3 / 22 - 11:07
المحور: الادب والفن
    


قُبل سارا
(لوجهها الذي ربما نسيته!)
1

في ذلك اليوم الماطر من "كانون الثاني" كنت في بدء تفتحي الذي سيكمل عامه الثامن عشر في "التاسع من نيسان" وكانت رجولتك مكتملة كبدر حين كانت السماء تمطر بسخاء فتغرق الشوارع والطرقات ويتهاوى الريح على شعري وعلى مظلتي الحمراءويخترق كنزتي الصوفية وانا احاول عبور الشارع الى الجهة المقابلة من دون ان انتبه فاصطدمت بسيارتك وتكسرت مظلتي الحمراء وتناثرت كتبي وبللها المطر واتسخ مريولي فصرخت بوجهك كغيمة قاتمة " اعمى ما بتشوف " ورحت الملم كتبي واشلاء مظلتي الحمراء التي كانت هدية عيد الميلاد لي من عمتي المقيمة في لندن اشترتها لي من متاجر "هارودز" وكنت اعتز بها كثيرا واتباهى بها امام صديقاتي ، و كثيرا ما اخاف ان تتكسر حين يشتد هبوب الهواء فكنت اضحي بشعري وملابسي وامنحهما بسخاء للمطرواخبئ المظلة حتى لايصيبها اي مكروه.

شدني هدوءك في ظهر يوم عاصف يصرخ فوق رأسي بالرعد والبرق وماء السماء يغرق الرصيف وانت تعتذر عما حصل للمظلة.
لم اكن قد استويت على عرش النساء جيدا ولم ادخل بعد في قيد البالغين لذلك لم اتردد لحظة حين قلت لي اصعدي لاوصلك حيث تريدين فالبرد كان يطبق على ركبتيّ والمطر اخذ حقه من جسدي فصعدت معك لتوصلني .

2
كنت تدير الراديو على اذاعة اخبارية فحولتها الى احدى اذاعات" اف ام" لاستمع لأغنية تناسب مراهقتي فبدوت امامك كأغنية صغيرة للأطفال وانت تنظراليّ بابتسامة دافئة في شتاء ناقم على المدينة :
- يا شقية ! هكذا قلت
قلت لك : " اسمي سارا" فلم تكترث واكملت كلامك
تبحثين عن اغنية تروق لمراهقتك وبغداد ستسقط !
لم اكترث ولم اكن اهتم لبغداد او للشام او حتى لبيروت فقد كانت شفتاي طائشتين ولم تبلغا بعد سن الوقار وسماع نشرات الاخبار. .
لكن بعدك اتزنت شفتاي وراحتا تتابعان نشرات الاخبار و سقوط المدن العربية وافكر لماذا حان موعد سقوط بغداد ؟!

3

قلت انك ستسافر الى باريس وستعود بعد اسبوع وستكون بانتظاري في نفس المكان ومضيتَ ، ودخلتُ منزلي ولم افكر بما حصل وكانت بغداد ستسقط ولم اكن اهتم .
بعد اسبوع حين وجدتك تنتظرني في نفس المكان ركضت اليك كموجة بحرية فقدمت لي مظلة حمراء وعلبة شوكولا محشوة بكريمة البندق السائلة وكنت من التهور لدرجة اني قلت لك اني اتخيل ان شفتيك لهما طعم الشوكولا بكريمة البندق ..
هدوءك يعقل طيشي واتزان شفتيك يربت على سنواتي القليلة برقة:
"لوانك تجاوزت الثامنة عشرة لكنت قبلتك !"

4

بمريول المدرسة وكتبي ودفاتري ومظلتي الحمراء "الباريسية" صرت التقيك وبشوكولا محشوة بكريمة البندق السائلة كنت تأتي وتقول لي :
" اكتفي بالشوكولا ريثما تكمليني الثامنة عشرة " ثم تسافر وتعود فعملك كصحفي كان يتطلب منك بين "السفر والسفر سفر " .

لماذا تُشّبه سنوات الانسان عندما يكون في سن الشباب بالربيع وعندما يكبر بالخريف ؟ ولماذا يهمل الصيف والشتاء من نسبة السنوات اليه ؟ ،لماذا لايقال في الفصول الاربعة من العمر كما كنت انت في الاربعين من الفصول الاربعة التي كنت اعدو فيها بسنواتي الثمانية عشرة الناقصة عدة اشهر والتقط الفراشات وحبات المطر في وقت واحد معك، تروق لك مراهقتي التي تمارس الشغب معك بتهور وانت تراقبني بهدوء وحذر حتى لااقع واجرح ركبتيّ.





5




كانت قبلتك على قرب اسبوعين من شفتي و بغداد على بعد خطوات من اكتمال سقوطها حين اخبرتني انك ستسافر اليها لتغطية الاحداث من هناك حينها سالت الشوكولا على شفتي ولوثت مريولي وكتبي وانقبضت المظلة الحمراء ، قلت لك:" لماذا ستسقط بغداد؟"
" لانها دخلت السن القانوني للسقوط!" . بهدوء اجبتني ومضيت دون ان تغرر بشفتي..

فهل كانت مثلي ستكمل اعوامها الربيعية ، ام انها انهت كل الفصول ولم يتبقّ امامها سوى السقوط لتتخلص من دورة الايام وتراكم السنوات في تاريخها؟!




6
حيت كانت شفتاي تحتفلان بعيدهما الثامن عشر في التاسع من نيسان سقطت بغداد وما زالت تتساقط منذ ذلك الوقت ووعدك لايزال معلقا على ابواب "نيسان " سأعود لاقدم لك شفتيّ لانك ستكونين كبرت على اكل الشوكولا".
بلغت السن القانوني للقبل لكنك لم تعد و انقطعت اخبارك ولا احد يعرف عنك شيئا غير اني ما زلت اكل الشوكولا المحشوة بكريمة البندق وامر شتاء مع مظلتي الحمراء في نفس المكان بحثا عنك لاستبدل الشوكولا بشفتيك ذات الفصول الاربعة.

حين يكون توقيت سقوط بغداد مع وعد بقبلة لا بد للقبل ان تفقد طعم الشوكولا بالبندق . .
فلماذا لم تؤخر بغداد تاريخ سقوطها ربيعا اخر او صيفا او اربعة فصول اخرى وانتظرت لاكمل ربيعي الثامن عشر واتذوق طعم شفتيك ؟
لو تأخر سقوط بغداد يوما او يومين ، ربما لم تكن لتسقط كل عام القبلات عن شفتي ولم يكن يصير لقبلي طعم سقوطها ! ولم اكن لابتعد عن صديقي حين قبلني لاني لم اجد اي اثر لطعم الشوكولا فهل كانت شفتاه لم تبلغا بعد سن القبل وهل لقبل الاربعين طعم اخر لا يشبه قبل العشرين ربيعا ام ان طعم سقوط بغداد علق بشفتي فلم اعد اميز اي طعم اخر
لو تأخر سقوط بغداد لما كنت الان قبل كل قبلة استعد لها اخرج قطعة
شو كولا امررها علي شفتيّ !



#رحاب_ضاهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كالشتوة الاولى
- ترانيم صوفية في عشق الجسد
- حكايتي مع غادة السمان
- الراتب مغر
- حذاء الامير
- اسود فاجر
- خارج الجسد
- كأنك يوسف
- سنوات صدام
- FASHION
- -عروسة لبنة-
- امي
- عصير قصب
- قصيدة شبقة
- رغبة واحدة لثلاثة وجوه
- لبنان بين الموالاة والمعارضة وستار اكاديمي
- سارس سعادة
- كالك فلوور
- فتنة المرايا 5
- ليس وقتها


المزيد.....




- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - قبل سارا